St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

470- هل حقًا اعتنى المسلمون بالقرآن أكثر من اعتناء اليهود والمسيحيين بكتبهم، لأن المسلمين يتعبدون بالقرآن ويحفظونه ويتلونه، وهذا ما لم يتوفر في الكتاب المقدَّس؟

 

س470: هل حقًا اعتنى المسلمون بالقرآن أكثر من اعتناء اليهود والمسيحيين بكتبهم، لأن المسلمين يتعبدون بالقرآن ويحفظونه ويتلونه، وهذا ما لم يتوفر في الكتاب المقدَّس؟

يقول الناقد "أحمد سبيع": "النقطة الثالثة: الاعتناء بالمخطوطات: كان المسلمون يعتنون بمخطوطات القرآن جدًا... لأنه نص متعبَّد بقرائته وتلاوته وحفظه ويقرأ في الصلاة باستمرار، لذلك كانوا يعتنون به عناية شديدة وبالتالي يعتنون بنسخه جيدًا. وهذا معناه أن الأخطاء في المخطوطات ستكون قليلة جدًا، لأن الناسخ يهتم بما ينسخه اهتمام غير عادي ويضعه في مرتبة ليس لها مثيل.

لكن بالنسبة للكتاب المقدَّس... فالناسخ رغم أن النص بالنسبة له مقدَّس إلاَّ أنه لا يعطيه الأهمية المماثلة، فهو لا يتعبَّد بقرائته وتلاوته وترتيله، ولا يهتم بحفظه. وفي الصلاة لا يستخدم إلاَّ بعض الفقرات منه... وهذا معناه أن الأخطاء في المخطوطات ستكون أكثر لأن الناسخ لا يعطيه العناية البالغة ويمكن اختصار ما سبق في عبارة... "المخطوط مرآة لصاحبه".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Al Imran, chapter, first 9 verses, with the mention of the Holy Bible (verse 3) - from the bordered Holy Quran book (Koran) - (image 50). صورة في موقع الأنبا تكلا: 3. سورة آل عمران، وبأولها ذكر التوراة والإنجيل (الكتاب المقدس - آية 3) - من كتاب مصحف القرآن الكريم المبروز - (صورة 50).

St-Takla.org Image: Al Imran, chapter, first 9 verses, with the mention of the Holy Bible (verse 3) - from the bordered Holy Quran book (Koran) - (image 50).

صورة في موقع الأنبا تكلا: 3. سورة آل عمران، وبأولها ذكر التوراة والإنجيل (الكتاب المقدس - آية 3) - من كتاب مصحف القرآن الكريم المبروز - (صورة 50).

ج: 1- شكرًا للناقد لأنه أعترف بوجود أخطاء في نسخ مخطوطات القرآن الأمر الذي ينكره المسلمون تمامًا، بحجة أن هذا كلام الله فكيف يحدث خطأ من الناسخ، وأكد الناقد ما يقصد عندما قال في النقطة الخامسة من نقاطه السبع في الفيديو: "فالأخطاء في مخطوطات القرآن غير متعمدة، وغير منتشرة، وغير مقدَّسة... فلا يوجد ناسخ يحذف مخطوطات القرآن من أجل أغراض دينية أو لاهوتية. وإنما تكون مجرد أخطاء سهو طبيعية... ولا يوجد خطأ في مخطوطة ينتشر في مخطوطة أخرى... ومن أمثلة أخطاء النسّاخ في مخطوطات القرآن في سورة البقرة الآية 57"(وأعطى مثلًا وهو تكرار كلمة (كلوا) في مصحف طوب سراي). ولو أن الأخوة المسلمين أخرجوا ما لديهم من مخطوطات قديمة وأخضعوها للدراسة كما حدث مع مخطوطات الكتاب المقدَّس فأنهم سيتأكدون من أن هناك أخطاء ولو غير متعمدة في هذه المخطوطات، فمن المتفق عليه بين علماء "الببلوجرافيا" Bibliography (علم نسخ المخطوطات) أنه لا توجد مخطوطتان كبيرتا الحجم بحجم القرآن مثلًا تتطابقان في كل شيء بنسبة 100%، فكل نسخة لا بد أن بها نسبة من الأخطاء تتوقف على مدى مهارة الناسخ ووضوح خط النسخة التي ينقل منها.

