St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   crooked-denominations
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المذاهب الحديثة المنحرفة - أ. حلمي القمص يعقوب

1- الماسونية

 

الفصل الأول: الماسونية

 

 تنتشر الماسونية بمحافلها وفروعها السرية في شتى أنحاء العالم وقد وصل أعضاؤها إلى نحو ستين مليونًا، وتعتبر الماسونية من أضخم وأغنى الهيئات، ولذلك تجذب إليها أعضاء من جميع ديانات العالم ممن يعانون من البطالة، أو ممن يبحثون عن الأمور المثيرة والمغامرات غير المحسوبة ولاسيما أن الماسونية تتمير بالغموض الشديد والسرية التامة، وأيضًا يسعى إليها من يبحثون عن المراكز الاجتماعية المتميزة، ولا تقبل الماسونية النساء في عضويتها، فجميع أعضائها من الرجال، بشرط أن يؤمن من يريد الانضمام إليها بالكائن الإلهي مهما كان هو، سواء كان الله أو غيره من آلهة الأمم، وأيضًا أن يؤمن بأن الروح ستخلُد. كما أنه يلتزم بسداد اشتراك رسم العضوية والذي يصل في المحفل الكبير إلى 10 % من قيمة الدخل كحد أدنى.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 وخلال حديثنا المختصر عن الماسونية، دعنا يا صديقي نتناول النقاط الآتية:

أولا: الماسونية والسرية.

ثانيًا: تاريخ الماسونية.

ثالثًا: فئات وطرق ودرجات الماسونية.

رابعًا: طقس افتتاح المحفل السنوي.

خامسًا: طقس الانضمام للماسونية.

سادسًا: ارتباط الماسونية بالصهيونية.

سابعًا: ارتباط الماسونية بالثورة الفرنسية.

 ثامنًا: مبادئ الماسونية.

 

أولًا: الماسونية والسرّية

 تُعرّف دائرة المعارف البريطانية في طبعتها سنة 1981م الماسونية بأنها " أكبر جمعية سرّية في العالم " فهي جمعية عالمية سرّية يكتنفها الغموض الشديد، لا يُعرَف منها إلاَّ الجانب الظاهري فقط بأنها جمعية خيرية مبنية على شعار " الحرية والمساواة والأخوة " فهي جمعية بحسب قولهم تهدف إلى سعادة الإنسان، وأنها بعيدة عن الأديان، وتعتبر أن كل إنسان مستقيم عضوًا فيها " فليُعلم أن الماسونية تَعِدُّ كل مستقيم السيرة والسريرة عضوًا فيها ولو لم يأخذ عهدها، وهي لا تقبل في أحضانها إلاَّ من أتاها مختارًا " (5) وبهذا استطاعت الماسونية أن تجتذب إليها عددًا كبيرًا من رجال الأدب والفكر والزعماء السياسيين ورؤساء الدول.

 أما نص القسم الذي يتلوه الماسوني كما أورده الأستاذ محمد على الزغبي في كتابه " الماسونية منشئة ملك إسرائيل " فقد جاء فيه " أقسم بمهندس الكون الأعظم ألاَّ أفشي أسرار الماسونية ولا علاماتها وأقوالها ولا تعاليمها وعاداتها، وأن أصونها مكتومة في صدري إلى الأبد... أقسم بمهندس الكون الأعظم ألاَّ أخون عهد الجمعية وأسرارها، لا بالإشارة ولا بالكلام ولا بالحروف، وألاَّ أكتب شيئًا عن ذلك ولا أنشره بالطبع أو بالحفر أو بالتصوير، وأرضى –إن حنثت في قسمي– أن تُحرق شفتاي بحديد ملتهب، وأن تُقطَع يداي ويُحَز عنقي، وتُعلَق جثتي في محفل ماسوني ليراها طالب آخر ليتعظ بها، ثم تُحرَق جثتي ويذر رمادها في الهواء، لئلا يبقى أثر من جنايتي ".

 

St-Takla.org         Image: The Masonic Square and Compasses, (found with or without the letter G) صورة: رمز أو شعار الماسونية - المربع والفرجار، ويظهر بحرف جي أو بدونه

St-Takla.org Image: The Masonic Square and Compasses، (found with or without the letter G).

صورة في موقع الأنبا تكلا: رمز أو شعار الماسونية - المربع والفرجار، ويظهر بحرف جي أو بدونه.

 أما الطقوس الماسونية ومبادئها وسياساتها فهي من الأمور الغامضة جدًا، فجاء في الفصل السابع والثلاثين من كتاب "القوة الخفية" لمؤلفه عوض بك الخوري ص 245 على لسان أحد كبار الماسونيين الذي يقول " على الرغم من علو منزلتي ودرجتي السامية في الماسونية، لم أكن أعرف من أين تأتينا أوامر عالية بإجراءات مختلفة، ولا غيري من رؤساء المحافل كان يعرف مصدرها الأول، فجميع هؤلاء الرؤساء مقيدين بأوامر تأتيهم بصورة غامضة مبهمة فمن أمثلة ذلك... " بموجب أوامر عالية ينبغي علينا أن نسعى لعمل كذا، تقيدوا بهذه الأوامر واحرصوا على تنفيذها ".. ومنها " بأوامر يمنع القانون تعريف مصدرها، يجب عليكم وعلى سائر الأخوان كذا... ".. ثم رحت أندب وأرثي كلمة "حر" التي أتخذها الماسونيون نعتًا لهم، الأمر الذي جعل من الأفضل حذفها من المعاجم والقواميس حتى لا تطلق على غير معناها، أعني على من يدعى " حر " وينتسب إلى الحرية ويدَّعيها، في حين أنه عبد مُكرَه على طاعة مولاه الخفي الغاشم في كل ما يأمره به، شرًا كان أو له مظهر الخير، والعبد يعرف سيده أما نحن –الماسونيين– فلا نعرف من يأمرنا، ومع ذلك علينا أن نطيعه طاعة عمياء " (6).

 

 والماسوني يستطيع أن يتعرف على أي إنسان ماسوني آخر في العالم مهما كانت لغته، وذلك عن طريق المصافحة، فالماسوني يضغط بإبهامه على يد الإنسان الآخر في المسافة الواقعة بين الإبهام والسبابة، فلو وجد تجاوبًا علم أنه ماسوني مثله (د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 12، 13) أما إذا كان الشخصان يتكلمان لغة واحدة فإنهما يتبادلان بعض الألفاظ التي تبدو عادية، ولكنها تحمل معاني خفية لا يدركها إلاَّ الإنسان الماسوني.

 

 والأمر المدهش أن الماسونية لها فعل السحر في جذب الحكام والأثرياء ورجال الفكر إليها، حتى أنه إلى وقت قريب كان ملوك إنجلترا وأمراؤها ورؤساء الولايات المتحدة وكثير من رؤساء الدول الأوربية كانوا أعضاء شرف في هذه الجماعة، ولذلك فإن الماسونية تُعتبر جماعة أرستقراطية تبحث عن الجاه والمال والسلطة بغض النظر عن الأخلاق والسلوك والآداب، ولذلك فلا عجب أن تجد في سجلات الماسونية أسماء أناس انتسبوا إليها وهم أصحاب أفكار هدامة مثل:

" 1- كرومويل الدموي الذي قام بأضخم ثورة بإنجلترا وقتل الملك جيمس الأول كان ماسونيًا ومن غلاة المتطهرين.

2- جزارو الثورة الفرنسية روبسبيبر، ومارا، ودانتون كانوا من أعضاء الشعلة البافارية المنبثقة من الماسونية.

3- فردريك عاهل بروسيا، وبسمارك من بعده، وهما رجلا الحديد والدم كانا من زعماء الماسونية.

4- مكيافيلي السياسي الإيطالي المنحرف مؤلف كتاب "الأمير" الذي يعتبر سبة في جبين المبادئ والمثل العليا كان كذلك.

5- جاريبلدي مؤسس جمعية الكاربونيري الإيطالية الهدامة كان ماسونيًا.

6- الخديوي توفيق والملك فؤاد والأمير محمد على ولي عهد المملكة المصرية كانوا من زعماء الماسونية في الشرق " (7)

 

وإن كانت الماسونية قد تخلت عن العنف في الظاهر ولاسيما عندما كُلِفَّ " ريتشار هيوارد " الماسوني بتنفيذ حكم الإعدام في الكابتن " وليم مورجان " سنة 1826م وترتب على هذه الحادثة استياء كثير من الماسونيين حتى انصرف نحو 40 % من ماسوني شمال الولايات المتحدة عنها، لكن الماسونية ليست بريئة من الدماء، فهي وراء الثورة الفرنسية كما سنرى، وأيضًا الجمعية الماسونية الفرنسية قد لعبت دورًا بارزًا في إشعال الثورة سنة 1908م في تركيا على يد كمال أتاتورك الذي أطاح بالسلطان عبد الحميد الثاني الذي رفض عروض هيرتزل زعيم اليهود بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، وقد تكون المحفل الماسوني في الدولة العثمانية بواسطة اليهود.

والبلد الوحيد الذي تعمل فيه الماسونية بحريتها هو الولايات المتحدة الأمريكية، فالمحافل الماسونية تُؤسَّس بموافقة السلطات الحكومية، ومع ذلك فإنها تعمل بنفس السرية والغموض، فهي جمعيات ذات أسرار دفينة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Polychrome bust of Niccolò Machiavelli (perhaps modelled on the death mask of Machiavelli). - Museum of Palazzo Vecchio Palace (Other names: Palazzo della Signoria, Palazzo del Popolo, Palazzo dei Priori, Palazzo Ducale), Florence (Firenze), Italy. The building dates back to the 13th nd 14th centuries. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال نصفي متعدد الألوان يصور نيقولا مكيافيلي (ربما تم تصميمه على غرار قناع الموت لمكيافيلي). - صور متحف قصر فيكيو (أسماء أخرى: بالاتزو ڤيكيو، بالاتزو ديلا سينوريا، بالاتزو ديل بوبولو، بالاتزو دي بريوري، بالاتزو دوكالي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع تاريخ المبنى إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 سبتمبر 2014 م.

