St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

575- ما المقصود بقول لوقا: "السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ" (لو 6: 1)؟ ولماذا احتج الفريسيون على التلاميذ عندما قطفوا وأكلوا من سنابل الحقل (لو 6: 1، 2)؟ ولِمَ انفرد لوقا بتحديد اليد اليابسة باليمنى (لو 6: 6) فهل تفرق اليمنى عن اليسرى؟ وهل الكتبة والفريسيون تشاوروا على يسوع لمجرد أنه شفى يد الرجل اليابسة (لو 6: 11)؟

 

س575: ما المقصود بقول لوقا: "السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ" (لو 6: 1)؟ ولماذا احتج الفريسيون على التلاميذ عندما قطفوا وأكلوا من سنابل الحقل (لو 6: 1، 2)؟ ولِمَ انفرد لوقا بتحديد اليد اليابسة باليمنى (لو 6: 6) فهل تفرق اليمنى عن اليسرى؟ وهل الكتبة والفريسيون تشاوروا على يسوع لمجرد أنه شفى يد الرجل اليابسة (لو 6: 11)؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- ما المقصود بقول لوقا: "السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ" (لو 6: 1)..؟ قال القديس لوقا: "وَفِي السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ" ولم يستخدم أحد من كتَّاب الأسفار المقدَّسة هذا التعبير باستثناء القديس لوقا في هذا الموضع فقط. وهناك عدة آراء في تعريف " السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ"، نوردها هنا باختصار:

أ– قال بعض المُفسرين أن المقصود بالسبت الأول إشارة إلى عيد الفصح، والسبت الثاني إشارة إلى عيد الخمسين الذي هو عيد الباكورات أو عيد الأسابيع، والذي يفصل بينه وبين عيد الفصح سبعة أسابيع.

ب– السبت الأول هو السبت التالي لعيد الفصح مباشرة، والسبت الثاني هو ثاني سبت بعد الفصح، والذي عُرِف بـ"العومر" أو "الأغمار" حيث يكون الشعير مُفركًا، وهذا هو الرأي الغالب (راجع متى هنري - التفسير الكامل للكتاب المقدَّس جـ1 العهد الجديد ص422).

جـ- السبت الأول هو السبت الأول من الشهر الأول من السنة اليهودية، والسبت الثاني هو ثاني سبت من الشهر الثاني للسنة اليهودية.

د– قال البعض أن اليهود كان لديهم تقويمان، تقويم مدني يبدأ من شهر تشرين (سبتمبر / أكتوبر) وتقويم ديني يبدأ من شهر نيسان (أبريل / مايو). فالسبت الأول هو أول سبت في التقويم المدني والسبت الثاني هو السبت الأول في التقويم الديني، وهذا يتوافق مع قوله " السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ" لأن التقويم الديني لاحق للتقويم المدني.

هـ- كان لدى اليهود الدورة السباعية للسنين، وكل سبعة دورات تأتي سنة اليوبيل في السنة الخمسين، فالسبت الثاني هو أول سبت في السنة الثانية الحولية.

و– السبت الثاني هو الواقع بعد اليوم الثاني لعيد الفصح، وهذا يُمثل رأي اليهود الذين آمنوا بالمسيحية وترجموا العهد الجديد للغة العبرية، وعلى رأسهم "إيلتس" واعتمدوا في قولهم هذا على أن الفصل المُعين للقراءة في هذا السبت الثاني هو عين الفصل الذي يتحدث عن أكل داود ورجاله من خبز الوجوه (راجع الدكتور القس إبراهيم سعيد - شرح بشارة لوقا ص130).

 

St-Takla.org Image: The disciples plucking the corn - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909. صورة في موقع الأنبا تكلا: التلاميذ يقطفون من سنابل القمح - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909 م.

St-Takla.org Image: The disciples plucking the corn - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909.

صورة في موقع الأنبا تكلا: التلاميذ يقطفون من سنابل القمح - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909 م.

2- لماذا احتج الفريسيون على التلاميذ عندما قطفوا وأكلوا من سنابل الحقل (لو 6: 1، 2)..؟ آخذ الفريسيون التلاميذ على أكلهم من سنابل الحقل في يوم سبت، وكان لدى اليهود نحو 29 عملًا، كل عمل بتفريعاته مُنهى عن عملها يوم السبت، فإذا صنعها الإنسان اليهودي فربما صنعها بدون قصد سيئ فيحذرونه حتى لا يُكرر هذا العمل ثانية، أما إن تجاوز هذه الوصية عن عمد وقصد وكرر عمله رغم التحذير الذي وجه له، فيحق لهم رجمه، وبالطبع أن النقد الموجه للتلاميذ أولًا كان يُهدد حياتهم، وثانيًا هو في الحقيقة موجه أيضًا للسيد المسيح، لأن المُعلّم مسئول عن تصرفات تلاميذه. لقد احتسب الفريسيون أن قطف السنابل عملية حصاد، وفرك حبات القمح عملية درس وتذرية، وأكل حبوب القمح أنه إعداد طعام، وإن كان هذا الأمر يُعد نوعًا من الفكاهة في هذه الأيام، إلاَّ أنه كان يُعد أمرًا خطيرًا في نظر الكتبة والفريسيين ولم يلتمسوا العذر للتلاميذ الذين كانوا صائمين ولم يهتموا بالطعام فاكتفوا بالقليل من سنابل الحقل، وهو عمل مُباح بحسب الشريعة، بينما اعتاد الفريسيون أن يتلذذوا بأشهى الأطعمة يوم السبت. ودافع السيد المسيح عن تلاميذه مستشهدًا بموقف داود كيف أكل هو ومن معه من خبز الوجوه الذي لا يحل أكله إلاَّ للكهنة فقط، ويأكلوه وهم في القدس (لا 24: 9). مع ذلك فإن الكتبة والفريسيون يقبلونه كنبي وقديس.

