St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   catholic
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   catholic

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب يا أخوتنا الكاثوليك، متى يكون اللقاء؟ - أ. حلمي القمص يعقوب

51- محاولات الوحدة عبر القرون بين كنائس العائلتين الأرثوذكسيتين

 

عندما اعترضت الكنائس الشرقية على مجمع خلقيدونية أثارت كنيسة القسطنطينية بمؤازرة الإمبراطور البيزنطي الاضطهادات الشنيعة على كنائسنا الأرثوذكسية التي تكبدت من الآلام ودماء الشهداء ما فاق ما تكبدته على يد الأباطرة الرومان الوثنيين، والأمر المدهش أنه بعد مرور أكثر من 15 قرنًا من الزمان اكتشف كل من الطرفين أن الإيمان واحد والاختلاف كان فقط في التعبيرات، والحقيقة أنه بعد مجمع خلقيدونية في القرن الخامس حاول بعض بطاركة الإسكندرية مثل البابا تيموثاوس 26، والبابا بطرس الثالث 27 والأباطرة البيزنطيون استعادة وحدة الإمبراطورية البيزنطية بتحقيق الوحدة مع الكنائس الأرثوذكسية اللاخلقديونية، وهذا ما رأيناه في المحاولات التي بذلت في مجمع القسطنطينية الثاني سنة 475م، ووثيقة الهونيتيكون سنة 482م، والمونوثيليتية سنة 627م، ولكن هذه المحاولات لم تكلَّل بالنجاح، وبعد خضوع بعض الكنائس الأرثوذكسية اللاخلقيدونية للحكم العربي ضعفت محاولات الوحدة ولا سيما عندما سقطت القسطنطينية على أيدي الإمبراطورية العثمانية في القرن الخامس عشر الميلادي.

ومنذ القرن السابع عشر بين الحين والآخر تظهر محاولات التقارب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ففي سنة 1672م عقدت كنائس الروم الأرثوذكس مجمعًا محليًا في أورشليم وعبرت عن تقديرها للكنائس الأرثوذكسية اللاخلقيدونية ودعت لقيام علاقات وثيقة معها، وفي سنة 1759م زار البابا السكندري يؤانس المائة والثالث عشر القدس فاستقبله البطريرك فريستومانوس بطريرك أورشليم للروم الأرثوذكس واشترك الاثنان في الاحتفال بظهور النور من القبر المقدس، وفي سنة 1834م زار أيضًا البابا السكندري بطرس الجاولي القدس واشترك مع بطريرك الروم الأرثوذكس في الاحتفال بظهور النور من القبر المقدس في حضور إبراهيم باشا ابن محمد على الكبير الذي لم يكن مصدقًا هذه الحقيقة، ولكنه أبصر النور يفج من القبر المقدس حتى شقَّ أحد أعمدة الكنيسة، وفي سنة 1858م عقد البابا السكندري كيرلس الرابع عدَّة لقاءات مع كالينيكس بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس، وقرَّر كل منهما أن الإيمان في كنيستهما واحد، وأن الخلاف الحالي هو خلاف لفظي فقط، وكان بطريرك الروم الأرثوذكس يحب البابا كيرلس الرابع ويثق فيه لدرجة انه كان يعهد له برعاية كنيسته عند سفره للخارج، وأيضًا في القرن التاسع عشر درس الأسقف الروسي "بورفير أوسبنسكي" كتب اللاهوت والليتورجية القبطية لعدة سنوات خلص بعدها إلى القول بأن الكنيسة القبطية هي كنيسة أرثوذكسية من حيث مضمون إيمانها، وتقدم بهذا التقرير للمجمع المقدس للكنيسة الروسية، ولكنه لم يكن هناك أي رد فعل لهذا المجمع.

