س94 : هل قصة السيد المسيح مستمدة من الأساطير الوثنية، فولادته في كهف يوم 25 ديسمبر، وظهور نجم عند ولادته، والذين تبعوا النجم سجدوا له، وفرحة الملائكة بولادته، وصومه وتعميده بالماء المقدَّس، وظهور الشيطان له يعرض عليه أن يكون إمبراطورًا للعالم، وانتهار السيد المسيح له، ووصايا يسوع المسيح بمحبة الأعداء والتخلي عن الممتلكات، واختياره 12 تلميذًا، ومحاكمته والحكم عليه بالموت بالرغم من أن العادة جرت على إعفاء شخص مدان في كل عام من حكم الموت، وتنفيذ حكم الموت صلبًا، والظلمة التي قد عمت الكون، ودفنه وحراسة الجنود لقبره، وقيامته، وصعوده للسماء، وأنه سيعود للأرض ثانية، كل هذه الأمور مقتبسة من أبطال الأساطير كريشنا، وأندرا، وميثرا، وبعل، وبوذا، وتموز، وأوزوريس... إلخ.؟
يقول "الدكتور أحمد شلبي": " أن فكرة الصلب للتكفير ليست من المسيحية في شيء، ويبدو أنها وردت إلى المسيحية من عقائد أخرى وبخاصة عقيدة الهنود، إذ أننا نجدها معتقدًا سائدًا عند الهنود قبل المسيح بمئات السنين، فهم يعتقدون أن "كريشنا" المولود البكر الذي هو نفس الإله "فشنو" الذي لا ابتداء له ولا انتهاء، تحرَّك حنوَّا كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وقدم نفسه ذبيحة عن الإنسان، ويصوّرونه مصلوبًا مثقوب اليدين والرجلين، ويصفون كريشنا لذلك بالبطل الوديع المملوء لاهوتًا لأنه قدم نفسه ذبيحة من أجل البشر. وفي بلاد النيبال والتبت يعتقدون أن إلههم "أندرا" سفك دمه بالصليب وثقب المسامير لكي يخلص البشرية من ذنوبهم" (العقائد الوثنية في الديانة النصرانية للأستاذ محمد طاهر، وتفسير المنار للسيد رشيد رضا جـ 6 ص 32، وشهادة النصارى وحجج المسلمين للسيد رشيد رضا ص 15، وقصص الأنبياء للأستاذ عبد الوهاب النجار ص 432 - 433) (721). (راجع أيضًا د. هاشم جودة - العقائد المسيحية بين القرآن والعقل ص 215 - 218).
كما يقول "الدكتور أحمد شلبي": "متراس: هذه الديانة فارسية الأصل، وقد ازدهرت في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون... وتذكر هذه الديانة أن:
ـــ "مثرا " كان وسيطًا بين الله والبشر.
ــــ وأن مولده كان في كهف أو زاوية من الأرض.
ـــ وأنه وُلِد في الخامس والعشرين من ديسمبر.
ــــ كان له اثنى عشر حواريًا.
ـــ مات ليخلص البشر من خطاياهم.
ــــ دُفِن ولكنه عاد للحياة وقام من قبره.
ــــ صعد إلى السماء أمام تلاميذه وهم يبتهلون له ويركعون.
ــــ كان يُدعى مخلصًا ومنقذًا.
ــــ ومن أوصافه أنه كان كالحمل الوديع.
ــــ كان أتباعه يعمدون بِاسمه.
ــــ وفي ذكراه كل عام يُقام عشاء مقدَّس (Ropertson : Pagan Christs P. 838) ويقول "Ropertson " أن ديانة "متراس" لم تنته من روما إلاَّ بعد أن انتقلت عناصرها الأساسية إلى المسيحية"(722).
ويقول "الدكتور سيد القمني" عن عبادة "ميثرا " (ميثهرا) فيقول: " وقد عبد الهنود بدورهم هذا الإله (الفارسي)، واعتقد عبَّاده أنه يدخل سنويًا في معركة مع آلهة الموت والظلام، وأنه كان يتعرض في هذه المعركة للأسر، ثـم الاستشهاد موتًا على الصليب، فيصيب الأرض الجفاف ويتوقف النسل، لكنه يقوم من الموت في الحادي والعشرين من شهر آزار، عند المنقلب الربيعي، فتعود بقيامته المجيدة الحياة للأرض خيرًا ونماءً، ويشير المرحوم (عباس العقاد) إلى طقوس من ديانة (ميثهرا)، نجد فيها شبهًا كبيرًا بما في المسيحية، ولك أن تلاحظ أن احتفال المسيحية بعيد ميلاد إلهها الشهيد (يسوع المسيح) في 25 كانون أول وهو نفس موعد ميلاد (ميثهرا)، وأن احتفالها بعيد القيامة المجيد يوم 20 آزار، هو بدوره نفس موعد قيامـة ميثهـرا المجيدة. ويقول (عصام ناصف): "وقد اقتبست المسيحية بعض ما في المثروية، ومن ذلك مفتاح دار التعليم ومفتاح الجحيم، وتيجان الأساقفة وأحذيتهم الحمراء، ولقب بابا وكان يُلقَّب به كبير كهنة ميثهرا" (723).
ويورد "دكتور أحمد شلبي" مقارنة أحد النُقَّاد بين محاكمة بعل ومحاكمة المسيح، فيقول: " وفيما يلي بعض عناصر التشابه بين القصتين:
محاكمة بعل |
محاكمة عيسى |
1ـــ أُخذ بعل أسيرًا. 2ـــ حُوكم بعل علنًا. 3ـــ جُرح بعل في المحاكمة. 4ـــ اقتيد بعل لتنفيذ الحكم على الجبل. 5ــ كان مع بعل مذنب حُكم عليه بالإعدام وجرت العادة أن يعفى كل عام عن شخص حُكم عليه بالموت، وقد طلب الشعب إعدام بعل والعفو عن المذنب. 6ـــ بعد تنفيذ الحكم على بعل عمَّ الظلام وانطلق الرعد واضطرب الناس. 7ــ حُرِس بعل في قبره حتى لا يسرق أتباعه. 8ــ الإلهات جلسن حول مقبرة بعل يبكينه. 9ــ قام بعل من الموت وعاد إلى الحياة في مطلع الربيع وصعد إلى السماء. |
أُخذ عيسى أسيرًا. وكذلك حُوكم عيسى. أُعتدي على عيسى بعد المحاكمة. اقتيد عيسى للصلب على الجبل. وكان مع عيسى قاتل اسمه بارابـاس محكوم عليه بالإعدام ورشح بيلاطس عيسى ليعفي عنه كالعادة كل عـام، ولكن اليهود طلبوا العفو عن باراباس وأدان عيسى. عقب تنفيذ الحكم على عيسى زُلزلت الأرض وغامـت السماء. حرس الجنود مقبرة عيسى حتى لا يسرق حواريوه جثمانه. مريم المجدلية ومريم الأخرى جلستا عند مقبرة عيسى تنتحبان عليه. قام عيسى من مقبرته في يوم أحد وفي مطلع الربيع أيضًا، وصعد إلى السماء. |
(Khwaja Kamal – ud – din : The Seurces of Christianity PP 44 – 49) (724).
