وقال علاء أبو بكر " وأوصاف هذا النبي المنتظر هي:
1- " أُقيم " أي أن النبي المنتظر ليس موجودًا وقت تلقي النبوءة أي إنها لا تنطبق على يشوع بن نون كما يدعي اليهود.
2- " نبيًا " أي أنه ليس من القضاة فقط أو من الزعماء، وهي لا تنطبق على عيسى عليه السلام لقولهم عليه إله أو ابن إله.
3- " من وسط أخوتكم " أي من بني إسماعيل، لأنه أخ لإسحق وله بركة مثله، ولا تنطبق على بني إسرائيل، لأن أسباطهم جميعًا كانت موجودة وقت تلقي هذه النبوءة.
4- " مثلك " أي مثل موسى وهي لا تنطبق إلاَّ على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولا تنطبق على عيسى عليه السلام بأي حال من الأحوال للأسباب الآتية:
أ - لقول سفر التثنية (ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى) تث 34: 10، وعيسى عليه السلام من بني إسرائيل، وترجمتها في التوراة السامرية (ولا يقوم أيضًا في إسرائيل كموسى) فهي إذًا لا تنطبق على موسى أو أي نبي آخر من نسله...
ب - محمد عليه الصلاة والسلام كان نبيًا، رسولًا، صاحب شريعة، قاضيًا، محاربًا، زوجًا، أبًا، مات ميتة طبيعية، ولم يُهان، أو يُبصق في وجهه، دُفن ولم يُبعث بعد ثلاثة أيام، ولم ينزل إلى الجحيم، ولم يتحمل خطايا البشر، وكل هذا لا ينطبق على عيسى بأي حال من الأحوال: فهو إله أو ابن إله على معتقداتكم، لم يكن صاحب شريعة... (مت 5: 17، 18).
ولم يكن قاضيًا، فقد قال للذي طلب منه أن يقسم الميراث بينه وبين أخيه {وقال له واحد من الجمع يامعلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث. فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسّمًا} (لو 12: 13، 14).
ولم يكن محاربًا فقد قال {أعطوا إذًا ما لقيصر لقيصر وما لله لله} (مت 22: 21).
ولم يتزوج، فقد كان منذورًا لله، لأنه أول من أنجبته أمه {كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسًا للرب} (لو 2: 23)..
" أجعل كلامي في فمه " لا يقرأ ولا يكتب ولا يتكلم من نفسه، بل يفعل كما يأمره الله تعالى عن طريق وحيه.."(2).
وذكر دكتور أحمد حجازي السقا عشرة أوصاف لهذا النبي تنطبق على نبي الإسلام جميعها، ولا تنطبق واحدة منها على السيد المسيح(3).
ج: نظرًا لتكرار هذا السؤال في كثير من كتب النقد، لذلك دعنا يا صديقي نستفيض في الإجابة عليه، وذلك من خلال ثلاث محاور:
أولًا: المفهوم الصحيح لهذه النبوءة (تث 18: 15 - 18).
ثانيًا: الرد على المفهوم الخاطئ للنبوءة.
ثالثًا: التشابهات بين موسى والسيد المسيح.
أولًا: المفهوم الصحيح لهذه النبوءة (تث 18: 15 - 18)
تناول مُعظم النُقَّاد آية واحدة من هذه النبوءة (تث 18: 18) وأغفلوا عن قصد الآيات السابقة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لأن النبوءة عندما تقرأ بكاملها فإنها تشرح نفسها وتوضح الحقيقة جلية، فالنبوءة تقول " يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلًا لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضًا لئلا أموت. قال لي الرب قد أحسنوا فيما تكلموا. أُقيم لهم نبيًا من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه" (تث 18: 15 - 19) وفي هذه النبوءة نلاحظ:
1- أن النبوءة موجهة لبني إسرائيل، أي أن هذا النبي سيكون نبيًا لبني إسرائيل، لذلك قال " يقيم لك الرب إلهك " فقوله " لك " تعني لشعب إسرائيل وليس لشعب آخر مثل الشعب العربي أو غيره.
2- تحدد النبوءة النبي بأنه من وسط إٍسرائيل " من وسطك " أي أنه سيكون يهوديًا وليس إسماعيليًا.
3- تؤكد النبوءة أن النبي سيكون من نسل يعقوب بن إسحق " من أخوتك مثلي".
ويقول القس عبد المسيح بسيط " قد وردت الكلمة " من أخوتك " في السفر عشرين مرة واسْتُخْدِمَت بخمس طرق:
(1) استخدمت 14 مرة للأسباط الاثني عشر باعتبارهم أخوة بعضهم لبعض.
(2) مرة واحدة عن اللاويين، سبط لاوي، باعتبارهم أيضًا أخوة.
(3) مرتين عن الأدوميين، نسل عيسو الملَّقب بأدوم، شقيق يعقوب التوأم.
(4) مرة واحدة عن الأخوة بمعناها الحرفي " إذا سكن أخوة معًا" (تث 25: 5).
(5) مرتين في هذه النبوءة.
ولم تُستخدم ولا مرة واحدة، لا في هذا السفر ولا في غيره من أسفار الكتاب المقدَّس، عن أبناء إسماعيل كأخوة لبني إسرائيل. ومن ثم يكون معنى الأخوة بحسب مفهوم ومنطق وتطبيق الكتاب المقدَّس وقواعد تفسيره هذه الأخوة بالمفهوم... الذي يعني بقية الأسباط، فالأسباط هم الأخوة الأقرب بعضهم لبعض، حيث قال الله لهم " إذا بيع لك أخوك العبراني أو أختك العبرانية وخدمك ست سنين ففي السنة السابقة تطلقه حرًّا من عندك" (تث 15: 12)"(4).