ويقول "القديس كيرلس الكبير": "والآن رغم أن داود تصرف عكس ما يسمح به الناموس، إلاَّ أننا نوقره جدًا بحق وعدل ونعتبره مُستحقًا كل إعجاب، لأنه كان بالحق قديسًا ونبيًا. لذلك حيث أن ناموس موسى يأمر بوضوح قائلًا: "اقْضُوا بِالْحَقِّ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَأَخِيهِ وَنَزِيلِهِ. لاَ تَنْظُرُوا إِلَى الْوُجُوهِ فِي الْقَضَاءِ" (تث 1: 16، 17)، فكيف (يقول الرب) تدينون تلاميذي، بينما أنتم لا تزالون مُعجبين بداود المبارك كقديس ونبي، رغم أنه لم يحفظ أمر موسى؟" (161).

(راجع مدارس النقد - عهد قديم جـ 9 س1141، وعهد جديد جـ 4 س336).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

3- لِمَ انفرد لوقا بتحديد اليد اليابسة باليمنى (لو 6: 6)، وهل تفرق اليمنى عن اليسرى..؟ انفرد لوقا الطبيب بقوله: "وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ الْيُمْنَى يَابِسَةٌ"، وهذا يعكس أولًا: نظرة لوقا الطبيب المُدققة، فقد تقصى الحقيقة بكل أبعادها، وحدَّد أي يد تعرَّضت لليبوسة. وثانيًا: أوضح أهمية المعجزة، فإن هذا الرجل قد عجز عن أداء عمله، لأنه من الصعب جدًا لمن اعتاد على استخدام يده اليمنى أن يستخدم اليد اليسرى بنفس الكفاءة.

 

4- هل الكتبة والفريسيون تشاوروا على يسوع لمُجرد أنه شفى يد الرجل اليابسة (لو 6: 11)..؟ قال القديس لوقا أنه بعد شفاء الرجل ذو اليد اليابسة: "فَامْتَلأُوا حُمْقًا وَصَارُوا يَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَاذَا يَفْعَلُونَ بِيَسُوعَ" (لو 6: 11). كان الفريسيون يراقبون السيد المسيح ويتربصون به ليروا إن كان يشفي أحد في السبت هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن السيد المسيح لم يتراجع عن مبادئه ولم يُخفي أعماله، بل أنه احتكم إلى خصومه لعل ضميرهم يستيقظ فأقام ذو اليد اليابسة في وسطهم وقال لهم: "أَسْأَلُكُمْ شَيْئًا: هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ إِهْلاَكُهَا؟" (لو 6: 9)، وللأسف فإن قساوة قلوبهم أخرستهم، فلم يجيبوا بشيء، والسيد المسيح لم يستسلم لمشيئتهم وقساوة قلوبهم، إنما شفى يد الرجل اليابسة. والحقيقة أنهم لم يتشاوروا عليه بسبب حادثة الشفاء هذه في يوم سبت، ولكن بصفة عامة لأن تصرفات يسوع وأحاديثه لم ترق لهم، فمجرد نظرة للأصحاح الخامس والسادس نُلاحظ ما يلي:

أ– غفر السيد المسيح للمفلوج خطاياه فاحتجوا عليه قائلين: "لا يغفر الخطايا إلاَّ اللَّه وحده" (لو 5: 21).

ب- اختار السيد المسيح عشارًا ليتبعه، وجلس ليأكل ويشرب مع العشارين والخطاة فتذمر الكتبة والفريسيين عليه (لو 5: 30).

جـ- لم يصم تلاميذه مثلما كان يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيين والسيد المسيح دافع عنهم (لو 5: 33-35).

د– وصف السيد المسيح أصوامهم كثوب عتيق (لو 5: 36).

هـ- ترك تلاميذه يقطفون السنابل ويأكلون يوم السبت (لو 6: 1-5).

و– شفى ذو اليد اليابسة في السبت (لو 6: 6-11).

ز– الموعظة التي ألقاها (لو 6: 20-49) جعلهم يشعرون بأنهم في الموازين إلى فوق.

ويقول "الدكتور القس إبراهيم سعيد": "منذ الآن بدأت السُحُب تتبلد في سماء حياة "العريس" الذي كان في بدايته صافيًا. وبدأت الورود القرمزية الدامية التي ترمز إلى التضحية والألم، تنبت في طريق المُخلص، تحفها الأشواك الموجعة بوخذها" (162).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(161) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص119.

(162) شرح بشارة لوقا، ص136.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/575.html

تقصير الرابط:
tak.la/ks57649