(راجع أيضًا قول السير أرثر فندلاي في كتابه صخرة الحق ص 76 والذي أورده إبراهيم خليل أحمد في كتابه محمد في التوراة والإنجيل والقرآن ص 101).
وأيضًا أورد "دكتور أحمد شلبي" 25 تشابهًا بين قصتيّ المسيح وبوذا كما جاء في كتاب (Khwaja Kamal. ud – din : The Seurces of Christianity PP 62 – 70) وهيَ باختصار ظهر نجم يسير يوم ولادة بوذا نحو مكان ولادته، ومن تابعوه سجدوا للوليد، وولد بوذا يوم 25 ديسمبر، ويوم ولادته احتفلت الملائكة وسبحت: "المبارك قد وُلِد اليوم ليمنح السلام للناس والمسرة للأرض"، وكان مولد بوذا يمثل خطرًا على ملك بنياسرا الذي أراد قتله، وفي بداية بوذا ودعوته ظهر له الشيطان "مارا" (Mara) وعرض عليه أن يكون إمبراطورًا على العالم فصاح بوذا قائلًا: "ابتعد عنـي"، وبعد انتصار بوذا على "مارا" أمطرت السماء زهورًا وعُبّق الهواء، وصام بوذا فترة طويلة، وتعمَّد بالماء المقدَّس وفي عماده حضرت روح الله، وصلاة البوذيين تقودهم للفردوس، وعندما مات بوذا ودُفن شق قبره وعاد للحياة، وصعد للسماء، وهو سيعود للأرض في آخر الزمان ليواصل دعوته ويستعيد مجده ويملأ الأرض سعادة ونعيمًا، وهو سيدين الناس، فهو لا أول له ولا نهاية، وقال انه سيحمل سيئات البشر عنهم، وأوصى الناس أن يخفوا أعمالهم الطيبة ويعلنوا للناس سيئاتهم، وأن يكونوا شفوقين يحبون أعدائهم، ويتخلوا عن الممتلكات ويؤثروا الفقر، فهدف بوذا ملكوت السموات، ونادى بوزا بعدم الزواج الذي يشبه الاحتراق في الفحم، ولا يجوز إلاَّ في حالة الخوف من الوقوع في الزنا (راجع مقارنة الأديان 2ــ المسيحية).
وأورد "إبراهيم خليل أحمد" نقلًا عن "السير أرثر فندلاي" في كتابه صخرة الحق في ص 45 أسماء ستة عشر بطلًا أسطوريًا هناك تشابهات بين حياتهم وحياة السيد المسيح، وهم:
1ـــ أوزوريس 1700 ق.م في مصر.
2ـــ بعل 1200 ق.م في بابل.
3ـــ أتيس 1170 ق.م في فرجيا.
4ـــ ثاموس 1160 ق.م في طوريا.
5ـــ ديونسيوس 1100 ق.م في اليونان.
6ـــ كريشنا 1000 ق.م في الهند.
7ـــ هيوس 843 ق.م في أوروبا.
8ـــ أندرا 725 ق.م في التبت.
9ـــ بالي 725 ق.م في آسيا.
10ـــ أياو 622 ق.م في نيبال.
11ـــ الستيس 600 ق.م في فيرنا.
12ـــ كويكس لكوت 587 ق.م في المكسيك.
13ـــ وتيبا 552 ق.م في ترفانسكور.
14ـــ برومثيوس 547 ق.م في اليونان.
15ـــ كورنيوس 506 ق.م في روما.
16ـــ مثرا 400 ق.م.
وتناول "ول ديورانت" مثل هذا الموضوع من جوانب أخرى مشيرًا إلى قوة تأثير الأساطير الوثنية في تشكيل العقائد المسيحية، ولضيق المجـال يُرجـى الرجـوع إلى كتابه "مباهج الفلسفة" الكتاب الثاني - ترجمة دكتور أحمد فؤاد الأهواني سنة 1956م ص 241 - 244. كما ربط "الدكتور حسن شحاته سعفان" في كتابه "الموجز في تاريخ الحضارة والثقافة" ص 80 - 85 بين العبادات المصرية القديمة والعقائد المسيحية.
ج : هذا الموضوع هام وشيق يحتاج إلى مجلد كامل لبحثه باستفاضة، ولكن ما عسانا أن نفعل أمام ضيق الوقت وأيضًا موجة الغلاء التي تهدد مصرنا الحبيبة بعد قرار تعويم الجنيه المصري، فصارت صناعة الطباعة مهددة بالتقلص الشديد، ولذلك تجدني يا صديقي أحاول جاهدًا اختصار الأفكار التي تدور حول هذا الموضوع فيما يلي:
1ـ
مقدمة
2ــ
تركيز الأضواء على التشابهات وغض البصر عن الاختلافات
3ــ تفسير بعض التشابهات
أ - 25 ديسمبر
ب - الاثنى عشر تلميذًا
4ــ هل
يمكن أن الله أنعم بقبس من نوره على الأمم؟
5ـــ
هل من الممكن أن أشتاتًا مبعثرة من الأساطير تنشئ دينًا كالمسيحية؟
6ــ حقيقة شخصية يسوع
التاريخية
7ـ شهادة المؤرخين القدامى
8ــ بساطة وصدق
التلاميذ وشهادتهم بالدم
9ـ نجاح الكرازة
10ـ
من المستحيل أن تكون قيامة المسيح من اختراع التلاميذ أو مقتبسة من
الأساطير
11ــ الناقد أحاديّ النظرة
تطرقنا من قبل إلى الادعاء بأن شخصية السيد المسيح مستمدة من الأساطير، وتم الرد عليه (راجع س 81)، والآن نستكمل بحث هذا الموضوع، فهذه الادعاءات هيَ وليدة أفكار أصحاب اللاهوت الليبرالي في ألمانيا في القرن التاسع عشر حيث قالوا أن يسوع يمثل الشخصيات الأسطورية مثل أوزوريس في مصر، وديونسيوس في اليونان، وكريشنا في الهند، ومثرا في بلاد فارس، وتموز في لبنان، وبعل في فلسطين... إلخ، ومع أن هذه الادعاءات أُخِذت على محمل الجد وتم دراستها وفحصها وتمحيصها والرد عليها وإظهار زيفها، لكن للأسف عادت لتطفو على السطح تارة أخرى مع نهايات القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، فصدر العديد من الكتب التي تجدّد هذه الادعاءات، ولعل أهم هذه الكتب القديمة والحديثة:
أ - كتاب: Anacalypsis للسير "جودفري هيجنس" Sir Godfrey Higgins عام 1833م.
ب - كتاب: The World's Sixteen Crucified Saviours: Christianity Before Christ للفيلسوف الأمريكي "كرسي جريفس" Kersey Graves عام 1875م وهو فيلسوف مُلحد لا يعترف بوجود الله ولا الوحي، وأُعيد طباعة هذا الكتاب عام 2001م.