 

2- هناك تمايز واضح بين مخطوطات الكتاب المقدَّس ومخطوطات القرآن تتمثل في الآتي:

أ - المواد المستخدمة: المخطوطات الأصلية للكتاب المقدَّس بعهديه كُتبت على أوراق البردي أو الرقوق الجلدية من جلود الحيوانات الطاهرة، بينما مخطوطات القرآن الأصلية كانت من العسب (جريد النخيل) واللخاف (الحجارة الرقاق) والعظام والرقاع (من جلد أو ورق) والأقتاب (الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه)، والألواح (كل صحيفة عريضة من خشب أو عظم كتف) وهذه سريعًا ما تُبلى، حتى أنه في وقت انشغال أهل الرسول بدفنه أكلت الداجن جزء من مخطوطة من مخطوطات القرآن، ففي حديث عمر أبو سلمة عن... عن عائشة قالت: "لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرًا، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله (صلعم) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها" (روى الحديث الإمام ابن ماجه 625/1، والدارقطني 179/4، وأبو يعلي في سنده 64/8، والطبراني في معجمه الأوسط 12 / 8، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث وأصله في الصحيحين، وأورده ابن حزم في المحلى 236/11 وقال هذا حديث صحيح).

ب - النسَّاخ: عُرِف اليهود بمهارتهم في العلوم بما فيها علم النساخة، وكان هناك فئة الكتبة الذين يهتمون بنساخة الأسفار المقدَّسة، كما لا ينكر أحد دور الاثينيين في القرن الثاني قبل الميلاد وحتى منتصف القرن الثاني الميلادي في الحفاظ على الأسفار المقدَّسة واهتمامهم بنساختها وكيف أخفوها في كهوف الجبال من وجه أنطيوخس الرابع الذي أمر بحرقها، وهو ما حفظته الأرض في جوفها إلاَّ أن أتحفتنا بها من خلال اكتشافات وادي قمران (راجع مدارس النقد - عهد جديد - مقدمة (1) س17) والراباي اليهودي الشهير "عقيبة" في بداية القرن الثاني الميلادي شرح كيف كانت تتم عملية نساخة الأسفار المقدَّسة باهتمام بالغ، ومن مظاهر هذا الاهتمام أن الناسخ يحصي الحروف والكلمات وتحديد الكلمة الوسطى في السفر ومقارنتها بالنسخة التي ينقل منها، ومن مظاهر اهتمامهم أيضًا أنهم نسخوا بعض المخطوطات على جلود العجول المصبوغة باللون الأرجواني واستخدموا في الكتابة ماء الذهب فكانت المخطوطة آية من الروعة والجمال، وقال "أرستاس" أن النسخة التي أرسلها اليهود من السبعين شيخًا لبطليموس فلادلفيوس كانت مكتوبة على جلد العجول الأرجواني بماء الذهب وهذه الرقوق التي عُرفت باسم Vellum، وكان الناسخ يسطّر الرق سطور دقيقة ويلتزم بها أثناء الكتابة، وقبل أن يبدأ النساخة يغتسل، ويخصّص قلم خاص لكتابة اسم "يهوه" وبينما هو ينسخ كان ينظر بعينيه مدققًا ويتلو الكلام بفمه بصوت مسموع، ويترك مسافة شعرة بين كل حرف وآخر، ومسافة تسعة حروف بين كل فقرة وأخرى، وثلاثة سطور بين كل سفر وآخر، وينسخ في أعمدة عرض كل عمود من 5 - 7 سم، وبعد أن ينتهي من النساخة يراجع بدقة ما كتبه... إلخ. (راجع مدارس النقد - عهد جديد - مقدمة (2) س105).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

وعندما انتشرت المسيحية فأن كثير من الكتبة المهرة اليهود آمنوا بالمسيحية وظلوا في عملهم ينسخون أسفار العهد القديم بالإضافة إلى أسفار العهد الجديد، وعندما انتشرت المسيحية في مصر كثير من النسّاخ آمنوا وظلون ينسخون الأسفار المقدَّسة، فلم تعدم المسيحية النسَّاخ المهرة، فمثلًا المخطوطة 565 التي تشمل الأناجيل الأربعة ما زالت في ليننجراد مدوَّنة على رقوق velum ومكتوبة بماء الذهب... فشتان بين بيئة مكة الصحراوية القفرة وبين كل هذا العلم والتقدم والرقي الذي تميَّز به النسَّاخ اليهود والمسيحيون؟.

ويُرجِع "محمد المسّيح" ضياع أجزاء من القرآن إلى:

أ - تسجيل القرآن على جريد النخيل واللخاف والعظام فلم تُستخدم مواد ذات جودة عالية.