ويقول الأخ الإكليريكي عادل حنا عوض - إكليريكية طنطا " لو أردنا أن نُوجد لبني يعقوب أخوة سنجدهم بنو عيسو الأخ الشقيق والتوأم ليعقوب، فبنو عيسو (أدوم) هم الأحق بأن يُدعوا أخوة لبني إسرائيل، وليس بنو إسماعيل الأخ غير الشقيق لإسحق، ولاسيما أنه كان هناك أخوة آخرون لإسحق من قطورة وهم زمران ويقشان ومدان ومديان ويشباق وشوحا (تك 25: 1) فالنبوءة تسلط الضوء على بني يعقوب وليس بني إسحق. ثم لماذا يسعى هؤلاء النُقَّاد لإثبات نبوءة رسول الإسلام من الكتاب المقدَّس في الوقت الذي يتهمونه بالتحريف؟!!"(5).
ولا يمكن أن نغفل أن الكتاب المقدَّس يفسر نفسه بنفسه، فالسيد المسيح شهد أن هذه النبوءة تخصه لذلك قال لليهود " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني" (يو 5: 46) وفهم فيلبس أن هذه النبوءة تنطبق على يسوع لذلك قال لنثنائيل " وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة" (يو 1: 45). وأوضح الإنجيل بأجلي بيان بأن السيد المسيح هو موضوع هذه النبوءة، وأنه هو النبي الآتي إلى العالم:
† " فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل" (مت 21: 11).
† " فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم" (يو 6: 14).
† " فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي" (يو 7: 40).
† " فإن موسى قال للآباء أن نبيًا مثلي سيقيم الرب إلهكم من أخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلمكم به. ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تُباد من الشعب" (أع 3: 22، 23).
† " هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبيًا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم له تسمعون" (أع 7: 37).
فهل بعد كل هذه النصوص وكل هذا الوضوح يتماحك ناقد ويقول أنها تنطبق على شخص آخر غير السيد المسيح..؟! وماذا تفعل لشخص يقصد أن يتغافل كل هذه النصوص، مثله مثل من ينكر الشمس في رابعة النهار..؟! أنه يتحمل وزر نفسه وخطيته على رأسه.
ثانيًا: الرد على المفهوم الخاطئ للنبوءة:
دعنا يا صديقي نورد الحجج التي اعتمد عليها النُقَّاد في قولهم بأن التوراة تنبأت عن شخص آخر غير السيد المسيح، ونُجيب على هذه الحجج واحدة فواحدة:
1- قال دكتور احمد حجازي السقا أن هذا النبي هو شخص عادي مثل موسى تمامًا، بينما يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح هو الله(6).
تعليق: حقًا أن إيماننا في السيد المسيح أنه هو هو الله المتأنس من أجل خلاص جنس البشر، ولكن هذا لا ينفي عنه أنه رسول لأنه مُرسل من الله الآب من أجل خلاصنا، ولكنه ليس مجرد رسول، بل هو رب كل الرسل، وهو أيضًا نبي لأنه قد أنبأ بأمور مستقبلية مثل خراب أورشليم وانتشار الكرازة باسمه في العالم كله وإلى انقضاء الدهر ومجيئه الثاني. ولكنه ليس مجرد نبي فحسب، بل هو رب كل الأنبياء، فالنبي الذي أشار إليه موسى النبي هو هو السيد المسيح في إحدى وظائفه.
2- قال دكتور السقا أن هذا النبي موضع النبوءة من أخوة اليهود، أي من نسل إسماعيل، لأن إسماعيل أبو العرب، أخ لإسحق أبو اليهود، فأُعتبر العرب أخوة لليهود (راجع نقد التوراة ص 199) وأضاف علاء أبو بكر أن إسماعيل كان له بركة مثل إسحق، فقد قال عنه الله " سأجعله أمة عظيمة" (تك 21: 17 - 21) كما قال عاطف عبد الغني أن التوراة اعتبرت بنو عيسو أخوة لليهود " لا تكره أدوميًا لأنه أخوك".
تعليق: بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقًا عن انطباق النبوءة على السيد المسيح، نقول قول موسى النبي " من وسطك " أي من وسط بني إسرائيل، كما أوضح الله صفات ملك المستقبل أنه سيكون من وسط أخوتك، أي من بني إسرائيل " متى أتيتَ إلى الأرض التي يُعطيك الرب إلهك، وامتلكتها وسكنت فيها فإن قلتَ أجعل عليَّ ملكًا كجميع الأمم الذين حولي. فإنك تجعل عليك ملكًا الذي يختاره الرب إلهك. من وسط أخوتك تجعل عليك ملكًا. لا يحل لك أن تجعل عليك رجلًا أجنبيًا ليس هو أخاك" (تث 17: 14، 15) إذًا " من وسط أخوتك " أي من أبناء يعقوب بن إسحق، وهذا ما حدث بالضبط لجميع الملوك الذين ملكوا على بني إسرائيل من شاول بن قيس إلى قبيل مجيء السيد المسيح جميعهم كانوا من اليهود، ولم يكن واحدًا منهم من بني إسماعيل، وقبيل مجيء السيد المسيح ملك هيرودس الكبير وهو من نسل أدوم (عيسو) وقد تهوَّد، وبملكه بدأت نبوءة يعقوب في التحقُّق عندما قال بأن المسيا المنتظر سيأتي عندما يزول الحكم عن يهوذا " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع الشعوب" (تك 49: 10).
