فإن كانت الخدمة نعمة، فماذا نقول إذن عن الذين يدعون فيرفضون!!
أو على الأقل تصلهم الدعوة فيعتذرون عنها بأسباب كثيرة... أو ترفضها زوجاتهم أو آباؤهم وأمهاتهم... أو يحتجون بأن الدعوة ليست واضحة، وأنه تلزمهم أدلة وبراهين وإثباتات!!
إن رفض الدعوة أو إهمالها أو الإعتذار عنها، أمر خطير ينبغي أن يعمل له الإنسان ألف حساب. والذي يرفض الكهنوت من أجل سبب عالمي، إنما يرفض أن يكون وكيلًا لله (1كو 4: 1) وخادمًا لمذبحه ووسيطًا للأسرار الإلهية، وشفيعًا بين الله والناس.
الدعوة نعمة تقدم للناس. هناك من يقبلها. وهناك من يرفضها...
لقد سبق للرب أن دعا أشخاصًا "فابتدأ الجميع برأى واحد يستغفون. فقال الأول إني أشتريت حقلًا، وأنا مضطر أن أخرج وأنظره. أسالك أن تعفينى. وقال آخر إني أشتريت خمسة أزواج بقر، وأنا ماض لأمتحنها. أسالك أن تعفينى. وقال آخر إني تزوجت بإمرأة. لا أقدر أن أجيء" (لو 14: 18- 20) وكان كل أولئك رموزًا لرفض الدعوة الإلهية...
وكذلك الشاب الغني، الذي أوضح له الرب الطريق "فمضى حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة" (مت 19: 22).
كل أولئك قابلوا نعمة الدعوة بالرفض. ولم يرغمهم الرب على القبول.
ما نقوله عن الذين يرفضون الكهنوت، نقوله أيضًا في مجال الرهبنة.
تحرك النعمة قلب إنسان للزهد في العالم والتفرغ لله، فليلتهب قلبه للبدء في هذا الطريق الملائكى، فتقوم قائمة أسرته كما لو كان قد هلك أو سيهلك! كما لو كانت الرهبنة تهمة أو عارًا..!! ولماذا؟! أليست نعمة أن يسكن في بيت الرب، ويستمع إلى قول المزمور "طوبى لكل السكان في بيتك. يبارمونك إلى الأبد" (مز 84: 4).. أو قوله أيضًا "واحدة طلبت من الرب وإياها ألتمس: أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي. لكي أنظر نعيم الرب، وأتفرس في هيكله المقدس (مز 27: 4).
النعمة تعرض على البعض، فلا يرون أنها نعمة. ويظنون أن حياتهم بعيدًا عن هذه النعمة هي أفضل!!
ينطبق على هؤلاء قول المثل الشعبي "ده مش وش نعمة"! ويدخل في هذا المجال أيضًا كل الذين عمل التكريس لخدمة الرب. بعكس هؤلاء شاول الطرسوسي الذي لما أتته النعمة قال "للوقت لم استشر لحمًا ولا دمًا، ولا صعدت إلى أورشليم، إلى الرسل الذين كانوا قبلي" (غل 1: 17).
وعكس هؤلاء أيضًا قديسون آخرون قبلوا الدعوة:
متى العشار، الذي دعى وهو في مكان الجباية، فقام وترك كل شيء وتبع الرب (مت 9: 9) وبطرس وإندراوس، لما دعاهم الرب، تركا السفينة والشباك وسارا وراءه ليصيرا من صيادي الناس (مت 4: 18-20) وكذلك فعل يعقوب ويوحنا أخوه (مت 4: 21، 22) وبالمثل فعلت المرأة السامرية التي تركت جرتها ومضت تبشر به (يو 4: 28) ومن قبل ترك موسى قصر فرعون حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر" (عب 11: 26) وبالمثل فعل أبونا إبراهيم، لما ترك أهله وعشيرته وبلده، ومضى وراء الله، وهو لا يعلم إلى أين يذهب (عب 11: 8).
كل أولئك استجابوا للدعوة وأطاعوا، وضحوا من أجلها.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
فإن لم تدعوا أنتم دعوة كبيرة كهؤلاء. فعل الأقل دعيتم لكي تكونوا هياكل لله ومسكنًا لروحه القدوس (1كو 3: 16) ليعمل الله فيكم وبكم... فمن منكم يجرؤ أن يرفض تلك الدعوة الإلهية؟!
ليت كل إنسان يصلي بدموع أن ينال هذه الدعوة، وأن يراه الله مستحقًا لها. ولا يكون كالذى تمر به الدعوة الإلهية، فلا يراها ولا يشعر بها. كما قيل إن النور أضاء في الظلمة، والظلمة لم تدركه" (يو 1: 5)..
نضرب مثلًا غير هؤلاء وهو:
هناك أشخاص يلقون بأنفسهم في طريق الرب، فيدعوهم بنعمته:
هم الذين يبدأون. ثم يدعوهم الله حينما يرى أمانتهم، أو بعد ان يعدهم إعدادًا صالحًا للخدمة. مثل موسى الأمير الذي ألقى بنفسه في طريق الخدمة. ولكنه ارتكب أخطاء في البداية. فأخذه الله وأعده في البرية، ثم أرسله (خر 2، 3) وفي يوم من الأيام، أتاه صوت الله من العليقة "أنا إله أبيك إبراهيم وإله إسحق، وإله يعقوب... إني رأت مذلة شعبي الذي في مصر... فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون.." (خر 3: 3-10).
إشعياء النبي مثل من أعجب الأمثلة في الدعوة.
سمع صوت الرب قائلًا "من أرسل؟ ومن يذهب من أجلنا"..؟ (أش 6: 8) فقدم إشعياء نفسه وقال "هأنذا فأرسلنى"..
مَنْ منكم -كإشعياء- يلقى نفسه أمام الرب قائلًا: هأنذا فارسلنى؟
إن الدعوة نعمة من الله. هناك من يسعى إليها. وهناك من تأتيه النعمة دون سعى منه، فيقبلها. وهناك من تأتيه فيرفضها.
وهناك أشخاص يعقدون الأمور. وكلما تأتيهم النعمة يشكون... ويتساءلون أحقا هذه دعوة؟! ولا يميزون صوت الله...
نشكر الله الذي دعانا جميعًا بنعمته، لكي نكون ابناء الله، أمة مقدسة وكهوتًا مقدسة، مبنيين كحجارة حية، بيتًا روحيًّا... جنسًا مختارًا وكهنوتًا ملوكيًا (1بط 2: 5، 9)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/grace/acceptance-or-rejection.html
تقصير الرابط:
tak.la/99fqqvb