في وسط الخطية والتعب، بدأ يذكر الموت. فإن تذكار الموت مفيد بلا شك...
إنه يريد أن يطمئن على أن الرب قد أحياه (روحيًا) قبل أن يموت. كثير من الناس يقولون نريد أن نموت. هل هو مطمئن على نفسه: إن مات، إلى أين يذهب؟!
مَنْ هو الذي يشتهي الموت؟ إنه الإنسان الذي يستطيع أن يقول مع القديس بولس الرسول:
لي إشتهاء أن أنطلق، وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا" (1فى 1: 23).
هذا يعرف أنه بعد الموت سيكون مع المسيح. سيكون معه في الفردوس (لو23: 43). لذلك رأي أفضل جدًا.
أما داود فكان لا يزال يخاف من الموت. لذلك يقول: ليس في الموتى مَنْ يذكرك ولا في الجحيم من يعترف لك...
أنا أريد أن أذكرك الآن، وأعترف لك الآن، قبل أن أموت.
إننى أميل من جهة عبارة " ليس في الموتى مَنْ يذكرك " أن يكون المقصود هو الموتى بالخطايا...
وعن هذا قال الرسول " كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا، التي سلكتم فيها قبلًا" (أف2: 1). لذلك فإن داود يقول:
إحيني... لأنه ليس في الموتى مَنْ يذكرك.
أعطنى أن أكون حيًا فيك، أي أنقذني من الموت، موت الخطية، ومن الخطية التي أجرتها الموت (رو6: 23).
فإن صرت حيًا فيك، سأحيا إلى الأبد، لأنه ليس في الموتى مَنْ يذكرك. الأموات بالخطايا لا يذكرونك هنا على الأرض، لأن لها مشاغل أخرى تلهيهم عنك. وأيضًا حينما يذهبون إلى الجحيم، لا يعترفون لك.
هنا، ونذكر أنواعًا من الموت.
أولًا موت الجسد، وهو انفصال الجسد عن الروح.
ثانيًا: الموت الأدبي، وهو فقدان الصورة الإلهية، فقدان الطابع الروحي، الذي يميز أولاد الله عن أهل العالم، الذي قال عنهم الرسول " بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس [ظاهرون]" (يو3: 10).
ثالثًا: الموت الروحي، وهو انفصال الروح عن الله. وهذا ما قصده الرسول بعبارة " أموت بالخطايا" (أف2: 1، 5).
رابعًا: الموت الأبدي هو الهلاك الأبدي، الذي قال عنه الرب في مصير الأشرار " فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي" (مت25: 47). هو الإلقاء في بحيرة النار والكبريت (رؤ20: 10)... في الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الإنسان (مت25: 30).
* الذين ينتهون إلى الموت الأبدي، هم الذين قال عنهم الرب " تموتون في خطاياكم. وحيث أمضي أنا، لا تقدرون أنتم أن تأتوا" (يو8: 21). هؤلاء لا يذكرون الله ولا يعترفون له، وهم في ظلمتهم الخارجية، التي هي خارج عشرة الله وقديسيه، حيث هم في بحيرة النار والكبريت.
* والذين في الموت الأدبي، أو في الموت الروحي، فهؤلاء لا يذكرون الله أيضًا ولا يعترفون له، لأنهم في حياة الخطية. لكن أمامهم فرصة للتوبة وهم على الأرض. فإن تابوا، ينطبق عليهم قول الآب: "إبنى هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فوجد" (لو15: 24).
والتوبة بالنسبة إليهم، تعتبر قيامة من الموت، موت الخطية.
* أما موت الجسد، فحسب نوعيته تكون الصلة بالله. إن مات الإنسان وهو في حالة خطية، تنطبق عليه عبارة " ليس في الموتى مَنْ يذكرك..".
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
أما الذي يموت في بره، فتنطبق عليه صلوات الكنيسة عنه، قائلة للرب:
لأنه ليس موت لعبيدك، بل هو انتقال.
هؤلاء في موتهم يذكرون الله ويعترفون له،
لأنهم يكونون معه في الفردوس، ثم في الملكوت.
وطبعًا هؤلاء -بعد الموت- يسبحون الله ويعترفون له بأرواحهم، التي تكون حية بعد الموت. أما الجسد فيتحول إلى تراب، وليس في تلك الأجساد المائتة تسبيح لله، إلا بعد القيامة، حينما تقوم أجسادًا روحانية سماوية (1كو15: 44، 49). حينئذ تذكر الله وتعترف له بعد أن تتحد بأرواحها.
هذا الموت بالجسد -في بر- يمتدحه الرسول، فيقول عنه الرسول " لي الحياة هي المسيح. والموت هو ربح" (في1: 21). ويقول أيضًا " عالمون ونحن مستوطنون في الجسد، ونحن مستوطنون في الجسد، فنحن متغربون عن الله، لأننا بالأيمان نسلك لا بالعيان. فنثق ونسر بالأولي أن نتغرب عن الجسد، ونستوطن عند الرب" (2كو5: 6-8).
إنه يُسَرّ بالموت، إذ يتغرب عن الجسد، ويستوطن عند الرب.
أما أنت ففي صلاتك، حاول أن تصل إلى عشرة مع الله، قبل أن تموت.
بعد أن يتذكر داود الموت، وكيف لا يذكرون الله ولا يعترفون له، يقول للرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qp2astn