![]() |
ج: أولًا: نشأة بدعة النيقولاويين: الذي أنشأ هذه البدعة هو "نيقولاوس" أحد الشمامسة السبعة الذين اختارهم الشعب في أورشليم وأقامهم الرسل لخدمة الموائد فكان منهم " بَرْمِينَاسَ وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلًا أَنْطَاكِيًّا" (أع 6: 5). وظهرت هذه البدعة في مدينتي أفسس وبرنماس وهما مدينتان لهما وزنهما في آسيا الصغرى، حتى قيل أن أفسس هيَ "نيويورك" آسيا، وبرنماس هيَ "واشنطن" آسيا. وبسبب بشاعة هذه البدعة جاء ذكرها مرتين في سفر الرؤيا، في الأولى امتدح السيد المسيح ملاك كنيسة أفسس الذي قاوم هذه البدعة: "وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا" (رؤ 2: 6)، والثانية عاتب فيها السيد المسيح ملاك كنيسة برغامس لتساهله مع هذه البدعة: "وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ... أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ وَيَزْنُوا. هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ" (رؤ 2: 14-15)، فهؤلاء النقلاويون أباحوا الأكل مما ذُبح للأوثان وسقطوا في (شيوعية النساء) الزنا، وهذا ما نهى عنه مجمع أورشليم نحو سنة 50 م: "أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ وَعَنِ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا" (أع 15: 29).
قيل أن زوجة نيقولاوس كانت تتمتع بجمال باهر، وكنوع من الزهد والنُسك امتنع عن العلاقات الجسدية مع زوجته، ثم عاد إليها، وكنوع من إذلال الجسد بحسب وجهة نظره الخاطئة تخلى عن زوجته وأقامها في وسط جماعته وسمح لمن رغب أن يختلي بها، فكما أن كل شيء كان مشتركًا بينهم أراد أن لا يستأثر بمفرده بجمال زوجته الباهر، فسقطوا في خطية بشعة تفشت بينهم وهي شيوعية النساء، والعودة للعبادات والممارسات الوثنية التي مزجت العبادة بالعهر المقدَّس.
ويقول "القديس إيرينيئوس": "أما النيقولاويون، فهم أبناء نيقولاوس الذي كان واحدًا من الشمامسة السبعة الذين سيموا بواسطة الرسل، وهم يحيون حياة مطلقة العنان للشهوات بدون أي انضباط. وخُلق هؤلاء الناس مُشار إليه بوضوح في رؤيا يوحنا... أن يمارس الإنسان الزنى وأن يأكل من الذبائح المقدمة للأوثان. لذلك تكلم "الكلمة" عنهم هكذا: "وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا" (رؤ 2: 6)، (ك 1: ف 26: 3) (85) (راجع أيضًا عادل فرج عبد المسيح - موسوعة آباء الكنيسة جـ 1 ص 245). ويقول " القديس أكليمنضس السكندري" في كتابه الثالث "ستروماتا" Stromata (المفرقات) الفصل الرابع عن نيقولاوس:" (1) يقولون أنه كانت له زوجة جميلة، وإذ اتهمه الرسل بالغيرة والحسد بعد صعود المُخلص، أخذها ووضعها في وسطهم وسمح لأي واحد أن يتزوج بها، لأنه يُقال أن هذا كان يتفق مع القول المعروف عنه أن المرء يجب أن يذل جسده. أما الذين أتبعوا هرطقته وقلدوا بحماقة كل ما فعله وقاله تقليدًا أعمى فأنهم يرتكبون الزنى بلا خجل أو حياء. (3) ولكني علمت أن نيقولاوس لم يعرف امرأة أخرى غير تلك التي تزوجها، وأن بناته استمرين في حالة العذراوية حتى سن الشيخوخة، وأما ابنه فلم يتدنس. (3: 29: 2-3) (86).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ثانيًا: تعاليم النيقولاويين: من تعاليم النيقولاويين ما يلي:
1- اعتقدوا بوجود مبدأين لكل شيء، وهما مبدأ الخير ومبدأ الشر.
2- الله الكامل السامي لم يخلق العالم، لكن هناك قوة وسيطة هيَ التي خلقت العالم.
3- أباحوا الأكل مما ذُبح للأوثان.
4- عاشوا حياة مستهترة خليعة رخيصة، فلم يحفظ كل منهم طهارة زوجته، إنما أباحوا "شيوعية النساء"، حتى وصفهم "الشهيد أغناطيوس" سنة 110م في رسالته إلى فلادلفيا - الفصل السادس بأنهم "محبو الملذات" وعرَّف الإنسان النيقولاوي بأنه هو: "من يسئ إلى جسده" (راجع عادل فرج عبد المسيح - موسوعة آباء الكنيسة جـ 1، ص 245). وجاء في "قاموس الكتاب المقدَّس": "نيقولاويون: شيعة ظهرت في كنائس أفسس وبرنماس، وكانت تؤمن بتعليم بلعام، أي بأن يأكلوا ما يُقدم للأوثان وأن يزنوا، وكانت تعارض قرارات الرسل والمشايخ الذين اجتمعوا في القدس حوالي سنة 50م (أع 15: 29)، ولا بد أن هؤلاء كانوا من أتباع رجل اسمه نيقولاوس... وقد جنَّد يوحنا (الحبيب) نفسه ضد هذا المذهب الهرطوقي (رؤ 2: 6، 15)" (87).
_____
(85) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - ضد الهرطقات جـ 1، ص114.
(86) أورده يوسابيوس القيصري - ترجمة القمص مرقس داود - تاريخ الكنيسة ط 1960م، ص144 ، 145.
(87) قاموس الكتاب المقدَّس، ص977.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/645.html
تقصير الرابط:
tak.la/r7pn36z