St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

557- هل كان يسوع في حاجة للختان (لو 2: 21) ليُظهِر أنه يهودي؟ وكيف يتأتى هذا وهو قد جاء للعالم كله؟ وهل الاحتفال بعيد الختان هو من اختراع الكنيسة في العصر الحديث؟ وإذا كان يسوع قد حُبِل به بلا دنس، وهو القدوس المولود منها (لو 1: 35) وولدته أمه وظلت عذراء فكيف يتفق هذا مع قول الإنجيل "وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا" (لو 2: 22)؟ ولماذا قدمت ذبيحتين عن تطهيرها (لو 2: 24)؟ ومن هو سمعان الشيخ؟ وكيف عرف سمعان الذي كلت عيناه الطفل يسوع (لو 2: 28)؟

 

س557: هل كان يسوع في حاجة للختان (لو 2: 21) ليُظهِر أنه يهودي؟ وكيف يتأتى هذا وهو قد جاء للعالم كله؟ وهل الاحتفال بعيد الختان هو من اختراع الكنيسة في العصر الحديث؟ وإذا كان يسوع قد حُبِل به بلا دنس، وهو القدوس المولود منها (لو 1: 35) وولدته أمه وظلت عذراء فكيف يتفق هذا مع قول الإنجيل "وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا" (لو 2: 22)؟ ولماذا قدمت ذبيحتين عن تطهيرها (لو 2: 24)؟ ومن هو سمعان الشيخ؟ وكيف عرف سمعان الذي كلت عيناه الطفل يسوع (لو 2: 28)؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- هل كان يسوع في حاجة للختان (لو 2: 21) ليُظهِر أنه يهودي..؟ كان اليهود يحتفلون بولادة الطفل البكر خلال ثلاثة طقوس، وهيَ:

أ– ختان الطفل في اليوم الثامن، ويُعطونه اسمًا، وكأن حياته قبل الختان لا قيمة لها، ولكن بمجرد أن يُختتن يُحتسب من شعب اللَّه.

ب- تقديس الابن البكر في اليوم الأربعين من ولادته (عد 18: 15، 16) ويفدونه بخمسة شواقل وكأنهم يشترون الطفل من اللَّه.

جـ- تطهير الأم بعد أربعين يومًا إذا كان المولود ذكر، أو بعد ثمانين يومًا إذا كانت المولودة أنثى، فتقدم الأم ذبيحتي محرقة وخطية.

وكان الختان الجسدي يشير إلى ختان القلب، أي نزع الشهوات الجسدية، وبلا شك أن يسوع المسيح القدوس الذي بلا خطية وحده لم يكن محتاجًا لهذا الختان، ولكنه قَبِلَ الختان لعدة أساب، نذكر منها:

أ– أُختتن لكي يتمم الشريعة الإلهيَّة: "اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ... فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا" (تك 17: 12-14).

ب- أُختتن لأنه خضع لمطالب الناموس، لأنه جاء: "مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ. لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ" (غل 4: 4، 5)، ونظرًا لأهمية تتميم الناموس أشار القديس لوقا للناموس في (لو 2: 22-39) خمس مرات. وبنفس المنطق اعتمد من يوحنا، وهو القدوس الذي بلا خطية، وعندما تمنَّع يوحنا عن عماده، قال له: "اسْمَحِ الآنَ لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ" (مت 3: 15).

جـ- أُختتن لكي يُقبَل في شعب اللَّه، وعند رفضه شعبه: "إِلَى خَاصَّتِهِ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ" (يو 1: 11) كان ذلك بلا سبب.

د – أُختتن لأنه: "مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ" (عب 2: 17).

ولا تعارض بين كون المسيح يهودي، وأنه بذل حياته من أجل حياة كل العالم، فهو من نسل إبراهيم وهو الذي به تتبارك كل الأمم والشعوب، كوعد اللَّه لإبراهيم: "وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ" (تك 12: 3).. "وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيع أُمَمِ الأَرْضِ" (تك 18: 18).. " وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ" (تك 22: 18) وانتقل الوعد لإسحق " وَتَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ" (تك 26: 4) (راجع أيضًا أع 3: 25، غل 3: 8).

