خضع أبونا يعقوب للأمر الواقع، وقبل ليئة زوجة له، ثم تزوج بأختها راحيل، وجمع بين الاثنين. وهكذا عاش مع الزوجة التي يحبها (راحيل). والزوجة التي تحبه وتتمني أن تحظي بمحبته (ليئة). وعاشت الاثنتان في صراع... لقد ابتعد أبونا يعقوب عن الزواج بالغريبات غير المؤمنات، لئلا يملن قلبه بعيدًا عن الله،، كما حدث لسليمان الحكيم فيما بعد (1مل 11: 3). وذهب ليتزوج من أسرة مقدسة من أقارب أبيه وأمه. ولم يكن يدري أن هناك مشاكل يمكن أن تلحقه من هؤلاء (القديسين) أيضًا، من خاله الذي خدعه، ومن أبنتي خاله في صراعهما معًا. ليئة الضعيفة العينين وراحيل الجميلة!
وهنا نري حنان الله العجيب في تدخله بينهما: "رأي الرب أن ليئة مكروهة، ففتح رحمها. وأما راحيل فكانت عاقرًا" (تك 29: 31).
لقد وقف الله إلي جوار ليئة الضعيفة المكروهة، كما وقف إلي جوار يعقوب الضعيف أمام أخيه عيسو. كانت راحيل شبعانة حبًا، لها العزاء البشري من محبة زوجها لها. أما ليئة فلم يكن لها سوي الله. لذلك عزاها الله بكثرة البنين. ورأت هي أن إنجابها للبنين سوف يجعل زوجها يحبها. وظاهر هذا من تسميتها لأبنائها...
تصوروا أن الأولاد الأربعة الأول الذين رزق بهم يعقوب، كلم قد ولدتهم له ليئة...
"حبلت ليئة وولدت ابنًا، ودعي اسمه روأبين، لأنها قالت إن الرب قد نظر إلي مذلتي. إنه الآن يحبني رجلي" (تك 39: 32).. حقًا إن شعورها بالذل، وأن زوجها لا يحبها لأنها فرضت عليه... كان هذا أمرًا مؤثرًا.
"وحبلت أيضًا وولدت ابنًا. وقالت عن الرب قد سمع أني مكروهة، فأعطاني هذا أيضًا" (تك 29: 33). "ودعت اسمه شمعون "وهو اسم معناه (سماع) أي سماع الله لطلبتها.
وواضح من كل ذلك إن البنين ميراث من عند الرب، حسبما ورد في المزمور (مز 127: 3). أنها تقول في الولادة الأولي "الرب قد نظر إلي مذلتي "وتقول في الولادة الثانية "الرب قد سمع أني مكروهة فأعطاني هذا أيضًا "وكل هذا يؤيد قول الوحي الإلهي أن الرب "فتح رحمها "ونفس هذا الكلام سنسمعه أيضًا فيما بعد عن أختها راحيل، إذ يقول الكتاب "وذكر الله راحيل، وسمع لها الله وفتح رحمها فحبلت وولدت" (تك 30: 22).
واستمرت ليئة في سلسلة الولادة...
فحبلت للمرة الثالثة "وولدت ابنًا، وقالت الآن هذه المرة يقترن بي رجلي، لأني ولدت له ثلاثة بنين. لذلك دعي أسمه لاوي" (تك 29: 34). وهو معناه (مقترن). "وحبلت أيضًا وولدت ابنًا. وقال هذه المرة احمد الرب لذلك دعي اسمه يهوذا" (تك 29: 35). ومعني الاسم هو حمد أو مدح.
ونلاحظ أن ليئة المكروهة ولدت (لأوي) الذي صار سبط الكهنوت. كما ولدت يهوذا الذي صار سبط الملك، ومنه أيضًا جاء المسيح له المجد.