St-Takla.org Image: Polychrome bust of Niccolò Machiavelli (perhaps modelled on the death mask of Machiavelli). - Museum of Palazzo Vecchio Palace (Other names: Palazzo della Signoria, Palazzo del Popolo, Palazzo dei Priori, Palazzo Ducale), Florence (Firenze), Italy. The building dates back to the 13th nd 14th centuries. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 28, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال نصفي متعدد الألوان يصور نيقولا مكيافيلي (ربما تم تصميمه على غرار قناع الموت لمكيافيلي). - صور متحف قصر فيكيو (أسماء أخرى: بالاتزو ڤيكيو، بالاتزو ديلا سينوريا، بالاتزو ديل بوبولو، بالاتزو دي بريوري، بالاتزو دوكالي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع تاريخ المبنى إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 سبتمبر 2014 م.

ثانيًا: تاريخ الماسونية

 توجد أكثر من أثنى عشر نظرية في تاريخ الماسونية، فالماسونيون يحاولون أن يجدوا جذورًا لهم في أعماق التاريخ، لدرجة أن بعضهم أدعى أن الماسونية ترجع إلى الله المهندس الأعظم، وحينذاك كان الكون كله يشكّل المحفل الماسوني، وميخائيل كان الأستاذ الأول، ونظرية ثانية ترجع بالماسونية إلى أبونا آدم الماسوني الأول، والفردوس كان هو محفل أو هيكل الماسونية، ونظرية ثالثة تعود بالماسونية إلى الفكر اليوناني، فيعتبرون " صولون " المصلح، و"كاليس" رجل الحساب، و"فيثاغورس" و"أقليدس" علماء الهندسة من أشهر رجالها، ففيثاغورس اليوناني الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد في منف وطيبة أكثر من خمسة وعشرين عامًا، وبرع في علم الرياضيات وعلوم ما وراء الطبيعة كان قد أنشأ جمعية سرية تستخدم الرموز والأعداد، ولذلك تعلقت به الماسونية أكثر من غيره واعتبرته أنه نبي أوحى له، وذلك رغم اعتقاده بتناسخ الأرواح، والتنجيم. ونظرية رابعة ترجع بالماسونية إلى الحضارة المصرية القديمة فيقولون أنه كان هناك جمعية لاهوتية أنشأها كهنة قدماء المصريين يرجع تاريخها إلى سنة 4000 ق.م. لعبادة الإله "رع"، وتكريم خلفاؤه على الأرض أوزيريس وإيزيس وحورس ، ولذلك بنوا لهم أفخم المعابد، ونظرية خامسة ترجع بالماسونية إلى سنة 43 م. في عصر الملك هيرودس أغريباس حفيد هيرودس الكبير، وذلك أنه كان هناك تسعة أشخاص من اليهود المتعصبين وعلى رأسهم هذا الملك، وأيضًا مستشاره حيرام (وهو غير حيرام الذي أشترك في أعمال النحاس بهيكل سليمان) كونوا جمعية لمقاومة المسيحية "جمعية القوة الخفية" واستخدمت هذه الجمعية بعض الرموز والمصطلحات المتعلقة بهيكل سليمان حتى تُحرِض اليهود على الاشتراك في عضويتها، ويقول نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس "ويقال إن إنشاء هذه المنظمة السرية كان بغرض القضاء على المسيحية الناشئة ومحاربتها سرًا... وإن الذين أنشأوها هم رؤساء كهنة اليهود وعلى رأسهم قيافا وحنان في أيام السيد المسيح، وهذا يفسر لماذا كانت هذه المنظمة سرية، ولماذا كانت درجاتها ثلاثًا وثلاثين درجة، وهي بعدد سنوات حياة السيد المسيح في الجسد" (8).

 

ونظرية سادسة وهي الأقرب للتصديق أنه كان هناك جماعة من البنائين الأحرار FREE MASONS قد تخصَّصوا في بناء الكاتدرائيات، فكانوا يسافرون من بلد إلى بلد لهذا العمل، وقد اعتادوا على كتمان أسرار مهنتهم، فلم يقبلوا أحدًا من الدخلاء للعمل معهم واكتساب أسرار المهنة، إنما كانوا يتوارثونها من جيل إلى جيل، وكان هؤلاء العمال يقضون أوقات راحتهم في أماكن خاصة من مواقع العمل يناقشون مشاكلهم وأسرارهم فكانت بمثابة نقابات مهنية ومراكز اجتماعية في آن واحد، ودعوا هذه الأماكن المحافل وعندما توقف بناء الكاتدرائيات كونوا "جمعية البنائيين" وقبلوا في عضويتها أعضاء شرف لا يعملون في حقل التشييد والبناء، ومن هنا جاءت التسمية MASONS وفي الإنجليزية FREE MASONS وفي الفرنسية "فرانك ماسون". كما أطلقوا على مكان تجمع الأعضاء "محفل"، ومن رموز الماسونية المثلث والفرجال والمطرقة والأزميل والرافعة وهي من أدوات البناء، وأيضًا من رموز الماسونية المسطرة والمقص والنجمة السداسية والأرقام 3، 5، 7.

 

 ونستطيع أن نقول أنه خلال القرن الثامن عشر انتشرت من المحفل البريطاني الأعظم المحافل الماسونية في كثير من دول العالم، فأُنشئ أول محفل ماسوني في جبل طارق سنة 1728م، وفي باريس سنة 1732م، وفي ألمانيا سنة 1733م، وفي البرتغال سنة 1735م، وفي سويسرا سنة 1745م، وفي هولندا والدنمرك سنة 1745م، وفي الهند سنة 1752م، وفي إيطاليا سنة 1763م، وفي بلجيكا سنة 1765م، وفي روسيا سنة 1771م، وفي السويد سنة 1773م، وكذلك انتشرت المحافل الماسونية في أمريكا في نفس القرن الثامن عشر، وبحلول سنة 1907م وصل عدد المحافل العظمى في أمريكا إلى ما يزيد عن خمسين محفلًا تضم أكثر من مليوني عضو أمريكي، وفي سنة 1952م وصل عدد المحافل الماسونية في العالم إلى 9000 محفل (راجع د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 24 – 26).

 

الماسونية في مصر: دخلت الماسونية إلى مصر مع الحملة الفرنسية، واختفت بعد إغتيال " كليبر "، ثم عادت للظهور في منتصف القرن التاسع عشر، يغذيها تدفق الأجانب إلى أرض مصر. أما عن أقدم محفل ماسوني في القاهرة فيرجع تاريخه إلى سنة 1798م وهو " محفل ايزيس " الذي أنشئ بعد حملة نابليون. ثم أنشئ " محفل ممفيس " سنة 1838م، و" محفل الأهرام " سنة 1845م، و" محفل نهضة اليونان " في الإسكندرية في 9 نوفمبر سنة 1863م، و" محفل النيل " سنة 1868م ثم " محفل نور مصر " الذي كان أول محفل يتكلم أعضاؤه اللغة العربية، وتم تشكيل " الهيئة الماسونية المصرية الجديدة " باسم " الشرق الأعظم الوطني المصري " سنة 1876م فأصبحت كل المحافل المصرية الماسونية تابعة له، وأُنتخب " سوليتوري زولا " رئيسًا له، وفي سنة 1887م أُنتخب الخديوي توفيق رئيسًا له، ويقال أن الشيخين جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده كانا من الأعضاء المعجبين بالفكر الماسوني (موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية تأليف الدكتور عبد الوهاب محمد المسيري ص 352) (9)، ومن الكتَّاب الماسونيين في مصر " شاهين مكاريوس " اللبناني الذي أصدر مجلة " اللطائف " في مصر لمدة خمسة وعشرين عامًا سنة 1886 – 1910م وتوقفت بوفاته. كما وضع عدة كتب عن الماسونية وهي " الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية "، و" الآداب الماسونية "، و" الفضائل الماسونية "، و" تاريخ الماسونية ". ثم أصدر ابنه إسكندر شاهين مجلة " اللطائف المصورة " لمدة تزيد عن عشر سنوات، وفي سنة 1942 أصدر حسين شفيق مجلة " الأيام " الماسونية، ومن الذين انضموا للماسونية الزعيم الشعبي سعد زغلول، وكذلك عدلي يكن. وبينما كان أهل الشام والعراق ينظرون للماسونية على أنها تهمة وشر، فإن النظرة للماسونية في مصر كانت تتميز بالاحترام، فيقول شاهين مكاريوس أن البسطاء في بلاد الشام والعراق كانوا يشتمون بعضهم البعض "يا إبن الكافر... يا إبن الفرمسوني " (أي يا إبن الماسوني) وظلت الماسونية تتمتع بالحرية والاحترام في مصر، حتى تنبهت لها الحكومة المصرية فأصدرت أمرًا بإغلاق محافلها في شهر أبريل سنة 1964م، ووُضِع النادي الماسوني الإنجليزي تحت الحراسة، وظهر أنه كان على علاقة مع إسرائيل، وبعد أن أغلقت الحكومة المصرية المحافل الماسونية حذت حذوها الدول العربية، ففي سوريا ولبنان كانت هناك المحافل الماسونية التابعة لمحفل " الشرق الأعظم " الفرنسي، وفي العراق والأردن وفلسطين والكويت والبحرين كانت المحافل الماسونية فيها تتبع " المحفل الأكبر " الإنجليزي (راجع د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 26، 36).