وفي اليوم الثامن خُتن الطفل و" سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ" (لو 2: 21) واسم "يسوع" في اليونانية هو اسم "يهوشع" أو "يشوع" في العبرية، وهو اسم مُركب من مقطعين الأول: "يا" وهو اسم إله العهد (يهوه) كما أعلنه اللَّه لموسى في صحراء سيناء، ومعناه "الدائم" (خر 3: 14، 15) أو "السرمدي" أو "السرمد" أي الأزلي الأبدي. والمقطع الثاني: "هوشع" أي "يُخلص" أو "ينقذ" أو "المُخلص" ويعني:

أ– الرب / يهوه يخلص.

ب– الخلاص هو من الرب / يهوه.

جـ- الرب / يهوه يحرّر.

د– الرب / يهوه هو المخلص.

(راجع الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي - الإنجيل بحسب القديس لوقا، ص173، وبوب إتلي - لوقا المؤرخ: إنجيل لوقا، ص87).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

St-Takla.org Image: The presentation of Jesus in the Temple (Luke 2: 22-39.) - "For mine eyes have seen thy salvation which thou hast prepared before the face of all people." (Luke 2: 30-31) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations. صورة في موقع الأنبا تكلا: تقدمة يسوع فى الهيكل (لوقا 2: 22-39): "لأن عيني قد أبصرتا خلاصك. الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب." (لوقا 2: 30-31) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

St-Takla.org Image: The presentation of Jesus in the Temple (Luke 2: 22-39.) - "For mine eyes have seen thy salvation which thou hast prepared before the face of all people." (Luke 2: 30-31) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تقدمة يسوع فى الهيكل (لوقا 2: 22-39): "لأن عيني قد أبصرتا خلاصك. الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب." (لوقا 2: 30-31) - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

2- هل الاحتفال بعيد الختان هو من اختراع الكنيسة في العصر الحديث..؟ بلا شك أن هذا القول غير صحيح تمامًا، فهناك إشارات منذ القديم لهذا العيد، وكانت الكنيسة تحتفل به في القرنين الرابع والخامس الميلادي، وفي إحدى المرات التي كانت فيها الكنيسة مزدحمة للاحتفال بهذا العيد، قال "البابا كيرلس الكبير": "الجمع الذي اجتمع هنا كثير جدًا، والسامعون شغفون -فنحن نرى الكنيسة ممتلئة- ولكن المعلّم (إشارة لنفسه) فقير، ومع ذلك فالذي يُعطي الإنسان فمًا ولسانًا، سوف ينعم علينا بأفكار صالحة، إذ يقول الرب نفسه في مكان ما: "أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلأَهُ" (مز 81: 10). حيث أنكم جميعًا قد اجتمعتم معًا باهتمام بمناسبة هذا العيد المُفرح الذي للرب، لذلك فلنحتفل بالعيد بمشاعر البهجة وبأنوار ساطعة، ولنشغل أنفسنا في التفكير فيما تحقَّق في هذا اليوم بطريقة إلهيَّة... منذ فترة وجيزة رأينا عمانوئيل مُضجعًا كطفل في المذود وملفوفًا بشكل بشري في الأقماط... واليوم أيضًا نراه مُطيعًا لقوانين موسى، أو بالأحرى قد رأينا ذاك الذي هو المُشرّع يخضع لقوانينه التي شرَّعها..

لأنه يبدو لي أن الختان قد حقَّق ثلاثة أغراض:

فأولًا: إنه أفرز نسل إبراهيم بنوع من العلامة والختم، وميزهم عن بقية الشعوب.

وثانيًا: إنه كان يشير مُقدَّمًا إلى نعمة وفاعلية المعمودية الإلهيَّة، لأنه كما كان في القديم، يُحسب المختون ضمن شعب اللَّه بواسطة ذلك الختم، وهكذا أيضًا فإن من يعتمد يُدرج ضمن عائلة الَّله بالتبني، إذ قد تصوَّر في نفسه المسيح الختم.

