(12)
أما عن نفسي فحسب ما تعلمت، اعتقد أن رأي كل منهما يتطلب فحصًا ومراجعة دقيقة لأن كلمات الإنجيل الخاصة بالتجديف عميقة.
في الحقيقة واضِح أن الابن في الآب وبالتالي فهو في الذين فيهم الآب أيضًا. والروح القدس ليس غائبًا عن الآب والابن لأن الثالوث القدوس المبارك غير منقسم. وزيادة على ذلك إذا كان كل شيء قد خُلِق بالابن (يوحنا 1: 3) وفيه كل الأشياء توجَد (كولوسي 1: 17). فهو ليس كائنًا خارج الأشياء التي جاءت إلى الوجود بواسطته. فكل المخلوقات ليست غريبة عنه. هو بالطبيعة في كل شيء وبالتالي كل مَنْ يخطئ ويجدف على الابن يخطئ ويجدف على الآب والروح القدس. ولو كان حميم الميلاد الثاني قد أُعِطي باسم الروح القدس فقط، لكان من المعقول أن نقول أن الذي عُمِّدَ إذا أخطأ بعد المعمودية يخطئ ضد الروح القدس وحده. ولكن لأن المعمودية تُعْطَى باسم الآب والابن والروح القدس فكل مُعَمَّد يقبل المعمودية باسم الثالوث، وبذلك يصبح واضحًا أن كل مَنْ يجدف بعد المعمودية قد جَدَّف على الثالوث الأقدس، وهذا هو التعليم الحقيقي الذي يجب أن نقبله.
ولو كان هؤلاء الذين تَحَدَّث معهم الرب -أعني الفريسيين- قد قبلوا حميم الميلاد الثاني وحصلوا على نعمة الروح القدس، لكان التفسير السابق لكل من أورجينوس وثيئوغنوستس مقبولًا. لأن الرب لم يكن يتكلم مع أناس ارتدوا وجدفوا على الروح القدس، لأننا إذا تذكرنا، لم يكن هؤلاء الناس -أي الفريسيين- مُعَمَّدين، بل حتى معمودية يوحنا احتقروها ورفضوها (متى 21: 15-27). فكيف يمكن اتهامهم بالتجديف على الروح القدس وهم لم يحصلوا عليه بعد؟ ولذلك لم ينطق الرب بهذه الكلمات لكي يُعَلِّم عن الخطية بعد المعمودية، كما أنه لم يكن كذلك يهدد بعقوبة أولئك الذين سيخطئون في المستقبل بعد المعمودية، بل قال هذه الكلمات بطريقة مباشرة وصريحة ضد الفريسيين لأنهم أذنبوا فعلًا وسقطوا في هذا التجديف الفظيع. لقد اتهمهم الرب بطريقة واضحة بالتجديف وهم لم يقبلوا المعمودية. فإن هذه الكلمات ليست موجهة ضد الذين يخطئون بعد المعمودية، خصوصًا وإن الرب لم يكن يشتكيهم بخطايا عامة ولكن بالتجديف بالذات وهناك فرق بين الذي يخطئ ويتعدى الناموس والذي بسبب عدم تقواه يجدف على الله نفسه.
وقبل ذلك اتهم الرب الفريسيين بخطايا أخرى مثل محبة المال التي من أجلها أبطلوا الوصية الخاصة بالوالدين، ورفضوا كلمات الأنبياء وجعلوا بيت الله بيت تجارة، وفي كل هذا انتهرهم المخلص لكي يتوبوا. أما عندما قالوا أنه ببعلزبول يخرج الشياطين، لم يقل لهم ببساطة أنهم يخطئون بل أنهم يجدفون بصورة شنيعة تستوجِب العقاب وتجعل المغفرة مستحيلة لأنهم تمادوا إلى حيث لا حدود لخطئهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/blasphemy-against.html
تقصير الرابط:
tak.la/jxtn245