 

 وفي سنة 1964م تم إغلاق المحافل الماسونية في مصر بسبب رفضها الخضوع لتفتيش وزارة الشئون الاجتماعية، وفي مارس سنة 1974 أصدر المؤتمر الإسلامي العالمي المنعقد في مكة تحت رعاية الملك فيصل خلال المدة من 14 – 18 ربيع الأول سنة 1394 هـ (مارس 1973م)، واشترك في المؤتمر 140 وفدًا تمثل جميع الدول والأقليات الإسلامية في العالم، وجاء في القرار الحادي عشر النص التالي " الماسونية جمعية سرية هدامة لها صلة وثيقة بالصهيونية العالمية التي تحركها وتدفعها لخدمة أغراضها، وتنتشر تحت شعارات خداعة كالحرية والإخاء والمساواة وما إلى ذلك، مما أوقع في شباكها كثيرًا من المسلمين، وقادة البلاد، وأهل الفكر. وعلى الهيئات الإسلامية أن يكون موقفها من هذه الجمعية السرية على النحور التالي:

1- على كل مسلم أن يخرج منها فورًا.

2- تحريم انتخاب أي مسلم ينتسب إليها لأي عمل إسلامي.

3- على الدول الإسلامية أن تمنع نشاطها داخل بلادها وأن تغلق محافلها وأوكارها.

4- عدم توظيف أي شخص ينتسب لها، ومقاطعته مقاطعة كلية.

5- فضحها بكتيبات ونشرات تباع بسعر التكلفة " (10).

 

أسماء أخرى للماسونية: بعد انكشاف الوجه القبيح للماسونية في كثير من الدول، اتخذت عدة أسماء وأشكال أخرى تعمل خلالها، مثل " الأليانس " وهو الإتحاد الإسرائيلي العالمي الذي تأسَّس في فرنسا سنة 1860م بهدف تشجيع اليهود على الهجرة إلى أرض فلسطين، وأندية " الروتاري " التي أسَّسها المحامي " بول هاريس " مع مجموعة من الماسونيين سنة 1905م في شيكاغو، وانتشرت حتى سنة 1968 في 147 دولة، وبعض هذه الأندية قصرت عضويتها على الماسون فقط، وأندية " الليونز " التي أنشأها محام أيضًا في مدينة شيكاغو سنة 1917م، وبلغ عدد أعضاءها حتى سنة 1994م نحو مليون ونصف شخص يتبعون أربعة آلاف ناد في أنحاء مختلفة من العالم، ومنها في مصر عشرة أندية للرجال وخمسة للسيدات واثنان للأشبال، وكانت هذه الأندية قد أُغلقت سنة 1962م وأعيد فتحها سنة 1975م. وتعمل الماسونية أيضًا من خلال جماعة "بناي بريث" أي أبناء العهد التي أسسها يهودي ألماني في هامبورج سنة 1843م، وصار الرئيس أيزنهاور عضوًا مؤازرًا لها، ونشطت هذه الجماعة في الدفاع عن حقوق اليهود وإغاثتهم من الكوارث التي يتعرضون لها، وبعد قيام دولة إسرائيل قدمت لها المساعدات الطبية والملابس والمعدات... إلخ. (راجع د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 61 – 67).

 

 ويذكر الدكتور أحمد شلبي في كتابه " اليهودية... مقارنة الأديان " أن أندية الروتاري هي صورة من صور الماسونية التي تدعو لرفض الحماس الديني والوطني ولذلك جاء شعارهم " الأديان تفرقنا، والروتاري يجمعنا " وتتفق أندية الروتاري مع الماسونية في أن أبوابها ليست مفتوحة للجميع، إنما تسعى لضم مشاهير المجتمع، وإن كان ظاهرها الاهتمام بالشئون الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع وإلقاء المحاضرات والخطب، ولكن هدفها الخفي هو اندماج اليهود بالمجتمع باسم الإخاء والود.

 

 وقد أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر بيانًا نُشر في الصحف المصرية يهاجم ويفضح أندية " الروتاري " و" الليونز " التي تسعى للقضاء على الأديان، وتشجع على الفوضى الأخلاقية. كما كتبت الصحفية " صافيناز كاظم " مقالًا تناشد كل المواطنين الشرفاء بالاستقالة من هذه النوادي المشبوهة، فإن الكثيرين من أعضائها حسني النية، ولكنهم اغتروا بالواجهات البراقة والشعارات الطنانة لهذه الأندية.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: فئات وطرق ودرجات الماسونية

 يمكن تقسيم الماسون إلى ثلاث فئات، فالفئة الأولى تشمل السادة الموجهين الذين يرسمون السياسات ويخططون للمستقبل، وأكثرهم من اليهود، والفئة الثانية تشمل الانتهازيون الذين يعرفون أهداف الماسونية ويقبلونها بسبب أطماعهم الشخصية رغم تعارضها مع الإيمان والإنسانية والوطنية. أما الفئة الثالثة وهي الفئة العريضة وهي تشمل الذين يجهلون تمامًا أهداف الماسونية الخفية.

 وللماسونية عدة طرق منها طريقة "ممفيس" التي ادعى أتباعها الذين أتوا إلى مصر أن الحضارة الفرعونية قد سحرتهم وملأت قلوبهم رهبة وجلالًا، ولذلك إستخدموا رموز هذه الحضارة، وفي سنة 1784م أُنشئ أول محفل ماسوني في باريس على الطريقة الفرعونية المصرية، ودعوا طقس المكرَّسين والعاملين طقس "مصرايم"، وأنشأوا محفلًا ماسونيًا تحت اسم قداسة الأهرام، ونادى محفل لونوار سنة 1842 م بضرورة العودة للحضارة المصرية القديمة، وقالوا أن طريقة ممفيس " مؤسَّسة على ذكريات عزيزة لمصر القديمة الخالدة، وأن في إحيائها إحياء للتاريخ المصري المجيد، وفي تثبيتها تثبيت للقومية المصرية، وأنها تفعم قلب المصري فخرًا بأمته وتحيي في نفسه شعوره بالعزة بأصله، وأنها خير أداة للتربية الوطنية المصرية الصحيحة " (11). واستطاعت هذه الطريقة جذب عددًا كبيرًا من محبي الحضارة الفرعونية في مصر والخارج.

 

 وهناك الطريقة الأسكتلندية القديمة التي كانت متبعة في الشرق الأوسط حتى سنة 1960م حيث تقسم الماسونية إلى ثلاثة وثلاثين درجة تضم الأقسام الآتية:

1- الماسونية الزرقاء أو الرمزية: وتشمل الثلاث درجات الأولى، فأولًا " المبتدئ " Apprentice، وثانيًا " الشغال " Fellow of Graft، وثالثًا " الأستاذ " Master Mason.

2- الماسونية الحمراء أو الفرسان: وتشمل الدرجات الخمسة عشر من رقم 4 إلى رقم 18، والبعض يدعو الدرجة الثانية عشر بالعقد الملكي.

3- الماسونية السوداء أو الفلسفية: وتشمل الاثني عشر درجة التالية من 19 – 30.

4- الماسونية البيضاء أو الإدارية: وتشمل الدرجات الثلاث الأخيرة من 31 – 33.

وكل درجة من الدرجات السابقة الثلاثة والثلاثين لها دراستها، وكلمة السر الخاصة بها، فكلما ترقى الماسوني في الدرجات كلما عرف عدد أكبر من كلمات السر، وكلما حصل على رتب أعلى ونياشين أقيم، فهناك الرتب الفخرية التي تنتهي جميعها بصفة " أعظم " وهذا يعكس روح الكبرياء التي تفشت في الماسونية، فهناك " أستاذ أعظم فخري "، وأيضًا " منبه أول أعظم فخري "، و" خبير أعظم فخري "، و" حامل سيف أعظم فخري "، و" حامل علم أعظم فخري "، و" حامل كتاب أعظم فخري "، و" موسيقي أعظم فخري "، و" مهندس أعظم فخري "، و" مدير أعظم فخري "، و" خازن أعظم فخري "، و" حارس أعظم فخري "، ومن الألقاب الماسونية: الكلي الاحترام، والفائق الاحترام، والرئيس المحترم، والأخ الشغال، والأخ المبتدئ، ومن النياشين الماسونية: النيشان الماسي الذي يُمنح لرؤساء الدول والحكومات ومن يحمل لقب " حامي أعظم للماسونية " وهناك النيشان الذهبي من الدرجة الأولى، والثانية، والثالثة، وكل نيشان له شريط من الحرير الأخضر للخدمات العامة، ومن الحرير الأحمر للخدمات الماسونية، ومن الحرير الأزرق للتبرع المالي، ومن الحرير الذهبي للخدمات الثقافية، والمحافل الأسكتلندية مثلها مثل المحافل الألمانية التي ترفض قبول اليهود في عضويتها، وكذلك ترفض المحافل الأمريكية قبول الزنوج في عضويتها، وهذا يوضح لنا عنصرية بعض المحافل.

 

 وذكرت دائرة المعارف البريطانية أن درجات الماسونية الثلاث والثلاثين تقسَّم إلى ثلاثة أقسام هي:

1- المحفل الأزرق: ويشمل الثلاث درجات الأولى. ويمثل الماسونية الزرقاء.

2- طقس يورك: ويشمل العشر درجات التالية من الرابعة حتى الثالثة عشر.

3- الطقس الأسكتلندي: ويشمل العشرين درجة التالية من 14 – 33 (راجع رأفت زكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 157).

 

ويذكر الدكتور أحمد شلبي الأستاذ السابق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة في كتابه " اليهودية... مقارنة الأديان " أن مراتب الماسونية ثلاث هي:

1- الماسونية الرمزية: ويدخل فيها أتباع الديانات المختلفة، وهم يباشرون طقوس الماسونية دون أن يفهموا مغزاها، ويظل العضو قانعًا بالمبادئ الظاهرية من الحرية والمساواة والإخاء، وأيضًا سعيدًا بما يناله من عون من الأعضاء الآخرين، وداخل هذا القسم ثلاث وثلاثون درجة يترقى فيها العضو بناء على إخلاصه واقتناعه بالماسونية وتعاليهما.

