س 20: هل بنوة السيد المسيح للآب هيَ بنوة مجازية مثل كثير من البنوات التي ذكرها الكتاب المقدس كبنوة الملائكة لله؟ " جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب"(أي 1: 6) وبنوة آدم لله "آدم ابن الله "(لو 3: 38) حيث يقول "أحد الكتَّاب": "هذه هيَ الصلة الحقيقية بين الله والناس صلة الآب ببنيه، لا عبودية ولا استرقاق ولا مذلة بل حب وعطف وأبوة... هذه البنوة لله لا ينفرد بها أحد وليست مقصورة على شخص بعينه... "كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله"(رو 8: 14) وهيَ بنوة روحية مجازية يحصل عليها كل مؤمن بالله عامل بوصاياه... "كل مَنْ هو مولود من الله لا يفعل خطية... بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس "(1 يو 3: 9، 10) "كل من يحب فقد وُلِد من الله" (1يو 4: 7).. إن الله أبونا جميعًا كما أنه إلهنا جميعًا، أبونا وأبو المسيح، وإلهنا وإله المسيح، ونحـن جميعًا أنبيـاء ومؤمنين أبناء الله يضمنا بحنانه أبونا وإلهنا... يوزع عطفه ورحمته على كافة أبنائه البررة، يستوي في ذلك الأنبياء والكهنة والملائكة والبشر، لا يختص بأبوته عيسى أو محمد أو موسى أو إبراهيم، وإنما نحن جميعًا أبنـاء الله ومحبوه مـن كافـة الشعـوب والأجناس والألوان" (79).
فنحن أبناء لله بالخلقة " والآن يارب أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلُنا، وكلنا عمل يديك"(إش 64: 8) "آدم ابن الله"(لو 3: 38).
مثلما كان موسى ابن لابنة فرعون، ومثلما قال الله عن إسرائيل: "إسرائيل ابني البكر "(خر 4: 22)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ونحن أبناء الله بالتبني "أنظروا أيّة محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله "(1 يو3: 1).
مثل قـول مُعلمنا "بولس الرسول": " ابني انسيمُس الذي ولدته في قيودي"(فل 10) وقوله لأهل غلاطية: "يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضًا إلى أن يتصوَّر المسيح فيكم"(غل 4: 19).
ودعَى "القرآن" زوجات الرسول بأمهات المؤمنين: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" (الأحزاب 6) ومن الطبيعي أن زوجات الرسول لم ينجبن جميع المسلمين والمسلمات في كل مكان وزمان، ودعى "الحديث" النبي أبو المؤمنين " إن كل نبي أبو أمته ولذلك صار المؤمنين أخوة لأن النبي أبوهم في الدين" (تفسير النسفي جـ 3 ص 218) وجاء في "الحديث القدسي": "الأغنياء وكلائي والفقراء عيالي، أي أولادي".
فنقول إننا نحن أبناء مصر الوطن الذي يعيش فينا، وإننا أبناء النيل الذي نشرب من مائه، وهناك ابن البادية، وذكر القرآن ابن السبيل: "ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل" ومن الطبيعي أن السبيل أي الطريق أو الشارع لم يتزوج ولم ينجب.
كما نقول عن شخص أنه ابن عشرين عامًا، أو نقول نحن أبناء القرن الواحد والعشرين.
كما نقول ابن العلم، وابن الوعظ، وابن الهلاك، وابن إبليس.
وكل البنوات السابقة وغيرها الكثير هيَ بنوات مجازية. أمَّا بنوة الابن للآب فهيَ بنوة حقيقية فريدة أكدها الكتاب المقدس مرارًا وتكرارًا "الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب" (يو1: 18) وأوضح الكتاب المقدس أنها بنوة متصلة فالابن في الآب، والآب في الابن لا يفترقان قط، والروح القدس روح الآب والابن معًا.
والأمر الغريب أنهم يقبلون البنوات السابقة رغم أنها بنوات ليست جسدية، وعندما نقول نحن أن المسيح ابن الله بحسبما علمنا الإنجيل، يتهموننا بأننا كفرة ومشركين لأننا جعلنا لله ولدًا وصاحبه، ونحن أبرياء من كل هذه الاتهامات.
ويقول القديس "البابا كيرلس السادس": "إن أبوة الله للمسيح ليست كما يظن البعض بجهالة من قبيل أبوة الله لجميع البشر، لأن آدم قد سُمى ابن الله (لو 3: 28) ونحن ندعو الله أبانا الذي في السموات (مت 6: 9) ولكن ما أبعد الفرق بين بنوة المسيح لله وبنوة الإنسـان لله، تلك بنـوة طبيعية، وهذه نسبية. تلك بنوة حقيقية، وهذه بنوة مجازية. فالمسيح سُمى ابن الله للدلالة على أنه من طبيعة الله وجوهره، أمَّا الإنسان فحاشا أن يكون ابنًا لله بالطبيعة والجوهر، وإنما بنوته بالفضل والإنعام كقول الكتاب المقدس {أمَّا كل الذين قبِلُوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون بِاسمه} (يو 1: 12) وإن كان السيد المسيح له المجد قد سمى نفسه بابن الإنسان أو ابن البشر فهو من قبيل الاتضاع، ولأنه لبس صورة الناس في تجسده المنيف (في 2: 6).. فلنحذر يا أحبائي الضلالات، ولا نخلط بين بنوة الناس عامة لله، وبين بنوة المسيح الخاصة والوحيدة والفريدة لله، فبنوة المسيح تعني أن المسيح الذي ظهر في العالم هو بعينه الله الظاهر في الجسد، فقد قال له المجد: {الذي رآني فقد رأى الآب} (يو14: 9) والآن يا أحبائي وإكليل ابتهاجي في يوم ربنا يسوع المسيح، مجدوا الله وسبحوه وانشدوا مع الملائكة قائلين: {المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة} (لو 2: 14) هللوا مع كل الخليقة لأن رب الأنام شاء أن يفتقد الإنسان بخلاصه فنزل من السماء وتمشى بيننا، ولو كان ظهر لنا بلاهوته علنًا لاحترقنا وفنينا إذ قال: {الإنسان لا يراني ويعيش} (خر 33: 20) لهذا فقد كلمنا في ابنه وأخفى لاهوته في جسم بشريته، وعلمنا وسائط الخلاص وتمم بذاته فداءنا، لينقلنا إلى ملكوته السمائي" (80).
_____
(79) الله واحد أم ثالوث ص 99 ـ 103.
(80) أورده نشأت زقلمه ـ معنا دائمًا ص 33، 34.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/trinity-and-unity/christ-son-of-father.html
تقصير الرابط:
tak.la/2ym2j49