St-Takla.org  >   books  >   iris-habib-elmasry  >   woman-christ
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المرأة العصرية في مواجهة المسيح - أ. إيريس حبيب المصري

140- بعض جدات السيد المسيح

 

لقد علمنا الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي أن كل عطية ممنوحة من الله تستتبع المسئولية. والمرأة قد نالت مواهب كثيرة وعطايا الهية ثمينة وبالتالي عليها مسئوليات عظمى.

واننا لنلحظ أن متى البشير تعمد أن يذكر أسماء خمس من جدات المسيح في سرده للتسلسل الإنساني للمخلص. أولاهن لم يكن في حاجة إلى ذكر اسمها لأنها معروفة فهي ليئة البنت الكبرى للابان خال يعقوب. ومما يجدر بنا أن نتمعن فيه أن ليئة لم تكن جميلة الشكل كما لم تكن مرغوبًا فيها. وكان يعقوب يريد الزواج من أختها الصغرى لجمالها ولأنه احبها. فخدعه خاله وأزوجه من ليئة. وأوجد الله التوازن بين هاتين الأختين كما يوجده كلما تعسف إنسان. فمنح ليئة ستة بنين. والبنون قديمًا (وما زالوا في مجتمعات كثيرة) كانوا سببًا قويًا في أن يحب الرجل زوجته. ولم يعط الله ليئة هؤلاء الأبناء فقط بل جعل يهوذا الرابع بينهم. ويهوذا هو الشخص الذي يرجع إليه المسيح بنسبه الأرضي إذ يوصف بأنه من سبط يهوذا(69). فما أبعد أحكام الله عن الفحص وطرقه من الاستقصاء، فالزوجة القبيحة الشكل المكروهة أصبحت أما للملوك والكهنة وهي الجدة الأولى لملك الملوك وراعي الرعاة.

← انظر كتب أخرى للمؤلفة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org Image: Ruth was working to pick ears of corn in the field to support herself and her mother-in-law Naomi.. So she became better than seven sons. - art by Mamdouh, from the book: The Modern Woman Facing Christ, by Iris Habib Elmasry. صورة في موقع الأنبا تكلا: راعوث وهي تعمل لالتقاط السنابل في الحقل لإعالة نفسها وحماتها نعمي.. فصارت لها أفضل من سبع بنين. - رسم الفنان ممدوح، من صور كتاب المرأة العصرية في مواجهة المسيح: إيريس حبيب المصري.

St-Takla.org Image: Ruth was working to pick ears of corn in the field to support herself and her mother-in-law Naomi.. So she became better than seven sons. - art by Mamdouh, from the book: The Modern Woman Facing Christ, by Iris Habib Elmasry.

صورة في موقع الأنبا تكلا: راعوث وهي تعمل لالتقاط السنابل في الحقل لإعالة نفسها وحماتها نعمي.. فصارت لها أفضل من سبع بنين. - رسم الفنان ممدوح، من صور كتاب المرأة العصرية في مواجهة المسيح: إيريس حبيب المصري.