وقد صرَّحت التوراة مرارًا وتكرارًا أن اليهود أخوة بعضهم لبعض، فمثلًا قال موسى لسبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى الذين استقروا شرق الأردن " تعبرون أمام أخوتكم بني إسرائيل" (تث 3: 18) كما قال عن الفقير العبراني " إن كان فيك فقير... لا تقبض يدك عن أخيك الفقير" (تث 15: 17).. " لا تظلم أجيرًا مسكينًا وفقيرًا من أخوتك أو من الغرباء الذين في أرضك" (تث 24: 14).
3- يقول دكتور السقا أن من صفات النبي الآتي أنه مُشرّع " له تسمعون " بينما نصت التوراة على أنه لا نبي آخر شرّع في بني إسرائيل مثل موسى (تث 34: 10) (راجع نقد التوراة ص 199) وأضاف علاء أبو بكر أن السيد المسيح لم يكن قاضيًا، بدليل أنه قال للذي طلب منه أن يُقسّم الميراث بينه وبين أخيه " من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسّمًا " ولم يكن السيد المسيح أيضًا صاحب شريعة (مت 5: 17، 18).
تعليق: أ- كتب يشوع في سفر التثنية خبر وفاة موسى النبي، ثم عقب قائلًا " ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى" (تث 34: 10) وقد أوضح لماذا قال هذا؟ لأن موسى تميَّز عن بقية الأنبياء ليس باستلام الشريعة فقط، ولكن بالأولى لأنه كان يكلم الله وجهًا لوجه " الذي عرفه الرب وجهًا لوجه" (تث 34: 10) بينما أوضح القرآن بأن رسول الإسلام له أمثال كثيرين فقال له " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وأتينا داود زبورًا" (النساء 163) بينما شهد القرآن أيضًا أن موسى قد تميَّز عن جميع الأنبياء بأن الله كان يكلمه وجهًا لوجه فلم يدرجه ضمن القائمة السابقة بل قال عنه " وكلَّم الله موسى تكليمًا" (النساء 164) وبذلك أفرد موسى وميَّزه عن سائر الأنبياء.
ب- عندما كتب يشوع " لم يقم بعد " قصد بـ"بعد" أي إلى هذه اللحظة التي كتب فيها يشوع، إذًا النص لا يقف حائلًا أمام قيام نبي آخر في إسرائيل بعد فترة يشوع كاتب النص، وهذا ما حدث عندما جاء السيد المسيح من بني إسرائيل.
جـ- ردًا على القول بأن السيد المسيح لم يكن قاضيًا ولا صاحب شريعة، نقول أن السيد المسيح جاء بشريعة النعمة والحق، وقد أوضح ذلك في الموعظة على الجبل عندما قال " قيل للقدماء لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم... قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن. وأما أنا فأقول لكم... وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم... سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوفِ للرب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم... قد سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم... سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم.." (مت 5: 21 - 48).
4- قال الناقد أن النبي الآتي مثل موسى الذي قال عنه الكتاب " ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهًا لوجه في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في أرض مصر بفرعون وجميع عبيده. وفي كل أرضه وفي كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التي صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل" (تث 34: 10 - 12) فقال الدكتور السقا " فهذا النص يحدد المثلية:
أ - في الآيات والعجائب. ب- وفي كل اليد الشديدة. جـ- وفي كل المخاوف العظيمة. وأين من هذا عيسى وهو لم يحارب، ولم يحرّر بني إسرائيل من الرومان كما حرَّر موسى بني إسرائيل من فرعون..؟ وأين هذا من قول الله تعالى لنبي الإسلام (صلعم) {والله يعصمك من الناس} وهو قد حرَّر العرب من نفوذ فارس والروم. وحرَّر أرض كنعان أيضًا من الروم، وفتح عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه للمسجد الأقصى سنة 636م شاهد على ذلك"(7). وأضاف علاء أبو بكر أن رسول الإسلام كان مثل موسى في الولادة الطبيعية، وفي الزواج، وفي الإنجاب، وفي الموت والبقاء في القبر.
تعليق: عندما نقول أن هناك تشابه بين النبي الآتي وموسى النبي، فالمقصود أن هذا التشابه في بعض الجوانب، وليس في كل الجوانب، وإلاَّ كان الآتي هو هو موسى النبي للمرة الثانية، فإن قال النُقَّاد أن رسول الإسلام شابه موسى في الآيات والعجائب فإن هذا غير حقيقي... لماذا؟ لأن الله أجرى على يد موسى معجزات وعجائب لم يشهدها العالم من قبل، مثل الضربات العشر، وشق البحر الأحمر، وتفجير الماء من صخرة صماء... إلخ بينما يعترف رسول الإسلام بأنه مُنع من إتيان المعجزات والآيات لأن الأنبياء الذين جاءوا من قبل عملوا المعجزات والشعب كذَّبهم " وما مُنِعنا أن نُرسَل بالآيات إلاَّ أن كذَّب بها الأولون" (سورة الإسراء 59).
