ج: 1- سبق الإجابة على الجزئية الأولى من السؤال(1).
2- دخل بنو إسرائيل بقيادة يشوع إلى أرض كنعان، وحارب يشوع جيوش شعوب الأرض، وقتل واحد وثلاثين ملكًا وامتلك بعض أراضي كنعان وليس كل الأرض، وحدث ذلك في السبع سنين الأولى من قيادة يشوع عقب موت موسى، وترك يشوع للأسباط مهمة امتلاك بقية الأرض، كلٍ فيما يخصه من نصيبه، وخلال حياة يشوع قام كالب بن يفنه بامتلاك قرية بني عناق (حبرون) وطرد بني عناق الثلاثة شيشاي وأخيمان وتلماي، وكانت أمامه قرية سفر، فقال من يمتلكها أعطيه ابنتي زوجة، فقام بهذا العمل البطولي عثنيئيل بن أخي كالب، وتزوج بعكسة ابنة عمه، وقد حدث هذا في أيام يشوع (يش 15: 16، 17) وأُعيد ذكر القصة في بداية سفر القضاة (قض 1: 12، 13).
ولكن بعد موت يشوع والشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع، وبعد أن مات جيل يشوع كله، كان مازال عثنيئيل حيًا، وفعل بنو إسرائيل الشر أمام عيني الله ونسوا إلههم وعبدوا البعليم والسواري، فحمى غضب الله عليهم، وترك كوشان رشعتايم ليستعبدهم ثماني سنوات، وكوشان هذا الذي جاء من بلاد ما بين النهرين من الواضح أنه غير سكان الأرض الأصليين، وعندما صرخ بنو إسرائيل لإلههم أرسل لهم عثنيئيل فخلصهم من عبودية كوشان... إذًا عثنيئيل حارب أولًا في عهد يشوع وامتلك قرية سفر، ثم اختاره الرب ليخلص شعبه من عبودية كوشان فأطاع وحارب كوشان وانتصر عليه وأعاد لشعبه الحرية المسلوبة، فأين اللغط هنا؟!!
3- أمر الله شعبه بني إسرائيل أن يمتلكوا أرض الموعد، وينفذوا حكم العدل الإلهي في القضاء على تلك الشعوب الذين وصلت شرورهم إلى عنان السماء، فامتلك الشعب بعض الأرض وتقاعس عن امتلاك بقية الأرض، فغضب الله عليهم، وترك هذه الشعوب ليكونوا أداة لامتحان واختبار أمانة بني إسرائيل وطاعتهم، فطالما أن بني إسرائيل يطيعون الله فأنه سيكفيهم شر هذه الأمم، ولكن متى انحرفوا عن جادة الصواب، فإن الله لن يمنع هؤلاء الأمم من استعباد بني إسرائيل وإذلالهم، وهذا ما حدث بالضبط، إذ عندما إنحرف بنو إسرائيل وفعلوا الشر في عيني الرب ونسوا إلههم وعبدوا البعليم والسواري تخلى الرب عنهم، فجاء كوشان من بلاده البعيدة لكيما يبسط نفوذه عليهم ويستعبدهم، إلى أن شعروا بثقل العبودية وتذكروا أيام المجد التي عاشها آباؤهم، فصرخوا للرب، فأرسل إليهم "عثنيئيل" أسد الله أو قوة الله فخلصهم.
وإن لم يذكر الكتاب كيف تم الخلاص، لكن بلا شك أن الموضوع إحتاج جهد عظيم لكيما يُنهِض عثنيئيل تلك الجثث التي استراحت لحياة العبودية، ولكيما يبعث فيها روح الشهامة والنخوة والرجولة والرجاء، ولكيما يقودهم في حرب ضروس ضد ملك جبار قطع مسافات طويلة ليفرض سطوته على ذلك الشعب، وقد استلزم ذلك وضع خطط حربية قادت في النهاية للنصرة، بفضل المعونة الإلهيَّة التي آزرت عثنيئيل وجيشه " فكان عليه روح الرب وقضى لإسرائيل وخرج للحرب فدفع الرب ليده كوشان رشعتايم ملك آرام وإعتزَّت يده على كوشان رشعتايم. واستراحت الأرض أربعين سنة. ومات عثنيئيل بن قناز" (قض 3: 10، 11) ومعنى قضى لإسرائيل أي إنتقم لإسرائيل، كقول المرنم " أقض لي يا الله وخاصم مخاصمي" (مز 43: 1) ولا يستكثر أحد طول عمر عثنيئيل الذي قاد حروبًا في عهد يشوع وعهد القضاة، ثم مات بعد أربعين سنة من هزيمة ملك آرام، فلو افترضنا أن عثنيئيل عندما امتلك دبير (قرية سفر) كان 25 عامًا، ثم مرَّ عشرون عامًا حتى جاء كوشان رشعتايم وأستعبد بني إسرائيل، واستمرت عبوديته ثمان سنوات، فكان عمر عثنيئيل حين انتصر على كوشان نحو 53 عامًا، وعاش بعدها 40 عامًا، ومات في الثالثة والتسعين من عمره، فهذا أمر مقبول جدًا.
_____
(1) فيُرجى الرجوع إلى إجابة السؤال رقم 962.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/992.html
تقصير الرابط:
tak.la/sya7hr4