2- الماسونية الملوكية: وأكثر أعضائها من اليهود، ويطلق عليهم الرفقاء، ولا يسمح لشخص غير يهودي بالدخول فيها إلاَّ إذا كان قد جاز الماسونية الرمزية بدرجاتها.

3- الماسونية الكونية: وجميع أعضائها من اليهود، ويطلق عليهم الحكماء، ورئيسهم يدعونه " الحكيم الأعظم " ويعتبر هو مصدر السلطات لجميع المحافل الماسونية.

وجاء عن فرق الماسونية المختلفة في مجلة الشباب عدد 237 شهر أبريل 1997م ما يلي " تُقسَّم الماسونية من حيث التنظيم إلى ثلاث فرق، الأولى: الماسونية الرمزية العامة وهي ذات 33 درجة بمعنى أن العضو يبدأ بالدرجة الأولى ويحوز لقب " الأخ " ويظل يترقى حتى الدرجة الثالثة والثلاثين فيحصل على لقب " الأستاذ الأعظم " وقد سميت هذه الفرقة بالرمزية لاستخدام الرموز في جميع طقوسها، وسميت العامة لأنها مفتوحة للجميع على اختلاف شعوبهم ودياناتهم. أما الفرقة الثانية فهي " الماسونية الملوكية " أو " العقد الملكي " وهي رتبة أعلى من عضوية المنظمة تقتصر على الخاصة (وفي رواية أنهم جميعًا من اليهود) من الحائزين على درجة 33 الرمزية من قبل وأدوا خدمات جليلة، وهؤلاء يحملون لقب " رفيق " لهذا قيل أن هناك صلة بين الماسونية والشيوعية في أول عهدها. والفرقة الثالثة هي " الماسونية الكونية " وهي مرتبة غارقة في الإبهام والغموض حتى لا يعرف لمباشرة نشاطها مقر، ولا لنظامها تقاليد معروفة، وأعضاؤها يمثلون رؤساء المحافل في الماسونية الملوكية ".

 ويقول د. إبراهيم عباس عن الفرقتين الثانية والثالثة " 2- المرتبة الثانية (الماسونية الملوكية) أهداف هذه المرتبة تدور حول احترام اليهودية، وتقديسها، وإعادة بناء الهيكل، وامتلاك اليهود لفلسطين وجعلها وطنهم القومي. وأكثر أعضاءها من اليهود، ويُطلق عليهم الرفقاء (جمع رفيق) ولا يسمح لغير اليهود بالدخول فيها إلاَّ لمن وصل إلى أرقى درجة في المرتبة الأولى. 3- أما المرتبة الثالثة (الماسونية الكونية) فلا يصل إليها إلاَّ الضالعون في اليهودية، ومهمة أعضاء هذه المرتبة، إدارة كل حركة من حركات الهدم والتخريب والفوضى السياسية والاجتماعية بشتى الطرق والوسائل في مختلف بقاع الأرض، ويُقال بأن أعضاء هذه المرتبة وعددهم أثنى عشر عضوًا وهم الذين صاغوا " بروتوكلات حكماء صهيون " (12).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رابعًا: طقس إفتتاح المحفل الماسوني

 يحق لكل سبعة ماسونيين تشكيل محفلًا ماسونيًا يمكن أن يصل أعضاءه إلى خمسين عضوًا، ويعقد المحفل اجتماعًا دوريًا كل خمسة عشر يومًا، حيث يرتدي الأعضاء ثوبًا أسود طويلًا أو بزة قاتمة اللون، ويضعون في أيديهم قفازات بيضاء، ويزينون صدورهم بشريط عريض، ويربطون على خصورهم مآزر صغيرة، وللماسونيين طقس غريب في افتتاح المحفل الخاص بهم وإغلاقه، وهم يركزون في تصرفاتهم على العدد ثلاثة مثلما ركزوا في شعارهم على نفس العدد (الحرية والمساواة والأخوة) ويمكن عرض جانب بسيط من هذا الطقس... فعند افتتاح المحفل من الدرجة الأولى يكون هناك ثلاثة أشخاص وهم الرئيس المحترم، والمنبه الأول، والمنبه الثاني، بالإضافة إلى الحارس الداخلي والحارس الخارجي، ويتناوبون الطرقات مع الأسئلة والأجوبة، وفي كل مرة يسبق السؤال أو الإجابة ثلاث طرقات، فمثلًا يبدأ الرئيس المحترم بالطرقات الثلاث قائلًا: أيها الأخوان ساعدوني على فتح المحفل.

فيقف الجميع، ويوجه الرئيس سؤال للمنبه الثاني: يا أخي المنبه الثاني... ما هو أول واجب على كل بناء حر؟

المنبه الثاني: أن يشاهد المحفل مغلقًا منيعًا.

الرئيس: تحقق من ذلك يا أخي.

فينادي المنبه الثاني الحارس الداخلي طالبًا منه التحقق من أن المحفل مُغلق منيع، فيدق الحارس الداخلي باب الهيكل من الداخل ثلاث طرقات، ويجيبه الحارس الخارجي بثلاث طرقات وهلم جرا...

ثم يسأل رئيس المحفل المنبه الأول: يا أخي المنبه الأول... ما هو ثاني واجب في المحفل؟

المنبه الأول: أن نتحقق من أنه لا يوجد إلاَّ البناؤون الأحرار.

فيسأل الرئيس المنبه الثاني: أين مكان الحارس الخارجي؟

المنبه الثاني: خارج باب المحفل.

الرئيس: وما هي واجباته؟

المنبه الثاني: أن يرد بسيفه كل متطفل وخائن للبنائيين الأحرار، وأن يتحقق أن الطلاب مُجهزون حسب الأصول المتبعة.

ثم يسأل رئيس المحفل المنبه الأول: أين مكان الرئيس المحترم؟

المنبه الأول: في الشرق، لأنه لما كانت الشمس تطلع من الشرق فتضئ النهار لذلك كان مكان الرئيس المحترم في الشرق ليضئ المحفل ويعلم الأخوان طريقة البنائيين الأحرار.

وأخيرًا يعلن الرئيس المحترم افتتاح المحفل باسم مهندس الكون الأعظم، ويدق بمطرقته ثلاث طرقات، فيرد عليه بالتوالي بطرقات مماثلة المنبه الثاني ثم المنبه الأول ثم الحرس الداخلي وأخيرًا الحرس الخارجي. والذي يريد أن يدخل إلى الهيكل يخطو ثلاث خطوات منتظمة، ويعطي لرئيس الجلسة ثلاث إشارات مختلفة، وبعد انتهاء الجلسة هناك طقس مماثل لإنتهاءها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خامسًا: طقس الانضمام للماسونية

 يقول نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي " والمعروف عن الماسونية أنها ليست مفتوحة لكل من يرغب في عضويتها، فإذا أراد أحد أن ينضم إليها لابد أن يذكيه واحد أو أكثر من واحد من أعضاء المنظمة، ويظل تحت الفحص لمدة عام يتحرون عنه ويتثبتون من أهليته للانضمام إليهم، ومن أخلاقياته ومن أمانته واتزانه، وقدرته على الكتمان للأسرار... وفي يوم معين يجتمعون ويعلنون أن من يوافق على قبوله عضوًا في محفلهم يضع في وعاء انتخابه بلية (Bile) أي كرية – كرة صغيرة – بيضاء ومن لا يوافق لنقيصة يعلمها عنه يضع في الوعاء بلية سوداء. أما من لا يعرف عنه شيئًا فيضع بلية حمراء... وعند فحص الوعاء، إذا وجدوا بلية واحدة سوداء رفضوا قبوله في عضويتهم، أو أرجأوا قبوله لسنة أخرى " (13)

 يعتقد الماسونيون أن أي إنسان غريب عنهم يعيش في أوهام وأضاليل، فإذا أراد الانضمام إليهم يجب تجريد عقله من هذه الأوهام، وشفاء إرادته من التردد، فإذا ما قومت الماسونية عقل المبتدئ وطوعت إرادته عندئذ ينتقل من الدرجة الأولى " المبتدئ " إلى الدرجة الثانية " الشغال "، وعند ترقية الماسوني من درجة الشغال إلى درجة " الأستاذ " فأنه تجرى له طقوس بطريقة معينة فيها إمتهان غير مباشر لقيامة السيد المسيح، وعند الترقية إلى الدرجة الثانية عشر يقيمون طقسًا يشبه حفل العشاء الأخير الذي صنعه السيد المسيح مع تلاميذه ثم يحولونه إلى حفل غير كريم. أما عن طقس الإنسان المبتدئ فهو طقس مزعج ويجرى كالآتي:

1- يتقدم الأجنبي الجاهل الذي يعيش في الظلام بطلب انضمام للجماعة الماسونية، وعند الموافقة على الطلب يُحَدد له موعد لتكريسه، وعندما يدخل المحفل يسمع من يقول من داخل الهيكل " طالب فقير في حالة الظلام، تم الإقتراع والمصادقة على طلبه في محفل منتظم، أتى الآن بمحض رغبته واختياره، متهيئًا على مقتضى النظام، يسأل المكاشفة بأسرار وفضائل علوم البنائيين الأحرار " (14).

2- يخلع الشخص المبتدئ الجاكت الذي يرتديه ورباط العنق، ويترك كل ما معه من نقود علامة على دخوله للجماعة فقيرًا. ثم يخلع فردة حذاءه اليمين ويلبس بدلًا منها فردة شبشب، ويطوي رجل بنطلونه الشمال حتى الركبة ويفتح قميصه كاشفًا عن صدره ناحية اليسار جهة القلب، ويتم تعصيب عينيه دلالة على أنه كان يعيش في ظلام، ويوضع حول رقبته جلدة أو سلسلة لكي يُجر منها كالدابة علامة الطاعة العمياء.

