س629: هل جاءت للقبر مريم المجدلية ومريم الأخرى (مت 28: 1) أو أم يعقوب والباقيات (لو 24: 10) أم مريم المجدلية فقط (يو 20: 1)؟ وهل كان هناك شاب في القبر على اليمين لابسًا حُلة بيضاء (مر 16: 5) أم رجلان بثياب براقة (لو 24: 4) أم ملاكان بثياب بيض واحد عند الرأس والآخر عند الرجلين (يو 20: 12)؟ وهل عمواس (لو 24: 13) على بُعد (160) غلوة من أورشليم كما جاء في المخطوطة السينائية وبعض المخطوطات الأخرى، وقد أيد هذا كل من يوسابيوس القيصري وجيروم؟ ولماذ ذكر القديس لوقا اسم كليوباس أحد تلميذي عمواس ولم يذكر اسم التلميذ الآخر (لو 24: 18)؟
ج: 1- هل جاءت للقبر مريم المجدلية ومريم الأخرى (مت 28: 1) أو أم يعقوب والباقيات (لو 24: 10) أم مريم المجدلية فقط (يو 20: 1)؟ وهل كان هناك شاب في القبر على اليمين لابسًا حُلة بيضاء (مر 16: 5) أم رجلان بثياب براقة (لو 24: 4) أم ملاكان بثياب بيض واحد عند الرأس والآخر عند الرجلين (يو 20: 12)..؟ سبق مناقشة هذه التباينات وغيرها في قصة القيامة، وشرحنا التكامل في القصة عبر الأناجيل الأربعة، وسقنا أمثلة عن مدى الاتفاقات في هذه القصة، وفسرنا الاختلافات الظاهرية، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 5 س457، جـ 6 س534. ونضيف هنا قول "القس ليون موريس": "وواضح أن الكلام كله يدور حول ملائكة، فأحيانًا نقرأ عن واحد، ثم نعود فنقرأ عن اثنين في موضع آخر، وليس في هذا ما يقلقنا. وكما يشير كثير من المُفسرين، أن للمتحدث الرسمي (من الملائكة) أهمية تفوق زملائه، وبذا تذكر وحده غالبًا دون الآخرين. كذلك لا يجب أن نقلق عندما نقرأ عن الملاكين كانا جالسين (في بشارة يوحنا) أو واقفين (في بشارة لوقا). ولا أن أقوالهما ليست متطابقة في الروايات المختلفة. أن النقد القاسي المُغرض المتعنت هو الذي لا يقبل احتمال تغيير الملاكين أوضاعهما، وما من سبب للقول أنهما لم يتكلما سوى مرة واحدة. بالإضافة إلى ذلك فإن يوحنا يتحدث عنهما في علاقتهما بحدث مختلف. ولا شك أنه ثمة مشاكل، إلاَّ أن الأمر الرئيسي الذي توضحه هذه الاختلافات البسيطة هو أن الروايات كانت مستقلة إحداها من الأخرى" (463).
ومن الملاحظات في قصة القيامة في إنجيل لوقا:
أولًا: ذكر القديس لوقا أحداثًا أكثر تفصيلًا خاصة بقيامة السيد المسيح أكثر من إنجيلي مرقس ومتى، فمثلًا ذكر:
أ– زيارة حاملات الحنوط للقبر في أول الفجر ومعهن أناس آخرين، وظهور رجلان بثياب بَرَّاقة (ملاكان)، وحديثهما مع النسوة (لو 24: 1-8).
ب- بشرى النسوة للرسل بالقيامة، ولكن تراءى كلامهن لهم كالهذيان (لو 24: 9-11).
جـ - زيارة بطرس للقبر وتعجبه مما كان ( لو 24: 12).
د– ظهور السيد المسيح لتلميذي عمواس وحديثه معهما، ودخوله إلى منزلهما وقد عرفاه عند كسر الخبز، واختفى عنهم، وعادا أدراجهما إلى أورشليم غير مُبالين بالسفر ليلًا، وأخبرا الرسل بما كان (لو 24: 13-25).