وثالثًا: إنه رمز للمؤمنين حينما يتأسسون في النعمة، حينما يقطعون ويميتون شغب اللذات الجسدية والشهوات بسكين الإيمان الحاد وبأعمال النسك، وهم لا يقطعون الجسد، بل يتقُّون القلب ويصيرون مختونين بالروح وليس بالحرف، الذي مدحه ليس من الناس بل من فوق كما يشهد بولس الإلهي (رو 2: 29)" (105).

 

3- إذا كان يسوع قد حُبِل به بلا دنس، وهو القدوس المولود منها (لو 1: 35) وولدته أمه وظلت عذراء فكيف يتفق هذا مع قول الإنجيل " وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا" (لو 2: 22)؟ ولماذا قدمت ذبيحتين عن تطهيرها (لو 2: 24)..؟ موضوع بشارة جبرائيل للعذراء مريم، والحبل بيسوع بدون زرع بشر، ومثل هذه الأمور لا أحد يعرفها سوى العذراء مريم، وفيما بعد يوسف النجار عندما أخبره الملاك بهذه الأسرار، لكن الجميع كانوا يعلمون أن يسوع ابن يوسف، وظل يوسف البار هو حامي الحبل الإلهي، وهو الذي حفظ خطيبته من أن تُرجم، لأنه من يصدق أن عذراء تحبل وتلد بدون زواج، وقال أهل الناصرة، مدينة يسوع: "أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ. أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا" (مت 13: 55). وفي الحقيقة لم تكن العذراء الطاهرة المباركة دائمة البتولية في حاجة لشريعة التطهير التي تخضع لها المرأة التي تلد ولادة طبيعية، لأن ولادتها يسوع لم تكن طبيعية على الإطلاق. ولكن لو لم تصعد العذراء للهيكل وتقدم الذبيحتين عن تطهيرها لصارت ملومة من بني جنسها، واتهموها بالاستخفاف بشريعة موسى، وهنا نجد حدثين مهمين:

الحدث الأول: شريعة تقديم الطفل للهيكل وفداءه بخمسة شواقل (عد 18: 15، 16) لأنه بكر مِلك للَّه: "قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (خر 13: 2)، فهذه هيَ شريعة الطفل البكر المولود الأول للمرأة، بغض النظر عن الأب الذي ربما يكون سبق له الزواج، ولديه ابن بكر من زوجته الأولى، فالأب قد يكون له أكثر من ابن بكر بعدد زيجاته من عذارى، أما الأم فليست لها أكثر من ابن واحد بكر... قدمت العائلة المقدَّسة عن يسوع خمسة شواقل للهيكل وهو رب الهيكل!!

الحدث الثاني: شريعة تطهير الأم، وهذه الشريعة تخص كل أم تلد سواء المولود بكرًا أو غير بكر، ولو كان المولود ذكرًا تظل الأم أربعين يومًا دنسة لا تمس شيئًا مقدَّسًا، وإذا كانت المولودة أنثى تظل الأم ثمانين يومًا، ثم تقدم الأم ذبيحتي محرقة وخطية، تقدم حملًا حوليًا ذبيحة محرقة وحمامة أو يمامة ذبيحة خطية (لا 12: 6). أما إذا كانت الأسرة فقيرة فتكتفي الأم بيمامتين أو فرخي حمام: "وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا كِفَايَةً لِشَاةٍ تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ الْوَاحِدَ مُحْرَقَةً وَالآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّة" (لا 12: 8).. هكذا تمَّمت العذراء الطاهرة الشريعة وخضعت لمطالبها.

 

