وجدير بالذكر أن المرأة تجاوبت مع هذا الحنان الإلهي العجيب: لقد خانه يهوذا وأنكره بطرس، بينما هرب الجميع منه (ما عدا يوحنا الحبيب) في أثناء محاكمته. وجبن نيقوديموس رئيس الكهنة فلم يذهب إليه إلا ليلًا. وتناسي جمهور الرجال ما فعله معهم من الآيات والعجائب فصرخوا: اصلبه اصلبه. وحتى صاحب الحل والعقد بيلاطس البنطي الذي كان له حق الحياة والموت على من يحكمهم -حتى هذا خاف وتراجع وسلمه إلى أيدي صالبيه مع علمه بأنهم أسلموه حسدًا. فماذا فعلت المرأة خلال هذا كله؟ لقد تبعته في صمت وسكوت وفي محبة وتعبد. فالنسوة اللواتي خدمنه من أموالهن سرن معه في كل مدينة وقرية ذهب إليها، والأمهات جئنه في حياء يطلبن بركته لأولادهن، والمجدلية غسلت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، بينما كسرت غيرها الطيب الناردين الخالص الكثير الثمن وسكبته على رأسه وفي وسط هدير الجمهور الصاخب الصارخ: اصلبه، مشت خلفه تبكي عليه، وعند صليبه وقفت في حزنها ونحيبها تتأمله إلى أن أنزلوه عن خشبة اللعنة، وأمام القبر الفارغ وقفت في حيرة ورهبة. لقد خرجت حواء عن طاعة الله، ولكن حينما جاء ذلك الذي خلق حواء ونزل من عليائه لافتدائها تجاوبت روحها معه وسارت خلفه من البداية إلى النهاية. بل يجب ألا ننسي تقديم التحية لزوجة بيلاطس. فقد كانت وثنية كما كانت مترفة. وأغلب الظن أنها لم تكن قد التقت بالمسيح. فهو من الفقراء المحكومين وهي من الأغنياء الحاكمين. ولكنها أرسلت إلى زوجها تستحلفه بألا يمس المسيح بأذى. وهي قد عرضت حياتها (أو على الأقل كرامتها) لخطر بهذه الرسالة إذ كان للرجل الروماني حق الحياة والموت على أهل بيته. وهكذا نرى في كل ما قاله البشيرون ذلك التجاوب الروحي وتلك الرغبة في الخدمة التي أبدتها المرأة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/iris-habib-elmasry/woman-christ/tenderness-of-god.html
تقصير الرابط:
tak.la/63saw7k