3- يُجر هذا الشخص إلى قاعة المحفل الماسوني، ويشهر الحارس خنجرًا مدببًا نحو قلبه علامة على استعداده لقبول الموت من أجل الجماعة، وفي رحلة سحبه إلى المحفل يوهمونه بأنهم يجتازون به في كهوف مظلمة ذات دهاليز متعرجة طويلة، ويصعدون به إلى مرتفعات، ويخوضون به في المياه، وفي كل هذا يسمع أصوات مخيفة مثل قعقعة السيوف، وفحيح الأفاعي، واندلاع ألسنة النار... إلخ.

4- ثم يُقاد هذا الشخص إلى رئيس المحفل فيركع أمامه، ويجيب على أسئلته الطقسية، ويتلو القسم الخاص بالحفاظ على سرية الجماعة، وأنه إذا أفشى سرًا من أسرار الجماعة فأنه يستحق العقوبات المنصوص عليها، ومن بنود هذا القسم:

" 1- أقسم قسمًا حقًا بإرادتي واختياري، وأنا بين يدي الله مهندس الكون الأعظم، وفي حضرة هذا المحفل الموقر المنتظم، محفل البنائين الأحرار المقبولين، أن أكتم وأصون جميع الأسرار والرموز الخاصة بالبنائين الأحرار التي ستُعلن إلىَّ الآن وفيما بعد.

2- أتعهد بألا أكتب هذه الأسرار، ولا أطبعها، ولا أنقشها، ولا أدلُّ على أي شيء منها، وأن أمنع ما استطعت من يحاول فعل ذلك.

فيقول له رئيس المحفل: بما أنك أقسمت اليمين فأخبرك أن للبناية الحرة درجات، وأن لكل درجة أسرار يكشفها الرئيس للأخ على قدر استحقاقه وأهليته، وسأطلعك الآن على أسرار هذه الدرجة وإشاراتها، وهي التي يتعارف بها البنائون الأحرار، ويتميزون بها عن سواهم.

ألفت نظرك، أيها الأخ، إلى ضرورة كتمان السر مع الطاعة والإخلاص، فكتمان السر جزء لا يتجزأ من القسم العظيم الذي أقسمته عند دخولك، وهو أن تحرص على الأسرار التي تعلمتها والتي ستتعلمها، وأن تكون حذرًا فلا تقع في أي خطأ بهذا الصدد " (15)

5- تُرفع العصابة عن عيني العضو، وتنزع السلسلة عن عنقه، فقد أصبح عضوًا مبتدءًا في الجماعة الماسونية، ويشعر بنور الماسونية يتبلج أمامه، ويُعرّفونه طريقة المصافحة الخاصة بالجماعة.

6- يمنحون العضو شريط قياس طوله 24 بوصة رمز للأربعة والعشرين ساعة في اليوم لتكريسها للعمل الماسوني، ومطرقة دلالة على قوة الضمير، وإزميل دلالة على فوائد التعليم.

ثم يلقي الأستاذ الأكبر على العضو الجديد خطابًا يشمل قصة حياة مؤسس الماسونية وهو " حيرام " الذي استعان به سليمان الملك في أعمال النحاس الخاصة بالهيكل كما هي واردة في العهد القديم " وأرسل الملك سليمان وأخذ حيرام من صور. وهو إبن امرأة أرملة من سبط نفتالي وأبوه رجل صوري نحَّاس (يعمل في أشغال النحاس) وكان ممتلئًا حكمة وفهمًا ومعرفة لعمل كل عمل في النحاس. فأتى إلى الملك سليمان وعمل كل عمله. وصوَّر العمودين من نحاس... " (1مل 7: 13 – 51) وبعد هذا يحثون العضو الجديد على طاعة قوانين الماسونية طاعة عمياء حتى لو كانت ضد مصالح البلاد العليا.

 ويقول د. ديكسون A. C. Dixon راعي كنيسة مودي في شيكاغو " إني أخجل أن أصف حفل دخول عضو جديد للماسونيين، أحسست إني فقدت كثيرًا من سلطاني وتأثيري لتعرضي للمعاملة المهينة في حفل التكريس، ربما يتقبل إجراءاتها طفل لكي يعبث ويلعب ويمرح، ولكن بالنسبة لدخول رجل بالغ فهذا يُحقرِه ويُهينه، أنه لأمر مذل ومخزٍ حقًا أن يقوم بهذه التصرفات بجانب الأقسام المرعية التي يؤديها " (16).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

سادسًا: ارتباط الماسونية بالصهيونية

 في الوقت الذي أنكرت فيه الماسونية ارتباطها بالأديان فإنها أخذت من الأديان، ولاسيما من اليهودية، فمثلا كل محفل ماسوني يرتكز على ثلاثة أعمدة وهي الحكمة والقوة والجمال، ويأخذ شكل المحفل شكل القبة الزرقاء، وفي مدخل المحفل يوجد عمودا الجمال والقوة، فعمود الجمال يدعى "ياكين" ويُنقَش عليه حرف " G " وهو الحرف الأول من جاكيه، والآخر عمود القوة ويدعى " بوعز " ويُنقَش عليه حرف " B " والعمودان أحدهما أحمر والآخر أبيض وهما يرمزان للشمس والقمر، وتسمية العمودان بياكين وبوعز مأخوذة من العهد القديم.

 ومن ضمن دراسات الدرجة الثانية من الثلاث والثلاثين درجة دراسة خاصة عن مواصفات ياكين وبوعز كما وردا في العهد القديم (1مل 7: 15 – 22) دون ذكر اسميهما صراحة، ولعلهم يعتبرون الأسمين من كلمات السر، كما يضيفون لمواصفات العمودين ما يلي " فوقهما كرتان مخطوط على أحداهما المناطق الأرضية وعلى الثانية الأجرام السماوية، للتدليل بذلك على أن الماسونية عالمية " ويذكرون ضمن دراسات هذه الدرجة الثانية أيضًا قصة انتصار يفتاح الجلعادي على رجال أفرآيم، ومحاولة رجال أفرآيم الهرب، فكان رجال يفتاح يوقفون كل واحد منهم ويسألونه إن كان أفرايمي فإن أنكر يطلبون منه أن ينطق كلمة " شبولت " فإن قال " سبولت " كما هو متعود فأنهم يذبحونه على مخاوض الأردن (قض 12) فأخذ الماسونيون كلمة " شبولت " ككلمة سر تميز الأخ " الشغال " عن غيره ويقولون " ولما كانت كلمة (000) قد استخدمت للتمييز بين الصديق والعدو فقد أتخذها الملك سليمان بعدئذ كلمة للمرور لمحفل الشغالين البنائيين الأحرار، أو ليمنع غير الحائز على درجة الشغال من صعود السلم الحلزوني الموصل إلى القاعة الوسطى " (17).

 كما أخذوا من اليهودية بعض الرموز مثل " الحية " رمزًا للحية النحاسية التي أقامها موسى في البرية كوسيلة شفاء من سم الحيات المحرقة، و" السيف " رمزًا لسيف نحميا الذي كان مع رجاله، فبيد كانوا يبنون أسوار أورشليم وبالأخرى يحملون السيف، و"الرأس" إشارة لرأس جليات التي قطعها داود، ورأس أليفانا التي قطعتها يهوديت، و" الأنوار السبعة " إشارة للمنارة الذهبية ذات السرج السبعة، وأيضًا إشارة للسنين السبع التي بنى فيها سليمان الهيكل، و"المطرقة" إشارة للمطرقة التي استخدمها اليهود في دق المسامير في جسد المسيح، و" الحجر الخام " إشارة للإنسان الأممى الذي لم تصقله الشريعة اليهودية، و"الحجر المصقول" إشارة للإنسان اليهودي، و"النجمة" إشارة للنجمة السداسية رمز دولة إسرائيل، وتتكون النجمة الماسونية من مثلثين أحدهما أبيض يرمز للألوهية والقداسة والقوى الروحية، والمثلث الآخر أسود رمزًا للقوة الأرضية والبشر والعدم، وكل من المثلثين متساوٍ الأضلاع، وفي وسطه عين ترمز للعين الإلهية، وعلى كلٍ فإن المثلث في الماسونية يرمز للحرية والمساواة والأخوة. كما يرمز للحكمة والقوة والجمال، وأيضًا يرمز للولادة والموت والحياة، ويطلق الماسونيون على محفلهم " الهيكل ".

 

 وقد أوضح الحاخام الدكتور " إسحاق دايز " أن الماسونية في الظاهر تبدو وكأنها جمعية أدبية تخدم الإنسانية وتُنوّر الأذهان وتدعو إلى الحرية والمساواة والإخاء، ولكن في حقيقتها هي مؤسسة يهودية، والدليل على ذلك أن هناك أربعة يهود من مؤسسي المحفل الأمريكي سنة 1734م والذي أسَّس المحفل الإنجليزي سنة 1793م كان يهوديًا، ووصل اليهودي الفرنسي السياسي " أدولف كريمييه " سنة 1869م إلى درجة البناء الأعظم.

 كما ارتبطت الماسونية بالصهيونية إرتباطًا شديدًا فقد جاء في مجلة الشرق الصادرة بلبنان العدد 12 للسنة 12 ص 939 " إن مبادئ (الماسونية) الأساسية هي مناوأة يسوع ورجاله، وبعدهم محمد ورجاله، والاحتفاظ بالدين اليهودي دون سواه " (18) ويقول الأستاذ على السعدني في كتابه " أضواء على الصهيونية " أن هناك أمور كثيرة تتفق فيها الماسونية مع الصهيونية منها:

" 1- أن كل منها يرسم في الظلام ويخطط في السر ويعمل وراء الستار ويراقب في الخفاء كما هي عادة المجرمين الذين يفكرون في الجريمة وينفذونها في السر.

