St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   fear-of-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مخافة الله - البابا شنوده الثالث

9- مخافة الله في صلوات الأجبية وفي المزامير وطقوس الكنيسة

 

3- مخافة الله في صَلوات الأجبيَة وفي المزامير وطقوس الكنيسة:

 

إن الكنيسة المقدسة تعلمنا مخافة الله وتدربنا عليها في صلوات الساعات (في الأجبية).

وبخاصة في صلوات النوم والستار ونصف الليل.

ففي صلاة الستار "يا رب أن دينونتك المرهوبة. إذ تحشر الناس، وتقف الملائكة، وتفتح الأسفار، وتنكشف الأعمال، وتفحص الأفكار. أية إدانة تكون إدانتي، أنا المضبوط في الخطايا؟!"

هذا الخوف من الدينونة والانكشاف أمام الكل...

تصوروا حينما يجمع الله العالم كله والملائكة، ويمر عليهم –كما من جهاز سينما– شريط يحوي كل أعمال الناس وأفكارهم: من خطايا ونجاسات بشعة، ودنس كل نفس..! ويعلن لهم أسرار الناس، وأفكارهم ومشاعرهم ونياتهم. وينكشف أيضًا ما كان فيهم من رياء وخداع... ويظهرون على حقيقتهم، أي خجل يكون في ذلك اليوم، وأي رعب، حينما تصبح كل خفايانا معروفة للكل؟! لأنه كما يقول الرب "ليس مكتوب إلا ويعلن" (مر 4: 22) "ولا خفي إلا ويظهر" (لو 8: 17).

إذن إن أردت ألا تنكشف في ذلك اليوم وتخجل، تُب. فالتوبة تمحو الخطايا فلا تظهر (أع 3: 19).

أيضًا الكنيسة تعلمنا في صلاة النوم أن نقول:

"هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل مرعوب ومرتعب من كثرة ذنوبي، لأن العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة. لكن توبي يا نفسي ما دمتِ في الأرض ساكنة... انهضي من رقاد الكسل، وتضرعي إلى المخلص بالتوبة، قائلة اللهم ارحمني وخلصني".

St-Takla.org Image: A girl reading and contemplating - Coptic art by Tasony Sawsan, scanned from "Fear of God" - book, by Pope Shenouda III. صورة في موقع الأنبا تكلا: فتاة تقرأ وتتأمل - رسم فن قبطي حديث لتاسوني سوسن، من كتاب "مخافة الله" - البابا شنوده الثالث.

St-Takla.org Image: A girl reading and contemplating - Coptic art by Tasony Sawsan, scanned from "Fear of God" - book, by Pope Shenouda III.

صورة في موقع الأنبا تكلا: فتاة تقرأ وتتأمل - رسم فن قبطي حديث لتاسوني سوسن، من كتاب "مخافة الله" - البابا شنوده الثالث.

ليعود المُصَلِّي، ليقول في صلاة النوم أيضًا:

"لو كان العمر ثابتًا، وهذا العالم مؤبدًا، لكان لك يا نفسي حجة واضحة. لكن إذا انكشفت أفعالك الرديئة وشرورك القبيحة أمام الديان العادل، فأي جواب تجيبين، وأنت على سرير الخطايا منطرحة، وفي إخضاع الجسد متهاونة؟!

وهكذا يوبخ المصلي نفسه كل ليلة، متذكرًا الموت والدينونة، والانكشاف، والديان العادل...

وهذه المخافة تدعوه إلى التوبة وإلى طلب الرحمة، وإلى ترك الكسل والتهاون. وإلا فإنه سيقابل يوم الدينونة في رعب وارتعاد.

وفي صلاة نصف الليل، تضع الكنيسة أمامنا فصلًا من الإنجيل عن مثل العذارى اللائي كن ينتظرن مجيء الرب، وكيف دخلت الحكيمات معه، بينما وقفت الجاهلات خارجًا، وقال لهن الرب: الحق أقول لكن إني لا أعرفكن (مت 25: 12). ما أرهبها عبارة!!

وهكذا تذكرنا الكنيسة بيوم المجيء الثاني ورهبته.

بفصل آخر من إنجيل معلمنا القديس لوقا، يقول فيه الرب "فكونوا أنتم مستعدين، فإنه في ساعة لا تعرفونها يأتي ابن الإنسان" (لو 12: 40) (مت 25: 13).

وتعلمنا الكنيسة أن نصلي بعد ذلك ونقول:

"بما أن الديان حاضر، اهتمي يا نفسي وتيقظي. وتفهمي تلك الساعة المخوفة. فإنه ليس رحمة في الدينونة لمن لم يستعمل الرحمة...".

