إن الله قد أحبنا ونحن بعد خطاة. وفدانا بدمه، ونحن أموات بالخطايا (رو5: 8) (أف2 : 4، 5).
تُرَى من فينا كان مستحقًا لدمه الكريم؟!
لذلك فأنا في كل مرة أتناول من السرائر المقدسة، أقول في صلاتي (ليس يا رب من أجل استحقاقي، إنما من أجل احتياجي). وعملت هذه الصلاة لكثيرين...
إن الله يعطي غير المستحقين، على الأقل لثلاثة أسباب: أولًا لأن من طبيعته الحب والعطاء. وثانيًا من أجل احتياجهم. وثالثًا، لعله بالحب يجذبهم إليه. فتؤثر فيهم محبته، على الرغم من عدم استحقاقهم.
الرب يهتم بكل أحد، وفي كل وقت...
حتى وهو على الصليب، كان يهتم بغيره، ويعطي.
تصوروا وهو متعب جسديًا إلى أقصى حد، وقد مزقت السياط جسده، والشوك أنزف الدم منه، مع الإرهاق الزائد، من الجلد وحمل الصليب ودق المسامير في يديه ورجليه... ومع كل ذلك في عمق محبته، يفكر في صالبيه، ويطلب لهم المغفرة، ويقدم عنهم عذرًا، ويقول في محبة عجيبة فوق الوصف:
(يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون) ((لو23: 34). إن آلامه التي لا تطاق، لم تمنع محبته من التفكير في صاليبه وطلب المغفرة لهم، بل من أجل هذه المغفرة، قد أسلم ذاته للصلب.
وبنفس الحب -وهو على الصليب- منح اللص التائب وعدًا بأن يكون معه في الفردوس في نفس اليوم... (لو23: 43). وهكذا أراح نفس هذا اللص، قبل أن يلفظ اللص أنفاسه.
وبنفس الحب، وبنوع آخر، فكر في أمه العذراء القديسة، وفي إيوائها والعناية بها، فكلف بذلك تلميذه يوحنا الحبيب.
(ومن تلك الساعة، أخذها التلميذ إلى خاصته) (يو19: 27).
كان بمحبته لا يفكر في ذاته، وإنما في راحة غيره. فالمحبة لا تطلب ما لنفسها (1كو13: 5)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بل تنكر ذاتها.
ليس غريبًا إذن أن المهاتما غاندي، الزعيم الروحي للهند -كما ذكر المؤرخ فيشر عنه- لما زار فرنسا، ورأى أيقونة المسيح المصلوب، بكى...
كان الناس يرون المسيح من قبل، محبة تتحرك على الأرض. وظلت المحبة فيه تتحرك بأكثر شدة على الصليب، حتى عندما كان جسده بلا حركة مسمرًا بالمسامير.
بل في الطريق إلى الصليب أيضًا، كانت محبته أيضًا تعمل من أجل الغير، المستحقين وغير المستحقين...
فقد تحنن على ملخس عبد رئيس الكهنة، لما استل بطرس سيفه، وضربه فقطع أذنه... أمر بطرس بأن يرد سيفه إلى غمده. أما عن العبد، فإن الرب (لمس أذنه وأبرأها) (لو22: 50، 51).
أما عن تلاميذه، الذين خافوا في وقت القبض عليه، فقال عنهم لمن جاءوا يقبضون عليه (أنا هو. إن كنتم تطلبونني، فدعوا هؤلاء يذهبون) (يو18: 8). وهكذا سهل لهم الهرب في سلام.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/cross.html
تقصير الرابط:
tak.la/arzw7p4