ب - ندرة النسَّاخ ولا سيما في مكة، بينما في المدينة كان هناك أكثر من عشرة نسَّاخ (الطبقات لابن سعد 2: 306 - 307).

جـ - الاعتماد على الذاكرة لم يكن أمرًا موثوق فيه، فحتى الرسول كان معرَّض للنسيان، ولذلك قال له: "سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى إِلَّا مَا شَاءَ الله إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى" (الأعلى 87: 6 - 7). وقالت عائشة أن محمدًا سمع رجلًا يقرأ في المسجد فقال: "رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا" (صحيح البخاري 2 - 940، كتاب الشهادات) بل أنه ذات مرة نطق بقول ثم أستنكره، فعندما قرأ سورة النجم وهو يصلي أضاف عبارة: "تلك الغرانيق العلي وأن شفاعتهن لترتجى"، فرضت عنه قريش وسجدوا معه، والذين كانوا في طريقهم للحبشة هربا من الاضطهاد وعندما سمعوا أن قريش قد رضت عنه عادوا أدراجهم إلى مكة، ثم أستنكر أن يكون هذا قرآنًا (راجع ابن مسعد 101 ص 137، س11، ابن الأثير 2 ص 58، الطبري تاريخ ص 1193، س5... إلخ). فلا غرابة أن نجد بعض المسلمين الأوائل أن ينسوا بعض ما حفظوا كشهادة أبو موسى الأشعري (الدر المنثور للسيوطي 1: 547 - 548) (راجع محمد المسّيح - مخطوطات القرآن مدخل لدراسة المخطوطات القديمة ص 26).. ولعل الفقرة الأخيرة تمثل أبلغ رد على القائلين بأن القرآن يمتاز عن الكتاب المقدَّس أنه مكتوب في السطور بالإضافة إلى أنه محفوظ في القلوب. إذًا الاعتماد على الحفظ لن يصل بنا إلى نسبة الكمال 100%.

 

3- بلغ اعتناء المسيحيين بمخطوطات العهد الجديد أنهم أحتفظوا بالمخطوطات الأم التي خطها الإنجيليون والرسل بيدهم إلى بداية القرن الثالث الميلادي، فالعلامة ترتليان (145 - 220م) شهد بأن النسخ الأصلية (Autograph) للأناجيل الأربعة ما زالت محفوظة في الكنائس الرسولية، فيقول: "أركض إلى الكنائس الرسولية، حيث عروش الرسل ما زالوا شاهقين في أماكنهم، والتي تقرأ في كتابتهم الأصلية، حيث يروح الصوت ويمثُل وجه كل منهم بمفرده" (46)، وكان العلامة ترتليان يقارن بين النسخ الحديثة بالنسخ القديمة ويصحح أي حرف أو كلمة أخطأ الناسخ في كتابتها، وأشار البابا بطرس خاتم الشهداء الذي أستشهد سنة 311م بأن النص الأصلي لإنجيل يوحنا كان موجودًا في أيامه في أفسس، فقال: "النسخة نفسها تم كتابتها بيد الإنجيلي، والتي تم الحفاظ عليها من قِبل النعمة الإلهيَّة في الكنيسة المقدَّسة بأفسس" (47). (راجع مدارس النقد - عهد جديد - مقدمة (2) س108) وتكلم القديس ساويرس الأنطاكي عن اكتشافات إنجيل متى في قبر القديس برنابا القبرصي.

(Introduction to the textual criticism of the Greek New testament, Eberhard Nestle P 29 – 30 ) (48)

 

4- اهتمام اليهود والمسيحيين بكتبهم مضرب الأمثال، فشهد لهم القرآن قائلًا: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ" (البقرة 2: 146) ولم يذكر القرآن ولا أحد من الموثوق بهم أن هناك أسفارًا أو آياتٍ من الكتاب المقدَّس فُقِدت، بينما ضياع أجزاء من القرآن أمر ثابت تاريخيًا (راجع س468 رقم (5) س (3)).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(46) Schaff Philip, ante – Nicene Fathers 0 Vol 3 Latin christianity Its Faunder, terullian P 260

(47) أورده القمص عبد المسيح بسيط - مخطوطات العهد الجديد والنص الأصلي ص 34.

(48) فادي أليكساندر - المدخل إلى علم النقد النصي ص 89.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/470.html

تقصير الرابط:
tak.la/m3rs726