الفصل العشرون: الثيؤصوفية
تعتبر "هيلينا بترونا بلافاتسكي" Helena Patroona Blavatsky (1831 – 1891م) هي مؤسسة مذهب الثيؤصوفية، وقد ولدت هلينا في بلدة " أكستراسلفا " في روسيا من عائلة نبيلة، ولكن حياتها لم تكن طبيعية، ففي سن السابعة عشر تزوجت من الجنرال فلافتسكي البالغ من العمر سبعين عامًا، ولم يدم زواجها منه أكثر من ثلاثة أشهر. ثم عادت وتزوجت من غلام صغير لم يتعدى السادسة عشر من عمره، فهرب منها ليلة الزفاف كالمجنون، وخلال المدة من 1848 – 1857م أقامت في بيتها في " نيفر " صالة للعب القمار.
ثم قامت هلينا بزيارة إلى التبت (نيبال حاليًا) وتعلمت أسرار ممارسات وعقائد المهاتما. ثم جاءت إلى مصر وفي سنة 1871م أقامت في القاهرة جمعية لتحضير الأرواح، فخدعت البسطاء وسلبت أموالهم بطريقة ناعمة مما أسقطها في متاعب جمة، ثم قامت بزيارات مختلفة لعدة دول حيث عملت كوسيطة روحية، وفي سنة 1873م سافرت إلى أمريكا وعاشت هناك خمس سنوات، فالتقت سنة 1875م بالكولونيل " هنري ستيل اليكوت " المحارب القديم في الحرب الأهلية فتتلمذ على يديها، وكذلك التقت مع " وليم كوين جدج " وشكل الثلاثة المجتمع الثيؤصوفي الأول، وعندما أقامت في نيويورك دعت بيتها باسم Lamasery أي " الدير " بلغة أهل التبت.
وفي سنة 1979 م سافرت هلينا إلى الهند وإختارت " آديار " Adyar في ضاحية مدراس لتكون مقرًا لحركتها الثيؤصوفية، ومزجت هلينا الهندوسيَّة بتحضير الأرواح، وأعلنت أنها تلقت اتصالات شفوية وأيضًا رسائل مكتوبة من المهاتمات، والمهاتمات هم مجموعة منتقاة من الوسطاء الذين عاشوا حياة الزهد والتقشف والتأمل في بلاد التبت حتى وصلوا إلى مرحلة الاستنارة. وكان لهم حرية الدخول إلى مرحلة السعادة المطلقة (النرفانا) ولكنهم اختاروا البقاء في العالم، واختاروا هلينا كوكيل عنهم، فكانوا على اتصال بها، وكشفوا لها عن كل شيء يخصهم، وهي بدورها لم تحفظ السر لنفسها بل أعطته للعالم كله، وأقامت هلينا مذبحًا في منزلها للمهاتما. وقد تمتعت هلينا بمظهر جذاب وشخصية جذابة، حتى أنها جذبت إليها الكثير من المشاهير مثل جورج برناردشو، وتوماس أولسون، ووليم تبلر، وجواهر لال نهرو وذلك بالواجهة البراقة التي وضعتها لمذهبها، فهي تقدم صورة مشرقة متسامحة متحررة للتفكير العلمي، ومحاولة تكوين مجتمع أخوي عالمي، وتسعى لاستجلاء القوى النفسية الكامنة داخل الإنسان وكذلك القوى الروحية، ومحاولة الوصول إلى مرحلة السعادة المطلقة " النيرفانا ".. كانت هذه الواجهة البراقة التي وضعتها هلينا للثيؤصوفية، بينما عاشت هي حياة فاسدة تتعاطى الحشيش ولها مزاج حاد، ولم تكتفِ بالزواج مرتين بل كان لها علاقات كثيرة، وأنجبت طفلًا من الخطيئة، وعاشت حياة الكبرياء حتى أنها قالت " إن البشر في كل أرجاء العالم تلتفت لمجرد همساتها، وتطيع بأذانها مترقبة كل ما تقوله " (163) واتهمها كثيرون بأنها امرأة شريرة ساحرة ومُنوّمة مغناطيسية ودجالة ومشعوذة، وقررت " جمعية الأبحاث السيكلوجية " بأن ادعاءات هلينا تفقد المصداقية لدرجة عظيمة، وكادت شهادة هذه الجمعية الصادقة أن تحطم هذه المذاهب.
وفي خلال إقامة هلينا بلندن إلتقت مع " إني وود باسنت " Annie Wood Basant التي كانت متزوجة من أحد رجال الإكليروس الإنجليزي وطُلقت منه، وكانت باسنت سيدة ملحدة تنكر وجود الله، وتتمتع بذكاء كبير، فاندمجت مع هلينا، وقامت بتأسيس الكلية المركزية الهندوسيَّة في الهند سنة 1898م. أما هلينا التي خطفت الأضواء في المجتمع الأمريكي، وعاشت كرحالة عالمية وأجادت العديد من اللغات، فقد انتهت حياتها في ألمانيا كإنسانة مريضة بائسة دجالة وقد هجرها معظم أتباعها، وعقب موتها شب صراع بين ورثتها " هنري ستبل اليكوت " من ناحية، ومن الناحية الأخرى " وليم كوين صدع " الذي كان يرأس فرع الولايات المتحدة، وفي سنة 1907م قبل موت هنري قال أنه تلقى رسالة من مهاتما Mahatmas يعلن بها أن السيدة " إني وود باسنت " هي التي ستحل محله في قيادة الحركة الثيؤصوفية، وكانت باسنت قد أعلنت سنة 1906م بأن ابنها بالتبني " كرشنا مورتي " هو المسيا المنتظر، وصدقها أتباعها حتى سنة 1931م عندما رفض الإبن كرشا مورتي لقب المسيا المنتظر، فقالت " أن كل البشر يصبحون مسحاء " (164) ولم يتمتع قادة الثيؤصوفية الشيطانية بحياة نقية، بل ساد بينهم الانقسامات والأزمات، وانزلقوا إلى تحضير الأرواح، وكما كانت رئيستهم هلينا هكذا صاروا هم.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
أما أهم كتب الثيؤصوفية فهي:
1- كشف النقاب عن إيزيس أو إطاحة اللثام عن إيزيس Isis Unveiled الذي وضعته هلينا فلافتسكي، وتحاول فيه ربط الديانات المختلفة كمحاولة لإرساء الأسس لدين عالمي موحد.