وفي سنة 1959م عقد اللاهوتيون من العائليتين الأرثوذكس لقاء في القدس، وقدم فيها الدكتور وهيب عطاالله (نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي) ورقة بعنوان " تعليم كنيسة الإسكندرية وأخوانها فيما يختص بطبيعة السيد المسيح " وقد أورد الدكتور القس جون لوريمر في كتابه تاريخ الكنيسة ج3 مقتطفات كبيرة من هذا الخطاب نقتطف منها القليل... قال الدكتور وهيب عطاالله:

" إنني أتجاسر وأقرَّر أن كل الجدال الدائر بين الكنائس الكاثوليكية الرومانية والبروتستانتية والخلقيدونية من جانب، وكنائس "الطبيعة الواحدة" أو الأرثوذكسية اللاخلقيدونية من الجانب الآخر إنما هو في جملته جدال فلسفي. أُثير بسبب الاصطلاح الصحيح الذي يجب أن يستخدمه المسيحيون للتعبير عن إيمانهم بنوع الإتحاد الموجود بين لاهوت وناسوت ربنا ومخلصنا...

أن الكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية تؤمن بلاهوت المسيح كما تؤمن بناسوته لكن المسيح بالنسبة لنا هو "طبيعة واحدة"..

أننا لا نجرؤ على القول بأنه هو (السيد المسيح) الله وإنسان معًا لأن هذا التعبير يتضمن الانفصال. بل بالأحرى هو الله المتجسد، فاللاهوت والناسوت متحدان معًا إتحادًا تامًا أي في الجوهر والأقنوم والطبيعة. لا انفصال أو انقسام بين لاهوت وناسوت ربنا... الواحد المولود من القديسة مريم هو الله المتجسد جوهر واحد، شخص واحد، أقنوم واحد، طبيعة واحدة، أو يمكن القول أنه طبيعة واحدة من بين طبيعتين، وبعبارة أخرى فنحن نتكلم عن طبيعتين قبل حدوث الإتحاد، لكن بعد الإتحاد فلا شيء سوى طبيعة واحدة لها صفات الطبيعتين...

ومن ثمَ فإن الإتحاد الذي تؤمن به الكنائس الأرثوذكسية اللاخلقيدونية يختلف جوهريًا عن نوع الإتحاد الذي أعلنه أوطاخي... إن أوطاخي في حقيقة الأمر ينكر الوجود الحقيقي لناسوت المسيح...

وكما قال ديسقورس بابا الإسكندرية أن اللاهوت لم يختلط بالناسوت ولم يمتزجا معًا ولا تبدلا كل منهما إلى الآخر.

أن اللاهوت والناسوت مُتحدان ليس بمعنى مجرد الضم أو الارتباط أو الاتصال لكنهما مُتحدان بالمعنى الحقيقي لكلمة إتحاد... نوعًا من الإتحاد الذي يفوق كل إدراك المفاهيم البشرية والمتناقضات الإنسانية... إنه إتحاد حقيقي. وقد نتكلم أحيانًا عن طبيعة إلهيَّة وطبيعة بشريَّة لكن هذا الانفصال موجود في عقولنا فقط... " والكلمة صار جسدًا" (يو1: 14) ولا توجد كلمة غير كلمة "صار" أقوى دلالة على الإتحاد التام الذي حدث... إن الإتحاد بين اللاهوت والناسوت يشبَّه بالإتحاد بين الروح والجسد في الإنسان...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والآن يبدو لي أن الاختلاف بين إقرارنا الذي نعترف به وبين الإقرار الذي تعترف به الكنائس الخلقيدونية اختلاف تافه ضئيل. إنها مسألة تعبير عن نفس المعنى ونفس الحقيقة اللاهوتية... إنني أعتقد أن هذا صحيح إلى حد كبير. مازلنا نحتفظ بأسبابنا للتمسك بتعبيرنا التقليدي "طبيعة واحدة للكلمة المتجسد".. هذه الأسباب يمكن إجمالها في النقط الآتية:

أولًا: لا يوجد نص كتابي واحد يبرهن بصورة قاطعة حاسمة على أن المسيح طبيعتان بعد الإتحاد.