أما الأربع جدات اللواتي ذكرهن بالاسم فيزدننا تعجبًا، لأنه ان كان الكتاب قد اكتفي بوصف ليئة بأنها قبيحة ومكروهة فلَا بُد أنها كانت ذات صفات خلقية طيبة والا لكان ذكر رذائلها أيضًا. لأن كتاب الله يقدم لنا الناس على حقيقتهم بغير تنميق. وهذا ما نجده في الجدات الأخريات. لأن ثامار أولي المذكورات بالاسم قد جاء وصفها بالتفصيل في حادثة احتيالها لتنفيذ الشريعة الموسوية فهي كانت امرأة ذات دهاء تعرف كيف تصل إلى الهدف الذي تبتغيه (70) والجدة الثانية التي ورد اسمها هي راحاب التي لا يجد الكتاب المقدس كلمة يصفها بها غير (الزانية) وهي بالإضافة إلى كونها ساقطة كانت أممية من سكان أريحا. فماذا فعلت هذه الخاطئة لتستحق أن تكون ضمن جدات ماحى الذنوب؟ لقد كانت شجاعة إذ قد خبأت الرجلين اللذين أرسلهما يشوع لاستطلاع واقع الحال في أريحا. فعرضت بذلك حياتها للخطر ودعمت شجاعتها بصراحتها وحبها لعائلتها إذا استحلفت الجاسوسين ألا يقتلا أهل بيتها إذا ما تم لشعبهما النصر. ثم استكملت شجاعتها وحبها بإيمانها لأنها تركت عبادة الأوثان وأنضمت إلى المؤمنين بالله الواحد خالق السماء والأرض. فهذه الصفات أدت إلى استقامتها بعد ذلك وهكذا أصبحت جدة للمخلص ولم يستنكف البشير من ذكرها بالاسم أما الثالثة فهي راعوث. وراعوث من النماذج الإنسانية النادرة ولكنها رغم ذلك أممية. بل انها من بني موآب الذين حرمهم الله على اليهود بصفة خاصة مع بني عمون لما لازم ولادة جديهما من شين(71). والرابعة فيمن ذكر البشير أسماءهن هي بثشبع أم سليمان. ولكنه لا يذكرها باسمها وإنما يذكرها يخطيتها إذ يقول عنها "تلك التي لأوريا"(72). وأوريا هذا كان حثيًا -أي أن يثشبع كانت حثية أي من الأمميات. فالجدات الخمس اللواتي ذكرهن متى في أصحاحه الأول بينهن يهوديتان وثلاث أمميات. فلماذا ذكرهن البشير؟ ان متى -مع كونه من سبط لاوي -شاء أن يبين لنا أن المسيح قد جمع في دمه خلاصة للشعوب: للصالحين وللأشرار من الناس ليكون هو تعالي خلاصة للإنسانية جمعاء. وتوقفنا عند هذه الجدات هو أنه يجدر بنا التمعن في كيفية استخدام الله لمختلف الناس. فهو يتمجد في "الأواني الخزفية" على حد تعبير بولس الرسول فيحولها من خزفيتها إلى أوان صلبة تصلح لاستعماله. والأمر الثاني الذي أوقفنا هو أنه في الوقت الذي لم تكن للمرأة قيمة اجتماعية وفي المجتمع الذي اقتصر فيه التفاخر على الانتساب لهذا الرجل أو ذلك -في هذا الوقت كتب البشير ضمن سلسلة الجدود أسماء خمس جدات. ولما كان الإنجيل من وحي الروح القدس فهذا السرد لجدات المسيح لم يأت اعتباطًا. إذن فما الغرض منه؟ الغرض هو أن رب المجد شاء أن يمنح المرأة مكانة في عالم الرجال فأوحى إلى بشيره بأن يذكر أسماء بعض السيدات اللواتي انسابت دماؤهن داخل عروقه. وهنا يحق لنا أن نهتف مع كيرلس الأول (عامود الدين) مخاطبًا الابن المتجسد: "وهذا العجب في اتضاعك".. ففي الأصحاح الأول من العهد الجديد قدم لنا صورة رائعة أخاذة عن اتضاعه اللامنطوق به. كما قدم لنا صورة عن ارتفاعه بالمرأة. إذ من الطبيعي ذكر سلسلة النسب من الرجال أما ذكر النساء فلم يكن طبيعيًّا ولا مستساغًا بل على العكس كان بغيضًا. فجاء رب الرجال مبينًا من البداية انه رب النساء أيضًا وأنه ينتسب إليهن كما ينتسب إلى الرجال. فما أعجب أحكامه بيننا، لقد رد إلى حواء اعتبارها بمختلف الوسائل: فلم يولد من امرأة فقط بل أعلن على الملأ أسماء من انحدر منهن أيضًا. فنكرر ولا نمل من التكرار: "وهذا العجب في اتضاعك".

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(69) (تك 29: 31-35) حيث يقول صراحة: "ورأي الرب ليئة مكروهة ففتح رحمها.." كذلك من العجيب أن الابن الثالث لليئة هو لاوي الذي اختير أولاده للكهنوت والذي منهم موسى.

(70) (تك 38).

(71) (تك 19: 13-38).

(72) (2 صم 11).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/grandmothers.html

تقصير الرابط:
tak.la/k66hpaz