جـ - كتـاب: "أساطيــر الكتاب المقدَّس مــع ما يوازيهـا من الديانات الأخرى" Bible Myths and Their Parallels. In Other Reliaions لمؤلفه "وليم توماس دوان".
د - مجموعة كتب Acharyas لمؤلفته Dorothy M. Murdock، والكتاب الأول من هذه المجموعة (التي بلغت ستة كتب) هو "مؤامرة المسيح: أعظم قصة تم رواجها على الإطلاق" The Greatest Story Ever Sold : The Christ Conspiracy عام 1999م والتي زعمت فيه أن المسيح مجرد أسطورة من الأساطير، وفي سنة 2004م كتبت كتاب شموس الله أو أبناء إله الشمس The Suns of God, Krishna, Buddha and Christ Unveiled، وعقـدت مقارنة بيــن شخصية السيد المسيح وبيــن شخصيتي بوزا وكريشنا، وفــي سنة 2007م نشرت كتاب "مَن هو يسوع؟ بصمات المسيح"، " Who was Jesus? Fingerprints of the Christ" وناقشت فيه مصداقية تاريخية المسيح، وفي سنة 2009م نشرت كتاب: "المسيح في مصر: الارتباط بين حورس والمسيح"، و "إنجيل بحسب أكاريا" The Gospel According Acharyas (راجع القمص عبد المسيح بسيط - هل اقتبست المسيحية عقائدها من الأساطير الوثنية ص 10، 11).
وتعدى الأمر الكتب إذ ظهرت في بعض الروايات والأفلام مثـل فيلم "شفرة دافنشي" حيث يقول "دان براون" أنه " لا يوجد شيء أصيل في المسيحية"، وأيضًا الفيلــم الوثائقــي "زايتجايســت" Zeitaeist أي روح العصـــر، بناء على كتب "Dorothy M. Murdock".
وهـذا ما فعله النُقَّاد، ولكيما يصلوا إلى هدفهم لم يكتفوا بذكر شخصية أسطورية واحدة بل ذكروا ستة عشر شخصية ليوهموا القارئ بأن الإنجيليين قد اقتبسوا من جميع هذه الشخصيات التشابهات بينها وبين يسوع المسيح، ونكتفي هنا بالتعرض لأوجه الاختلاف بين ثلاث شخصيات أسطورية وبين السيد المسيح، في عرضٍ سريع موجز:
أسطورة أوزوريس - أسطورة ميثرا - أسطورة بوذا
أ - أسطورة أوزوريس: لم تكن هناك قصة متكاملة لأسطورة إيزيس وأوزوريس وحورس وست قبل القرن الأول الميلادي، بل كانت أشتات مبعثرة إلى أن جاء الكاتب اليوناني "بلوتارك" في القرن الأول الميلادي، وكتب الأسطورة في شكل رواية ليس لها أي سند تاريخي، ثم أثبت علماء المصريات أن ما كتبه "بلوتارك" حمل الكثير من الأخطاء، ومع هذا فإن جميع الذي يكتبون عن هذه الأسطورة يرجعون لكتاب بلوتارك، وفي أسطورة أوزوريس الذي تعرَّض للقتل من قِبل أخيه "ست" لا نجد لهذا شبهًا في قصة السيد المسيح، فلم يكن له أخ قد قتله، ولو قال النُقَّاد أن شخصية "العذراء" مقتبسة من شخصية إيزيس ، فإن إيزيس كانت متزوجة ثم صارت أرملة، ولم تكن عذراء، ولو قالوا أن شخصية المسيح مقتبسة من حورس، فلم يذكر عن حورس أنه كان يتحاور مع الشيوخ وله من العمر أثنى عشر عامًا، ولم يختر حورس أثنى عشر تلميذًا وسبعين رسولًا وأرسلهم ليكرزوا بملكوت السموات، ولم يجول حورس يصنع خيرًا ويشفي المتسلط عليهم من إبليس، وإن قالوا أن شخصية المسيح وموته الفدائي وقيامته مقتبس من شخصية أوزوريس فإن ست شقيق أوزوريس قد قطع جسد أخيه نحو ستة عشر قطعة نشرها في البلاد بطولها، وأن إيزيس بكته كثيرًا وجمعت أشلاءه وآخر قطعة عثرت عليها في منطقة أبي قير، وبوسائلها السحرية هيَ التي أقامت أوزوريس الذي لم يستطع من قبل أن يقيم نفسه، وهذه اختلافات بيّنة بين أسطورة أوزوريس وقصة يسوع المسيح الحقيقية التي تعتمد على أسانيد تاريخية وشهادة الألوف والربوات. ثم ما الذي دفع التلاميذ اليهود البسطاء أن يأخـذوا المعرفة من المصريين؟!
ب - أسطورة ميثرا: وفي أسطورة ميثرا وُلِد من صخرة صلبة وليس من عذراء يوم 25 ديسمبر، وهو تاريخ الانقلاب الشتوي وتفوق الشمس، ولم يذكر عنه أنه كان معلمًا عظيمًا يعلم كمن له سلطان، ولا أنه صانع معجزات، جاء عنه أن الشمس طلبت منه قتل الثور البدائي، فأمسك ميثرا به وجره إلى أحد الكهوف، ولكن الثور تمكن من الهرب، فعاد وأمسكه تارة أخرى، وبمساعدة كلبه نحره، ومن جسم الثور ظهرت النباتات والزراعات ومن دمائه ظهرت الخمور، ويظهر أقدم نقش لميثرا وهو يذبح الثور في روما ويرجع تاريخ هذا النقض إلى الفترة من خلال 8-120م، ومن هنا بدأ الصراع بين الإله ميثرا والإله أهريمان إله الظلام حتى نهاية الأيام، ويظهر ميثرا كملاك سماوي يدافع عن الحق، ولم يذكر عن ميثرا أنه صُلب ومات وقام، فيقول "جوردون" أنه: " لا يوجد موت في أساطير ميثرا أصلًا "فبعدما أكمل ميثرا رسالته على الأرض حُمل في مركبة وهو حي إلى الفردوس.
وفي أسطـورة ميثرا نلتقي بإلهين، أحدهمـا إله الخير "أهور مازدا" Ahur Mazda، وإله الشر "أهريمان" Ahriman، وعُرِفت أسطورة ميثرا في بلاد فارس التي لم يذهب إليها التلاميذ من قبل، وأقدم كتاب عنها هو كتاب "أفيستا" Avesta الذي ظهر في شكله الأخير في القرن الرابع الميلادي في منطقة إيران، وإن كان يحمل أفكارًا أسطورية ترجع إلى سنة 500 ق.م، وكتب ترتليان عن أتباع ميثرا، وكانت ديانة ميثرا ديانة سرية تخص الرجال فقط، وانضم لهذه العبادة الإمبراطور الروماني كومودوس Commodus والجنود الرومان فصارت ديانته علنية، فواضح مما سبق مدى الاختلافات البينة بين الأسطورة وبين قصة المسيح الحقيقية كما وردت في الأناجيل. وفي أسطورة ميثرا أيضًا يظهر ميثرا وحوله أثنى عشر دائرة من دوائر الأبراج وهذا لا يعني أنه اختار 12 تلميذًا.