2- العقيدة السرية The Secret Doctrine، وقد وضعته هلينا أيضًا، ووُجِدت نسخة منه في بيت سرحان بشارة الذي اغتال الرئيس الأمريكي الأسبق كيندي.
3- الكتاب الكوني Cosmosgenesis.
4- التكوين الإنساني Anthropogenesis.
5- الحكمة القديمة Ancient Wisdom ووضعته مسز باسنت.
6- محيط الثيؤصوفي Ocean of theo الذي كتبه جورج ألن.
7- في خطوات السيد At the feet of the Master الذي كتبه ليدير بيتر.
8- الثيؤصوفية الأولية Elementary theo الذي كتبه ك. روجر.
وجميع هذه الكتب مقتبسة من الجذور الهندوسيَّة مثل الفيداس Aedas والأوباينشاد Upenishad والبهجوات جيتا Bhagawad - Gita (راجع رأفت زكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 183).
من أهم مبادئ الثيؤصوفية ما يلي:
1- يعتبر الله في الثيؤصوفية أمرًا مجهولًا وغير مميَّز، فهو مبدأ إلهي عالمي موجود في الكون والإنسان، وهو أصل كل شيء وسينتهي إليه كل شيء.
2- يفرقون بين المسيح كلقب وبين يسوع كشخص، فالمسيح عندهم مجرد رتبة روحية تقود الناس للسمو الروحي، وقد شغل المسيح جسد يسوع على مدار ثلاث سنوات، فالمسيح ليس إنسانًا إنما هو المبدأ الإلهي في كل كائن بشري، وقد أعطى المسيح تعاليمًا تصلح لأن تكون قاعدة لدين عالمي مثلما علَّم بوذا وكونفشيوس وأفلاطون وفيثاغورس.
3- يحتوي الكون على مجموعة آلهة حلولية، ثم مجموعة آلهة من الدرجة الثانية، ثم " دافس " وهم الملائكة في الهندوسيَّة.
4- يتطور الإنسان وكذلك الأرض في سبع مستويات، فالأرض في الدورة الرابعة، والإنسان في جذور الدورة الخامسة.
5- يعتقد الثيؤصوفيون بتناسخ الأرواح، وإن الإنسان يعود للتجسد عدة مرات.
6- يتساوى الإنسان مع الله لأن كل البشر آلهة، فالله داخلك وصوتك هو صوته، وكتب " كرشنا مورتي " إبن مسز باسنت بالتبني يقول " لأنك أنت الله، وإنك ستكون فقط ما يريده الله. عليك أن تحفر في أعماقك لتجد الإله الذي بداخلك، وأن تصغَى لصوته، الذي هو صوتك " (165).
7- يعتبر الثيؤصوفيون أن البوذيَّة هي أصل كل الديانات ويؤمنون بالكتب البوذيَّة.
8- يعتقدون أن الجسم البشري يتكون من سبعة أجزاء:
أ – جسد سماوي Divine Body.
ب - جسد حيوي Manadis Body.
ج - جسم وهمي بديهي Intuitional Body.
د - نفس بشرية مادية حيوانية Physical Body.
هـ- عقل ذهني Mental Body.
و – نفس روحانية نجمية Isteral Body.
ز – نفس بروح عالية Spirituyal Body.
9- للثيؤصوفية مجموعة من الرموز تتكون من نجمة داود داخلها علامة الحياة عند قدماء المصريين والتي ترمز للخصوبة، والصليب المعكوف والذي يرمز للشمس والحظ، وكلمة السنكرسيته Om التي تعني التوحد والتفرد البوذي.
10- يدعو الثيؤصوفيون السماء ديفاكان Dvachan، ويدعون النار كامالوكا Kamaloka، ويعتبرون أن النار نوع من المطهر، فالإنسان يمكث فيها فترة محدودة لكيما يتطهر من خطاياه السالفة ثم يخرج منها لكيما يحل في جسد جديد في حركة إعادة التجسد، وأن الإنسان لن يمكث في النار إلى الأبد.
وقد ظهرت مبادئ الثيؤصوفية في حركة العصر الحديث New age Movement كما سنرى فيما بعد.
_____
(162) رأفت زكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 191، 192.
(163) رأفت زكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 184.
(164) رأفت زكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 193.
(165) رأفت زكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 188.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/crooked-denominations/theosophy.html
تقصير الرابط:
tak.la/3m8smjj