وتعلمنا الكنيسة أيضًا أن نقول، ونحن نتذكر مثل العذارى "تفهمي يا نفسي ذلك اليوم الرهيب واستيقظي... لأنك لا تعلمين متى يأتي نحوك الصوت القائل ها هوذا العريس قد أقبل. وانظري يا نفسي ولا تنعسي، لئلا تقفي خارجًا قارعة مثل الخمس العذارى الجاهلات...".

"انظري يا نفسي لئلا تثقلي بالنوم، فتلقَى خارج الملكوت، بل اسهري".

ومن أجل مخافة الموت والدينونة، تدعونا الكنيسة إلى دوام السهر والاستعداد، وتقدم لنا في صلاة نصف الليل قول الرب في الإنجيل "لتكن أحقاؤكم ممنطقة، ومصابيحكم موقدة، وأنتم أيضًا تشبهون أناسا ينتظرون سيدهم متى يرجع... طوبى لأولئك العبيد، الذين إذا جاء سيدهم، يجدهم ساهرين..." (لو 12: 35 - 37).

كذلك بسبب خوف الدينونة، تدعونا الكنيسة إلى التوبة.

وتقدم لنا في صلاة نصف الليل أيضًا فصل الإنجيل الخاص بتوبة تلك الخاطئة التي بللت قدمي السيد المسيح بدموعها، ومسحتهما بشعر رأسها (لو 7: 38). وتعلمنا أن نقول بعد قراءة هذا الفصل: "أعطني يا رب ينابيع دموع كثيرة، كما أعطيت في القديم للمرأة الخاطئة...".

إنها لا تعلمنا فقط المخافة والتوبة، بل الدموع أيضًا.

وتعلمنا أيضًا أن نقول في هذا الجزء من صلاة نصف الليل "إذا ما تفطنت في كثرة أعمالي الرديئة، ويأتي على قلبي فكر تلك الدينونة الرهيبة، تأخذني رعدة، فأهرب إليك يا الله محب البشر. فلا تصرف وجهك عني، متضرعًا إليك يا من أنت وحدك بلا خطية: أنعم لنفسي المسكينة بتخشع، قبل أن يأتي الانقضاء وخلصني".

وبسبب تلك المخافة، تعلمنا الكنيسة أن نطلب الرحمة:

فنصرخ ونقول "بعين متحننة يا رب انظر إلى ضعفي. فعما قليل تفنى حياتي، وبأعمالي ليس لي خلاص. فلهذا اسأل: بعين رحيمة يا رب، انظر إلى ضعفي، وذلي ومسكنتي وغربتي، ونجني".. "لهذا أشفق على أيها المخلص، لأنك أنت هو محب البشر وحدك"...

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وعن المجيء الثاني للرب ليدين العالم، تعلمنا الكنيسة أن نقول في مخافة الله:

"في وقت مجيئك لتدين العالم، فلنستحق سماع ذلك الصوت المملوء فرحًا، القائل تعالوا إليَّ يا مباركي أبي، رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم. نعم يا رب، سهل لنا أن نكون في تلك الساعة بغير خوف ولا اضطراب، ولا سقوط في الدينونة. ولا تجازينا بسبب كثرة آثامنا. لأنك أنت المتحنن الطويل الأناة الكثير الرحمة...".

وفي مخافة الله تعلمنا الكنيسة أن نقول في صلاة الغروب:

إذا كان الصديق بالجهد يخلص، فأين أظهر أنا الخاطئ؟!

وهي صلاة مأخوذة من الرسالة الأولى لمعلمنا القديس بطرس الرسول حيث يقول، "إن كان البار بالجهد يخلص، فالفاجر والخاطئ أين يظهران؟!" (1 بط 4: 18).

هذه العبارة بالذات، ألا تعلمنا المخافة، التي نبذل فيها كل جهدنا، حتى نحسب مع الأبرار..؟!

وبسبب المخافة، تعلمنا الكنيسة أن نقول "يا رب أرحم" 41 مرة في كل صلاة من صلواتنا اليومية.

بل نكرر عبارة "يا رب ارحم" بهذا العدد في كل صلاة من الصلوات الليتورجية، وفي عشية وباكر، وفي كل قداس. طالبين الرحمة باستمرار. وطلب الرحمة هو دليل على المخافة.

أم ترانا نطلب الرحمة، بغير مخافة؟!

كلا، بل إننا نقول في صلاة نصف الليل:

سمر خوفك في لحمي (مز 119: 120).

الكنيسة إذن تعلمنا مخافة الله، وتدربنا عليها في الصلاة. بل تجعلنا نبدأ كل صلواتنا اليومية والطقسية بصلاة الشكر التي نقول في ختامها:

"امنحنا أن نكمل هذا اليوم، وكل أيام حياتنا، بكل سلام مع مخافتك". إذن هذه المخافة، نطلبها كل يوم.

