س107 : هل استخدم النسَّاخ اختصارات لبعض الكلمات؟ وكيف يمكن تحديد عمر المخطوطة؟ وكيف يتم ترقيمها؟ وما هيَ العائلات الأربع للمخطوطات اليوناني للعهد الجديد؟
أولًا:
الاختصارات
ثانيًا: تحديد عمر المخطوطة
ثالثًا: ترقيم المخطوطة
رابعًا: العائلات
الأربعة للمخطوطات اليوناني
1ــ عائلة النص
السكندري أو المصري
2ــ عائلة النص القيصري
3 - عائلة النص
الأنطاكي أو السرياني
4 - عائلة النص الغربي
ودُعيت Nomina Sacra فقد استخدم النُسَّاخ اختصارات لبعض الكلمات في مخطوطات أسفار العهد الجديد بالخط الكبير (البوصي)، فاستخدموا اختصارات لنحو خمسة عشر كلمة فائقــة القداسة، مثــل كلمة "الله"، و"الرب"، و"المسيح"، و"الروح القدس"، و"السماء" فيكتب الحرف الأول والحرف الأخير من الكلمة وأعلاهما خط أفقي، وأيضًا متى جاء حرف "النون" في نهاية السطر كان يُستعاض عنها بخط أفقي، وبعد استخدام الحروف الصغيرة المتصلة اتّسع نطاق الاختصارات.
يمكن تحديد عمر المخطوطة عن طريق:
أ - شكل المخطوطة سواء إذا كانت لفافة Roll أو كتاب Codex، ومن الثابت أن استخدام اللفائف أقدم من استخدام الكتب.
ب - فحص مادة المخطوطة، إذا كانت من البردي أو الجلود أو الورق.
ج - فحص نوع ولون الحبر المستخدم.
د - فحص علامات الترقيم والفواصل، وطريقة تقسيم السفر إن وجدت.
هـ - فحص الزخارف والحروف المزخرفة، فالمخطوطات القديمة للعهد القديم خلت من الزخارف لأن شريعة موسى قد منعت تزيين التوراة، هكذا فهم اليهود وظلوا محافظين على هذا حتى القرن الثالث عشر الميلادي، بينما بدأ المسيحيون في زخرفة المخطوطات بداية من القرن الرابع الميلادي وازدهرت في القرن التاسع.
و - فحص الاختصارات التي استخدمت لبعض الكلمات الفائقـة القداسة، مثل: "يسوع"، و "المسيــح"، و "المخلــص"، و "الصليـب"، و "والدة الإله"، و "إسرائيل"، و "أورشليم"، ففي المخطوطة القديمة كان استخدام الاختصارات على نطاق ضيق، أما المخطوطات الأحدث والتي كُتبت بالحروف الصغيرة المتصلة فقد تم التوسع في الاختصارات.
والآن يمكن تحديد عمر المخطوطة بمقياس جيجر الذي يقيس نسبة تحوُّل الكربون المشع (14) إلى كربون عادي (12)، فالكائنات الحية يوجد بها الكربون (14) طالما بقيت على قيد الحياة، ولكن بعد موتها يتحوَّل الكربون (14) المشع إلى كربون عادي (12) بالتدريج وبنسبة ثابتة.
لسهولة الرجوع إلى مخطوطة بعينها وسط عدد كبير من المخطوطات فكر العلماء في تسمية المخطوطات، وأول من عمــل فـي هذا العمل العالِم "وتشيني" Wettstein، فميَّز بين المخطوطات البوصية والمخطوطات المكتوبة بخط صغير، ثم قام "جريجوري" Gergory في القرن التاسع عشر بالفصل بين مخطوطات البردي ومخطوطات الرقوق، وسُمّيت مخطوطات البردي بحرف "P" وهو أول حرف من كلمة "Papyrus" أي بردية، وتحمل كل مخطوطة من مخطوطات البردي رقمًا خاصًا بها مثل: P1 , P2 , P3... أمّا مخطوطات الرقوق الشهيرة فحملت أسماء، فمثلًا: "النسخة السينائية" دُعيت بِاسم a (ألف عبراني)، و "النسخة الفاتيكانية" بِاسم B، و "النسخة السكندرية" باسم A، وبقية المخطوطات حملت أرقامًا باللغة الإنجليزية وعلى يسارها صفر مثل:01 , 02 , 03 , 0751، وحملت مخطوطات الحروف الصغيرة المتصلة أرقامًا باللغة العربية.