ولما وصلت إلي هذا الحد، قال الكتاب مباشرة إنها "ثم توقفت عن الولادة (تك 29: 35). لقد أعظم رسالة. ولو أنها لم تلد بعد ذلك، لكان هذا يكفي. ويبدو أنه كان ينبغي أن يوجد فاصل بين السبط الذي يأتي منه المسيح وباقي الأسباط. ثم كان ينبغي أيضًا أن تتوقف لكي تعطي فرصة لأختها راحيل التي لم تعد تحتمل...
كانت راحيل في حاجة إلي نظرة عطف من عيني ليئة الضعيفتين.
هنا نقرأ في الكتاب أن "راحيل غارت من أختها، وقالت ليعقوب: هب لي بنين. وإلا فأنا أموت" (تك 30: 1).. مهما كان حب يعقوب لها فإن حرمانها من البنين أتعبها إلي حد اشتهاء الموت... إن حب الأمومة غريزة عند المرأة. وأيضًا إن المرأة العاقر كانت تشعر بالعار وقتذاك (تك 30: 23). ولكن ما الذي يستطيع أن يفعله يعقوب من أجل راحيل، مادام البنون ميراثًا من عند الرب؟! وهنا نري يعقوب الهادئ، لأول مرة يحتد علي راحيل التي يحبها. فيقول الكتاب "فحمي غضب يعقوب علي راحيل. وقال "العلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن؟! "تك 30: 2).
وهنا تتذكر راحيل قصة جدتنا سارة، وفكرة التبني، بأن تحصل علي ابن عن طريق جاريتها...
فقالت ليعقوب "هوذا جاريتي بلهة. أدخل عليها فتلد علي ركبتي، وأرزق أنا أيضًا منها بنين" (تك 30: 3). أنه نفس كلام سارة مع أبينا إبراهيم عن جاريتها هاجر "أرزق منها بنين" (تك 16: 2)..! إن الزوجة لا تستريح إطلاقًا أن يدخل علي امرأة أخري. ولكن يبدو أن هذه كانت حالة استثنائية، للحصول علي ابن عن طريق التبني. وهي حالة لم تكن سارة وراحيل فقط ترضاها، وإنما بالأكثر تطلبها..!!
و العجيب أن هذه الوسيلة البشرية كانت نتيجتها سريعة!!
وولدت بلهة ابنًا ليعقوب، فرحت راحيل جدًا. وقالت: قد قضي لي الله. وسمع أيضًا لصوتي وأعطاني ابنًا. لذلك دعت أسمه دان (تك 30: 5، 6). وكلمة دان معناها يقضي (ومنها كلمة الدينونة). وعادت بلهة فحبلت أبنًا ثانيًا ليعقوب. فقالت راحيل "مصارعات الله قد صارعت أختي وغلبت. فدعت اسمه نفتالي" (تك 30: 7، 8). (وهو اسم معناه مصارعتي) وعجيب أن راحيل اعتبرت نفسها صارعت وغلبت، بالتبني عن طريق ابن تلده جاريتها.
وحينئذ اضطرت أختها ليئة، أن تدخل معها في نفس ميدان التبني، بابن تلده جاريتها.
لم تكتف بالأبناء الأربعة الذين ولدتهم هي من رحمها. وإنما أخذت جاريتها زلفة وأعطتها ليعقوب زوجة". فولدت له ابنين: الأول أسمته (جاد)، والثاني أسمته (أشير).
علي أن ليئة لم تكتف بكل ما صار لها من بنين، سواء من ولدتهم أو من تبنتهم من جاريتها.
وأخيرًا استأجرت يعقوب من راحيل يعقوب من راحيل بلفاح ابنها.