وإن قال البعض أن رسول الإسلام شابه موسى النبي تمامًا في الحروب والغزوات والفتوحات، نقول أن موسى حارب عماليق لأن عماليق تعدى أولًا على شعب الله. كما أن حروب موسى كانت محدودة، ولم يكن الهدف منها الدعوة للدين (اليهودية) بينما كان الهدف والقصد من الفتوحات الإسلامية نشر الدين الجديد، والحروب التي قام بها موسى النبي كانت بأوامر إلهيَّة نظرًا لزيادة وتفاقم شر هذه الشعوب، حتى أنهم كانوا يقدمون أطفالهم ذبائح بشرية لآلهتهم الوثنية، وأيضًا لو أخذنا الحروب مقياس ووجه شبه فإن الحروب لم تميّز موسى كما ميَّزت يشوع بن نون الذي حارب شعوب كنعان وقتل عشرات الملوك.
أما القول بأن رسول الإسلام شابه موسى من جهة الولادة الطبيعية والزواج والإنجاب والموت... إلخ فهذه أمور عادية لا يتميَّز فيها إنسان عن آخر، فالبشر جميعًا في مثل هذه الأمور سواسية، ولا تعد علامات مميزة تفصل بين شخص وآخر.
ويقول الأخ الإكليريكي عاصم عاطف يوسف - إكليريكية شبين الكوم " أنا أريد أن أسأل الناقد: هل كون المسيح لم يكن رجل حرب ولم يكن متزوجًا، ولم ينجب ومات مصلوبًا، ودُفن وقام يجعله ليس هو النبي الموعود..؟! التشابه بين موسى والسيد المسيح كبير جدًا ويغطي مجمل أحداث حياتهما، وهي أمور روحانية تليق بالسيد المسيح الإله المتجسد ونبيه موسى النبي، وليس أمورًا جسدية تليق بالعبد، وهل الماديات والمحسوسات والنكاح والإنجاب تؤكد صدق النبوءة؟!!"(8).
5- قال دكتور السقا أن النبي الآتي ينسخ شريعة موسى " له تسمعون " بينما السيد المسيح لم ينسخ شريعة موسى، بل تلخصت مهمته في الدعوة النبويَّة والاستعداد للدخول في ملكوت السموات ملكوت نبي الإسلام والذين معه... كان المسيح مُتبعًا للتوراة، ومصدقًا لها. أما نبي الإسلام فمع أنه كان مُصدّقًا أيضًا على التوراة، لكنه كان مُصحّحًا ومُهيمنًا عليها {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مُصدّقًا لما بين يديك من الكتاب ومهيمنًا عليه}(9).
تعليق: هذا تأويل خاطئ لقول الكتاب " له تسمعون"، فلو وضعنا الآية " يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من أخوتك مثلي له تسمعون" (تث 18: 15) وتأملناها نلاحظ كما قلنا سابقًا عبارة " يقيم لك " أي يقيم لبني إسرائيل، ورسول الإسلام لم يأتِ لبني إسرائيل، وعبارة " له تسمعون " أي أن بني إسرائيل هم الذين سيسمعون وهذا لم يحدث بالنسبة لرسول الإسلام، وإن قال ناقد وأيضًا لم يستمع بنو إسرائيل للسيد المسيح لأنه مكتوب " إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله " نقول أن الكنيسة الأولى تكوَّنت من آلاف اليهود الذين سمعوا للسيد المسيح والكرازة باسمه، كما أن الآية التالية أوضحت تمامًا من هم الذين يستمعون للنبي الآتي " حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلًا لا أعود أسمع صوت الرب إلهي" (تث 18: 16) وبالرجوع إلى سفر الخروج (خر 19: 14 - 20: 21) نجد القصة كاملة، فعندما حلَّ الله على الجبل كان المنظر مرعبًا للغاية فخاف الشعب " وقالوا لموسى تكلم أنت معنا فنسمع. ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت" (خر 20: 19) إذًا من هم الذين سيسمعون النبي الآتي " له تسمعون "؟ هل بني إسرائيل الذين خشوا من قبل سماع الصوت الإلهي من على الجبل، أم العرب الذين ليس لهم شأن بهذا الحدث (ولا لهم في الطور ولا في الطحين)..؟! إذًا من صفات النبي الآتي أن يأتي من بني إسرائيل وهم يسمعون له، أما رسول الإسلام فقد ناصبه اليهود العداء، وهو انتقم منهم شر نقمة، واسألوا بني قريطة إن كنتم لا تعلمون؟!
6- قال الدكتور السقا من مواصفات النبي الآتي أنه أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وتكون رسالته من فمه " وأجعل كلامي في فمه": "والعرب أمة أميَّة ما تكتب وما تحسب، لدرجة أن اليهود كتبوا عنهم على لسان الله عز وجل {هم أغاروني بما ليس إلهًا. أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيّرهم بما ليس شعبًا بأمة غبية أغيظهم} (تث 32: 21) وهذه الأمة هي أمة العرب من إسماعيل، لأن إسماعيل له بركة منصوص عليها في سفر التكوين... أما عيسى عليه السلام فقد نشأ في بيئة علمية حضارية متحدثة، ورثت الكتاب، ووعت علوم الفرس واليونان والرومان، وأنه هو نفسه كان ربيًّا من رابي اليهود العظام... وكان على وجه الخصوص قارئًا وكاتبًا، فقد حكى لوقا عنه {ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ..} (لو 4: 16 - 19)"(10).
