ج: 1- كلمة "خصي" في اللغة العبرية "ساريس" وتعني ضابطًا أو موظفًا، وكانت تُطلق على الرجل الذي خصاه الملك وكلفه بالعمل أو الإشراف على أجنحة النساء (تك 40: 2، أس 1: 10، 2، 3، 14، دا 1: 3) وأيضًا تطلق على بعض الأشخاص الذين شغلوا مراكز رفيعة في البلاط الملكي مثل الخصي الحبشي (أع 8: 26 - 39) لأنه لو كان مخصيًا جسديًا ما كان يحق له تقديم العبادة في أورشليم لأنه مكتوب " لا يدخل مخصي بالرَّض أو مجبوب في جماعة الرب" (تث 23: 1). وحيث أن فوطيفار شغل وظيفة رئيس الشرطة، فلم يكن له احتكاك بنساء القصر، لذلك فالاحتمال الأكبر أنه دُعي خصيًا بحكم وظيفته المرموقة، وحتى لو كان خصيًا بالمعنى الجسدي وتزوج، فما العيب الذي يقع على الكتاب المقدَّس في هذا؟!
2- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا " الخصي لغويًا هو من نزعت خصيتاه، وكانت هذه عادة عند بعض القدماء أن يعمل الخصي خادمًا للملك ونسائه... وفي العبرية تعني ضابطًا أو موظفًا، ولكن الكلمة صارت اصطلاحيًا تشير إلى أنه شخص له مركز مرموق عند فرعون وليس من الخصاء الجسدي، وكانت وظيفة رئيس الشرطة أي حارس فرعون في أيام الهكسوس، وقد أُطلقت الكلمة على بعض أشخاص شغلوا مراكز مرموقة مثل فوطيفار رئيس شرطة فرعون (تك 37: 36) ورئيس السقاة والخبازين في مصر فرعون (تك 40: 2، 7)"(2).
3- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مارمينا العامر " لا تعني كلمة " خصي " دائمًا أنه مخصي جسديًا، فمع مرور الزمن أصبحت كلمة (الخصي) اسمًا لوظيفة عالية في قصور الملوك في الشرق دون أن يُخصوا، فأُطلقت الكلمة على من يشغلون وظائف مرموقة، مثل فوطيفار رئيس الشرطة الذي كان يحكم على المذنبين ويشرف على السجون، وربما تزوج فوطيفار أولًا، ثم خًصي عندما انضم إلى خدمة فرعون حيث كان خدام الملك خصيان، ولا سيما الذين لهم صلة بأجنحة النساء، أو لأنه كان شائعًا أن يكون خدام الملك خصيان، لذا أصبح هذا لقب يطلق على كل من يشغل وظيفة من وظائف خدمة الملك سواء كان خصيًا أو ليس كذلك.
وعندما قال الكتاب " لم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت" (تك 39: 8) أي داخل البيت، أما أنها " نادت أهل بيتها " فقد يكون المقصود مَنْ كانوا يعملون خارج البيت بالحديقة أو حظائر الماشية، ولا سيما أن الكتاب يقول أنها صرخت بصوت عظيم (تك 39: 14) فهذا الصراخ كافٍ بلفت نظر الخدام الموجودين في أقرب مكان من البيت "(3).