جـ - أسطورة بوذا: في أسطورة بوذا يوم انتصاره على الشيطان "مارا" أمطرت السماء زهورًا، وعاد بوذا للأرض لكيما يؤسّس ملكوتًا أرضيًا، ولم يتحدث بوذا عن الله، ونلتقي في أسطورة بوذا بالنرفانا، وتناسخ الأرواح... إلخ وكل هذا لا نجد ما يقابله في المسيحية، والنتيجة النهائية أن الصورة التاريخية الحقيقية التي ذكرتها الأناجيل الأربعة عن السيد المسيح هيَ صورة فريدة لا نجد لها مثيل في جميع الديانات والأساطير.
ومن أمثلة هذه التشابهات:
لم تذكر الأناجيل الأربعة قط أن السيد المسيح وُلِد يوم 25 ديسمبر، وقال "أكليمنضس السكندري" أن في أيامه (150 - 215م) أن البعض يعتقدون أن يسوع المسيح وُلِد يوم 19 أبريل، والبعض 10 مايو، أما هو فأعتقد أنه وُلِد يوم 17 نوفمبر، وفي عصر البابا ديمتريوس الكرام وضع حساب الأبقطي وعوضًا عن دورة الأعياد التي كانت تستغرق نحو 33 سنة وهيَ سنوات السيد المسيح على الأرض، فكان عيد القيامة يأتي كل 33 سنة مرة واحدة، جعل هذه الدورة تتكرر سنويًا، فحدَّد عيد البشارة 29 برمهات وعيد الميلاد 29 كيهك، وحدَّد مجمع نيقية هذا اليوم والذي كان يقابل 25 ديسمبر بعيد الميلاد حيث يوافق اليوم الأقصر نهارًا والأطول ليلًا من جميع أيام السنة، وظل هذا الموضوع معمولًا به حتى البابا جريجوري سنة 1582م، حيث اكتشف في شهر أكتوبر أن السنة تساوي 365 يومًا وخمس ساعات وثمانية وأربعين دقيقة وستة وأربعين ثانية، بينما كانت تحسب السنة 365 يومًا وست ساعات، أي بفارق 11 دقيقة وأربعة عشر ثانية كل عام، واحتسب الفارق الإجمالي من مجمع نيقية سنة 325م إلى سنة 1582م فوجده نحو عشرة أيام، وإذ كان اليوم الخامس من أكتوبر أعتبره بابا روما يوم 15 أكتوبر وسار هذا التقويم في إيطاليا والغرب، وبذلك صار هناك فرقًا بين التقويم القبطي 29 كيهك وبين التقويم الغريغوري 25 ديسمبر. إذًا القول بأن تاريخ ميلاد يسوع المسيح 25 ديسمبر جاء متأخرًا في مجمع نيقية، فكيف اقتبسته المسيحية من الديانات الوثنية؟! ولو كانت اقتبسته، فلماذا تأخرت مئات السنين حتى تقتبسه؟!
قالوا أن العدد الاثنى عشر مقتبس من الأبراج الاثنى عشر، ويرد على هذا الاتهام الكاتب الكبير "عباس محمود العقاد"، فيقول: " ولا خلاف في تكرار العدد "اثنى عشر " في كثير من الديانات ولكن تكراره هذا لا يستلزم أن يكون كل معدود به خرافة أو أسطورة غير تاريخية، وقد كان خليقًا بأصحاب المقارنات والمقابلات أن يذكروا هذه الحقيقة بصفة خاصة، إذ أقرب المؤرخين إليهم سوتنيوس صاحب تاريخ "القياصرة الاثنى عشر" وكلهم من "الشخصيات التاريخية". وفي تاريخ الإسلام تفصيل مذهب الشيعة الأمامية وهم يدينون بالولاء لأثنى عشر إمامًا معروفين بأسمائهم ليس منهم من يمكن أن يقال فيه أنه شخصية غير تاريخية"(725).
أ - بالرغم من قدم الأساطير بمئات السنين قبل ميلاد السيد المسيح، إلاَّ أنه لا توجد لهذه الأساطير أي سجلات (مخطوطات) أقدم من القرنين الثالث والرابع الميلادي، فما المانع أن يكون قد حدث تطوُّر لهذه الأساطير، فعند تسجيلها كتابةً تكون قد اقتبست بعض صفات السيد المسيح وأضفتها على شخصيات أبطالها الأسطورية؟!
ب - أقام الله رجالًا في الأمم المختلفة يظهرون مدى احتياج الإنسان لنزول الإله، فقال "أفلاطون": "يجب أن ننتظر شخصًا يعلمنا كيف ينبغي لنا أن نتصرف مع الآلهة ومع البشر"، ويضيف "السيبياد" Alcibiade لهذا القول قوله: " متى يأتي هذا الشخص الذي يعلمنا كل شيء. أنني بغاية الشوق إلى معرفته" (Platon, Alcibiade II).
ويتغنى الشاعر الروماني "فيرجيلوس" قائلًا: " لقد حانت الأيام الموعودة، ونظام الكون اللا محدود ها هوذا قيد التجدُّد، طفل صغير مُرسَل من السماء إلينا. وعلى عهده ستُمحى آثار جريمتنا، الأرض لن تعرف الخوف فيما بعد، ولسوف يتخذ له مقرًّا مع الآلهة ويحكم العالم الهادئ بقوة فضائل أبيه. فهلم أيها الابن العزيز، يا ابن جوبتر انظر إلى المسكونة فهيَ خاشعة باحترام أمامك، تسلم عليك. وانظر فكل إنسان قد سرّ وابتهج بقدوم هذا العهد الجديد"
(Virgile. Eglague IV ad Palionem) (راجع الأب إلياس اليسوعي - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 86، 87).
ويقــول "الأب بولس إليــاس اليسوعــي": ويقول السيد "جون هو" Mr. John C. H. Wu بهذا الصدد: "ما من بلد في العالم أجمع إلاَّ أقام الله فيه مسبقًا منادين يبشرون مواطنيه بقدومه. لم يتلقوا وحيًّا خاصًا لهذا الغرض، غير أنهم كانوا ممتلئين حكمة خاصة وحرارة غريبة تجعلانهم يهيئون العقول عفوًا لقبول الكلمة الإلهي الأزلي المزمع أن يتجسد ليهدي العالم إلى الخلاص ويفتديه"(726).
