St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   divinity-of-christ
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أسئلة حول ألوهية المسيح - أ. حلمي القمص يعقوب

101- ما هي فلسفة عقيدة أريوس؟

 

س63: ما هي فلسفة عقيدة أريوس؟

 

ج: نستطيع أن نقول أن عقيدة أريوس عقيدة فلسفية أكثر منها دينية، تحاول تبرير المواقف التي يصعب على العقل إدراكها، وتحاول الإجابة على التساؤلات العقلية، وهي تستخدم في هذا الآيات منفردة ومنفصلة ومنسلخة عن سياقها، ومثيلاتها، وقد أودع أريوس معظم أفكاره العقيمة في "الثاليا" التي كتبها، ومعناها مأدبة أدبية، وقد كتبها بأبيات منظومة يوضح فيها إن الابن مخلوق وليس من طبيعة الآب. كما يظهر أريوس نفسه أنه رجل تقي يتبع الآباء القديسين ويدافع عن مجد الله، ويظهر نفسه على أنه يتمتع بعواطف شجية في حديثه عن الله فيقول مثلًا " بحسب إيمان مختاري الله... عارفي الله... أبناء قديسين... ذوي التعاليم الشرعية الثابتة... حاصلين على روح الله القدوس... أنا نفسي تعلمت هذا... من حكمة المشاركين... السابقين... عارفي الله. حسب كل أقوال الحكماء... أتيت أنا مقتفيًا أثر كل هؤلاء... وأنا ذو السمعة الحميدة... متمشي بنفس العقيدة... ومتحمل كثير من أجل مجد الله... بنفس حكمة الله... إلخ. "

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Arius the Heretic. صورة في موقع الأنبا تكلا: آريوس المهرطق أو الهرطوقي.

St-Takla.org Image: Arius the heretic.

صورة في موقع الأنبا تكلا: آريوس المهرطق أو الهرطوقي.

ومن أشهر الأخطاء اللاهوتية التي سقط فيها أريوس ما يلي:

أولًا : أعتقد أريوس بأن الآب خلق الابن، وبالابن خلق كل شيء، فالله الآب في نظر أريوس هو الروح الأعظم المنزَّه عن المادة، أما الابن فهو الذي خلق العالم المادي، والابن في نظر أريوس ليس أزليًا بأزلية الآب لأنه مرَّ وقت لم يكن للابن وجود، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وقال أريوس في ثاليا " لم يكن الله أبًا في كل حين " كما قال "لأن الله كان وحده، ولم يكن هناك الكلمة والحكمة بعد... من ثمَ فعندما أراد الله أن يخلصنا، فإنه عندئذ قام بصنع كائن ما وسماه اللوغوس والحكمة والابن. كي يخلقنا بواسطته" (87). ومعنى إن الآب ولد الابن في نظر أريوس أي خلقة في زمن معين وقال أريوس "لا ولادة في اللاهوت". وقد ردَّ القديس أثناسيوس على قول أريوس بأن الله الآب منزَّه عن المادة قائلًا "أما إن كانوا يقولون إن الله يستنكف أن يخلق الأشياء الأخرى، ولهذا فقد صنع الابن فقط، وسلم خلقة الأشياء الأخرى للابن كمساعد، فإن هذا يكون غير لائق بالله، لأن ليس عند الله كبرياء، وهؤلاء يخجلهم الرب عندما يقول {أليس عصفوران يباعان بدرهم وواحد منها لا يسقط على الأرض بدون إذن أبيكم} (مت 10: 29) وهو الذي في السموات؟ ويقول أيضًا".. تأملوا طيور السماء. أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها... فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدًا في الأتون يلبسه الله هكذا.." (مت 6: 25 - 30).

 

 فإن لم يكن من غير اللائق بالله أن يعتني بأصغر الأشياء إلى هذه الدرجة، مثل شعرة الرأس، والعصفور، وعشب الحقل، فإنه لا يكون من غير اللائق أن يخلق هذه الأشياء لأن الأشياء التي هي موضع عنايته، هي نفسها التي يكون هو خالقها بكلمته الذاتي.." (88).