تعليق: أ - ما المقصود بقول النبوءة " أجعل كلامي في فمه "..؟ المقصود أن النبي لا يتكلم من عندياته بل يتكلم بما يريده الله، وليس المقصود أن هذا النبي يكون أميًّا لا يقرأ ولا يكتب، والعبارة السابقة تنطبق على جميع الأنبياء الذين خرجوا من إسرائيل، ومعظمهم كان يعرف القراءة والكتابة، وقد قال الله لإشعياء النبي " قد جعلت أقوالي في فمك" (أش 51: 16) وقال لأرميا النبي " ها قد جعلت كلامي في فمك" (أر 1: 9) كما قال السيد المسيح لرسله الأطهار " لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت 10: 20).
ب- نسب السيد المسيح كلامه لله الآب وأكد على هذا الأمر مرارًا وتكرارًا. فقال " لأني لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية... فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب هكذا أتكلم" (يو 12: 49، 50).. " الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيَّ هو يعمل الأعمال" (يو 14: 10).. " والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني" (يو 14: 24).
جـ- يقول القس عبد المسيح بسيط " كيف تكون هناك مماثلة بين (موسى) المتكلم والذي تهذَّب بكل حكمة المصريين، والأمي الذي يقولون أنه لا يعرف القراءة والكتابة؟!"(11).
د - تقول الأخت الإكليريكية روض عاطف يوسف(12) " عبارة (أجعل كلامي في فمه) تنطبق على السيد المسيح، فمع أن السيد المسيح هو كلمة الله، إلاَّ أنه في تجسده خضع لإرادة الآب السماوي، التي هي واحدة مع إرادته، لهذا لا نعجب أنهم قالوا عنه " كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلم. أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني. إن شاء أحد يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي. من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه. وأما من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم" (يو 7: 15 - 18). وتكملة الآية (فيكلمهم بكل ما أوصيه به) أي يكون أمينًا في إبلاغ الرسالة كما كان موسى، وإن كان الكتاب يجزم بأنه لم يقم ولن يقم نبيًا مثل موسى، فكيف يقيم الله نبيًا مثل موسى إلاَّ إذا كان ربه وقد صار مثله بالتجسد؟!"(13).
هـ- بقى أن نشير إلى المقصود بالأمة الغبية " بأمة غبية أغيظهم " فهي كل أمة تعبد الأوثان، لأن عبادة الأوثان تعتبر نوعًا من الغباء، وقد أشار إلى هذه الآية معلمنا بولس الرسول في معرض حديثه عن البشارة للأمم الوثنية وكرازة الرسل لهم، مقابل رفض اليهود لهذه البشارة، فقال " لكني أقول ألعلَّ إسرائيل لم يعلم. أولًا موسى يقول أنا أُغيركم بما ليس أمَّةً - بأمَّة غبية أغيظكم... أما من جهة إسرائيل فيقول طول النهار بسطت يديَّ إلى شعب معاند ومقاوم" (رو 10: 19، 20) [راجع أيضًا تي 3: 3، 1كو 6: 11، أف 2: 1، كو 1: 21، 3: 7، 1بط 4: 3].
7- قال الدكتور السقا أن النبي الآتي يكون أمينًا في الوحي لا يزيد عليه ولا ينقص منه " يكلمهم بكل ما أوصيه به " وهذا لا يعني أن عيسى لم يكن أمينًا على الوحي، بل كان أمينًا ومعصومًا من الخطأ، وأنه لنبي عظيم، ولكن النصارى من بعده لم يحترموا وصاياه، كما إحترم المسلمون وصايا نبيهم(14).
تعليق: الدكتور السقا يتكلم ويرد على نفسه، فقد كان من المفروض أن يورد وجه الشبه بين موسى النبي ورسول الإسلام، على أن لا يتوفر وجه الشبه هذا في السيد المسيح، فذكر الأمانة في إبلاغ الرسالة، لكنه لم يجرؤ أن يتهم السيد المسيح بعدم الأمانة لئلا يخالف القرآن الذي شهد للسيد المسيح، فتماحك بحجة أن المسيحيين (الأردياء) لم يحترموا وصايا السيد المسيح كما إحترم المسلمون وصايا رسولهم، وتغافل ملايين الشهداء المسيحيين الذي قُتلوا من أجل تمسكهم بكل حرف نطق به السيد المسيح، لأنهم لا يؤمنون بمبدأ التقيَّة (أي يُظهرون في وقت الشدة غير ما يبطنون) أسلموا حياتهم للموت في رضى، بل وكانوا يحبون جلاديهم ويصلون من أجلهم، ومن أجل شهادتهم المسيحية هذه اجتذبوا العالم كله ورائهم، وقوَّضوا أركان الإمبراطورية الرومانية، وصدق من قال أن دماء الشهداء بذار الإيمان. وأيضًا تغافل الدكتور السقا من الجانب الآخر كثرة عدد المسلمين الذي إرتدوا عن الإسلام بعد موت الرسول، ولم يعودوا إليه إلاَّ بالسيف من خلال حروب الردة، التي تم فيها تجريد أحد عشر لواءًا على رأسها خالد بن الوليد... واسألوا أهل الذكر إن كنتم تتغافلون.
