ج: 1- أوصى الله شعبه بأنهم عندما يمتلكون الأرض ويقتسمونها أن كل إنسان يحافظ على نصيبه، وأيضًا لا يجور على نصيب جاره، فقال " لا تنقل تخم صاحبك الذي نصبه الأولون في نصيبك الذي تناله في الأرض التي يعطيك الرب إلهك لكي تمتلكها" (تث 19: 14) وتكررت الوصية " ملعون من ينقل تخم صاحبه" (تث 27: 16).. " لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك" (أم 22: 28) وعاتب الله شعب يهوذا قائلًا "صارت رؤساء يهوذا كناقلي التخوم فأسكب عليهم سخطي كالماء" (هو 5: 10).
2- كان كل شخص يحدد حدود ملكيته من الأرض عن طريق كومة من الأحجار أو حجر ضخم، وكان يُنقش على هذه الأحجار اللعنات التي تقع على من ينقل هذا التخم، فالله هو الذي حدَّد لكل سبط ولكل شخص ملكيته، فمن يغتصب جزءًا من أرض غيره فأنه يتحدى إرادة الله، كما أن هناك ارتباط بين ممتلكات الإنسان وحياته، ولذلك جاءت هذه الوصية بعد وصية سفك الدم، وتكرَّرت في قائمة اللعنات التي تقع على الخطايا التي يرتكبها الإنسان في السر (تث 27) فحتى لو تم نقل التخم في السر فإن الله العالِم بالخفايا يعاقب على هذه الخطية. وقد اهتم الله جدًا بأن يحتفظ كل سبط بأرضه، حتى لا يصير سبطًا غني وآخر فقير، ولذلك كان يحدث فكاك للأرض في سنة اليوبيل، أي تعود إلى صاحبها الذي باعها، وقد تعلَّم الشعب كيف يتمسك بنصيبه الذي أخذه من الله، وهذا ما عبَّر عنه نابوت اليزرعيلي قائلًا "حاشا لي من قبل الرب أن اعطيك ميراث آبائي" (1 مل 21: 3) وهو يعلم أن ثمن تمسكه بميراث آبائه الموت رجمًا، وهو ما حدث له بالفعل.
3- يقول القمص تادرس يعقوب " كان نقل علامات حدود الأرض لاغتصاب جزء من نصيب الغير لا يقل خطورة عن سفك دم برئ، سر ما حملته أرض الموعد من رمز للحياة السماوية الموعود بها... موضوع الأرض التي ينالها كل سبط كميراث دائم له تمثل بالنسبة له حياة أو موت، فمن يحرك العلامات التي تحدد أرضه ليغتصب جزء من أرض أخيه يكون كمن قد اغتصب منه بركة الرب التي هي حياته، أو كمن اغتصب ميراث العهد... يعطينا الله درسًا هامًا وهو أن يدرك كل إنسان حدوده وملكيته، محترمًا حقوق الغير وممتلكاتهم. نقل التخم عمل فيه عدم أمانة، فإنه خداع وطمع وإصابة الآخرين بالأضرار"(1).
4- يقول هنري تشارلس ماكنتوش أن هذه الآية " تكشف لنا عن قلب إلهنا المحب، وتدلنا على تداخل إلهنا العجيب في جميع ظروف شعبه المحبوب، فلا يجوز الاعتداء على التخم والحدود بأي حال من الأحوال، ونصيب كل فرد من بني إسرائيل يجب أن يبقى مصانًا طبقًا للتحديد الذي نصَّبه الأولون من قديم. فالرب أعطى الأرض لإسرائيل، وليس ذلك فقط بل قسَّم لكل سبط ولكل عائلة نصيبها الخاص بها... ولهذا فلا يوجد احتمال لتصادم المصالح، ولا يوجد مجال لأن يتداخل الواحد مع الآخر في نصيبه الخاص به، ولا يوجد كذلك محل للنزاع أو التقاضي بشأن الملكية... وكل واحد من بني إسرائيل كان يعتبر نفسه حائزًا لأرض مملوكة لإله إسرائيل، لأنه عينه عليهم بالرضى، وفي هذا تعزية قوية لشعب الرب الذي يستطيع أن يجلس آمنًا على كل واحد تحت كرمته وتينته، ليتمتع بالنصيب الذي قسَّمه له إله إبراهيم وإسحق ويعقوب"(2).
_____
(1) تفسير سفر التثنية ص 392.
(2) مذكرات على سفر التثنية ص 542.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/872.html
تقصير الرابط:
tak.la/jcx4am8