 

 ورد أيضًا القديس أثناسيوس على قول أريوس بأن الله الآب خلق الابن لكيما يخلصنا حيث قال في ثاليا " الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك الكلمة والحكمة... ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصًا وهو الذي دعاه الكلمة والابن، وذلك لكي يخلقنا بواسطته" (راجع المقالة الأولى ضد الأريوسيين 1: 5) أي إن الهدف الأساسي في نظر أريوس هو خلقة الإنسان، والابن خُلِق من أجل تحقيق هذا الهدف، فرد عليه القديس أثناسيوس قائلًا "فبحسب كلامكم يظهر أولًا أن الابن قد جُعِل من أجلنا، ولسنا نحن من أجله، بمعنى أننا لم نُخلَق لأجله ولكنه قد صُنِع من أجلنا، وبذلك يكون هو مدينًا بالفضل لنا ولسنا نحن المدينين له... وهكذا فنحن صورة الله، وقد صرنا من أجل مجده. أما الابن فيكون - على أساس كلامكم - صورتنا وأنه وُجِد من أجل مجدنا، ونحن قد جُعلنا لكي نوجد. أما كلمة الله -حسب اعتقادكم- فإنه لم يُجعَل ليكون أداة لأجل احتياجنا حتى أننا لم نتكون منه بل هو الذي قد تكوَّن من احتياجنا. أليس الذين يفكرون بهذه الأفكار يفوقون كل جنون وحماقة" (89).

 

 كما رد القديس أثناسيوس على قول أريوس بأن الابن مخلوق فأورد الآيات الكثيرة التي تظهر أزلية الابن ثم قال للأريوسيين " إذًا فيا محاربي الله، فإن الابن لم يصر من القدم، ولا يُحسَب في عداد المخلوقات إطلاقًا، بل هو صورة الآب وهو الكلمة، ولم يكن قط غير موجود، بل هو موجود على الدوام، وهو الشعاع الأزلي لنور هو أزلي. لماذا إذًا تتخيلون أن هناك أزمنة سابقة على الابن؟! ولماذا تجدفون على الكلمة بأنه لاحق وتالي للدهور وهو الذي به صارت الدهور، لأنه كيف يوجد زمن أو دهر إطلاقًا بينما لم يكن الكلمة قد ظهر بعد حسبما تقولون أنتم وهو الذي به قد {كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء واحد} (يو 1: 3)" (90) كما قال أيضًا " إن الذين يعتقدون أنه {كان هناك وقت عندما لم يكن الابن موجودًا} أنهم يسلبون الله كلمته، ويعلّمون بمذاهب معادية كلية لله معتبرين أن الله كان في وقت ما بدون الكلمة الذاتي وبدون الحكمة، وكان النور في وقت ما بدون بهاء، وكان النبع جافًا مجدبًا... فأنهم بذلك ينسبون لله نقص الكلمة (أي عدم العقل) وبذلك فأنهم يكفرون كفرًا شنيعًا" (91).

 

 وأيضًا يوضح القديس أثناسيوس الأمر أكثر فأكثر فيقول " إن كان يقال عن الله (الآب) أنه ينبوع حكمة وحياة كما جاء في سفر أرميا {تركوني أنا ينبوع الحياة الحيَّة} (أر 2: 13).. وقد كُتب في باروخ {أنكم قد هجرتم ينبوع الحكمة} (باروخ 3: 12) وهذا يتضمن أن الحياة والحكمة لم يكونا غريبين عن جوهر الينبوع، بل هي خاصة له، ولم يكونا أبدًا غير موجودين، بل كانا دائمًا موجودين. والآن فإن الابن هو كل هذه الأشياء (الحياة والحكمة) وهو الذي يقول {أنا هو الحياة} (يو 14: 6) وأيضًا {أنا الحكمة ساكن القطنة} (أم 8: 12) كيف إذًا لا يكون كافرًا من يقول {كان وقت ما عندما لم يكن الابن فيه موجودًا؟} لأن هذا مثل الذي يقول تمامًا كان هناك وقت كان فيه الينبوع جافًا خاليًا من الحياة ومن الحكمة، ولكن مثل هذا الينبوع لم يكن ينبوعًا. لأن الذي لا يلد من ذاته لا يكون ينبوعًا.

 

 يا لكثرة السخافات... فبينما إن الذي يقال عنه، والذي هو في الحقيقة ينبوع الحكمة، يتجاسر هؤلاء ويجدفون عليه قائلين أنه عقيم ومجدب من حكمته الذاتية. إلاَّ أن أقوالهم هذه الصادرة عنهم إنما أقوال زائفة، أما الحقيقة فتشهد بأن الله هو الينبوع الأزلي لحكمته الذاتية، ولما كان الينبوع أزليًا فبالضرورة يجب أن تكون الحكمة أزلية أيضًا. لأنه من خلال هذه الحكمة خُلقت كل الأشياء. كما يرتل داود في المزامير {كلها (أي الأعمال) بحكمة صُنعت} (مز 104: 24) ويقول سليمان الحكيم {أسَّس الله الأرض بالحكمة وبالفهم هيأ السموات} (أم 3: 10).