2- أن الماسونية والصهيونية وليدة شرعية لليهودية تستمد منها أصولها في التلمود، وتنفذ تعليماته، وتعمل لها في السر والخفاء.

3- تتفق الماسونية مع الصهيونية في عداء كل منهما للأديان غير اليهودية، يجب التذكر هنا إلى أن مُنظِم الماسونية الحديثة الأول – جيمس أندرسون – كان يهوديًا... وفي سنة 1793م أسَّس يهود لندن محفلًا ماسونيًا أطلقوا عليه " محفل إسرائيل " وقد حاول اليهود منذ ذلك الوقت إعادة النظر في تعاليم الماسونية ورموزها وغيروا فيها لتناسب الجو البروتستانتي في بريطانيا والولايات المتحدة... ويعترف مُحرّر مادة " الماسونية " في دائرة المعارف اليهودية مفاخرًا، بأن اليهود هم أول من أدخلوا الماسونية إلى الولايات المتحدة الأمريكية... " (19).

 وفي فلسطين تم إنشاء أول محفل ماسوني "محفل سليمان" وهو تابع لمحفل شرق كندا، وكانت لغته الإنجليزية، وأدير بأصابع صهيونية، وفي الثلاثينات من القرن العشرين كان هناك 19 محفلًا ماسونيًا في فلسطين يتبعون المحفل الأكبر المصري، وبلغت نسبة اليهود في هذه المحافل 85 %، وزاد عدد المحافل حتى وصل سنة 1970 إلى 64 محفلًا تحت رئاسة المحفل الأكبر الذي أنشئ سنة 1953م، ولا ننسى أنه أثناء قيام ثورة فلسطين سنة 1936م وجه المحفل الماسوني الوطني المصري الأكبر النداء التالي إلى أهل فلسطين " يا أهل فلسطين تذكروا أن اليهود هم أخوتكم، وأبناء عمومتكم، قد ركبوا من الغربة، فأفلَحوا ونَجحوا ثم هم اليوم يطمحون للرجوع إليكم لفائدة وعظمة الوطن المشترك العام بما أحرزوه من مال، وما اكتسبوا من خبرة وعرفان... إن العربي والعبري غصنان من شجرة إبراهيم، أبواهما إسحاق وإسماعيل، متى وضع أحدهما يده في يد الآخر اتفقا جميعًا بما لديهما من الوسائل المختلفة، وكان في تعاونهما الخير، وكمال البركة بإذن الله " (20).

 

 وفي سنة 1897 اجتمع مؤتمر بال بسويسرا وضم ثلثمائة من أكبر الحاخامات والأطباء والمحامين ورجال المال والاقتصاد وجميعهم من اليهود برئاسة زعيمهم " تيودور هرتزل " فجرت مناقشات ودراسات لوضع خطة سريَّة مرعبة للسيطرة على سياسة العالم كله شرقًا وغربًا باسم " بروتوكولات حكماء صهيون " وضربوا عليها بسياج كثيف من السرية والكتمان، ولكن في أحد المحافل الماسونية السريَّة الفرنسية استطاعت سيدة فرنسية أثناء اجتماعها بزعيم من أكبر زعماء الماسونية أن تختلس بعض الوثائق السريَّة وتهربها، وإذ هي بروتوكولات حكماء صهيون، وأهتز الكيان الصهيوني في العالم كله محاولًا استرجاع هذه النسخة المفقودة دون جدوى، ووصلت النسخة إلى أحد زعماء روسيا الشرقية وهو "أليكسي نيقولا فيتش" فذعر منها، وسلمها لصديقه العالم الروسي " سيرجي نيلوس " الذي قام بطبعها سنة 1902م، ولكن اليهود التقطوا جميع النسخ من الأسواق وتخلصوا منها، فقام سيرجي نيلوس بطبعها للمرة الثانية سنة 1905م، وللمرة الثالثة سنة 1911م، وفي كل مرة كان اليهود يجمعونها من الأسواق، ولكن المتحف البريطاني أحتفظ بنسخة منها في 10/8/1906م.

وفي سنة 1917 م عندما طبع " سيرجي نيلوس " بروتوكلات حكماء صهيون للمرة الرابعة قام المكتب السياسي بروسيا بمصادرتها. ومع هذا فإنه نتيجة تسرب هذه البروتوكلات إلى بعض الدول، وفزع الزعماء والحكام لما فيها، قاموا بحملة اضطهاد شعواء ضد يهود العالم، وحدثت مذابح كثيرة حتى أنه في إحدى المذابح الروسية قُتِل نحو إحدى عشر ألف يهوديًا، وظل هذا الاضطهاد في روسيا حتى قيام الثورة الشيوعية سنة 1917م فكان هناك أربعة رجال يهود من سبعة رجال بالمكتب السياسي وهم تروتسكي، وكانينيف، وسوكولنكوف، وزينونيف، وكان على رأس المكتب السياسي " لينين " الذي كان متزوجًا بيهودية. كما كان لليهود تواجد كبير في مجلس الثورة والحرب فبلغ عددهم ستة أشخاص من إجمالي خمسة عشر شخصًا، وكما إن مجلس الثورة الذي تولى الحكم بعد نجاح الثورة الشيوعية كان به 469 شخصًا يهوديًا من إجمالي 565 شخصًا، وظل لليهود تواجد في كراسي الحكم في روسيا حتى عهد " ستالين " حيث تضاءل عددهم ثم انعدم.

 وعندما قامت الثورة الشيوعية في روسيا سنة 1917 أرسلت جريدة " المورننج بوست " أحد كبار مراسليها وهو " فيكتور مارسدن " إلى روسيا لنقل أخبار الثورة البلشيفية، وقبل سفره طالع بعض الكتب الروسية في المتحف البريطاني ومنها " بروتوكلات حكماء صهيون " فهاله الأمر، وظل فيكتور ينقل أحداث روسيا بصورة حيَّة، فقبض عليه الروس ووضعوه في سجن بيتر – بول، وكان يتوقع يومًا فيومًا صدور الحكم بإعدامه ولكنهم عفوا عنه، وعاد إلى إنجلترا بجسد عليل، ولكن بسبب عناية زوجته الروسية وأصدقائه المخلصين استعاد صحته، وكان أول عمل قام به هو ترجمة بروتوكولات حكماء صهيون إلى الإنجليزية وطبعها في سنة 1921 خمس مرات، وفي كل مرة تختفي جميع النسخ من الأسواق بأيدي يهودية، ومرض مرضًا قصيرًا ومات في ظروف غامضة (راجع بروتوكولات حكماء صهيون – طبعة مكتبة السائح ببيروت سنة 2000م ص 43 – 48) أما " ستيفن نايت " فقد أصدر كتابه " الأخوَّة " The Brotherhood وقد استقى المعلومات من بعض الأعضاء الماسونيين وكان معظمهم من رجال الشرطة البريطانية، وصرَّح بأن رجال المخابرات السوفيتية قد نجحوا في التسلل إلى شبكة المحفل الماسوني البريطاني وفي شهر يوليو 1985م مات ستيفن عن عمر نحو ثلاثة وثلاثين عامًا في ظروف غامضة (د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 9، 10).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

سابعًا: ارتباط الماسونية بالثورة الفرنسية

 كان الكاتب الفرنسي الساخر " فولتير " من الكتاب الملحدين الماسونيين الذين ألهبوا نار الثورة الفرنسية ضد الكنيسة والملكية، وبسبب هؤلاء الكتاب لم تنشب الثورة في عهد الانحلال أيام الملك لويس الخامس عشر المستبد، إنما نشبت في عهد الملك لويس السادس عشر الملتزم والمتدين، ووزيره المصلح الاقتصادي " نكر " وكانت نتيجة هذه الثورة الدموية إخلاء الكنائس وذبح القسوس والتنكر للخالق، ورفعت الثورة الفرنسية نفس شعار الماسونية " الحرية والإخاء والمساواة "، ونصَّبوا غانية من غانيات باريس " إلهة الحكمة والعقل " وقد اعترف كثير من زعماء الماسونية أنهم كانوا وراء الثورة الفرنسية، فيقول " سيكار دبلوزول " سنة 1913م " تستطيع الماسونية أن تفتخر بأن الثورة (الفرنسية) من فعلها هي " (21) وقد ظلت فرنسا طيلة قرن كامل تعاني من الفوضى والتقلب في نظام الحكم من الملكية إلى الجمهورية إلى الإمبراطورية إلى الملكية إلى الجمهورية بالإضافة للعمل الذي قامت به المقصلة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثامنًا: مبادئ الماسونية

 من أهم مبادئ الماسونية ما يلي:

1- يعترفون بالكائن الإلهي، ولكنهم لا يذكرون اسم " الله " على الإطلاق. إنما يستخدمون اسم " جوته " Goatie وهو اختصار اسم " مهندس الكون الأعظم " The Grand architect وهو الاسم الذي أُطلق على " حيرام " ويرون أن المهم هو إيمانهم بالكائن الأعظم، ولا يهم على الإطلاق من يكون هذا الكائن الأعظم، سواء كان إله المسيحيين، أو براهما، أو بوذا، أو أي قوة كونية أخرى يؤمن بها الإنسان، فبالإضافة إلى إيمانه وإخلاصه للفكر الماسوني فإنه سيُقبل في الملكوت الأبدي.

 

2- الإيمان بتعدد الآلهة، فالسيد المسيح ليس هو المخلص الوحيد للعالم، فهو مثله مثل بوذا Buddha، وفشنو Vishnu، وبلدر Baldur، وأوزيريس Osiris، وأدونيس Adonis... إلخ.