أ - من المستحيل أن تتجمع أشتاتًا مبعثرة من الأساطير لتكون دينًا عظيمًا متكاملًا مثل المسيحية في قوتها وعظمتها، ويقول "عباس محمود العقاد": " وقد تعب أصحاب المقارنات والمقابلات كثيرًا في اصطياد المشابهات من هنا وهناك ولم يكلفوا أنفسهم جهدًا قط فيما هو أولى بالجهد والاجتهاد، وهو استخدام المقارنات والمقابلات لإثبات سابقة واحدة مطابقة لما يفرضونه عن نشأة المسيحية، فمتى حدث في تاريخ الأديان أن أشتاتًا مبعثرة من الشعائر والمراسم تلفق نفسها وتخرج في صورة مذهب مستقل دون أن يعرف أحد كيف تلفقت وكيف انفصلت كل منهما عن عبادتها الأولى؟ ومَن هو صاحب الرغبة وصاحب المصلحة في هذه الدعوة؟"(727).
ب - وُجدت الأساطير قبل المسيحية بمئات السنين فلماذا ارتبط ظهور المسيحية بظهور السيد المسيح، ولم تظهر قبل هذا، ويقول "عباس محمود العقاد": " والغريب في شأن هؤلاء العلماء أنهم لم يكلفوا أنفسهم تفسيرًا مقبولًا لوجود المسيحيين بهذه الكثرة بعد جيل واحد من عصر الميلاد. فإن التفسيرات التي فرضوها تتسع لشكوك كثيرة كلها أغرب من القول بشخصية المسيح التاريخية، ولا يكفي أن يُقال أن أخبار المعجزات والشعائر قديمة لتفسير الدعوة المسيحية بغير داعٍ وبغير محور معلوم تدور عليه، وقد توفى بولس الرسول في نحو سنة سبع وستين ميلادية وعاش قبل ذلك نحو ثلاثين سنة يبشر بِاسم المسيح، ولم يكن قد طال العهد بتاريخ الدعوة ولم يحدث خلال ذلك ما يفسر تكوينها من المعجزات والشعائر التي ظلت قبل ذلك مئات السنين متواترة على الألسنة وكان تواترها قديمًا أقوى وأشيع من تواترها بعد تقادم العهد وتتابع السنين"(728).
جـ - وجود تشابهات بين ديانة ما وبين الأساطير لا تعني أن هذه الديانة اقتبست من الأساطير، ويقول "عباس محمود العقاد": "ويبدو لنا أن نشوة العلم الجديد -علم المقابلة بين الأديان- هيَ التي دفعت أصحابها في القرن الثامن عشر إلى تحميل المشابهات والمقارنات فوق طاقتها فإننا نرى أمامنا في هذا العصر أن هذه المشابهات لا تنفي ولا تثبت، بل لعلها إلى الإثبات أقرب منها إلى النفي في الإجمال"(729).
أ - نحن نثق ثقة كاملة في الأسفار المقدَّسة، فكل ما جاء فيها هو حق وصادق وأميـن، وما سجلته الأناجيل عن السيد المسيح يمثل الحقيقة بأجلى معانيها، ويدعمها مئات النبوات التي جاءت في أسفار العهد القديم قبل ميلاد السيد المسيح بمئات السنين، فهناك نحو ثلثمائة نبوة أخبرتنا بأمور كثيرة تخص يسوع المسيح مثل ميلاده العذراوي المعجزي، وظهور نجمه ومجيء المجوس له، وخدمته ومعجزاته، وعمله وتعاليمه، ومقاومة المعاندين له، ودخوله الانتصاري لأورشليم، وغيرته على الهيكل، وخيانة يهوذا له، ورحلة الصلب بأدق تفاصيلها، وموته ودفنه، وقيامته وصعوده. وقد تحققت أكثر من ثلاثين نبوة من الثلاث مئة نبوة في الأربعة والعشرين ساعة الأخيرة من حياته على الأرض، فالمسيحية لم تأتِ من فراغ ولا اقتبست من أساطير الأمم، إنما نرى جذورها العميقة الضاربة في القديم من خلال نبوات العهد القديم. كما أن السيد المسيح نفسه طالما تنبأ عن آلامه وموته وصلبه وقيامته (مت 16 : 21، 17 : 22، 23، 20 : 19، 26 : 32، مر 9 : 9، لو 24 : 46، يـو 2 : 19، 21، 16 : 19 - 22).
ب - بينما نثق ثقة تامة كاملة شاملة في كتابنا المقدَّس، فإن أقوال النُقَّاد مشكوك فيها، فكثير من الشخصيات التاريخية التي شكَّك النُقَّاد في حقيقة وجودها أثبت علم الآثار وجودها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويقول "عباس محمود العقاد": "على أن النُقَّاد الذين شكُّوا في وجود السيد المسيح قد شكُّوا كذلك في وجود يوشع (يشوع) بن نون، وظنوا فيه كما ظنوا في السيد المسيح أنه رمز من رموز العبادات الشمسية لأنه يُسيّر الشمس ويوقفها عن سيرها، ولم يصل إلى علم هؤلاء النُقَّاد أن اسم يوشع بن نون وُجِد منقوشًا على حجر عند "نوميديا" شمال أفريقيا حيث أقام الفينيقيون مستعمرتهم "قارة حداشة" التي عُرفت فيما بعد بِاسم قرطاجنة، وعلى ذلك الحجر الذي كشف (سنة 540 ميلادية) كتابة بالفينيقية يقول كاتبوها: "أننا خرجنا من ديارنا لننجو بأنفسنا من قاطع الطريق يوشع بن نون" (الفصل الرابع من المجلد الثالث من صحائف شميرز).. وليس كاتبو هذا الكلام عن النبي الإسرائيلي ممن يُتهمون بالحرص على إثبات وجوده ونفي الشبهات عن سيرته وتاريخه"(730).
مثل المؤرخ اليهـودي "يوسيفوس" (37 ـ 100م)، والمــــؤرخ الروماني "كرنيليوس تاسيتـــوس" (55 ـ 120م)، و "سيوتونيوس" (70 - 150م) و "ديوناسيوس الأريوباغي" قاضي محكمة أثينا الذي كان معاصرًا لصلب المسيح، و "لوسيان الساموساطي" (125 - 190م) و "ثالوس" سنة 52م، و "مارابار - سيرابيون" سنة 70م، و "كلسوس" الذي ولِد سنة 140م، وقد عرضنا لشهادتهم جميعًا فيُرجى الرجوع إلى إجابة (س 82).
ونعرض هنا لوصف للسيد المسيح بقلم "بيليوس لنتيوس" صديق بيلاطس البنطي وقد رفعه إلى مجلس الشيوخ الروماني، وكان هذا التقرير متداولًا بين المسيحيين في القرن الرابع، وجاء فيه: " أنه في هذا الزمن ظهر رجل له قوى خارقة يُسمى يسوع ويدعوه تلاميذه بابن الله، وكان للرسل سمة نبيل وقوام بين الاعتدال، يفيض وجهه بالحنان والهيبة معًا، فيحبه مَن يراه ويخشاه. شعره كلون الخمر منسرح غير مصقول، ولكنه من جانب الأذن أصعد لمَّاع، وجبينه صلت ناعم، وليس في وجهه شبه (عيب)، غير أنه مشرَّب بنضرة متوردة، وسّيماه كلها صدق ورحمة، وليس في فمه ولا أنفه ما يُعاب، وعيناه زرقاوان تلمعان. مخيف إذا لآم أو أنب. وديع محبب إذا دعا وعلم، لم يره أحد يضحك، ورآه الكثيرون يبكي، وهو طويل، له يدان جميلتان مستقيمتان، وكلامه متزن رصين لا يميل إلى الأطناب، وملاحته في مرآه تفوق العهود في أكثر الرجال"(731).