8- قال الدكتور السقا من مواصفات النبي الآتي أنه لا يُقتل بيد أعدائه، بينما قال النصارى في أناجيلهم أن المسيح عيسى بن مريم قتله اليهود وصلبوه. أما نبي الإسلام فقد مات على فراشه موتًا طبيعيًا مثل موسى النبي، وأضاف علاء أبو بكر قائلًا أن رسول الإسلام لم يُهان ولم يُبصق على وجهه، وعندما مات لم يُبعث من الموت في اليوم الثالث، ولم ينزل للجحيم، ولم يتحمل خطايا البشر(15).
تعليق: قلنا أن النبي الآتي يشبه موسى في بعض الأمور، وليس في كل الأمور، وإلاَّ كان هناك تطابق وتكرار لشخصية بعينها، وأن يكون موسى هو النبي الآتي متخفيًا، أو النبي الآتي هو موسى مستعلنًا، ولكنهما في الحقيقة هما شخصان بينهما أوجه شبه كبيرة وهذا ما سنتناوله في المحور الثالث، وأيضًا بينهما أوجه خلاف، فالسيد المسيح هو الإله المتأنس، الذي وُلد من العذراء مريم بدون زرع بشر، وقام بأعمال ومعجزات لا يفعلها إلاَّ الله ذاته مثل معجزات الخلق، وصُلب ومات وقُبر، وقام من بين الأموات بقوته الذاتية منتصرًا على الشيطان والخطية والموت لحساب البشرية، وكل هذه وغيرها أوجه خلاف بينه وبين موسى النبي.
9 - قال الدكتور السقا من مواصفات النبي الآتي أنه يتحدث عن أمور غيبية، وهذه الأمور تحدث في المستقبل.
تعليق: لم يوضح الناقد نبوءات رسول الإسلام، أين وردت؟ ومتى تحققت؟ بينما تنبأ السيد المسيح عن خراب أورشليم، وأعطى وصفًا كاملًا لحصار المدينة، وصعوبة وقسوة تلك الأيام، وكل هذا تحقق على يد تيطس الوالي الروماني سنة 70م، وتحدث عن انتشار الكرازة في العالم كله وهذا ما نراه الآن.
10- قال الدكتور السقا من مواصفات النبي الآتي أنه سيقضي على اليهود قضاءً مبرمًا " كل نفس لا تسمع لذلك النبي تُباد " والتاريخ يشهد أن نبي الإسلام قد انتصر عليهم... أما المسيح عيسى عليه السلام فلم يكن ملكًا على قومه، ولم يؤذ أحدًا من اليهود، وظل اليهود من بعده في أرض كنعان مدة طويلة(16).
تعليق: أ - حمَّل الناقد النص فوق ما ينبغي، فأين وردت عبارة أن النبي سيقضي على اليهود قضاءً مبرمًا؟ فهوذا الكتاب المقدَّس ليطلع عليه الناقد من أوله إلى آخره، وليبرز لنا ما يؤيد قوله بأن هذا النبي الآتي سيقضي على اليهود..!!
ب - جاء في نص النبوءة قول الله ذاته " قال لي الرب قد أحسنوا... ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمي أنا أطالبه" (تث 18: 16، 18) فهل ضمير " أنا " يعود على الله أم على النبي..؟! واضح أنه يعود على الله الذي يدين الإنسان على عدم إيمانه بالسيد المسيح، وقال " أنا أطالبه " أي أنا أدينه، وهذا ينطبق على أي شخص لا يستمع لتعاليم السيد المسيح سواء كان يهوديًا أو غير يهوي.
جـ- قول الناقد بأن " كل نفس لا تسمع لذلك النبي تُباد " لم ترد في نص النبوءة، إنما وردت في تفسير النبوءة في سفر الأعمال (أع 3: 23) والعبارة واضحة تمامًا، ولم تشر لا من قريب ولا من بعيد لانتقام النبي الآتي من نفوس اليهود الذين لا يسمعون له... لاحظ الفعل " تُباد " في صيغة المبني للمجهول، ولم تذكر قط أن النبي هو الذي سيبيدها، كما أن معنى الإبادة هنا ليست التصفية الجسدية، إنما الإقصاء عن الحياة الروحية، فلم تعد تلك النفس ضمن شعب الله المؤمن.
11- قال بعض النُقَّاد أن رسول الإسلام شابه موسى في أن كل منهما نشأ في بيت أعدائه، وتنبأ بين عبدَّة الأصنام، وكان مُهدَّدًا بالقتل، وهرب من وجه أعدائه، فموسى هرب إلى سيناء ورسول الإسلام هاجر إلى المدينة.
تعليق: يقول القس عبد المسيح بسيط " أما الخلاف بين موسى ونبي المسلمين فهو خلاف جوهري يقطع بعدم التماثل بينهما، سواء من جهة الشخصيتين أو من جهة التماثل النبوي المقصود أصلًا في النبوءة:
1- فموسى جاء من شعب الله المختار ونبي المسلمين جاء من العرب.
2- موسى وُلد في مصر وهو في مكة.
3- موسى حفظه الله من خطر الموت الذي أحدق به وقت ميلاده وهو لا.
4- موسى كلم الله وجهًا لوجه وفمًا لفم وتناقش مع الله وسمع صوت الله ورأى شبه مجده، وهو لا.
5- أجرى الله على يد موسى عشرات المعجزات التي شاهدها عشرات الآلاف من بني إسرائيل والمصريين، وهو لا.
