اسم موآبي ربما كان معناه "جميلة" وهي فتاة موآبية تزوجت أولًا بمحلون بن أليمالك من سبط يهوذا. ولما مات زوجها لصقت بحماتها نعمي ورافقتها إلى بيت لحم تاركة شعبها وبيت أبيها في موآب. فكافأها الرب على صنيعها إذ وجدت نعمة في عيني بوعز الذي تزوجها. وبهذا صارت ضمن سلسلة نسب داود والمسيح. وقصتها مذكورة في سفر راعوث.
لا يوجد أسم "راعوث " في العهد القديم إلا في السفر المسمى باسمها، ولعل اسمها يعني "صديقة" أو "صاحبه" [(خر 11: 2) - "وكل امرأة من صاحبتها"] وجاءت الكلمة في "قاموس أكسفورد العِبري بأنها تعني "صداقة".
يروى سفر راعوث بالتفصيل تاريخ الحدث الفاصل الذي بموجبه أصبحت راعوث الجدة التي أتى منها داود والبيت الملكي في يهوذا، وله من هذه الناحية، أهمية خاصة إذ يفسر لنا الصداقة الوطيدة أو التحالف بين إسرائيل وموآب في أيام داود، ومن المحتمل أن الاسم نفسه يشير إلى هذا المضمون.
(1) التاريخ:
حدثت القصة في زمن القضاة (را 1: 1) في فترة مجاعة عظيمة في أرض إسرائيل، حين لجأ أليمالك من بيت لحم هو وامرأته وابناه إلى أرض موآب، وهناك مات بعد فترة من الزمن- لم تحدد بالضبط (را 1: 3)، ثم مات أبناه بعد ما تزوجا بامرأتين من موآب في خلال عشر سنوات أخرى وتركا أرملتيهما عرفة وراعوث (را 1: 5).
ثم قررت "نعمي" العودة إلى أرض يهوذا، ورافقهما كنتاها في الطريق إلى أرض يهوذا (را 1: 7)، ثم رجعت عرفة، وظلت راعوث ملازمة لنعمي في رحلة العودة إلى بيت لحم، حيث وصلتا في ابتداء حصاد الشعير (را 1: 22).
ويبدو واضحًا من بداية القصة، تقوى وإخلاص راعوث، حيث أنها رفضت أن تترك حماتها بالرغم من مناشدة نعمي لها ثلاث مرات أن تتركها، لتقدمها في السن ولأن فرص الحياة أمام راعوث ستكون أفضل في وطنها . لقد خضعت عرفة لإلحاح نعمي ورجعت إلى موآب، أما راعوث فلازمت نعمي قائلة لها "لا تلحي علىَّ أن أتركك وأرجع عنك لأنه حيثما ذهبت أذهب وحيثما بت أبيت. شعبك شعبي وإلهك إلهي. حيثما مت أموت وهناك أندفن. هكذا يفعل الرب بي وهكذا يزيد. إنما الموت يفصل بيني وبينك" (را 1: 16-17).
عملت راعوث في بيت لحم في التقاط سنابل الشعير في الحقول في موسم الحصاد، ولاحظها بوعز- صاحب الحقل- وكان ذا قرابة لأليمالك حميها، وسمح لها بوعز أن تلتقط طيلة أيام الحصاد، وقال لها إنه سمع عن وفائها وإخلاصها لحماتها، وأمر غلمانه الحصادين بأن يتعمدوا إسقاط السنابل من الحزم لتلتقطها (را 2: 15، 16)، وهكذا استطاعت أن تعود إلى نعمي في المساء ومعها إيفة شعير (را 2: 17)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. ولما سئلت عن سر نجاحها في جمع السنابل، ذكرت أنه بفضل رعاية بوعز لها والأوامر التي أصدرها لغلمانه، وهكذا ظلت تلتقط مع فتيانه طوال مدة حصاد الشعير وحصاد الحنطة. وسكنت مع حماتها (را 2: 22-23).
اهتمت نعمي بأن تتزوج راعوث ثانية وذلك لخير راعوث، وإطاعة أيضا لأحكام شريعة إسرائيل، فأرسلتها إلى بوعز لتذكره بواجبه لقرابته لزوجها أليمالك (را 3: 1).
سلم بوعز بهذا الطلب ووعد بالزواج من راعوث إذا تحقق شرعيًا أن الولي الأقرب منه، أَبَى أن يقضى لها حق الولي (را 3: 8-13). أيقنت نعمي أن بوعز لا بُد أن يتمم وعده، ونصحت راعوث بالانتظار والصبر.
قام بوعز باتخاذ كل الإجراءات الشرعية للوصول إلى قرار، فدعا الولي الأقرب أمام عشرة من الشيوخ عند مدخل المدينة، وقص عليه ظروف عودة نعمي ورغبتها في تزويج راعوث حتى تستقر في أرض إسرائيل، وطلب منه أن يفصح عن نيته، فأعلن هذا الولي -الذي لم يذكر اسمه ولا درجة قرابته- عدم قدرته على تحمل هذه المسئولية، وهكذا أصبح من حق بوعز شرعًا أن يتزوج راعوث حسب التقاليد القديمة في إسرائيل (را 4: 6-8).
قبل بوعز القيام بالواجب الذي انتقل إليه، وشهد بذلك الشيوخ وجميع الموجودين، ونطقوا بالبركة الرسمية على زواج بوعز من راعوث (را 4: 9-12) وعندما ولدت راعوث ابنا، باركت نساء المدينة نعمي لأنها ضمنت استمرار اسم عائلتها في وسط إسرائيل، وصارت نعمي مربية له. ودعي اسمه "عوبيد" الذي صار -عن طريق ابنه يسى- جدًا لداود الملك (مت 1: 5-6؛ لو 3: 31-32).
(2) أهمية القصة:
لذلك كان لتاريخ راعوث أهمية خاصة لأنها أصبحت حلقة في سلسلة نسب أعظم ملوك إسرائيل. وتعتبر القصة أنشودة تاريخية ترينا كيف أن خدمة راعوث المخلصة المنبعثة عن محبتها الصادقة لحماتها، كان لها جزاؤها المناسب في حصولها على السعادة والسلام في حياة عائلية هانئة.
وتذكر في ثنايا الأحداث، بعض عادات الزواج القديمة في إسرائيل، التي كانت قد اندثرت في وقت كتابة السفر.
إن القصة موجزة، وتروى بأسلوب بسيط لا تكلف فيه، لهذا لن تفقد أصالتها وأهميتها، لقد حفظت لنا ذكرى أحداث قد تكون أهميتها القومية قد مضت، ولكن ستظل لها قيمتها لبساطتها وروعتها وصدقها.
* انظر أيضًا: كتاب راعوث الموآبية من مكتبة الأنبا بيشوي المطران.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7ds55cr