وشكَّك البعض في هذا الوصف، وقيل أنه مدسوس، وقالوا عن السيد المسيح: " أنه كان قميئًا أحدب دميم الصورة" فرد عليهم "عباس محمود العقاد" من وحي ما جاء بالأناجيل، قائلًا: " فإن الشريعة الموسوية كانت تشترط في الكاهن سواء الخُلق وسلامة الجسم من العيوب، ولا ترسم لخدمة الدين من يعيبه نقص أو تشويه، فمن غير المعقول أن يتصدى للرسالة مَن يُعاب بالحدب والدمامة والقماءة معًا...
وليس في الأناجيل إشارة إلى سمات السيد المسيح تصريحًا أو تلميحًا يُفهم من بين السطور، ولكن يؤخذ من كلام نثنائيل حين رآه لأول مرة أنه رائع المنظر مَلَكي الشارة، إذ قال له: "أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل".. تحية لا تُقال للأحدب ولا للدميم المشوه.
غير أننا نفهم من أثر كلامه أنه كان مأنوس الطلعة يُعلّم فيوحي الثقة إلى مستمعيه، وذلك الذي قيل عنه غير مرة أنهم أخذتهم كلماته، لأنه "يتكلم بسلطان" وليس كما يتكلم الكتبة والكهان.
وقد كان ولا ريب فصيح اللسان سريع الخاطر، يجمع إلى قوة العارضة سرعة الاستشهاد بالحجج الكتابية التي يستند إليها في حديث الساعة كلما فوجئ باعتراض، أو مكابرة، فكانت له قدرة على وزن العبارة المرتجلة، لأن وصاياه مصوغة في قوالب من الكلام الذي لا ينظم كنظم الشعر ولا يرسل إرسالًا على غير نسق، ويغلب عليه إيقاع الفواصل وترديد اللوازم ورعاية الجرس في المقابلة بين الشطور.
وذوق الجمال بادٍ في شعوره كما هو بادٍ في تعبيره وتفكيره، والتفاته الدائم إلى الأزهار والكروم والحدائق التي يكثر من التشبيه بها في أمثاله، عنوان لما طُبِع عليه من ذوق الجمال والإعجاب بمحاسن الطبيعة، وكثيرًا ما كان يرتاد المروج والحدائق بتلاميذه ويتخذ من السفينة على البحيرة - بحيرة طبرية - منبرًا يخطب منه المستمعين على شاطئها المعشوشب كأنهما يوقع كلامه على هزات السفينة وصفقات الموج وخفقات النسيم، ولم يُؤثر عنه أنه آلف المدينة والحاضرة كما كان يألف الخلاء الطلق حتى يقضي سويعات الضحى والأصيل أو سهرات الربيع في مناجاة العوالم الأبدية على قمــم الجبال وتحـت القبة الزرقاء"(732).
أ - قيامة السيد المسيح من الموت ترتب عليها تغيير مفاجئ فـي حياة التلاميذ والرسل، فقد أستولى الخوف والهلع عليهم وفروا وهربوا ساعة القبض علـى السيد المسيح (مت 26 : 56)، وأنكره بطرس بسبب الخوف أمام الجارية، وبينما ارتفع على جبل الجلجثة مصلوبًا عريانًا غاص التلاميذ في أحضان العلية وغلَّقوا الأبواب، ولكن بعد ظهور المسيح القائم لهم، فإذ الخوف ينقلب إلى شجاعة، والهلع يتحوَّل إلى جسارة، وملأوا أورشليم وخارجها بالكرازة والبشارة بقيامة المسيح، " وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ" (أع 4 : 33) ووقف بطرس في جراءة عجيبة يواجه القيادات الدينية قائلًا: " وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ" (أع 3 : 15).. فلو أقتبس التلاميذ موت المسيح الفدائي وقيامته، فمَن هو الذي وهبهم هذا التغيُّر المفاجئ من خوف ورعب وهلع إلى شجاعة وجسارة وتحدي؟!!
ب - كان جميع التلاميذ من اليهود البسطاء، الذين عاشوا في بيئة يهودية مغلقة بعيدة تمامًا عن الأساطير، وكانوا ينظرون للأمم الذين يدينون بالديانات الوثنية والأساطير نظرة ازدراء، فكيف يقتبسون من معتقداتهم وأساطيرهم، ويضعونها في أناجيلهم، على أساس أنها حقائق..؟! الذي يدعي هذا هو يتهم هؤلاء القديسين البسطاء الأبرياء بأنهم مزورون وكذبة وخادعون، ولو تصوَّر أحد أن التلاميذ خدعوا العالم لسبب أو لآخر، فهو في الحقيقة يتجاهل تمامًا رد فعل المجتمع الذي عايش يسوع المسيح، وقد عرفوه كنبي عظيم مقتدرًا في القول والفعل، فلم يكف عن التجوال في ربوع البلاد بطولها وعرضها يبشر ببشارة الملكوت ويشفي جميع المرضى ويطرد الأرواح النجسة، ويشبع الجموع، فكانت الجموع تزحمه دائمًا، حتى أن بعضهم كان يدوس بعض (لو 12 : 1).. فهل كل هؤلاء الألوف والربوات غيروا ضمائرهم وشايعوا التلاميذ في أساطيرهم..؟!
جـ - عندما بشر بولس الرسول في أثينا وكلمهم عن القيامة من الأموات أنكروا عليه ذلك: " فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ وَقَالَ بَعْضٌ تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ. وَبَعْضٌ إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِيًا بِآلِهَةٍ غَرِيبَة. لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ. فَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ قَائِلِينَ هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ الَّذِي تَتَكَلَّمُ بِهِ. لأَنَّكَ تَأْتِي إِلَى مَسَامِعِنَا بِأُمُورٍ غَرِيبَةٍ.." (أع 17 : 18 - 20).. فلو كانت قصة يسوع وموته وقيامته مقتبسة من أسطورة ديونسيوس وغيره فلماذا احتج الأثينيون قائلين عن بولس أنه ينادي بآلهة غريبة وتعليم جديد على مسامعهم وأمور غريبة؟!!
