ج: 1- ليس أمرًا عجيبًا أن يُسمى بعض الأشخاص بأسماء حيوانات، فمثلًا في الجزيرة العربية نقرأ عن بني كلاب، وبني حمير، وبني ثعلب، وبني أسد... إلخ ومازلنا لليوم نلتقي بأشخاص أسماؤهم مأخوذة من أسماء الحيوانات والطيور مثل النمر، والديب، والضبع، والقط، والفأر، والديك... إلخ وهكذا كان اسم " عجلون " ومعنى اسمه " عجل " وربما كان هذا اسمه الحقيقي، وربما أطلقوا عليه هذا الاسم تعبيرًا عن قوته وغضبه الوحشي، كما " كان عجلون رجلًا سمينًا جدًا" (قض 3: 17) ويقول " القمص تادرس يعقوب": "عجلون تعني عجل سمين أو مثل العجل، كناية عن قوته وغضبه الوحشي، وهكذا بجانب أنه كان رجلًا سمينًا جدًا... " شدَّد الرب عجلون" (ع 12) لا يعني أنه ألقى القسوة في قلبه، إنما رفع يده الإلهيَّة التي كانت تعوقه عن طبيعته الوحشية نحو اليهود"(1).
وعندما فكر الموآبيون الذين تنقصهم القوة في استعباد بني إسرائيل يقول " المطران يوسف الدبس": "ولما كانوا ضعفاء لا يملكون من الأرض إلاَّ يسيرًا استنجدوا بالعمونيين أبناء خالتهم وإخوانهم لأنهم أبناء لوط من ابنته الصغرى، وكانت مساكنهم في الشمال الشرقي من أرض الموآبيين. ولجأوا إلى العمالقة وكانوا رُحَّلًا في البرية الواقعة في شرقي تخوم الموآبيين، فانتصروا على بني إسرائيل الذين في شرق الأردن وعبروا هذا النهر"(2).
سلك عجلون نفس الطريق الذي سبق وسلكه بنو إسرائيل، فعبر الأردن وإحتل الجلجال وأريحا، فالأردن الذي شهد عبور شعب الله وهو في أوج قوته وفيضانه، عاد وشاهد قوات عجلون تعبره لكيما تُخضِع بني إسرائيل وتذلهم، والجلجال الذي شهد ختان بني إسرائيل وفصحهم وعبادتهم شهد قوات عجلون تسعى نحو بني إسرائيل لتستعبدهم، وأريحا المدينة المحصنة التي سقطت أسوارها بدون حرب ولا قتال عادت وشهدت قوات عجلون الغازية التي جاءت لتؤدب شعب الله الذي حاد عن جادة الصواب وعبد المخلوقات عوضًا عن الخالق، ويقول الكتاب " وعبد بنو إسرائيل عجلون ملك موآب ثماني عشرة سنة" (قض 3: 14) أي أنهم صاروا عبيدًا لعجلون، وقد يكونوا رفعوا عجلون وقدموا له الإكرام الإلهي وهم مجبرين على هذا.
أما " علية برودٍ " فالمعنى الحرفي لها " سقيفة تلطيف الحرارة " وهي عبارة عن صالة تُقام فوق القصر وتتميز بكثرة النوافذ المتسعة والأبواب المتعددة، مما يسمح لتيارات الهواء بالدخول إليها، فيصير الجو لطيفًا ولاسيما في فترات الصيف والقيلولة، وكانت هذه العلية خاصة بالملك، ونادرًا ما يستقبل فيها ضيوفه الأخصاء، وهي العلية التي استقبل فيها عجلون أهود بن جيرا.
2- عندما سمع عجلون أهود وهو يقول له "عندي كلام الله إليك" نهض من على كرسيه احترامًا لذلك الإله، ولفظ " الله " الذي استخدمه أهود هو " الوهيم " والذي تطلقه الأمم على آلهتهم أيضًا، ففرح عجلون وسر لأن إلهه " كموش " أو غيره من الآلهة التي يعبدها قد أرسل له رسالة خاصة عن طريق " أهود " الذي وثق فيه لكثرة الاحترام والتبجيل الذي قدمه له، ولعظم الهدايا التي قدمها له واحتاجت إلى عدة رجال لحملها، ومن المستبعد أن عجلون قام احترامًا لإله إسرائيل، لأنه في نظره هو إله مهزوم لم يستطع أن يحمي شعبه ويعصمه من قبضة يده.
_____
(1) تفسير سفر القضاة ص 35.
(2) تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 2 ص 201.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/993.html
تقصير الرابط:
tak.la/kgv6h8j