St-Takla.org Image: Pope Shenouda the Third with the late Pope John Paul, Pope of the Roman Catholic Church (died on April 2005) - during His visit to the Coptic Papal residence, Cairo, Egypt صورة في موقع الأنبا تكلا: البابا شنودة الثالث مع المتنيح البابا يوحنا بولس الثاني، بابا الروم الكاثوليك، تنيح في ابريل 2005 - وذلك خلال زيارته لمصر في المقر البابوي بالقاهرة

St-Takla.org Image: Pope Shenouda the Third with the late Pope John Paul, Pope of the Roman Catholic Church (died on April 2005) - during His visit to the Coptic Papal residence, Cairo, Egypt

صورة في موقع الأنبا تكلا: البابا شنودة الثالث مع المتنيح البابا يوحنا بولس الثاني، بابا الروم الكاثوليك، تنيح في ابريل 2005 - وذلك خلال زيارته لمصر في المقر البابوي بالقاهرة

ثانيا: عبارة "طبيعتين مُتحتدين معًا" هي عبارة في غاية الخطورة:

1- إنها تتضمن الازدواج، وهي نوعًا من الفصل بين اللاهوت والناسوت، وإلاَّ فلا معنى للإصرار على عبارة "طبيعتين" مادام هناك إتحادًا.

2- أنها لا تدل على إتحاد حقيقي... إنها بالأحرى تعبر عن وجود طبيعتين منفصلتين تقتربان أو تنضمان معًا. وبناء عليه فمثل هذا التعبير يفتح طريقًا إلى النسطورية التي بالتأكيد تدينها الكنائس الخلقيدونية كهرطقة ضد الإيمان المسيحي.

3- عبارة " طبيعتين متحتدين معًا " عبارة خطيرة ضد خلاصنا، فلو أن هناك طبيعتان في المسيح في الإتحاد، إذًا ففداء المسيح كان عمل ناسوته لأن الجسد هو الذي صُلِب وبالتالي فلا يكون لفداء المسيح قوة لخلاص الجنس البشرى.

4- عبارة " طبيعتين " في المسيح لا يمكن أن توضح العقيدة التي تعترف فيها الكنائس الرومانية الكاثوليكية والخلقيدونية بأن القديسة مريم هي والدة الإله...

هذه هي الأسباب التي من أجلها ترفض الكنائس الأرثوذكسية الشرقية عبارة "طبيعتين" وتتمسك بتعبيرها التقليدي القديم "طبيعة واحدة" التي أقرَّها القديس أثناسيوس العظيم والقديس كيرلس بطريرك الإسكندرية...

إنني شديد الاقتناع جدًا بأن الإيمان الخلقيدوني بعيد عن كونه نسطوريًا، وأن الإيمان اللاخلقيدوني بعيد عن كونه أوطاخيًا، ولذلك فنحن لا نتخلى عن الأمل بأن يومًا ما لن يكون لجميع الكنائس نفس الإيمان فقط، ولكن أيضًا نفس الاعتراف بالإيمان ونفس الاصطلاحات والتعبيرات اللاهوتية...

دعونا نصلى من كل القلب من أجل وحدة كنيسة المسيح... " (42)

وفي مؤتمر رؤساء ومندوبي الكنائس الأرثوذكسية اللاخلقيدونية في أديس أبابا سنة 1965م ورأسه قداسة البابا كيرلس السادس السكندري دعا المؤتمر للسعي نحو الوحدة مع كنائس الروم الأرثوذكس، وفي سنة 1972م كانت الزيارة التاريخية لقداسة البابا شنودة الثالث لديمتريوس الأول بطريرك القسطنطينية بعد قطيعة دامت أكثر من خمسة عشر قرنًا من الزمان ثم زار قداسة البابا شنودة الثالث عدد ليس بقليل من الكنائس البيزنطية مثل روسيا وأرمينيا ورومانيا وتركيا وسوريا ولبنان.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(42) تاريخ الكنيسة ح3 جون لوريمر ص230-237.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/apptempts-for-unity.html

تقصير الرابط:
tak.la/zkvc9k7