 

 ونفس هذه الحكمة هي الكلمة " وبه " كما يقول يوحنا {خُلقت كل الأشياء وبغيره لم يُخلَق شيء واحد} (يو 1: 3) وهذه الكلمة هو المسيح، لأنه يوجد {إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له. ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به} (1 كو 8: 6) فإن كانت كل الأشياء قد خُلقت به، فهو لا يمكن أن يكون بين جميع هذه الأشياء... أما الابن نفسه فمثله مثل الآب، وهذا الابن هو مولود الآب الذاتي من جوهره، وهو كلمته الذاتي وهو حكمته الذاتية... لأنه إن لم يكن الابن موجودًا قبل أن يُولَد فلا يكون الحق موجودًا في الله دائمًا، وليس من الصواب أن نقول مثل هذا القول، لأنه بما إن الآب كائن بالحق موجود فيه دائمًا، الذي هو الابن الذي قال {أنا هو الحق} (يو 14: 6)" (92).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا : قال أريوس إن الابن ليس إلهًا حقيقيًا بل هو إله بالنعمة لأنه ليس من نفس طبيعة الآب، فيقول في ثاليا " الكلمة ليس إلهًا حقيقيًا، وحتى إن كان يُدعى إلهًا لكنه ليس إلهًا حقيقيًا، وإنما هو إله بمشاركة النعمة مثل جميع الآخرين، وهكذا فإنه يسمى إلهًا بالاسم فقط. وكما إن جميع الكائنات غريبة عن طبيعة الله ومختلفة عنه في الجوهر، هكذا الكلمة أيضًا يعتبر غريبًا عن جوهر الآب وذاتيته ومختلفًا عنه، بل هو ينتمي إلى الأشياء المخلوقة والمصنوعة، وهو نفسه أحد هذه المخلوقات" (93).

 

 وأعتقد أريوس أن معرفة الابن لآب لم تكن كاملة لأنه ليس من نفس طبيعة الآب فيقول في ثاليا " الكلمة لا يستطيع أن يرى أو أن يعرف أباه تمامًا وبصورة كاملة، ولكن ما يعرفه وما يراه، فإنه يعرفه ويراه بقدر طاقته الذاتية، مثلما نعرف نحن أيضًا بقدر طاقتنا الذاتية" (94).

 

 ويؤكد أريوس أن السيد المسيح لم يكن إلهًا حقيقيًا بل هو إله بالمشاركة، وليس هو الكلمة الحقيقية الوحيد للآب فيقول "المسيح لم يكن إلهًا حقيقيًا، بل هو نفسه صار إلهًا بالمشاركة، والابن لم يعرف الآب معرفة تامة، والكلمة لم ير أباه بصورة كاملة، والكلمة لم يفهم ولم يعرف أباه على وجه الدقة، ولم يكن هو نفسه الكلمة الحقيقية الوحيد للآب، ولكن بالاسم فقط. يدعى كلمة وحكمة، وهو بالنعمة فقط يدعى ابنًا وقوة. وهو ليس غير قابل للتغيير مثل الآب، ولكنه متغير بالطبيعة كالمخلوقات، وهو قاصر عن إدراك معرفة الآب إدراكًا كاملًا" (95).

 

 وقال أريوس إن الابن لم يكن يعي جوهر نفسه إنما كان يعتمد على النعمة الإلهية، فيقول في ثاليا " إن الابن ليس فقط لا يعرف تمام المعرفة، إذ هو يعجز عن هذا الإدراك، بل إن الابن نفسه لا يعرف حتى جوهره الخاص به" (96).

 

St-Takla.org Image: Arius the heretic (256-336), was a Christian presbyter in Alexandria, Egypt of Libyan origins - from "History of the Church and Heretics" book, Volume I, by Gottfried Arnold, Romeyn de Hooghe, Sebastiaan Petzold, 1701. صورة في موقع الأنبا تكلا: أريوس المهرطق، الكاهن السكندري من أصل ليبي (256-336) - من صور كتاب "تاريخ الكنيسة والهراطقة"، ج1، تأليف: جوتفرايد أرنولد، رومين دي هوغ، سيباستيان بيتزولد، إصدار 1701 م.

St-Takla.org Image: Arius the heretic (256-336), was a Christian presbyter in Alexandria, Egypt of Libyan origins - from "History of the Church and Heretics" book, Volume I, by Gottfried Arnold, Romeyn de Hooghe, Sebastiaan Petzold, 1701.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أريوس المهرطق، الكاهن السكندري من أصل ليبي (256-336) - من صور كتاب "تاريخ الكنيسة والهراطقة"، ج1، تأليف: جوتفرايد أرنولد، رومين دي هوغ، سيباستيان بيتزولد، إصدار 1701 م.

