ويقول " جيمس فريزر": "أن لابان ويعقوب قد خلعا صفتي الحياة والإدراك على الأحجار، عندما نادى عليها في خشوع أن تشهد على اتفاقهما، تمامًا كما سأل يشوع الحجر الكبير الذي كان يقع تحت شجرة البلوط {وكتب يشوع هذا الكلام في سفر شريعة الله. وأخذ حجرًا كبيرًا ونصَّبه هناك تحت البلوطة التي عند مَقدِس الرب. ثم قال يشوع لجميع الشعب أن هذا الحجر يكون شاهدًا علينا لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به فيكون شاهدًا عليكم لئلا تجحدوا إلهكم} (يش 24: 26 - 27) فركام الأحجار أو الحجر الكبير الذي كان يوضع منتصبًا وسطها، كان أشبه بتمثال "يانوس" (إله الأبواب والبدايات عند الرومان) الذي كان له رأسان ينظر بهما في اتجاهين لكي ينظر بعيون يقظة إلى كل من الطرفين المتعاهدين"(1).
ج: 1- سبق وتم الإجابة على سؤال مشابه لهذا وهو: هل إقامة يعقوب للحجر (تك 28: 18) يعتبر بقايا عبادات وثنية؟(2).
2- عندما قطع يعقوب عهدًا مع خاله لابان " فأخذوا حجارة وعملوا رجمة وأكلوا هناك على الرجمة. ودعاها لابان يجر سهدوثا. وأما يعقوب فدعاها جلعيد" (تك 31: 46، 47) كان يعقوب حينذاك يمارس عادة اعتاد عليها أهل زمانه، ومعنى " يجر سهدوثا " أي " رجمة الشهادة " باللغة الكلدانية، وكذلك معنى " جلعيد " أي " رجمة الشهادة " باللغة العبرانية، فقد كانوا يعتقدون أن هذه الأحجار ستظل مكانها شاهدة على العهد الذي قُطع، وتُذكّر من يعبر عليها من الطرفين بعهده الذي قطعه " وقال لابان هذه الرجمة هي شاهدة بيني وبينك" (تك 31: 48). وهذا نفس ما حدث مع يشوع وشعبه إذ " أخذ حجرًا كبيرًا ونصَّبه هناك... ثم قال يشوع لجميع الشعب. أن هذا الحجر يكون شاهدًا علينا. لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به فيكون شاهدًا عليكم لئلا تجحدوا إلهكم" (يش 24: 26، 27) فقد فعل يشوع بحسب عادات أهل زمانه أيضًا، كما فعل أباه يعقوب من قبل. أما تمثال " يانوس " إله الأبواب والبوابات عند الرومان والذي ذكره " جيمس فريزر " فهو شيء آخر من قبيل الخرافات والأساطير، وما بال يشوع بمثل هذه الأمور؟! لماذا لم يسأل "جيمس فريزر" نفسه: أيهما أسبق يشوع أم الرومان واعتقاداتهم؟ ومادام يشوع عاش قبل الرومان بمئات السنين فكيف سيأخذ منهم معبوداتهم؟!!
3- يقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس " عن يشوع " أقام حجرًا كبيرًا يكون شاهدًا عليهم في الأجيال القادمة كما نرى ذلك في (ع 27) وقد أقامه تحت شجرة بلوط يُرَجح أنها كانت مشهورة ومعروفة لدى الشعب، وكانت البلوطة (عند مَقدِس الرب) أي عند خيمة الاجتماع في شيلو، واختار يشوع هذا لكي يأخذ هذا التذكار معناه الروحي المقدَّس، ولكي يكون الرب شاهدًا على تعهدهم، ولأن شيلو كانت المدينة التي يزورونها باستمرار في أمورهم الروحية والسياسية، فيكون الحجر أمامهم دائمًا ويذكّرهم بعهدهم مع الله...
وقوله عن الحجر (لأنه قد سمع كلام الرب) من باب المجاز الجميل، أي أنه كان موجودًا عندما كلمهم الرب. وكثيرًا ما اجتمعت النُصب من الحجارة وغيرها تذكارًا لمناسبات ومعاهدات مثل الحجر الذي أقامه يعقوب في بيت إيل ليُذكّره بظهور الرب له وبنذوره التي نذرها للرب (تك 28: 18) ومثل رجمة الحجارة والعهود اللذين أقامهما يعقوب ولابان (تك 31: 45 - 54) إلى غير ذلك"(3).
_____
(1) الفولكلور في العهد القديم جـ 2 ص 229، 230.
(2) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 4 س301، س302، وجـ 5 س506.
(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر يشوع ص 379.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/971.html
تقصير الرابط:
tak.la/39nbscc