هـ- ظهور السيد المسيح للرسل في العلية ومعهم تلميذي عمواس، وخوفهم واضطرابهم، وحديث السيد المسيح معهم وقد أكل أمامهم، وفتح أذهانهم ليفهموا الكتب (لو 24: 26-50).
و– أخرج السيد المسيح التلاميذ ومن معهم إلى بيت عنيا على مشارف جبل الزيتون وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأُصعِد إلى السماء، وعاد الرسل بفرح عظيم (لو 24: 51-53).
ثانيًا: يمثل أصحاح القيامة في إنجيل لوقا أصحاح الانفتاح، فنلتقي في هذا الأصحاح مع:
أ– القبر المفتوح (لو 24: 2، 12).
ب– بيت تلميذي عمواس المفتوح (لو 24: 29).
جـ- عيون تلميذي عمواس المفتوحة (لو 24: 31).
د– الأسفار المقدَّسة المفتوحة (لو 24: 32).
هـ- شفاه تلميذي عمواس المفتوحة (لو 24: 35).
و– ذهن التلاميذ المفتوح (لو 24: 45).
ز– السماء المفتوحة (لو 24: 51).
ثالثًا: إن كان القديس متى انفرد بذكر الزلزلة وارتعاب الحراس ورشوة رؤساء الكهنة للجنود ليكذبوا ويقولوا أن تلاميذه جاءوا ليلًا وسرقوا جسد يسوع، وإن كان القديس مرقس انفرد بخبر رسالة الملاك لبطرس، والقديس يوحنا انفرد بحديث المسيح مع مريم المجدلية وتوما الرسول، فإن القديس لوقا انفرد بذكر قصة تلميذي عمواس، وهكذا تكمل الأناجيل بعضها البعض، وأن الأناجيل الأربعة مُجمعة تلتقي بالزيارات المتعددة للقبر سواء من الملائكة أو النسوة أو بعض الآباء الرسل أو بقية المؤمنين، فكثير من أحداث شهادات القبر الفارغ لقيامة المسيح لم تُذكر في الأناجيل، وما زال هذا القبر المُمجد يشهد لقيامة المسيح من عام إلى عام كلما انبثق منه نور القيامة العجيب الذي يُضيء الشموع والقناديل ولا يحرق شيئًا، ثم يتحوَّل إلى نار عادية... ما أمجدك أيها القبر المجد!!
2- هل عمواس (لو 24: 13) على بُعد (160) غلوة من أورشليم كما جاء في المخطوطة السينائية وبعض المخطوطات الأخرى، وقد أيد هذا كل من يوسابيوس القيصري وجيروم..؟ اسم "عمواس" اسم عبري معناه "الينابيع الحارة"، وفي العصر الروماني دُعيت "نيقوبوليس"، وتقع عمواس غرب أورشليم بنحو ستين غلوة، وليس (160) غلوة، والغلوة في اليونانية تعادل الأستاديون، وهيَ لدى اليونانيين 600 قدم ولدى الرومان 625 قدمًا، أي نحو 185 مترًا. فلو كانت عمواس على بُعد (60) غلوة من أورشليم كما جاءت في المخطوطة السكندرية والمخطوطة الفاتيكانية ومخطوطة ميرا، وعدد كبير من المخطوطات والترجمات القديمة أي نحو إحدى عشر كيلومترًا، فهذا معقول يتمشى مع بقية القصة لأن التلميذين عندما وصلا إلى عمواس كانت الشمس قاربت على المغيب، فلما اكتشفا أن الذي سار معهما هذا الطريق هو السيد المسيح عادا أدراجهما إلى أورشليم ووجدا الرسل ومن معهم ما زالوا متيقظين لم يناموا بعد، بينما لو كانت عمواس تبعد عن أورشليم (160) غلوة أي نحو ثلاثين كيلومترًا لكان من الصعب على التلميذين أن يقطعا هذه المسافة ذهابًا وإيابًا في مثل هذا الوقت.
← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.
وقد كان هناك أكثر من مدينة سُميت عمواس:
أ– عمواس التي في السهل، وهيَ التي دارت فيها المعركة بين يهوذا المكابي وجيوش أنطيوخس (1 مك 3: 40-60، 4: 3) ودُعيت "عِمَّاوُس"، وليست هذه التي قصدها لوقا الإنجيلي.