 وأساء أريوس فهم كلام المزمور " أحببت البر وأبغضت الإثم.." (مز 45: 7) فقال إن الابن كان قابلًا للتغيير وكان قابلًا للسقوط في الخطية، فيقول في ثاليا عن الآية " وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع الكائنات. هكذا أيضًا الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس إرادته المطلقة، طالما أنه يرغب في أن يبقى صالحًا... حينئذ عندما يريد فإنه في استطاعته هو أيضًا أن يتحول مثلنا حيث أن طبيعته قابلة للتغيُّر " وقد أخذ أريوس هذا الفهم الخاطئ من بولس الساموساطي الذي أدعى أن السيد المسيح كان يتطوَّر نحو الكمال.

 

 ويمكن تلخيص الفكر الأريوسي السابق في النقاط الآتية:

1- أن الابن ليس إلهًا حقيقيًا بل إلهًا بالنعمة والمشاركة.

2- معرفة الابن للآب غير كاملة.

3- إن الابن لم يكن يعرف جوهر ذاته ولا يعي نفسه.

4- الابن قابل للتغيُّر والتحويل.

 

ومن خلال دراستنا السابقة يسهل جدًا الرد على هذا الفكر الأريوسي وذلك لضيق الوقت وتجنب التكرار، فمن دراستنا للقب السيد المسيح أنه هو الله نجد الرد على النقطة الأولى، ومن دراستنا لصفتي المعرفة الكاملة، وعدم التغيُّر للسيد المسيح نجد الرد على بقية النقاط، ونكتفي هنا بتوضيح القديس أثناسيوس لكلمات المزمور "أحببت البر وأبغضت الإثم" حيث يقول "وأما الآية الواردة في المزمور "أحببت البر وأبغضت الإثم" (مز 45: 7) فهي ليست مثلما تفهمونها أنتم (أيها الأريوسيون) أنها تبين أن طبيعة اللوغوس متغيرة، بل بالأحرى فإنها تعني أن اللوغوس غير متغير. لأنه بما أن طبيعة المخلوقات متغيرة والبعض تعدوا الوصية، والبعض الآخر قد تمردوا، كما سبق أن قيل، فإن أعمالهم ليست أكيدة، بل يحدث كثيرًا أن ذلك الذي هو صالح الآن، يتحوَّل بعد ذلك ويصير شيئًا آخر، فمثلا هذا الذي يكون الآن عادلًا، فبعد قليل يكون ظالمًا، لذا أيضًا كان هناك احتياج إلى واحد متغير، لكي يحصل البشر على عدم تغيُّر بر اللوغوس، كصورة ومثال لأجل تحقيق الفضيلة. لأنه بما إن الإنسان الأول آدم (1 كو 15: 45) تعرض للتغيُّر وبسبب الخطية دخل الموت إلى العالم (رو 5: 12) من أجل هذا وجب أن يكون آدم الثاني غير متغيّر، حتى ولو ظلت الحية تزاول عملها، فإن خداعها يضعف. أما الرب فلكونه غير متغيّر وثابت، تصير الحية عاجزة في مساعيها ضد الجميع...

 