6- موسى عبر ببني إسرائيل البحر الأحمر ولم يغرق منهم أحد، كما أطعمهم الله عن طريقه بالمن والسلوى الذي نزل من السماء، وهو لا.
7- تربى موسى في قصر فرعون كأمير وتعلم بكل حكمة المصريين، وهو حسب الاعتقاد الإسلامي العام أُمي لا يقرأ ولا يكتب 0
8- مات موسى ميتة طبيعية وحرس الملاك ميخائيل قبره، وهو لا...
9- موسى توفى وعمر 120 سنة وهو توفى وعمره 63 سنة"(17).
12- قال بعض النُقَّاد بأن كل من موسى ورسول الإسلام بدأ رسالته في سن الأربعين، بينما بدأ السيد المسيح رسالته في سنة الثلاثين من عمره.
تعليق: هذه مغالطة، لأن موسى لم يبدأ رسالته في سن الأربعين، فكل ما فعله في هذا السن أنه قتل المصري، فهل قتل المصري يعتبر بداية رسالة موسى، أم تبدأ رسالة موسى عندما أرسله ربه ليخلص شعبه؟! لقد بدأ موسى رسالته عقب عودته إلى مصر وهو في الثمانين من عمره.
ثالثًا: التشابهات بين موسى والسيد المسيح:
ما أكثر أوجه الشبه بين موسى النبي والسيد المسيح، ونذكر منها ما يلي:
1- كليهما من إسرائيل: فموسى بن عمرام بن قهات بن لاوي بن يعقوب (خر 6: 16-20).
والسيد المسيح من سبط يهوذا بن يعقوب (مت 1: 1 - 16).
وسبق أن قال الله لإبراهيم " ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة" (تك 17: 21) وقال القرآن " ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوءة والكتاب" (العنكبوت 27).
2- أمور أحاطت بميلادهما: خُتن موسى في اليوم الثامن من ميلاده بحسب الشريعة، وكذلك السيد المسيح.
وعندما وُلد موسى كان فرعون قد أصدر أمرًا بقتل كل الأطفال الذكور من بني إسرائيل (خر 1: 22) ولذلك أخفته أمه ثلاثة أشهر عن أعين فرعون (خر 2: 2) وعندما وُلد السيد المسيح أراد هيرودس الملك أن يهلكه، وعندما فشل في هذا أصدر أمره بقتل أطفال بيت لحم (مت 2: 16).
3- الهروب: هرب موسى من وجه فرعون الذي كان يريد قتله (خر 2: 15). وهرب السيد المسيح من وجه هيرودس الذي أراد قتله (مت 2: 13 - 15).
4- مكانة مصر: وُلد موسى النبي في أرض مصر وعاش فيها أربعين عامًا (خر 2) ثم عاد إليها وأخرج الشعب من عبودية فرعون.
والسيد المسيح هرب من وجه هيرودس وآتى إلى مصر وعاش فيها عدة سنوات حتى موت هيرودس الملك (مت 2: 13 - 23).
5- التخلي وافتقاد الشعب: خرج موسى النبي من القصر ليفتقد أخوته وينظر في أثقالهم (خر 2: 11) وأبى موسى أن يُدعى ابنًا لابنه فرعون مفضلًا بالأحرى أن يذل مع شعب الله (عب 11: 23 - 26).
وتجسد السيد المسيح ليفتقد البشرية (لو 1: 68 - 78) وقد أخلى ذاته آخذًا صورة عبد وأطاع حتى الموت موت الصليب (في 2: 7، 8).
6- الخلاص: أرسل الله موسى ليخلص شعبه من عبودية فرعون (خر 3) وفعلًا خلص موسى شعبه وعبر بهم إلى أرض الحرية.
وجاء السيد المسيح ليخلص البشرية من عبودية الشيطان (يو 3: 16، 17) وفعلًا خلصنا وعبر بنا من الموت للحياة.
7- الصوم: صام موسى النبي على الجبل أربعين يومًا قبل استلام الشريعة (تث 9: 9).
وصام السيد المسيح على الجبل أربعين يومًا قبل بدء خدمته (مت 4: 2).
8- الرعاية: عمل موسى راعيًا لغنم يثرون حماه لمدة أربعين عامًا (خر 3: 1).
والسيد المسيح هو الراعي الصالح (يو 10: 11).
9- النصرة: انتصر موسى على عماليق وهو يصلي باسطًا ذراعيه على مثال الصليب (خر 17: 8 - 16).
وانتصر السيد المسيح على الشيطان وقوات الشر الروحية بالصليب وأشهرهم جهارًا ظافرًا بهم (كو 2: 15).
10- الشريعة: تلقى موسى شريعة العهد القديم من الله على جبل سيناء (خر 20)، ويعتبر موسى هو مؤسس كنيسة العهد القديم.
وألقى السيد المسيح العظة على جبل التطويبات دستورًا للحياة المسيحية (مت 5، 6، 7) فالسيد المسيح أكمل ناموس موسى " ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت 5: 17).. " لأن الناموس بموسى أُعطي. أما النعمة والحق فبسيوع المسيح صارا" (يو 1: 17)، والسيد المسيح هو مؤسس كنيسة العهد الجديد.
11- لمعان الوجه: نزل موسى من على الجبل وإذ بوجهه يلمع، مما اضطره إلى وضع برقع على وجهه (خر 34: 29).