 

3- قبول الأعضاء من جميع الأديان، فجميع الأديان مُوحَى بها من الله حتى الدين الهندوسي، والبوذي، وفي الوقت الذي ينكرون فيه علاقتهم بأي دين، فإننا رأينا إرتباطهم باليهودية. كما جاء في الوثيقة الماسونية " حقيقة الماسونية العالمية وتاريخها " ما يؤيد ارتباط الماسونية بالأديان كافة، فجاء فيها " أن لانتقال الماسونية عبر القرون في البلاد متعددة الثقافات والحضارات، وإتصالها بالفلسفة والعلوم والديانات، أثر كبير في تطورها ونموها واقتباس الكثير من الطقوس والرموز والمبادئ، ويتجمع من هذا كله تراث إنساني ضخم، يجمع بين علم مصر الفرعونية وفلسفة اليونان وحكمة الهند والفرس وأدب الأندلس، وتعاليم أمحوتب وأخناتون والتوراة والإنجيل والقرآن " (22) كما أخذت من المسيحية بعض طقوسها مع تشويهها " فالتكريس " يتم للأخ المتبدئ بصورة مماثلة لتكريس الشماس مع تشويه الصورة كما رأينا من قبل، و"التثبيت" يتم عند إنشاء محفل فرعي جديد وطقسه قريب من طقس تدشين الكنائس الجديدة، و" الوليمة " تتممها ماسونية الفرسان كرمز إلى وليمة العشاء الرباني.

 

4- إن كانت الماسونية أخذت الأديان وسيلة، فالحقيقة أنها ضد الأديان كما جاء ذلك على لسان كثير من زعمائها، فقال لاف أرجي Laf Argy الماسوني الشهير في مدينة " ليبزج " سنة 1865م للطلاب الوافدين من دول ألمانيا وأسبانيا وروسيا وإنجلترا وفرنسا " يجب على الإنسان أن يتغلب على الإله، وأن يعلن الحرب عليه، وأن يخرق السماوات ويمزقها كالأوراق " (23).

كما قال لاف أرجي أيضًا " إن الإلحاد من عناوين المفاخر، فليعش أولئك الأبطال الذين يناضلون في الصفوف الأولى، وهم منهمكون في إصلاح الدنيا... نحن – الماسونيين – أعداء للأديان وعلينا ألا ندخر جهدًا في القضاء على مظاهرها... سنعلنها حربًا شعواء على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو الدين، وسننتصر على العقائد الباطلة وعلى أنصارها... ولكننا نتخذ الإنسانية غاية لنا من دون الله "، وجاء في مضابط مؤتمر بلجراد الماسوني سنة 1911م " يجب ألا ننسى بأننا نحن الماسونيين، أعداء للأديان، وعلينا أن لا نأل جهدًا في القضاء على مظاهرها " (24)، وجاء في التقرير الرابع للمؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897م برئاسة هرتزل تحت عنوان " القضاء على الدين " ما نصه ".. وعلينا أن نؤلب الشعوب حتى تعم الفوضى، وهذه الفوضى تؤدي لا محالة إلى حكم استبدادي مطلق، لا يكون شرعيًا، وبذلك يتيسر لنا توجيهه وإدارته من وراء ستار، والتصرف فيه عن طريق جمعيتنا السرية التي تعمل في محيط العمال العديدين في غير جلبة أو ضوضاء... وتظل هذه الجمعية في نشاطها كي تحول دون اكتشاف أمرها، وبذلك تبقى أهدافها محجوبة، وينبغي أن يظل الشعب جاهلًا أعمال هذه السلطة، بعيدًا عن دائرتها المركزية... وعلينا أن نقوض أركان الإيمان الديني وننتزع من العقول الاعتقاد بالله والروح، وذلك لأن من شأن الدين أن يخدر الشعوب، ويروضها في الطاعة والامتثال، وبهذه الطاعة ينمو الشعب ويرتقي في هدوء وسكينة تحت قيادة رؤسائه ورعاته، دون تفكير في الثورة والتألب والعصيان! " (25).

وقال زعيم الماسونية الفرنسية " إننا نحن الماسون لا يمكننا أن نكف عن الحرب بيننا وبين الأديان، لأنه لا مناص من ظفرها أو ظفرنا، ولابد من موتها أو موتنا، فالماسون لا يمكن أن يذوقوا طعم الراحة إلاَّ بعد أن يغلقوا جميع المعابد، ويحولوها إلى هياكل لحرية الفكر وإله العقل " (26).

وجاء في تقرير المحفل الماسوني الأكبر سنة 1922م ص 198 " سوف نقوّي حرية الضمير في الأفراد بكل ما أوتينا من طاقة، ونسعى في أن نعلنها حربًا شعواء على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو الدين... ستحل الماسونية محل الأديان وإن محافلها ستقوم مقام دور العبادة " (27).

وعندما أُنتخب لمي Lemmi سنة 1893م رئيسًا أعلى للماسونية عوضًا عن ألبرت بويك Albert Boyk الذي مات، فإنه قام بتعليق صورة السيد المسيح مقلوبة في القصر الماسوني وكتب أسفلها " قبل مغادرتكم هذا المكان أبصقوا في وجه هذا الإبليس الخائن " (28) وقال "كولوفيه" في محفل ممفيس بلندن " إننا إذا سمحنا ليهودي أو مسلم أو كاثوليكي أو بروتستانتي بالدخول في أحد هياكل الماسونية، فإن ذلك يتم على شرط أن الداخل يتجرد من أضاليله السابقة، ويجحد خرافاته، وأوهامه التي خُدع بها في شبابه فيصير رجلًا جديدًا " (29).

وجاء في نشرة المحل الماسوني الفرنسي سنة 1923م " إن رجال الدين يحاولون السيطرة على أمور الدنيا، ونحن لا نتردد في شن الحرب على كافة الأديان لأنها العدو الحقيقي للبشرية... يجب أن نكافح بجهد أكبر لإدامة القوانين والنظم اللادينية، إن تمانينا قبل كل شيء هي إبادة الأديان جميعًا " (30).

ولهذا فقد هاجمت الكنيسة الكاثوليكية الماسونية وحذرت الناس منها، ففي سنة 1738م أصدر البابا كليمنت الثاني عشر أول مرسوم يتعلق بالماسونية وجاء فيه " أفادتنا الأنباء عن تأليف جمعيات سرية تحت اسم " فرماسون " وأسماء أخرى شبيهة بهذا الأسم. ومن خواصها أنها تضم إليها رجالًا من كل الأديان والشيع، يرتبطون فيما بينهم بروابط سرية غامضة، وحسبنا شاهدًا على إن إجتماعاتها الخفية هي للشر لا للخير، وأنها تبغض النور، إن كان فكرنا في الأضرار الجسيمة التي تنجم عن هذه الجمعيات السرية رأينا منها ما يوجب القلق، سواء كان لسلامة الممالك أم لخلاص النفوس، ومن بعد أخذ رأي إخوتنا الكرادلة، ولعلمنا التام، وقوة سلطتنا حكمنا بأن هذه المنظمات، والجماعات المعروفة باسم " الفرمسون " يجب رذلها ونفيها. وبناءًا عليه نرذلها ونشجبها بقوة هذا المنشور الذي نريد أن يكون مفعوله مخلدًا " (31) ويقول نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس " تعرضت (الماسونية) لإدانة الكنيسة الكاثوليكية لها، وقد أصدر باباوات الكنيسة الرومانية الكاثوليكية منشورات بمنعها وحرم كل من ينضم إليها. من ذلك المنشور In Eminenti الذي أصدره البابا أكللننضس الثاني عشر عام 1738م، والمنشور Providas الذي أصدره البابا بنيديكت Benedict الرابع عشر في عام 1751م. ثم المنشور Ecclesiam Jesu Christi الذي أصدره البابا بيوس Pius السابع في عام 1814، 1821، والمنشور Quanta Cura الذي أصدره البابا ليون Leo الثالث عشر في 20 أبريل لسنة 1884م. كذلك حرَّمت الكنائس الأرثوذكسية الشرقية التي تتبع الطقس البيزنطي الماسونية، وهددت من ينضم إليها بالوقوع تحت طائلة الحرم الكنسي. ومع ذلك فهناك من إنضم إليها من رجال الدين المسيحيين، وفي مصر بالذات انضم إليها في وقت ما بعض الكهنة من الأقباط، وبعض مشاهير القبط من المدنيين، ومنهم أعضاء في مجالس الكنائس، ولم يتحدث أحدهم بسوء عن المنظمة " (32) ويرجع ذلك إلى تلون الماسونية بالوسط الذي تنشأ فيه، فيقول نيافة الأنبا غريغوريوس " على أن الماسونية اتخذت من بعض بلاد أوروبا وأمريكا صورًا مختلفة، فبينما أخذت في بريطانيا العظمى وألمانيا والبلاد التي تتكلم الألمانية ثم في الولايات المتحدة اتجاهًا اجتماعيًا إنسانيًا عامًا، حتى إنهم كانوا يتطلبون من الأعضاء المنضمين إليهم الإيمان بالله وعدم معاداة الأديان إلاَّ أنها في بلاد أوروبا اللاتينية اتسمت بطابع عدائي ضد الكنيسة وضد الدين بصفة عامة " (33) ولكن موقف الكنيسة الكاثوليكية تغير سنة 1965م عندما أستقبل البابا بولس السادس أعضاء نادي "الروتاري" وباركهم، ولعل موقف الكنيسة الكاثوليكية هنا ينسجم مع موقفها في تبرئة اليهود من دم المسيح.

 

5- تتجه الماسونية إلى تأليه الإنسان عوضًا عن الله، فجاء في مضابط سنة 1913م " سوف تتخذ الإنسانية غاية من دون الله. إن الماسونية تتخذ من النفس الإنسانية معبوداتها " (حنا جيرس سنة 1895 ص 13) (34).