4- يقول أبونا تيموثاوس السرياني " ورد في كتاب تاريخ سورية الجزء الأول المجلد الثاني ص 57 أن اسم فوطيفار تأويله المكرَّس للشمس أو المختص بالشمس معبودهم وسماه المؤرخين العرب بالعزيز، ويصفه الكتاب المقدَّس بخصي فرعون، ولفظة خصي ليست للدلالة على ما وضعت له، بل هي وصفًا لمن كانت له رتبة رفيعة عند الملوك، وقد اعتاد الملوك في كل عصر وبلد أن يمنحوا رجالًا ألقاب شرف لا يعملون شيئًا مما تشير إليه، على أن بعض الجوالة في المشرق أثبتوا أن بعض الخصيان في تلك الأيام يتخذون نساء، ولنا بينة على ذلك في رواية الأخوين التي وجدت مكتوبة في بابير منذ عهد موسى التي تروي أن أحد الأخوين كان خصيًا ووهبه الإله " نوم " امرأة، وقد بينت أثار مصر كثرة ألقاب عمال ملوكها والمقربين إليهم حتى أن رئيس السقاة ورئيس الخبازين وصفًا بخصيين أيضًا (تك 40: 2) ولو تتبعنا كلمة خصي في الكتاب المقدَّس نجد الآتي:
"وأخذ من المدينة خصيًا واحدًا كان وكيلًا على رجال الحرب وسبعة رجال من الذين ينظرون وجه الملك الذين وجدوا في المدينة.." (أر 52: 25) كيف يكون خصيًا وهو مسئولًا عن رجال الحرب، فلابد أن يكون المقصود هنا بالخصي لقب بمعنى موظف كبير في البلاط.
"فأرسل نبوزرادان رئيس الشرطة ونبوشزبان رئيس الخصيان ونرجل شراصر رئيس المجوس وكل رؤساء ملك بابل" (أر 39: 13) هنا " رئيس الخصيان " بمعنى رئيس الوزراء أو كبير موظفي البلاط الملكي وهو أحد رؤساء ملك بابل.
"فسأل الملك المرأة فقصت عليه ذلك فأعطاها الملك خصيًّا قائلًا أرجع كل ما لها وجميع غلات الحقل في حين تركت الأرض إلى الآن" (2 مل 8: 6).
"فدعا ملك إسرائيل خصيًّا وقال أسرع إليَّ بميخا بن يملة" (1 مل 22: 9) هنا خصيًّا بمعنى موظفًا مسئولًا في بلاط الملك.
"وليوكل الملك وكلاء في كل بلاد مملكته ليجمعوا كل الفتيات العذارى الحسنات المنظر إلى شوشن القصر إلى بيت النساء إلى يد هيجاي خصي الملك وحارس النساء" (أس 2: 3). هنا خصي الملك حارس النساء يمكن أن يكون فعلًا هو خصي غير متزوج ليكون حارسًا لنساء الملك، هنا الحالة الوحيدة التي يحتمل فيها أن يكون خصيًّا بالحقيقة حسب اللقب. أما كيف نادت أهل بيتها بعد هروب يوسف، فالبيوت القديمة ليست مثل بيوت هذه الأيام شقق محددة المساحات، إنها كانت بيوت تصل إلى عدة أفدنة في مساحتها، حتى أن الكتاب يذكر أن في بيت فوطيفار أي في مكان إقامته كان يوجد السجن " فوضعهما (رئيس السقاة ورئيس الخبازين) في حبس بيت رئيس الشرطة في بيت السجن المكان الذي كان يوسف محبوسًا فيه" (تك 40: 3) كان مكان إقامته كما لو كان عزبة فيها عدة بيوت للفلاحين والموظفين على كل شكل، فالفيلا التي يقيم بها لم يكن فيها أحد وقت دخول يوسف، ولكن خارج الفيلا كان يوجد مئات من الخدم، ويكفي صوت واحد ليجمعهم كلهم "(4).
5- يقول الدكتور ملاك شوقي إسكاروس " معنى اسم فوطيفار عطية رع (إله الشمس) أو من أرسله رع والخصي في الأصل هو من " نُزعت خصيتاه " وكان الموظفون الموكلون بحريم القصر من الخصيان، ولكن مع مرور الوقت أصبحت كلمة "خصي" اسمًا لوظيفة عالية في قصور ملوك الشرق مع أنه لم يكن أصحاب هذه الوظائف خصيَّانًا بالفعل، وكان فوطيفار " خصي فرعون... رجل مصري" (تك 39: 1) وقد دعي سفر التكوين فوطيفار أنه " رجل مصري " تمييزًا له عن فرعون الهكسوس "(5).
_____
(1) البهريز جـ 1 س315.
(2) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(5) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/537.html
تقصير الرابط:
tak.la/69vaqc7