ج: يقول قداسة البابا شنودة الثالث " ولعلك تسأل: كيف كان الرب معه، وقد أصابه ما أصابه، وقد ترك الرب أخوة يوسف يفعلون به ما فعلوه حتى صار عبدًا. ونفس هذا الأمر تعجب منه جدعون، حينما قال له ملاك الرب " الرب معك يا جبار البأس... " فأجاب جدعون " أسألك يا سيدي: إذا كان الرب معنا. فكيف أصابتنا كل هذه (البلايا)؟! وأين كل عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا؟!" (قض 6: 12، 19).
أما الإجابة على مثل هذا التعجب، فهي:
إن الرب لم يمنع التجارب عن يوسف، إنما كان معه فيها. لم يخرجه منها، وإنما حفظه داخلها.
كان الرب معه، حينما فكر أخوته في قتله. لم يمنع عنه تآمرهم، بل حفظه من القتل، فتحوَّل إلى الإلقاء في البئر. وكان معه في البئر، فأخرجوه منها وباعوه للإسماعيليين. وكان معه إذ باعه الإسماعيليون إلى فوطيفار، لأن خيرًا كثيرًا كان ينتظره هناك... وهكذا عندما دخل يوسف بيت فوطيفار، دخلت البركة بيت فوطيفار... إنها بركة من الله أن يجعل أولاده ناجحين في كل شيء. ويكون كل منهم حسبما ورد في المزمور الأول " وكل ما يعمله ينجح فيه" (مز 1: 3).. وماذا كانت نتيجة إنجاح الرب ليوسف. يقول الكتاب أن يوسف وجد نعمة في عيني سيده " فوكَّله على كل بيته وعلى كل ما كان له" (تك 39: 4) أي أن يوسف لم يصبح مجرد عبد، بل صار الوكيل المتسلط على كل شيء. إذًا الله لم يمنع عنه التجربة التي جعلته عبدًا، ولكن داخل التجربة جعلته سيدًا وهو عبد!.. إنه درس لنا: إننا لا نفكر في الوضع الذي نحن فيه، مادام الرب معنا في هذا الوضع"(1).
ويقول قداسة البابا شنودة أيضًا " والعجيب أنه بعد إلقائه في السجن، يقول الكتاب:
"وكان الرب مع يوسف. وبسط إليه لطفًا" (تك 39: 21) وربما يتساءل البعض منا في عجب: أي لطف هذا يا رب، الذي تحمَّل فيه يوسف الاتهام الظالم، والسمعة الرديئة، والسجن، مع الطرد من وظيفته؟! وكأني بالله المحب يهمس في قلب يوسف:
لا يهم أين توجد. المهم أن أكون معك حيثما توجد. إن دخلت السجن، فأنا فيه معك. أرعاك وأحفظك، وأبسط لك لطفًا.
وكأني بيوسف الوديع يجيب: مبارك أنت يا رب. أنا بالإيمان مطمئن لرعايتك. ليس فقط داخل السجن، بل أيضًا " إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي" (مز 23).
إن الحرية خارج السجن، هي السجن الحقيقي، إن كنت لست معي وأنا معك، إن كنت قد أطعت تلك المرأة وبعدت عنك... وفعلًا عاش يوسف في السجن في وضع ممتاز وعجيب، ربما لم يتمتع به سجين من قبل، وفي ذلك يقول الكتاب " ولكن الرب كان مع يوسف وبسط إليه لطفًا وجعل نعمة له في عيني رئيس بيت السجن. فدفع رئيس بيت السجن إلى يد يوسف جميع الأسرى الذين في بيت السجن. وكل ما كانوا يعملون هناك كان هو العامل. ولم يكن رئيس بيت السجن ينظر شيئًا البتة مما في يده. لأن الرب كان معه. ومهما صنع كان الرب ينجحه" (تك 39: 21 - 23).."(2).
_____
(1) تأملات في حياة القديسين يعقوب ويوسف ص 78، 79.
(2) المرجع السابق ص 84، 85.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/536.html
تقصير الرابط:
tak.la/nf5w5h6