ج: 1- قال الكتاب " أما كلُّ محرَّم يحرّمه إنسان للربّ من كلّ ماله من الناس والبهائم ومن حقول ملكه فلا يُباع ولا يُفكُّ0 إن كلَّ محرَّمٍ هو قدس أقداس للرب. كلُّ محرَّم يُحرَّم من الناس لا يُفدى. يُقتل قتلًا" (لا 27: 28، 29) والحديث هنا ليس عن الذبائح البشرية، ولكن الحديث يتناول الأشياء المحرَّمة للرب، وماذا تعني الأشياء المحرَّمة للرب؟
إنها الأشياء التي نُذرت وكُرّست وخُصصّت للرب بتصميم أو بقسم لخدمة بيت الرب، فقد تنذر الأم أن تقدم أبنها لخدمة الرب كما حدث مع حنة أم صموئيل النبي، وقد يقدم الإنسان بعض الدواب أو الحيوانات لخدمة بيت الرب، وقد يوقف البعض أرضًا أو منزلًا لخدمة بيت الرب، فكل ما تم تخصيصه وتكريسه للرب لا يصح أن يُباع ولا يصح التصرف فيه، بل هو قدس أقداس للرب.
2- عندما تكلم سفر اللاويين عن تحريم الناس " كلَّ محرَّم من الناس لا يُفدى. يُقتل قتلًا " فإن التحريم كان في الغالب للأشخاص الخطرين أو القوم الأشرار، فمثلًا " لما سمع الكنعاني ملك عراد الساكن في الجنوب أن إسرائيل جاء في طريق أتاريم حارب إسرائيل وسبى منهم سبيًا. فنذر إسرائيل نذرًا للرب وقال إن دفعت هؤلاء القوم إلى يدي أُحرَّم مدنهم. فسمع الرب لقول إسرائيل ودفع الكنعانيين فحرَّموهم ومدنهم" (عد 21: 1 - 13) أي قتلوهم بحد السيف، وهذا يوضح ما قصده الرب بقوله " كل محرَّم يُحرَّم من الناس لا يُفدى يُقتل قتلًا" (لا 27: 28، 29).
3- وقد يأتي التحريم من الله نفسه كما أوصى يشوع بن نون بتحريم أريحا " فتكون المدينة وكل ما فيها محرَّمًا للرب. راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت" (يش 6: 17) وهذا ما فعله بنو إسرائيل " أحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها" (يش 6: 24) وحرَّم يشوع بن نون عخان بن كرمي عندما طمر الرداء الشنعاري ومئتي شاقل الفضة ولسان الذهب في الأرض " فأخذ يشوع عخان بن زارح... وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له... فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة" (يش 7: 24، 25).
4- يقول الأستاذ رأفت شوقي " على المعترض أن يدرس كل الآيات التي يستند عليها فيتضح له أن الكتاب المقدَّس يُحرم بتاتًا الذبائح البشرية، ومن يستنتج من (لا 27: 28، 29) بإباحة تقديم الذبائح البشرية يسئ التفسير، لأن هذا الفصل لا يتكلم مطلقًا عن الذبائح، بل على الأشياء المحرمة للرب (أي المكرسة له فتصبح حرامًا) والمعنى المقصود في (لا 27: 28، 29) هو تخصيص شيء للقضاء عليه، والكلمة العبرانية المستعملة هنا تفيد التحريم. إذا نذر إنسان بهيمة فيجب تحريمها، ولا يمكن فداءها البتة، كذلك أيضًا عند الحكم بالموت على أي إنسان بحسب الناموس نجد في العبرانية نفس كلمة "تحريم". فلم يكن الحكم بالموت يصدر إلاَّ من الله رأسًا أو من القضاة المقامين منه، ولم يكن مأذونًا للإسرائيلي أن يقتل إنسانًا ولو كان عبدًا له (خر 21: 20) كذلك لم يكن له الحق أن ينذر أو يحرم إنسانًا ما، والمقصود من هذه الآيات هو إظهار معنى التحريم لتحذير بني إسرائيل من أن يصنفوا الأشياء المحرمة (أي المحكوم عليها من الله بالموت) في صف النذور التي يمكن فداؤها"(1).
5- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " تحريم الناس كان في الغالب للأشخاص الخطرين أو الشعوب المتمادية في الشر والتي يعتبر وجودها خطرًا على المجتمع وعلى شعب الله بالخصوص. والرب برحمته كان يطيل أناته جدًا على الأشرار حتى تكون لهم فرص للتوبة وحتى لا يكون لهم عذرًا، كما فعل بالشعوب الكنعانية التي أمهلها عدة قرون (تك 15: 16، 19، 21) فإذا ما تكامل شرهم كان يقضي بهلاكهم رحمة بالشعوب والأشخاص الذين حولهم... ونلاحظ أن الرب لم يأمر بتحريم كثير من الشعوب الوثنية المعادية لشعب الله. أما الشعوب الخطيرة جدًا فقد حرَّمها... وبناء على هذا فكل محرَّم من الناس كان لا يفدى. بل كان يُقتل وهو في حكم المحكوم عليهم بالإعدام لخطورتهم"(2).
_____
(1) دراسات علمية في سفر اللاويين ص 56.
(2) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر اللاويين ص 391.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/757.html
تقصير الرابط:
tak.la/tt7a2rn