قـام "بروك فوس ويستكوت" Westcott (1825 ـ 1901م)، و "فيتون جون أنتوني هارت" Hart (1828 ـ 1892م) بنشر عملهما الشهير "العهد الجديد باليونانية الأصلية" سنة 1881م في مجلدين، الأول يشمل نسخة من العهد الجديد بعد عملهما المشترك لمدة 28 عامًا، والمجلد الثاني كتبه "هورت" عرضًا للمبادئ النقدية، وقسَّم ويستكوت وهورت مخطوطات العهد الجديد إلى أربع عائلات كبرى:
ويرتقي هذا النص إلى سنة 300م أو قبلها بمدة طويلة، وله قيمة عظيمة من جهة الدقة، وقد نشأ على يـد نُسَّاخ مهرة مدربين وحذرين، فتميَّز النص بالدقة اللغوية والنحوية العالية، وإن كان أكثر صعوبة من النصوص الأخرى، وقد أجمع العلماء على أنه أفضل وأروع نموذج نصي، وقال وستكوت وهورت أنه يمثل النص الأصلي بكل دقّة، ومن هذه العائلة المخطوطات البردية البوصية بالخط الكبير، والمخطوطة الفاتيكانية، والمخطوطة السينائية، ومخطوطتي بودمير، رقم (66) لإنجيل يوحنا، و (75) لإنجيلي لوقا ويوحنا واللتان يرجع تاريخهما للقرن الثاني الميلادي والمخطوطات القبطية البحرية، والقطمارس القبطي، واقتباسات آباء إسكندرية أكليمنضس، وكتابات أوريجانوس في مصر، وأثناسيوس الرسولي، وكيرلس عمود الدين. وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "النص السكندري: ظهر هذا النص في الإسكندرية، مركز الدراسات النقدية في الآداب اليونانية الكلاسيكية في ذلك العصر. وأهم مخطوطاته المخطوطات المرقومة بالرموز (L , 33 c) والترجمات القبطية وبعض كتابات آباء الإسكندرية. ويعتقد وستكوت وهورت أن هذه المجموعة من المخطوطات لا تتميَّز باختلاف في المضمون أو الجوهر، لكنها تتميَّز بالتصويبات النحوية وتركيب الجمل لغويًا، مع خلوها من الأساليب المعقدة وهو ما نتوقعه من البيئة العلمية التي كانت تتميز بها الإسكندرية في ذلك العصر"(773).
وقد حافظت كنيسة الإسكندرية على قدسيَّة ومهابة النص الأصلي للعهد الجديد بكل أمانة ودقة، ومما ساعد على هذا:
أ - مدرسة إسكندرية اللاهوتية.
ب - إن كثير من الآباء البطاركة كانوا من مديري مدرسة الإسكندرية ومن علماء اللاهوت في العالم.
جـ - توافر المناخ العلمي في الإسكندرية، وتفاعله مع الحضارة اليونانية.
د - مكتبة الإسكندرية التي حوَت آلاف المخطوطات.
ه ــــ وجود جالية يهودية قوية ومثقفة في الإسكندرية تُقدّس النصوص المقدَّسة، وتُبدِع في نساختها، وقد تحوَّل بعض منهم للمسيحية فصاروا ينسخون أسفار العهد الجديد بجوار أسفار العهد القديم.
وـــ مناخ مصر الجاف حافظ على مخطوطات البردي بعيدًا عن التلف، فتم العثور على كثير من المخطوطات ترجع للفترة من القرن الثاني للقرن الرابع الميلادي.
وبالرغم من هذه الدقة وتلك الأمانة فإن "بارت أهيرمان" ادَّعى أن هؤلاء الرجال قد غيروا في الكلمات الأصلية دون أن يقدم الأدلة على ذلك، فقال: "ولكنهم غيَّروا نصوصهم أحيانًا ليجعلوها أكثر ملائمة كقواعد وأسلوب، وبالتالي غيَّروا كلمـــات الأصل"(774).