واللفاح نبات له رائحة طيبة. وكان قد وجد رأوبين في الحقل وأعطاه لأمه ليئة فطلبته منها راحيل فأعطتها إياه في مقابل أن تترك لها يعقوب تلك الليلة. فكان أن أنجبت ابنها الخامس، ودعت اسمه (يساكر) ومعني الاسم (يعمل بأجرته) (تك 30: 14، 18)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ثم عادت ليئة فولدت ابنًا سادسًا ليعقوب أسمته (زبولون). ومعني هذا الاسم سكن أو إقامة. وقالت "الآن يساكنني رجلي، لأني ولدت له ستة بنين" (تك 30: 21).
وهكذا كانت ليئة الزوجة المكروهة هي الأكثر إنجابًا، ولدت ليعقوب أولادة بقدر ما ولدته الجاريتان وراحيل.
وأخيرًا أفتقد الله راحيل في مذلتها، وفتح رحمها. وولدت يوسف، قائلة: قد نزع الله عاري (تك 30: 22-24). ومعني اسمه (يزيد). لأن راحيل قالت في ذلك "يزيدني الرب أبنًا آخر". وصارت ليوسف محبة كبيرة جدًا في قلب راحيل وفي قلب أبيه يعقوب، هذا الذي جاء أخيرًا بعد فترة طويلة من العقم، تعلمنا أنه لا يأس. فالله قادر أن يمنح العاقر ابنًا مهما طالت المدة...
وما أكثر ما كانت لأبناء العواقر أهمية خاصة أو عظيمة خاصة في التاريخ.
مثل ذلك صموئيل ابن حنة وكانت عاقرًا، وكانت ضرتها الولود (فننة) تغيظها (1صم 1: 2- 6). وقد صار صموئيل نبيًا عظيمًا، وهو الذي مسح داود ملكًا (1 صم 16: 13). ومن قبل داود مسح شاول ملكًا (1صم 10: 1). ومن أبناء العواقر يوحنا المعمدان. وكانت أليصابات أمه عاقرًا (لو 1: 7). وقد قال السيد المسيح عن يوحنا إنه أعظم من ولدته النساء (مت 11: 1). يكفي أنه عمد المسيح. شمشون الجبار أيضًا كانت أمه عاقرًا (قض 13: 2). وقد منحه الله قوة عظيمة. وصنع به خلاصًا عظيمًا لشعبة.
علي أن راحيل في رحلة العودة، زادها الله ابنًا ثانينًا. وكانت ولادة متعسرة ولدت وماتت.
ذلك هو (بنيامين) أصغر أبناء يعقوب (تك 35: 16- 19). وقد أحبة يعقوب جدًا، وبخاصة بعد أن حرم من يوسف زمنًا طويلًا. هو طويلًا. وهو ويوسف ابنًا راحيل المحبوبة. ويبدو ان أبناء الزوجة المحبوبة يكونون محبوبين من زوجها. أنه صراع طويل بين زوجتي يعقوب، أحتمله هو في هدوء. وكانت نتيجته 12 ابنًا، ثم ابنة.
وفي إنجاب البنين تساوت راحيل مع الجاريتين!
ليئة أنجبت ستة بنين وابنة. وكل جارية أنجبت ابنين، وراحيل أيضًا أنجبت ابنين وماتت. ودفنت راحيل في طريق أفراثة التي هي بيت لحم. ونصب يعقوب عمودًا علي قبرها (تك 35: 19، 20).
كانت حياة يعقوب كلها صراعًا...
انتهي الصراع مع أخيه عيسو، ليدخل صراع بين زوجتيه، وصراع مع خاله لابان، ثم دخل في صراع مع الله ليعينه علي مقابلة عيسو في رحلة العودة. ثم صراع بين أولاده وشكيم، وصراع آخر بين أولاده وأخيهم يوسف ولهذا كان يتكلم من قلبه، ومن خبرات حياته، حينما قال لفرعون:
"أيام سني غربتي مئة وثلاثون سنة، قليلة وردية، كانت أيام سني حياتي" (تك 47: 9).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/jacob-joseph/wives.html
تقصير الرابط:
tak.la/z96cqqw