د - استشهاد التلاميذ بسبب تمسكهم بعقائدهم خير دليل على صدق هذه العقائد، وأنها لم تكن أبدًا مقتبسة من أساطير الأولين، ويقول "عباس محمود العقاد": " ومــن بـدع (أهل) القرن العشرين سهولة الاتهام، كلما نظروا في تواريخ الأقدمين، فوجدوا في كلامهم أنباء لا يسيغونها وصفات لا يشاهدونها ويعقلونها. ومن ذلك إتهام الرسل بالكذب فيما كان يثبتونه من أعاجيب العيان وأعاجيب النقل. ولكننا نعتقد أن التاريخ الصحيح يأبى هذا الاتهام، لأنه أصعب تصديقًا من القول أن أولئك الدعاة أبرياء من تعمد الكذب والاختلاق. فشتان ما بين عمل المؤمن الذي لا يبالي الموت تصديقًا لعقيدته، وعمـل المحتال الذي يكذب، ويعلم أنه يكذب، وأنه يدعو الناس إلى الأكاذيب. مثل هذا لا يَقْدِم على الموت في سبيل عقيدة مدخولة، وهو أول من يَعلَمُ زيفها وخداعها، وهيهات أن يوجد بين الكذبة العامدين من يستبسل في نشر دينه كما استبسل الرسل المسيحيون... وليذكر أدعياء التمحيص في عصرنا هذا أننا نطلب من الرجل في القرن الأول الميلادي أن يُكذّب إنسانًا لغير سبب وهو يطمئن إليه ولا يتهمه بالتلفيق والاختلاق... ولكن لم يحدث قط إقبال كذلك الأقبال الجارف الذي تلقى به الناس رسل المسيحية، لأنهم تلقوهم بنفوس مقفرة متعطشة، ونظروا أمامهم فرأوا قومًا مثلهم يؤمنون غير مكترثين لما يصيبهم وغير مهتمين في مقاصدهم. فأصغوا إليهم وآمنوا كإيمانهم"(733).
انطلقت الكرازة من أورشليم وانتشرت بقوة وسرعة إلى شتى أنحاء العالم:
أ - انطلقت الكرازة من أورشليم عقر دار القيادات الدينية اليهودية التي تآمرت على السيد المسيح وقدمته للمحاكمة والموت صلبًا، فملأوا المدينة بشارة وكرازة، حتى قلبوا المدينة رأسًا على عقب، ووصل عدد المؤمنين للآلاف، وبهذا عرَّضوا أنفسهم لخطر الموت مثل معلمهم، ولولا ثقة التلاميذ وإيمانهم الكامل بالمسيح وموته الفدائي وقيامته، ما عرَّضوا أنفسهم لخطر الموت هذا، بل أنهم تحدُّوا هذه القيادات مرارًا وتكرارًا وهم يشيرون إليهم بأصبع الاتهام ويواجهونهم بأنهم هم الذين قتلوا يسوع المسيح، ونجحت الكـرازة في أورشليم، وسريعًا ما امتدت إلى روما عقر دار الإمبراطورية الرومانية ووصلت الكرازة لرجال في القصر الإمبراطوري فآمنوا، وكان ما زال بولس وبطرس على قيد الحياة، وكانت النتيجة الحكم بالموت على كليهما، فقبلا حكم الموت ولم يقبلا التراجع عن إيمانهما، فلو كان هذا الإيمان بيسوع المصلوب القائم مستمد من الأساطير، هل كانا يموتان من أجله؟!
ب - نجحت الكرازة وانتشرت في أرجاء المعمورة، وحقَّقت انتصارات باهرة على معاقل الوثنية، والفلسفات اليونانية، ومدرسة إسكندرية الوثنية، بل وقوضت أركان الإمبراطورية الرومانية، وأيدتهم السماء بالمعجزات الباهرات: " وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ" (أع 5 : 12).. " وَكَانَتْ عَجَائِبُ وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُجْرَى عَلَى أَيْدِي الرُّسُل" (أع 2 : 43).. " شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (عب 2 : 4). حتى قال يهود تسالونيكي عن بولس والعاملين معه أنهم " فَتَنُوا الْمَسْكُونَةَ" (أع 17 : 6).. حقًا أنهم سلموا البشرية أرقى أنواع التعاليم الأخلاقية التي تسلموها من معلمهم، اللطف وقت الشدة، والتواضع يصاحب القوة الروحية، والوداعة لا تنفصل عن الشجاعة، وحياة الإيمان تنقل الجبال، والذين قبلوا الإيمان تغيَّر سلوكهم واستنارت وجوههم فجذبوا الآخرين بشباك المحبة لملكوت السموات.
أ - كان موضوع قيامة السيد المسيح بعد موته بثلاثة أيام أبعد ما يكون عن ذهن التلاميذ، بالرغم من أن السيد المسيح أخبرهم بموته وآلامه وقيامته عدة مرات: " وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذلِكَ شَيْئًا وَكَانَ هذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيــلَ" (لو 18 : 34)، ولذلك لم يصدقوا النسوة اللواتي بشروهم بالقيامة بل تراءى كلامهم كالهذيان، ولم يصدقوا تلميذيّ عمواس، ولذلك عندما ظهر لهم السيد المسيح " وَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ" (مر 16 : 14)، ولو وضعوا كلام الرب يسوع في قلوبهم ما كانوا جازوا في ذلك الحزن القاتل على صلبه وموته.
ب - لكيما تنضج الأسطورة فأنها تستوي على نارٍ هادئةٍ، بمعنى أنها تستغرق وقتًا طويلًا جدًا يمتد إلى عدة أجيال لكيما تتحول القصة البسيطة إلى أسطورة، وهذا لا ينطبق على قيامة السيد المسيح الذي مات ودُفن مساء الجمعة ونهض مـن الموت وقام في فجر الأحد، فمن المستحيل أن تولد أسطورة أو تُنقل في هذا الوقت الوجيز.
جـ - لا تسمح أخلاق التلاميذ الذين تعلَّموا على يد معلم الفضيلة الأول أن يخترعوا أكذوبة تضل العالم كله، ولو افترضنا جدلًا أن هذا ما حدث، فهل اتفق جميع التلاميذ والرسل والجماعة المسيحية الأولى وشاول الطرسوسي الذي اضطهد الكنيسة بإفراط، هل اتفق كل هؤلاء على الكذب والخداع والتضليل ولا يوجد معترض واحد بينهم؟!، وهل سيتفق كل هؤلاء على الأسطورة بكافة تفصيلاتها؟!
د - هناك فرق شاسع بين قصص الأساطير وقصة القيامة، فقصة القيامة جاءت في الأناجيل بأسلوب سهل وبسيط وسلس في سياق الحديث بدون مبالغة ولا تهويل، ولم تظهر فيها لغة الأساطير على الإطلاق، ولو كانت قصة القيامة مقتبسة من الأساطير لبرزت فيها المبالغات والتهويل، فمثلًا تصوّر المسيح القائم المنتصر على الموت وهو يصرخ صرخة النصرة، ويطيح بالحجر بطرف إصبعه، ويهجم على الحراس فيفتك بهم، ويسرع إلى بيلاطس فيعنّفه لأنه لم يُقِم العدل والحق، ويظهر لحنان وقيافا وقادة اليهود فيرهبهم ويثبت لهم أنه بالحقيقة ابن الله، ويدعو تلاميذه لموكب عظيم يطوف شوارع أورشليم ينشدون نشيد القيامة والظفر والخلاص ليمسح عار موكب الصليب... مثل هذه اللغة، لغة الأساطير، لا تجدها على الإطلاق في لغة الأناجيل الهادئة الصادقة التي أظهرت ضعف إيمان التلاميذ ليس ساعة الصلب فقط، بل وحتى بعد أن سمعوا أخبارًا عن القيامة فلم يصدقوها.