4- من هو سمعان الشيخ؟ وكيف عرف سمعان الذي كلت عيناه الطفل يسوع (لو 2: 28)؟ ... كان سمعان ضمن السبعين شيخًا الذي اختارهم أليعازر رئيس الكهنة بأورشليم ليترجموا أسفار العهد القديم من العبرية لليونانية بحسب طلب بطليموس الثاني (بطليموس فلادلفيوس 283-246 ق.م)، وعندما كان سمعان يُترجم سفر إشعياء وقف أمام عبارة: "هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" (إش 7: 14) وكلمة "عذراء" في العبرية "ها علماه" HAALMAH، ويقابلها في اليونانية "بارثينوس" PARTHENOS وتعني تحديدًا العذراء التي لم يسبق لها الزواج، فخشى سمعان أن تكون هذه العبارة سبب سخرية من الكتاب المقدَّس وسبب تجديف على إله إسرائيل، فدفعته غيرته على كلمة اللَّه إلى أن يكتبها "نيانيس" NEANIS وتعني "فتاة" تُطلق على أي امرأة شابة سواء كانت بتول أو متزوجة، فسمع صوتًا من السماء يقول له: "اكتب ما تقرأ، ولن تموت حتى ترى المسيح الرب"، وفعلًا ظل سمعان الشيخ حيًّا سنين هذه عددها حتى دخول الطفل يسوع إلى الهيكل، وحمله بين ذراعيه وابتهل له أن يُطلق سراحه من سجن هذا الجسد. (راجع الإنجيل حسب القديس لوقا - ترجمة لجنة قداسة البابا كيرلس السادس، ص174، 176).

أما عن التساؤل كيف عرف سمعان الشيخ الذي كلت عيناه الطفل يسوع (لو 2: 28)..؟ فقد سبق القديس لوقا وأوضح هذه عندما قال عن سمعان: "وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ" (لو 2: 25-27) فحتى لو كلت عيني سمعان الشيخ، لكن أُذنيه ظلتا مفتوحتين لسماع صوت الروح القدس، فالروح القدس كان عليه، والروح القدس أوحى له وكلمه سواء بصوت مسموعٍ واضح ومفهوم، أو بمشاعر داخلية أخذت تتردد عليه بقوة، أو بحلم مثلما أوحي للمجوس (مت 2: 12) وليوسف البار (مت 2: 22) ولكرنيليوس بواسطة ملاك (أع 10: 22). المهم أن سمعان الشيخ سمع الرسالة بأي طريقة كانت واستوعبها وأدركها، وفي الوقت المحدَّد قاده الروح إلى الهيكل. ويقول "القس الدكتور إبراهيم سعيد" عن سمعان: "فأتى مقتادًا بالروح القدس إلى الهيكل وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه... عرفه حالًا بإشارة خاصة من الروح. ويقول التقليد أن هذه الإشارة الخاصة هيَ أنه رأى أشعة من النور تنبعث من وجه الطفل المنير فعرفه. ولعل التقليد استند في هذا إلى قول سمعان عن المسيح بعد أن رآه على هذا الحال: "نور إعلان للأمم ".."(106).

لقد حمل الشيخ ذاك الذي هو: "حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرتُهَ" (عب 1: 3).. حمل الشيخ عتيق الأيام الطفل الفريد الأزلي قبل الأكوان... حمله وانحنى أمامه خاضعًا له، وكأن في شخص سمعان ينحني ويخضع كل آباء العهدين القديم والجديد، وكأن سمعان البذرة العتيقة الجديدة التي ربطت العهدين وحوت الجذور والساق والأغصان والزهور والثمار، ووقف يوسف البار مع العذراء طُهر الأطهار في حالة صمت ودهشة وتأمل، عبر حديث جرى بين شيخ مُسن جدًا وطفل ذو ثمانية أيام، وهو يُخاطبه كملك الملوك ورب الأرباب، ضابط الكل، وفي يده كل مقاليد الأمور: "الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ. لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ. الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل" (لو 2: 29- 32). " وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيه" (لو 2: 33).. يتعجبان وهما العالِمان بكل شيء... يتعجبان لأن ما أعلنته السماء لهما في الخفاء، نادى به سمعان الشيخ في العلن، وبعد أن تبارك سمعان من الطفل بارك يوسف والعذراء الطهور " وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ" (لو 2: 34).. انظر إلى دقة القديس لوقا حيث يقصر بركة سمعان على يوسف البار والعذراء مريم دون الطفل يسوع، بل أن سمعان استمد البركة من هذا الطفل العجيب، الإله المتجسد، وبهذه البركة بارك يوسف ومريم.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(105) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الإسكندري، ص42، 45.

(106) شرح بشارة لوقا، ص54.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/557.html

تقصير الرابط:
tak.la/w9z4p2k