ويقول دكتور سيد القمني " ثم ظهر تضارب آخر بين القصتين، في كنه عملية الخلق ذاتها، فالله يتخذ في كل مرة قرارًا للخلق بالكلمة فقط، لكنه في كل مرة كان يتبع كلمته الخالقة بعمل يدوي من صنع يديه لإيجاد الشيء المراد خلقه {وقال الله ليكن جلد... فعمل الله الجلد، وقال الله لتكن أنوار... فعمل الله النورين العظيمين... إلخ}"(1).
ج: 1- خلق الله الإنسان في اليوم السادس، وهذا ما ذكره الإصحاح الأول (تك 1: 26 - 31) أما ما ذكره الناقد بأن سفر التكوين صرح في الإصحاح الثاني بأن الله خلق الإنسان في اليوم السابع، فذلك مغالطة، لأن الفقرة التي أوردها (تك 2: 1 - 7) تشمل:
أولًا: انتهاء الله من الخلق ولذلك قال " وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل" (تك 2: 2).
ثانيًا: إعادة تفصيلية لبعض أحداث الخلق التي جاءت مجملة في الإصحاح الأول، ويبدأ هذا التفصيل من (تك 2: 4) لنهاية الإصحاح، فمثلًا في (تك 1: 26، 27) ذكر خلق الله للإنسان على صورته كشبهه، أما في الإصحاح الثاني فقدم موسى النبي توضيحًا أكثر إذ يقول " وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حيَّة" (تك 2: 7).
لقد ضم الناقد الخبرين معًا سواء بقصد أو بدون، وخرج بنتيجة وهي أن هناك تناقض، بل أن بعض النُقَّاد ادَّعوا أن سفر التكوين صرح بأن الله خلق آدم في اليوم الخامس، ولكيما يثبت دعواه الباطلة اقتطع الآية "وكان مساء وكان صباح يومًا خامسًا" (تك 1: 23) وأضاف إليها الآيات (تك 1: 24 - 27) التي تتحدث عن خلق الحيوانات والإنسان، وتغافل عن عمد الآية " وكان مساء وكان صباح يومًا سادسًا" (تك 1: 31).
2- يقول أبونا تيموثاوس السرياني " في الإصحاح الأول أوضح أن الله خلق الإنسان على صورته كشبهه، أي له روح خالدة عاقلة مريدة، لها حرية وسلطة على غيرها من الكائنات، ففي هذا الإصحاح أجمل الله خلقة الإنسان كجزء من قصة الخليقة كلها. أما في الإصحاح الثاني فقد أوضح خلق آدم من تراب الأرض، ثم كيف نفخ الله فيه نسمة حياة، وأيضًا طريقة خلق حواء من ضلع من ضلوع آدم، وشعور آدم قبل خلق حواء وبعده. كما ورد في الإصحاح الثاني تسمية آدم للحيوانات والطيور، وتسمية حواء، والمكان الذي عاش فيه، والعمل الذي أُسند له، والوصية التي أُعطيت له، وهذا رد على القائلين بأن هناك تكرار للقصة"(2).
3- يقول الدكتور الباحث ملاك شوقي اسكاروس " أن الله خلق الإنسان في اليوم السادس (تك 1: 26 - 31) أما ما جاء في الإصحاح الثاني (تك 2: 7) فقد أوضح كيف خلق الله آدم (في اليوم السادس) من تراب الأرض الذي يحتوي على كل العناصر الداخلة في تركيب الجسد البشري، ولم يأمر الله الأرض بإخراج آدم كما حدث مع الحيوانات، بل أخذ بذاته التراب، ونفخ فيه نسمة حياة، فخرج آدم مختلفًا عما سبقه من مخلوقات، لأن جميعها إلى زوال. أما آدم فله روح خالدة لا تفنى ولا تزول"(3).
4- يقول الأستاذ الدكتور يوسف رياض إن " السؤال مُقدَّم بسوء نية لأن الكتاب المقدَّس لم يذكر أن الإنسان خُلق في اليوم السابع. لقد خلق الله الإنسان في اليوم السادس، ولم تكن هناك خلقة قط في اليوم السابع، فهو سبت للرب، وما جاء في (تك 2: 7) فإنه يخبرنا بكيفية خلق الإنسان، ويجب أن نلاحظ أن موسى النبي إذ يسرد أحداث الخلقة يذكر أولًا خطة الله في العمل، ثم بعد ذلك يذكر العمل نفسه، فمثلًا في (تك 1: 26) " وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا"، وفي (تك 1: 27) " فخلق الله الإنسان على صورته". أما كيفية خلق الإنسان فقد جاء في (تك 2: 7). ومثال آخر في (تك 2: 18) " وقال الرب الإله ليس جيدًا أن يكون آدم وحده. فأصنع له معينًا نظيره " أما العمل فكان في (تك 2: 21) " فأوقع الرب الإله ثباتًا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا".."(4). وبهذا يكون الأستاذ الدكتور يوسف رياض قد رد على اعتراض د. سيد القمني بشأن تكرار العمل تارة بالكلمة وأخرى بالفعل، مع ملاحظة أن الدكتور يوسف لم يطلع من قبل على اعتراض الدكتور القمني.
_____
(1) قصة الخلق أو منابع سفر التكوين ص 195.
(2) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/346.html
تقصير الرابط:
tak.la/z4mdv9q