وعندما تجلى السيد المسيح على الجبل أضاء وجهه كالشمس (مت 17: 2).
12- بين الحيَّة النحاسية والصليب: رفع موسى الحيَّة النحاسية فكان من لُدغ من الحيَّات المحرقة ونظر إليها يحيا (عد 21: 9).
وارتفع السيد المسيح على الصليب وكل من لُدغ من شر الخطية ونظر إليه يُشفى (يو 3: 14، 15).
13- المعجزات: صنع الله بموسى معجزات عظام مثل الضربات العشر، وشق البحر الأحمر، وتفجير الماء من صخرة صماء... إلخ. (خر 7 - 17).
وصنع السيد المسيح معجزات عجيبة إذ شفى جميع الأمراض، وطرد الشياطين، وفتح أعين العميان، وأشبع الجموع، وأقام الموتى، وخلق عينين للمولود أعمى، وحول الماء إلى خمرًا ممتازًا، وأظهر سلطانه على الطبيعة فانتهر الرياح وأسكت الأمواج... ألخ.
14- كليم الله وكلمة الله: فقال الله عن موسى " فمًا إلى فم أتكلم معه" (عد 12: 8) وقال موسى " وجهًا لوجه تكلَّم الرب معنا في الجبل من وسط النار" (تث 5: 4).. " ويكلم الرب موسى وجهًا لوجه كما يكلم الرجل صاحبه" (خر 33: 11) وقال يشوع بن نون " الذي عرفه الرب وجهًا لوجه" (تث 34: 10) إذًا موسى الوحيد الذي دُعي كليم الله.
والسيد المسيح هو كلمة الله (يو 1: 1، 14).
15- الوداعة: "كان الرجل موسى حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس" (عد 12: 3)، وغفر لأخيه هرون وأخته مريم اللذين تكلما عليه.
وقال السيد المسيح "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29)، وغفر لليهود والرومان.
16- القدرة في الأقوال والأفعال: قال الكتاب عن موسى " فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرًا في الأقوال والأعمال" (أع 7: 22).
وقيل عن السيد المسيح " تعجب اليهود قائلين كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلَّم" (يو 7: 15).. " كان يعلّمهم في مجمعهم حتى بُهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات" (مت 13: 54).. " المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم" (كو 2: 3).
17- اختيار السبعين: اختار موسى سبعين شيخًا ليساعدوه في عمله الرعوي للشعب (عد 11: 24، 25).
واختار السيد المسيح سبعين رسولًا وأرسلهم للكرازة (لو 10: 1).
18- الشفاعة: كان موسى شفيعًا ووسيطًا بين الله وشعبه (خر 32: 31، 32، عد 4: 11 - 20، تث 5: 5).
والسيد المسيح هو الشفيع لنا لدى الله الآب (1 تي 2: 5، عب 8: 6، 9: 15، 12: 24، 1 يو 2: 1، 2).
19- الخطاب الأخير: يعتبر سفر التثنية ثلاث خطابات وجهها موسى النبي لشعبه قبل موته بنحو شهرين، وهي أشبه بخطاب السيد المسيح الوداعي لتلاميذه (يو 15 - 17).
20- البركة الأخيرة: بارك موسى شعبه قبل موته (تث 33).
والسيد المسيح قبل صعوده للسماء أخرج تلاميذه إلى بيت عنيا " ورفع يديه وباركهم" (لو 24: 50).
21- الموت على مكان مرتفع: طلب الله من موسى أن يصعد إلى جبل نبو لكيما يموت هناك (تث 34: 1 - 6).
ومات السيد المسيح بالجسد وهو معلقًا على خشبة الصليب فوق ربوة الجلجثة (مت 27: 33).
22- الظهور بعد الموت: ظهر موسى النبي بعد موته على جبل التجلي مع إيليا النبي (مت 17: 13).
والسيد المسيح ظهر بعد موته وقيامته مرارًا وتكرارًا (مت 28: 9، مر 16: 9، 12، 14، لو 24: 13 - 52، يو 20: 15 - 28، 21: 5 - 22، 1كو 15: 5، 6) إلخ.(18).
_____
(1) الشيخ رحمت الله بن خليل العثماني - إظهار الحق جـ 2 ص 203، وأحمد ديدات - ماذا يقول الكتاب المقدَّس عن محمد؟ ص 36، 37.
(2) البهريز جـ 1 س332، جـ4 س85.
(3) راجع نقد التوراة ص 196 - 206.
(4) هل تنبأ الكتاب المقدَّس عن نبي آخر بعد المسيح ص 57.
(5) من أبحاث النقد الكتابي.
(6) راجع نقد التوراة ص 199.
(7) نقد التوراة ص 200.
(8) من أبحاث النقد الكتابي.
(9) راجع نقد التوراة ص 200، 201.
(10) نقد التوراة ص 201.
(11) هل تنبأ الكتاب المقدَّس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح ص 61.
(12) إكليريكية شبين الكوم.
(13) من أبحاث النقد الكتابي.
(14) راجع نقد التوراة ص 202.
(15) راجع نقد التوراة ص 202.
(16) راجع نقد التوراة ص 206.
(17) هل تنبأ الكتاب المقدَّس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح ص 63، 64.
(18) راجع أيضًا الأرشيدياكون نجيب جرجس - تفسير الكتاب المقدَّس - سفر التثنية ص 457 - 474.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/871.html
تقصير الرابط:
tak.la/mf7565f