فقال بعض النُقَّاد أن موسى اعتقد بوجود آلهة أخرى، ويمثل يهوه الإله الأعلى بين الآلهة، وهذا الاعتقاد يُعبَّر عن مرحلة متوسطة بين مرحلة الإيمان بتعدد الآلهة وبين مرحلة التوحيد، فهي رحلة التوحيد المشوب بالشرك ويقول الأستاذ محمد قاسم " هل كان موسى يعتقد بوجود آلهة أخرى؟ يقول د. فيليب حتى في كتابه " تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين " جـ 1 ص 232 " أن الاعتقاد بوجود إله أعلى دون أن يمنع الاعتقاد بآلهة أخرى، أي توحيد مشوب بالشرك Henotheism هو مرحلة متوسطة بين الاعتقاد بتعدد الآلهة (أي الشرك) وبين التوحيد، ومن الواضح أن موسى وكذلك داود كان من أتباع هذه المرحلة المتوسطة من التوحيد"(1).
ومن الآيات التي استخدمها النقاد في نقدهم هذا:
" من مثلك بين الآلهة يا رب" (خر 15: 11)
" والبيت الذي أنا بانيه عظيم لأن إلهنا أعظم من جميع الآلهة" (2 أي 2: 5)
" الله قائم في مجمع الله. في وسط الآلهة يقضي" (مز 82: 1)
ويقول عاطف عبد الغني " كما أعتقد البعض أن الله أو أيل لا بُد أن يساوي كل الآلهة أطلقوا عليه اسم " إيلوهيم " وتعني " الآلهة"(2)(3).
ج: 1- قضية وحدانية الله المطلقة في العهد القديم قضية مفروغ منها، وما أكثر الآيات التي تشدد بقوة على وحدانية الله، ونذكر هنا أمثلة قليلة:
- أوصى الله شعبه " لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" (خر 20: 3).
- قال موسى النبي لشعبه " أنك قد أُريت لتعلم أن الرب هو الإله. ليس آخر سواه" (تث 4: 35)..
- " فأعلم اليوم وردّد في قلبك أن الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه" (تث 4: 39).
- " أنظروا الآن. أنا أنا هو وليس إله معي" (تث 32: 39).
- " لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك" (2 صم 7: 32).
[راجع أيضًا 2 صم 22: 32، 1 مل 8: 60، 2 مل 19: 15، 19، 1 أخ 17: 20، نح 9: 6، مز 83: 18، 86: 10، أش 43: 10، 11، 45: 5، 6، 21، 220. إلخ.].
2- المقصود بالآلهة في الآية محل الحديث " من مثلك بين الآلهة يا رب" (خر 15: 11) والآيات المشابهة لها هي الأوثان التي دعاها الوثنيون بالآلهة، وفي الحقيقة هم ليسوا بآلهة، ونفس المعنى ورد في سفر المزامير " لأن الرب عظيم وحميد جدًا مهوب على كل الآلهة لأن كل آلهة الشعوب أصنام" (مز 96: 4، 5) ووردت مقابلة بين الله، ومن دعاهم البشر بآلهة " لا مثل لك يا رب عظيم أنت وعظيم اسمك... هكذا تقولون لهم. الآلهة لم تصنع السموات والأرض تبيد من الأرض ومن تحت هذه السموات. صانع الأرض بقوته مؤسس المسكونة بحكمته وبفهمه بسط السموات" (أر 10: 6 - 12) وعن آلهة الأمم قال بولس الرسول " وأن ليس إله آخر إلاَّ واحدًا لأنه وإن وُجِد ما يُسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون" (1 كو 8: 4، 5) فبعد أن جزم بولس الرسول بوحدانية الله أخذ يتحدث عن آلهة وأرباب، وهو يقصد بلا شك آلهة الأمم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
3- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مارمينا العامر " لا يوجد أحد من الأنبياء كان يعتقد بإله آخر غير إله إسرائيل. أما القول {من مثلك في الآلهة يا رب} (خر 15: 11) فهذا إشارة إلى معبودات الشعوب والأمم الأخرى، والقصد من القول تحقير تلك الآلهة"(4).
4- تقول الإكليريكية ماري سمير عبده - إكليريكية طنطا تعليقًا على (خر 15: 11) " أن المقصود من الآية أنه ليس لله شبيه في طبيعته السرمدية، ولا في قدرته الإلهية، ولا في محبته اللانهائية، فموسى النبي يحذر شعبه من السقوط في عبادة الأوثان، ويرى القديس أثناسيوس الرسولي أن الله أعطانا هذه الوصية لكي يسحب البشر بعيدًا عن التخيلات الخاطئة غير العاقلة الخاصة بعبادة الأوثان، ليس كما لو كانت هناك آلهة أخرى يمنعهم عنها... إلخ وفي عصر القضاة وبخ الله شعبه الذي سقط في العبادات الوثنية، فقال لهم " أمضوا واصرخوا إلى الآلهة التي اخترتموها. لتخلصكم هي في زمان ضيقكم" (قض 4: 14) وفي عصر أرميا النبي قال لشعب يهوذا " فأين آلهتك التي صنعت لنفسك. فليقوموا إن كانوا يخلصونك في وقت بليتك".."(5).
_____
(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 146.
(2) راجع أيضًا د. محمد مهران - تاريخ الشرق الأدنى القديم - تاريخ اليهود ص 239، وأدمون جاكوب - ترجمة جورج كوسي - رأس شمرا والعهد القديم ص 84.
(3) أساطير التوراة ص 33.
(4) من إجابات أسئلة سفر الخروج.
(5) من أبحاث النقد الكتابي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/635.html
تقصير الرابط:
tak.la/29zmwjv