وتشمل الأناجيل الأربعة فقط، ويقع هذا النص في منتصف الطريق بين النص السكندري والنص الغربي، وتشمل هــذه العائلة المخطوطات (77، ب 45، 700، 565) فيينا، وعائلات الخط الصغير، والترجمات الجورجية والأرمينية القديمة، واقتباسات كيرلس الأورشليمي، ويوسابيوس القيصري، وكتابات أوريجانوس في قيصرية فلسطين، وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "ومنذ زمن وستكوت وهورت ظهر العديد من المخطوطات التي ثبت أنها على اتفاق كافٍ في نصوصها مما يمكن معه جمعها معًا كأحد أنماط النصوص (على الأقل في الأناجيل). وتعرف هذه المجموعة "بالنص القيصري" (نسبة إلى قيصرية) إذ يبدو أن أوريجانوس قد استخدمه إبان وجوده في قيصرية. وخصائص هذه المجموعة تضعها في منتصف الطريق بين النص السكندري والنص الغربي، وإن كانت أقرب كثيرًا للنص الغربي"(775).
ويرتقي هذا النص إلى نحو سنة 300م، ودعاه البعض بالنص البيزنطي بسبب استعماله الواسع والشائـع والمتداول في العالم البيزنطي، ويشمل كثير من مخطوطات الخط البوصي الكبير، ومعظم مخطوطات الخط الصغير في الترجمات المتأخرة، وكذلك اقتباسات الآباء المتأخرين، وهو أحدث من النصين السكندري والقيصري، وهذه العائلة هيَ الأكثر عددًا والأوسع انتشارًا، ويدخل من ضمنها ترجمة فان دايك العربية، وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "النص السرياني وهو أحدثها: ويظهر في المخطوطات المتأخرة، ويمثل هذا النص نصًا تم تحقيقه في سوريا (ومن هنا جاء الاسم) في نحو القرن الرابع. ويتميَّز بتصويب القواعد النحوية وسلاسة العبارات وترابطها وإيضاح الغامض منها، والتجانس بين الفقرات المتناظرة، فهيَ بصفة عامة نص سلس واضح وسليم من الناحية اللاهوتية"(776).
وصار النص البيزنطي يُعرف بالنص الرسمي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وبعد اختراع آلة الطباعة صار هو النص المستعمل للعهد الجديد، حيث صدرت منه الطبعة الأولى في بازل سنة 1516م بواسطة العالِم الهولندي "أرازموس"، وصار هذا النص المطبوع يُعرَف بِاسم النص المقبول أو النص المستلم للعهد الجديد، وفي سنة 1519م صدرت الطبعة الثانية من هذا النص مع تصحيح بعض الأخطاء، وفي سنة 1522م قام "مارتن لوثر" بترجمتهـا للألمانية، ثم تُرجم للإنجليزية بواسطة "تيندال"، وخلال الفترة 1565 - 1604م أصـدر "ثيودور بيزا" تسع طبعات متتالية للعهد الجديد اليوناني. وفي سنة 1611م ظهرت الطبعة العاشرة بعد وفاته، واعتمدت الترجمة الإنجليزية الشهيرة للملك جيمس على طبعة ثيودور بيزا.
ويرجع هذا النص إلى القرن الثاني، وهو الأكثر انتشارًا في إيطاليا وفرنسا وشمال أفريقيا وبعض مناطق مصر، ويشمل بعض مخطوطات الخط الكبير، وبعض البرديات، وظهر هذا النص في قليل من مخطوطات الخط الصغير، وفي الترجمات اللاتينية القديمة، وبعض الترجمات الشرقية مثل السريانية القديمة، واقتباسات القديس إيرينيؤس، وبعض الآباء اللاتين، ويرجع النص للقرن الثاني الميلادي قبل أن يكون هناك نُسّاخًا محترفين، فهو يمثل أقدم صيغة للعهد الجديد في كثير من الأمور، كما استخدم في الشرق أيضًا. (راجع أيضًا الأب جورج سابا - على عتبة الكتاب المقدَّس ص 194).
_____
(775) دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 296.
(776) المرجع السابق ص 296.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/107.html
تقصير الرابط:
tak.la/ja5gmcr