ب- عمواس - كولدنية: كولدنية أي مستوطنة رومانية، كانت تُدعى مستعمرة فسباسيان، وذكرها يوسيفوس المؤرخ اليهودي وأطلق عليها اسم عمواس.
جـ- عمواس - القبيبة: وتبعد عن أورشليم نحو 60 غلوة، تقع على الطريق من أورشليم إلى روما مرورًا باللد، وهيَ المدينة التي قصدها القديس لوقا (لو 24: 13)، وموقعها كان مجهولًا حتى عام 1000م (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 5 ص338، 339، والخوري بولس الفغالي - إنجيل لوقا جـ 3 - الآلام والقيامة ص476، 477، ودكتور غالي - موقع هولي بايبل) (راجع أيضًا مدارس النقد - عهد جديد جـ 1 س3).
4- لماذا ذكر القديس لوقا اسم كليوباس أحد تلميذي عمواس ولم يذكر اسم التلميذ الآخر (لو 24: 18)..؟ قصة تلميذي عمواس قصة جذابة ومشوقة، اختص السيد المسيح تلميذين ليس من جملة الاثني عشر، كما أن القصة تُظهِر تمكُّن القديس لوقا من الأسلوب الأدبي الغني الراقي. أن ذكر القديس لوقا اسم إحدى التلميذين، وهو كليوباس، وهو اختصار لاسم "كليوباتروس" أي "المجد الكامل"، وذُكر اسمه ربما لأن كليوباس كان هو المتقدم، فهو الذي جاوب السيد المسيح: "فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَلْيُوبَاسُ وَقَالَ لَهُ هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ.." (لو 24: 18). ويرى بعض المفسرين أن التلميذ الآخر كان هو لوقا الإنجيلي، ولم يذكر اسمه تواضعًا، والذين يعتقدون بهذا في الغالب يعتقدون أن لوقا أحد السبعين رسولًا الذين اختارهم السيد المسيح في إرسالية السبعين. يقول "الأنبا غريغوريوس" أسقف عام الدراسات القبطية والبحث العلمي: "وكان اثنان من تلاميذ مُخلصنا مُنطلقين في ذلك اليوم إلى قرية تبعد عن أورشليم نحو ستين غلوة، أي نحو سبعة أميال، اسمها عمَّاوس، في شمال غربي أورشليم. وكان اسم أحد هذين التلميذين كليوباس كما هو وارد في هذه البشارة، وأما التلميذ الآخر فيبدو أنه هو القديس لوقا نفسه كاتب هذه البشارة، وقد امتنع عن ذكر اسمه تواضعًا وتأدُّبًا" (464). أما الذين يعتقدون أن القديس لوقا آمن بعد قيامة السيد المسيح على يد بولس الرسول، فإنهم يستبعدون أن يكون التلميذ الآخر هو لوقا الإنجيلي (راجع س536) فكان العلامة أوريجانوس وكذلك القديس كيرلس الكبير يرون أن التلميذ الآخر كان يُدعى "سمعان" وهو من الرسل السبعين، وهو غير سمعان بطرس وغير سمعان القانوني (راجع التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدَّس - العهد الجديد جـ 3 - الإنجيل كما دوَّنه لوقا ص573). وأظن أن غياب اسم التلميذ الآخر لا يعيب القصة في شيء، فمثلًا ذكر القديس متى قصة الإيمان في أريحا ولم يذكر اسم أي منهما (مت 20: 30)، وذكر مارمرقس اسم أحدهما فقط وهو " بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ" (مر 10: 46) وهو الأكثر شهرة، ولم نعرف من هو الأعمى الآخر، وهذا لم يعب القصة قط.
_____
(463) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - العهد الجديد - إنجيل لوقا، ص357.
(464) الإنجيل حسب القديس لوقا - ترجمة لجنة قداسة البابا كيرلس السادس، ص502.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/629.html
تقصير الرابط:
tak.la/s6h4bz3