 

6- ينادي الماسونيون بأن لا أحد يستطيع أن يفهم روح الماسونية إلاَّ إذا دخل الجماعة، حتى لو قرأ كل الكتب الخاصة بها فلا يدرك روحها، علاوة على أن الماسونية تحض على تبادل الفائدة والمحبة بين الأعضاء، فهناك " الحب الأخوي " و" المعونة الأخوية " و" الحق الأخوي " ولكن المحبة في الماسونية قاصرة على الأعضاء الأخوان فهي ليست للأجانب، وبذلك يتضح أنها محبة أنانية لتبادل المصالح الشخصية داخل مجموعة محددة وليست محبة للكل... كما إن الماسونيين ينظرون لأنفسهم على أنهم الوحيدون الأصحاء العقلاء الحكماء أما العالم كله فهو يغض في الجهل والمرض، ولذلك فإنهم يسعون لشفاء الناس من أمراضهم وجهلهم، في البداية بالطرق السلمية ثم بالطرق الجبرية وجاء في كتاب " أخوان الصفاء " لمؤلفه د. جبور عبد النور قصة رمزية توضح هذا المفهوم فيقول " أنهم (الماسونيون) يرمزون لأنفسهم، كمصلحين للعالم والمجتمع معًا، بحكيم طبيب دخل مدينة من المدن فرأى جميع أهلها مصابين بمرض، ولكنهم لا يشعرون به، ولا ينتبهون إليه لأن المرض يشملهم جميعًا دون استثناء، فأدرك أنه إذا كاشفهم بالحقيقية لا يستمعون إليه، ولا يقبلون نصيحته، بل ربما ناصبوه العداء، فاحتال بأن طلب رجلًا مصابًا من فضلائهم، فأقنعه بتعاطي الدواء، فشفي مما به، وأحس براحة في حواسه، فاتفقا على الاتصال بآخرين، من ذوي الحكمة لإقناعهم بالاستشفاء، حتى زاد عدد الأصحاء، فتفرقوا في المدينة يداوون الناس واحدًا بعد واحد في السر، حتى أبرءوا جماعة كبيرة، وتعدد أنصارهم فظهروا للناس وكاشفوهم بالمعالجة، والذين رفضوا العلاج أرغموهم عليه، وكانوا يلقون الرجل فتأخذ جماعة منهم بيديه، وجماعة برجلية، ويدخلون السعوط في أنفه كرهًا، ويسقونه الدواء جبرًا، حتى شفوا أهل المدينة كلهم... وواضح أن هذا الرمز يمثل الأسلوب الذي يتبعه الأخوان (الماسونيون) في بث دعوتهم وما يودونه أو ينوونه من مكاشفة الناس عندما يزداد عددهم ويصبحون كثرة في بيتهم " (35).

 

7- ترفض الماسونية ضرورة دم المسيح للتكفير عن الخطايا، وتنادي بأن الخلاص يتم بالجهود الشخصية والأعمال، فالإنسان هو مخلص نفسه عن طريق ممارسة الطقوس الماسونية، وكنوع من التمويه يؤكدون على ضرورة حياة النقاوة والاستقامة.

 

8- ترتبط الماسونية بكبير الأبالسة، وقد عُرِفت الماسونية في ألمانيا بالنورانية، وسموا الشيطان "إله النور" زاعمين أن الشيطان هو الذي خلق النور، ويفخر الأستاذ الأكبر لمحفل "ليسنج" في كتابه عن الماسونية قائلًا "نحن الماسون ننتسب إلى أسرة كبير الأبالسة (لوسيفر) فصليبنا هو المثلث، وهيكلنا هو المحفل" (36).

 

9- ترتبط الماسونية بالإباحية، فتقول بعض دوائر المعارف تحت مادة " ماسون " إن تعاليم الماسونية محاطة بالسريَّة الدائمة، وتنص في صحيحها على تقديس الجنس والحرية التامة في نشر الإباحية " ويعتبر كتاب " الزواج " لمؤلفه " ليون بلوم " رأس الماسونية الغربية ورئيس وزراء فرنسا 1936 – 1946 أقذر كتاب جنسي، وقامت الماسونية بنشره وترجمته إلى عدد بكبير من اللغات (د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 60، 61).

 

10- الماسونية ضد السلام العالمي، فجاء في التقرير الأول للمؤتمر الصهيوني العالمي سنة 1897 " لقد ابتدعنا منذ زمن بعيد ألفاظ: الحرية والإخاء والمساواة، وألقينا بها في أفواه الشعوب، التي بهرهم بريقها، فراحوا يرددونها كالببغاء ترديدًا كريهًا مرذولًا، دون أن يفطنوا إلى ما استهدفناه من ابتداعها، وهو تقويض أركان المجتمع والقضاء على النوازع الدينية، فليس ثمة شك أن المساواة معدومة الفطرة، إذ يتفاوت الناس في عقولهم وأخلاقهم وعواطفهم... أما الحرية التي جعلناهم يتشدقون بها فقد قلبوها إلى فوضى شاملة إذ رفعوا عنها كل قيد، ومثلها كلمة الإخاء... لقد اتخذنا من هذه الألفاظ الثلاثة معاول لتقويض أركان السلام والتضامن الدولي، ولزعزعة العالم من أساساته " (37).

واستغلت الصهيونية، ومن ورائها الماسونية العالمية، الحركة العمالية في العالم، فقد جاء بالتقرير الثالث لهذا المؤتمر الصهيوني ما يلي "سنتقدم إلى العمال في عطف ظاهر، كما لو كنا نحن معقد آمالهم في الخلاص من كل ضيم أو ظلم، وندعوهم للانضمام إلى جماعتنا من الاشتراكيين والشيوعيين والفوضويين، ممن نقدم لهم مساعدات مستديمة مالية وغير مالية، بحجة الأخوة التي تفرضها مبادئ ماسونيتنا، ومتى حان زمن حكمنا العام، فهذه الوسائل عينها هي التي توصلنا إلى القضاء على من يقف حجر عثرة في سبيلنا... " (38) كما إن الماسونية تبث روح العصيان ضد القوات المسلحة مثلها مثل شهود يهوه الذين يرفضون تأدية الخدمة العسكرية، فيقول أحد رجالهم " جبر سلوكريكس " Gaber Soulecraix " باسم الماسونية اقضوا على الروح العسكرية، وأقيموا المشاعر الإنسانية مقام النظام العسكري، وإن خط الماسونية هي إزالة روح التنظيم في الجيش، بتخطيط بهدوء وتؤده وبخطوات مدروسة أرسلت في خطاب إلى كل المحافل سنة 1903م " (39).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وأخيرًا نقول بعد هذه الدراسة المختصرة أنه لا يليق على الإطلاق أن يذهب الإنسان المسيحي إلى المحافل الماسونية، ولا للأندية التابعة لها، ولا يصح أن يكون عضوًا فيها، فالمسيحي لا يقبل إطلاقًا أن تُعصَب عيناه علامة على أنه يعيش في ظلام بينما هو يعيش مع المسيح نور العالم، وكيف يرتضي أن يسلك مع جماعة تعتقد وتؤمن بتعدد الآلهة؟! وكيف يؤمن الإنسان المسيحي بالماسونية التي ترفض موت المسيح الكفاري وتعتبر أن الإنسان مخلص نفسه؟! وكيف يدخل الإنسان المسيحي إلى مكان لا يُذكَر فيه اسم الله، ويساوون بين الإله المتأنس ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح وبين بوذا وغيره؟! وكيف يقبل الإنسان المسيحي جماعة تحارب الأديان؟! وهل يرتضي أن ينتمي إلى جماعة سريَّة، ويقول الأستاذ رأفت زكي " ثم لماذا هذه السريَّة؟ مجمَع سريّ، رموز وإشارات سريَّة، أرقام كودية سريَّة، اجتماعات سريَّة، القسم والتهديدات الدموية الملازمة له لحفظ أسرار المحفل والجماعة، السريَّة المطلقة على الأعضاء، هل هنالك شيء خطير يخبئه الماسون عن باقي أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه؟ إن كانت الإجابة بلا فإن هذا الإجراء، يكون غير منطقي، وغير ضروري بالمرة، وإن كان هناك ما يخبئونه، فهل يجوز لإنسان مسيحي يحترم نفسه أن ينضم إلى تنظيم سريّ يخشى الظهور في المجتمع؟ وهل ننسى الحلفان والأقسام الغليظة باحترام شيء لا يعرفونه؟ لقد كان رد السيد المسيح على اليهود " لقد كلمت العالم علانية... وفي الخفاء لم أتكلم بشيء " (يو 18: 20) (40) يليق بالإنسان المسيحي أن يطيع وصية الإنجيل " لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحريّ وبخوها " (أف 5: 11).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(5) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 12.

(6) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 21/2/1975م.

(7) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 21/2/1975 م...

(8) جريدة وطني في 19/10/1986م...

(9) مقال للأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي بجريدة وطني في 19/10/1986م...

(10) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 86، 87.

(11) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة 21/2/1975م.

(12) الماسونية تحت المجهر ص 14.

(13) جريدة وطني في 19/10/1986م...

(14) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 14/2/1975.

(15) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة 14/2/1975م.

(16) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 172، 173.

(17) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة 14/3/1975م.

(18) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 199.

(19) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 38 - 40.

(20) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 48، 49.

(21) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 50.

(22) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 14/3/1975م.

(23) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 83.

(24) المرجع السابق ص 83.

(25) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 21/3/1975.

(26) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 83.

(27) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 164.

(28) المرجع السابق ص 164.

(29) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 168.

(30) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 168.

(31) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 84.

(32) جريدة وطني في 19/10/1986م...

(33) المرجع السابق ص 2.

(34) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 164.

(35) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة 7/3/1975.

(36) د. إبراهيم فؤاد عباس – الماسونية تحت المجهر ص 45.

(37) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 21/3/1975م.

(38) الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 21/3/1975م.

(39) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 165.

(40) رأفت ذكي – المذاهب المنحرفة جـ 1 ص 173.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/crooked-denominations/freemasonry.html

تقصير الرابط:
tak.la/jsy4mn5