 ومن الصواب إذًا، فإن الرب الذي هو دائمًا - بحسب طبيعته غير متغيّر - وهو الذي يحب البر ويبغض الإثم... لأن اللوغوس الذي هو كلمة الله إنما هو غير متغيّر، وهو مستمر دائمًا في حالة واحدة، ليس كيفما أتفق، بل هو مثل الآب. لأنه كيف يكون مثله إن لم يكن هو نفسه كذلك؟ أو كيف يكون كل ما هو للآب، هو للابن أيضًا (أنظر يو 16: 15) إن لم يكن للابن صفة عدم تغيُّر الآب ودوامه..؟ لكونه إله وكلمة الآب، فهو قاض عادل ومحب للفضيلة، وبالأحرى هو مانح الفضيلة. إذًا هو عادل وقدوس بطبيعته، فلهذا يُقال أنه يحب البر ويبغض الإثم (أنظر أش 61: 8) وهذا يعادل القول القائل أنه يحب الصالحين ويعينهم أما الظالمون فإنه ينفر منهم ويبغضهم، لأن الكتب المقدَّسة تقول نفس القول عن الآب " الرب عادل ويحب العدل" (مز 11: 7) و" يبغض كل فعلة الإثم" (مز 5: 6) " وأحب أبواب صهيون أكثر من جميع مساكن يعقوب" (مز 87: 2) " وأحب يعقوب وأبغض عيسو" (ملا 1: 2، 3) وفي أشعياء كان صوت الرب أيضًا قائلًا "أنا هو الرب محب العدل ومبغض الاختلاس الناتج عن الظلم" (أش 61: 8).. فإنهم أساءوا تفسير هذه الأقوال كتلك أيضًا، فإنهم سيضطرون إلى القول إن الآب هو متغيّر أيضًا... لهذا فإننا نفكر بالصواب بقولنا إن "الله يحب العدل ويبغض الاختلاس بالظلم" وهذا لا يعني أنه له ميل تجاه الواحد أو تجاه الآخر، ويقبل ما هو مضاد، لدرجة أنه يفضل هذا ولا يفضل ذاك، فهذه هي سمة المخلوقات، بل يعني أنه كقاض، يحب الأبرار ويعينهم ويعزف عن الأشرار. وتبعًا لهذا إذًا، ينبغي أن نفكر بمثل هذه الأفكار عن (الابن) " صورة الله " أيضًا فإنه هكذا يحب ويكره، لأن هذا ما يجب أن يكون عليه طبيعة الصورة مثل طبيعة الآب، حتى ولو كان الأريوسيون -لأنهم عميان- لا يرونها ولا يرون شيئًا آخر من الأقوال الإلهية" (97)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: قال أريوس إن الأقانيم منفصلة ومتباعدة لأن لكل أقنوم جوهره المختلف عن جوهر الآخر، فيقول في ثاليا " وإن كل من الآب والابن والروح القدس، جوهره منفصل عن الآخر حسب الطبيعة، وإنهم مقسَّمون ومتباعدون وغرباء عن بعضهم البعض، وليس لهم شركة أحدهم مع الآخر" (98).

 

وجاء في ثاليا أيضًا "إن جوهر الأقانيم الثلاثة الآب والابن والروح القدس من جهة طبيعتها منفصلة عن بعضها وغريبة عن بعضها ومتميزة " كما أدعى أريوس أيضًا أن الأقانيم متميزة عن بعضها في الكرامة فقال "وكل أقنوم في الثالوث أكرم وأمجد من الآخر بالتسلسل، وهذا التدرج في المجد والكرامة هو إلى ما لا نهاية".

 

ورد القديس أثناسيوس على هذا الفكر الأريوسي قائلًا بأنه لو كان الابن خُلِق من العدم، فإذًا الثالوث كان قبل خلقة الابن ناقصًا ثم أكتمل، ومعنى هذا إن الثالوث يقبل الإضافة أكثر فأكثر، فيقول "وهكذا يكون الثالوث في وقت ما ناقصًا، ثم في مرة أخرى يكون كاملًا، فيكون ناقصًا قبل صيرورة الابن، ويكون كاملًا حينما صار الابن، وهكذا أيضًا تحسب الخليقة (الابن) مع الخالق (الآب) والذي لم يكن موجودًا في وقت ما (الابن) يحسب مساويًا مع الله الذي هو كائن على الدوام...

 

وهكذا يكون طبيعيًا أنه يمكن أن ينال إضافة جديدة، ويستمر (في نوال الإضافة) بلا نهاية، كما حدث مرة في البدء وأتخذ أصله بطريق الإضافة، فلا يكون هناك إذًا شك أنه يمكن أن يحدث فيه تناقص" (99).

 

والآن نطرح بعض الأسئلة التي أثارها الأريوسيون والرد عليها على قدر المسافة المتاحة، ونرجئ البقية إلى فصل المنوعات:

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(87) الشهادة لألوهية المسيح للقديس أثناسيوس الرسولي ص 17.

(88) المقالة الثانية ضد الأريوسيين ص 45، 46.

(89) المقالة الثانية ضد الأريوسيين ص 51.

(90) الشهادة لألوهية المسيح ص 32.

(91) الشهادة لألوهية المسيح ص 34.

(92) الشهادة لألوهية المسيح ص 41 - 44.

(93) المرجع السابق ص 18.

(94) الشهادة لألوهية المسيح ص 19.

(95) المرجع السابق ص 23.

(96) المرجع السابق ص 19.

(97) الشهادة لألوهية المسيح - المقالة الأولى ص 95 - 97.

(98) الشهادة لألوهية المسيح ص 19.

(99) المرجع السابق ص 38، 39.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/divinity-of-christ/arius-philosophy.html

تقصير الرابط:
tak.la/8m3mz27