هـ - لو كانت القيامة أسطورة فمن يستطيع أن يحل لغز القبر الفارغ، الذي ما زال يفج منه النور العجيب من عام إلى عام، يُوقِد الشموع وقناديل كنيسة القيامة، والأمر المدهش أنه لا يحرق شيئًا، ولا شعر الإنسان، حتى أن البعض يمرّره على وجهه ولا يتأذى منه على الإطلاق، ويأخذ صفة النار الحارقة بعد ثلاثة وثلاثين دقيقة هيَ عدد سنى حياة السيد المسيح على الأرض... حقًا أنك بلا عذر أيها الإنسان يا مَن تدعي أن حقيقة قيامة المسيح أسطورة، بينما هو حدث يشهد لذاته من عام إلى عام... كل قبور العالم بها عظام أموات، أما قبرك يا مخلصنا الصّالح فمنه تفوح رائحة الحياة، وكل مَن لا يصدق فليذهب ويعاين، فالذين ينظمون هذا العمل هم من أفراد الشرطة الإسرائيلية وهم يهود يكنون العداء للمسيح وأتباعه، ومن يفتشون بطريرك الروم الأرثوذكس قبل دخوله القبر ويتأكدون تمامًا أنه لا يحمل أي مواد مشعلة من أعواد الثقاب أو غيره، هم من الإخوة المسلمين، ولعلهم أدركوا أن ما جاء في القرآن عن رفع المسيح حيًا ما هو إلاَّ تعبير عن قيامته...
وما أجمل قول "فرنك موريسون" المحامي: " والقبر الفارغ يقف صخرة راسخة كدليل من أقوى الأدلة على قيامة المسيح. لقد ربح الرسل كثيرين للإيمان بالمسيح، بالرغم من عداوى السامعين، بعد أن أعلنوا خبر القيامة المُفرِح، وهم على بُعد قريب من القبر، يمكن لم يشاء أن يذهب إليه بنفسه. فهل كان يمكن أن يربحوا كل هؤلاء لو أن جسد المسيح كان مسجي في قبره؟! وهل يمكن أن يقبل الكهنة والفريسيون وقادة اليهود ما أعلنه التلاميذ البسطاء، بدون مقاومة، لو لم يكن القبر فارغًا فعلًا؟! إن حقيقة القيامة ما كان يمكن أن تُعلَن في أورشليم لو لم يكن القبر قد خلا حقًا من جسد المسيح، فقد كان اليهود قادرين على إحضاره لو أنه كان موجودًا" (734) (راجع كتابنا: "أسئلة حول 6ـــ الصليب" من ص 200 - 302).
و - لو كانت القيامة أسطورة فكيف نفسر الأكفان التي أثبت العلم أنها ترجع لزمن السيد المسيح، وقد طبعت عليها صورة السيد المسيح بواسطة اللفح الحراري المنبعث من المسيح القائم كأشعة الليزر الدقيقة، فطبع الصورة على قماش الكفن دون أن يتلفه (راجع كتابنا: "أسئلة حول 6ـــ الصليب" ص 142 - 154)؛ (راجع أيضًا جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ط 2004م ص 213 - 270، وفرانك موريسون - ترجمة حبيب سعيد - مَن دحرج الحجر؟).
كثير من النُقَّاد يسقطون في النظرة الأحادية، فكل ما يهدفون إليه نقض الكتاب المقدَّس، ويتغافلون ويتجاهلون أن كثير من الأمور التي يهاجمونها هم يؤمنون بها، فالأخوة الأحباء من النُقَّاد المسلمين مثل "الدكتور أحمد شلبي" في كتابه: "مقارنة الأديان 2ـــ المسيحية "، و "الدكتور هاشم جودة" في كتابه: "العقائد المسيحية بين القرآن والعقل"، و "محمد طاهر" في كتابه: "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية"، و "الشيخ محمد أبو زهرة" في كتابه: "الديانات القديمة"، و "الشيخ محمد رشيد رضا" في كتابه: "عقيدة الصلب والفداء"، و"الدكتور محمد وصفي" في كتابه: "المسيح بين الحقائق والأوهام"، و "دكتور السيد القمني" في كتابه: "الأسطورة والتراث"، وجميعهم على درجات علمية كبيرة كيف يوافقون ادعاءات المدعين بأن قصة يسوع المسيح مقتبسة من أبطال الأساطير، وأورد هؤلاء المدَّعين أربعين شبهًا بين يسوع المسيح وأبطال الميثولوجيا، ويركب هذه الموجة بعض أخوتنا من النُقَّاد المسلمين الآخرين بينما هم يؤمنون ويعتقدون بأن المسيح شخصية تاريخية حقيقية، ويؤمنون أنه وُلِد بطريقة معجزية فريدة لم يشابهه فيها أحد قط، ويذكرون قول مريم العذراء لملاك البشارة: " قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا" (مريم 19 : 19، 20).. فكيف يوافقون دعاة الكذب بأن ولادة المسيح المعجزية مقتبسة من الأساطير؟!!
وهم يؤمنون أيضًا بمعجزات السيد المسيح الباهرة: " وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي" (المائدة 5 : 109).. فكيف يوافقون دعاة الكذب بأن أعمال المسيح المعجزية مقتبسة من الأساطير؟!
وأيضًا يؤمنون أن السيد المسيح كان يعلّم الغيب: " وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ" (آل عمران 3 : 48) مع أن علم الغيب لله وحده (الأنعام 6 : 59، 73، يونس 10 : 20، وهود 11 : 49، والنحل 16 : 77، والنمل 27 : 65).. فكيف يوافقون دعاة الكذب بأن قصة المسيح والمسيحية وليدة الأساطير الوثنية..؟! وهلم جرا.
_____
(721) مقارنة الأديان 2ـــ المسيحية ص 167، 168.
(722) مقارنة الأديان 2ـــ المسيحية ص 181، 182.
(723) الأسطورة والتراث ص 43.
(724) مقارنة الأديان 2ـــ المسيحية ص 182، 183.
(725) حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث ص 104.
(726) يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ص 86.
(727) حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث ص 105.
(728) المرجع السابق ص 101.
(729) حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث ص 102.
(730) المرجع السابق ص 104، 105 .
(731) أورده عباس محمود العقاد - حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث ص 108.
(732) حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث ص 108 - 110.
(733) عبقرية المسيح ص 188 - 190.
(734) أورده جوش مكدويل - ترجمة القس منيس عبد النور - برهان يتطلب قرارًا ص 262.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/94.html
تقصير الرابط:
tak.la/xab263v