أولًا: الحسد يضر الحاسد وليس المحسود.
الحاسِد تتعبه الغيرة، ويتعبه الشعور بالنقص. ويتعبه منظر المحسود في مجد. تتعبه مشاعره. وكما قال الشاعر:
اِصبِر عَلى حَسَدِ الحَسودِ فَإِنَّ صَبرَكَ قاتِلُه
فَالنارُ تَأكُلُ بَعضَها إِن لَم تَجِد ما تَأكُلُه
وكذلك فإن الحاسد يتعبه تفكيره وسعيه في الإضرار بالمحسود.
وقد لا يفلح في ذلك، ويزداد المحسود ارتفاعًا.
وكذلك فإن الحاسد يتعبه تفكيره وسعيه في الإضرار بالمحسود. وقد لا يفلح في ذلك، ويزداد المحسود ارتفاعا، فيزداد هو غيظًا... إن القلب الخالي من المحبة، لا بُد أن يتعب.
وقد يسعى الحاسد إلى التحرش بالمحسود وإهانته، فيقابله المحسود برقة ولطف، فتتعبه رقته ولطفه، ويتعبه فشله في إثارته. فيزداد فيه النار أشغالًا...!
ثانيًا: إن الحسد في حد ذاته لا يضر. ولكن المؤامرات التي يدبرها الحاسدون قد تضر أحيانًا.
أخوة يوسف الصديق حسدوه على محبة أبيه له، وحسده على أحلامه، فلم يضره حسدهم بشيء. ولكن جاء دور المؤامرات التي تضر. وهنا يقول الكتاب إنهم (احتالوا ليميتوه) (تك37: 18). وهكذا خلعوا عن قميصه الملون، وألقوه في بئر. وانتهى الأمر ببيعه عبدًا للإسماعيليين، ومرت عليه تجارب عديدة وهنا أقول:
متاعِب يوسف لم تأت عن ضربة عين من حسد أخوته.
كانوا في البيت كل يوم، كأخوة في أسرة واحدة. وكانت عيونهم الحاسدة موجهة إليه ليل نهار، ولم تضره... أو على الأقل كانت عيونهم الحاسدة مركزة في قميصه الملون. ولم يتمزق القميص من نظراتهم، وبقي كما هو، حتى حينما اخلعوه أيضًا. والمشكلة إذن كانت في التآمر، وليس في نظرات الحسد، ولا في مشاعر الحسد الناتجة عن عدم محبة.
قورح وداثان وأبيرام حسدوا موسى وهارون على كهنوتهما. وما أصابت موسى ولا هارون عين واحد منهم.
كل ما في الأمر أنهم أقاموا ضجيجًا وتمردًا. ولم يفدهم ذلك بشيء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بل انتهى الأمر إلى أن الله تبارك اسمه أمر الأرض فانشقت، وفتحت فاها وابتلعتهم مع كل ما كان لهم (عد16: 31-33).
كهنة اليهود ورؤساؤهم حسدوا المسيح، فتآمروا ضده.
اتهموه اتهامات كثيرة، حاكموه في مجمعهم، أتوا بشهود زور لم تنفق أقوالهم. هيجوا عليه الشعب. قدموه إلى السلطة الرومانية كفاعل إثم، فلم يجد فيه الوالي الروماني عِلَّة للموت. أصروا على صلبه، وصاحوا وضجوا وكان لهم ما أرادوا فصلبوه... كل هذه هي مؤامرات الحاسدين. وكل شر الحسد في مؤامراته. وسبب الحسد هو الأنانية وعدم الحب.
الحسد هو مشاعر قلب، وليس ضربة عين.
ونحن حينما نطلب من الله في صلاة الشكر وفي غيرها أن ينزع عنا الحسد، ولا نطلب مطلقًا أن يبعد عنا ضربة العين، إنما مؤامرات الحاسدين. وأيضًا أن لا يكون فينا حسد نحو غيرنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/hurt.html
تقصير الرابط:
tak.la/yjcr6m5