وحينما ندخل إلى الكنيسة، نتعلم أن نسجد أمام الهيكل، ونحن نقول للرب: "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل إلى بيتك، وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك". وهي عبارة مأخوذة من المزمور الخامس ويكررها الأب الكاهن في تبخيره أمام الهيكل.

وغالبية طقوس الكنيسة وصلواتها تشتمل على عبارة الخوف أو المخافة.

ففي رفع بخور عشية، يبدأ الأب الكاهن صلاته السرية بقوله "أيها المسيح إلهنا العظيم المخوف الحقيقي".

وفي صلاة التحليل يقول "طهرنا، حاللنا، وحالل كل شعبك. املأنا من خوفك، وقومنا إلى إرادتك المقدسة"..

وقبل قراءة الإنجيل، يصرخ الشماس ويقول: "قفوا بخوف من الله، وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس" ويقف الشعب كله في الكنيسة، ويخلع رئيس الكهنة تاجه من فوق رأسه، هيبة وتوقيرا لكلمات الإنجيل. كما خلع الأربعة والعشرون قسيسًا أكاليلهم وسجدوا أمام العرش قائلين: مستحق أنت أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة... "(رؤ 4: 11، 10).

حقًا، ينبغي أن نسمع كلمة الله في خوف. لماذا؟

لأننا نعرف تمامًا أننا لم نطع كلام الله. فكل كلمة من الإنجيل سوف تحكم علينا. سندان بها. كما قال الرب "مَن رذلني ولم يقبل كلامي، فله مَن يدينه. الكلام الذي تكلمت به، هو يدينه في اليوم الأخير" (يو 12: 48). إذن أعطنا يا رب أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة، لئلا تديننا في اليوم الأخير.

كما نسمع كلمة الخوف في قراءة الإنجيل أثناء القداس الإلهي، كذلك في وقت حلول الروح القدس، يصيح الشماس:

اسجدوا لله بخوف ورعدة.

إنه الخوف الذي يليق بالحلول الإلهي. كما قيل عن موسى النبي وقت إعطاء الرب للوصايا على الجبل، إن موسى قال: أنا مرتعب ومرتعد (عب 12: 21). كذلك قال القديس يوحنا الرسول لما ظهر له الرب في سفر الرؤيا "فلما رأيته، سقطت عند رجليه كميت. فوضع يده اليمنى على قائلًا لي: لا تخف" (رؤ 1: 17).

الخوف يتعلق أيضًا بالذبيحة المقدسة، لكيما نقدمها ونتناول منها، بغير وقوع في دينونة...

وعبارة (بغير وقوع في دينونة) يكررها الكاهن كثيرًا أثناء القداس الإلهي...

ففي صلاة الاستعداد قبل تقديم الحمل يقول في صلاته السرية "أجعلنا مستوجبين بقوة روحك القدوس أن نكمل هذه الخدمة. لكي بغير وقوع في دينونة أمام مجدك العظيم، نقدم لك صعيدة البركة".

وفي صلاة الحجاب بعد قراءة الإنجيل، يقول: "نسألك يا سيدنا، لا تردنا إلى الخلف، إذ نضع أيدينا على هذه الذبيحة المخوفة غير الدموية... نسأل ونتضرع إلى صلاحك يا محب البشر، أن لا يكون لنا دينونة، ولا لشعبك أجمع، هذا السر الذي دبرته لخلاصنا".

يذكر هنا في مخافة دينونة التناول بغير استحقاق، التي ذكرها القديس بولس الرسول (1 كو 11: 27 - 30).

وهكذا يقول أيضًا في صلاة الصلح "أجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقبل بعضنا بعضًا بقبلة مقدسة. لكي ننال بغير انطراح في دينونة من موهبتك غير المائتة السمائية".

وعندما يتذكر الكاهن المجيء الثاني للسيد الرب يقول "وظهوره الثاني الآتي من السموات، المخوف المملوء مجدًا".

أما عن المخافة من الموت، في صلاة الأجبية:

فيكفي هنا تشفعنا بالقديسة العذراء قائلين في صلاة الغروب "وعند مفارقة نفسي من جسدي، احضري عندي، ولمؤامرة الأعداء اهزمي، ولأبواب الجحيم أغلقي، لئلا يبتلعوا نفسي"...

ما أجمل قول القديس الأنبا أرسانيوس عن خوف الموت "طوباك يا أرساني، لأنك بكيت في حياتك كثيرًا من أجل خوف تلك الساعة".

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) توضيح من الموقع: كان مكتوبًا "ما أجمل قول القديس البابا ثاؤفيلس" (ص. 79)، ولكن الصحيح هو الأنبا أرسانيوس، فتم التعديل من قِبَل الموقع.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fear-of-god/prayers.html

تقصير الرابط:
tak.la/53r8yws