St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1704- ما بال داود يشبه نفسه بثور يُكم: "أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً" (مز 39: 1)، ويشبه إلهه بالعث: "بِتَأْدِيبَاتٍ إِنْ أَدَّبْتَ الإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِهِ أَفْنَيْتَ مِثْلَ الْعُثِّ مُشْتَهَاهُ" (مز 39: 11)؟

 

س 1704: ما بال داود يشبه نفسه بثور يُكم: "أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً" (مز 39: 1)، ويشبه إلهه بالعث: "بِتَأْدِيبَاتٍ إِنْ أَدَّبْتَ الإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِهِ أَفْنَيْتَ مِثْلَ الْعُثِّ مُشْتَهَاهُ" (مز 39: 11)؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- قال داود النبي: "قُلْتُ أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي" (مز 39: 1).

 وفي "الترجمة القبطي": "وضعتُ على فمي حافظًا. إذ وقف الخاطئ تجاهي".

 وفي "الترجمة اليسوعية": "أحفظُ كمامة في فمي. مادام الشريرُ أمامي".

 وفي "ترجمة كتاب الحياة": "سأكمُ فمي عن الكلام مادامَ الشريرُ أمامي".

 وفي "الترجمة العربية المشتركة": "وأضعُ لفمي لجامًا مادامَ الشرير أمامي".

 فداود النبي يؤكد أنه لا يريد أن يسئ لأحد حتى لأعدائه ولو بلسانه، ولذلك آثر الصمت مُفضلًا أن يحتمل ما يصيبه من ضيقات في هدوء وسكون دون أن يرد الإساءة بالإساءة ولو بالكلام، وطلب من الله أن يعينه في تحقيق هذا، لهذا قال: "أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً" أو " أضع لفمي لجامًا"، والكمامة تمنع الإنسان من الكلام كما تمنع الكمامة الحيوان من أن يعقر أحدًا، وفي هروبه من وجه ابنه أبشالوم شتمه شمعي بن جيرا وقذفه بالأحجار، فلم يرد عليه بكلمة واحدة، وعندما أراد أبيشاي أن ينتقم من هذا الرجل، قال له داود: "دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ سُبَّ دَاوُدَ وَمَنْ يَقُولُ لِمَاذَا تَفْعَلُ هكَذَا... دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ. لَعَلَّ الرَّبَّ يَنْظُرُ إِلَى مَذَلَّتِي وَيُكَافِئُنِي الرَّبُّ خَيْـرًا عِوَضَ مَسَبَّتِهِ بِهذَا الْيَوْمِ" (2صم 16: 10-12).

 وفي مزمور آخر يقول داود النبي: "اجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. احْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ" (مز 141: 3)، فقد أدرك داود خطورة اللسان: "لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا" (يع 3: 2).. " هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ. فَاللِّسَانُ نَارٌ عَالَمُ الإثم. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ" (يع 3: 5، 6)، وكما أن الإنسان الذي يسير في طريق منزلق يحذر في سيره لئلا تزل قدماه فيسقط على الأرض، هكذا يجب أن يحذر الإنسان من زلف اللسان الذي يسلمه للموت لأن: "اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ" (أم 18: 21).. " لأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ" (1بط 3: 10).

 ويقول "القمص تادرس يعقوب": "يبدأ المُرَتِّل مزموره بقوله " قُلْتُ "، متذكرًا عهدًا سبق أن قطعه مع الله ومع نفسه ألا يفتح فاه في حضرة شرير حتى لا يثيره فيخطئ بلسانه... أنه لا يخشى الشرير إنما يخشى سقوطه هو باللسان بكونه عضوًا خطيرًا، يجب معاملته كحيوان مفترس مكممًا فمه" (327).

 وداود لا يجد حرجًا أن يشبه نفسه بثور أو خيـل، والتشبيه لا يعني التطابق، فوجه الشبه هنا كما أن اللجام يحكم حركة الحيوان ويضبطه هكذا طلب داود من الله أن يحفظ لسانه فلا يفلت، ولم يقصد داود أنه صار حيوانًا يمشي على أربع، بل أن داود شبه نفسه من قبل بكلب ميت وبرغوث واحد (1صم 24: 14) ويُرجى مراجعة مدارس النقد جـ 9 س 1147.

 

2- قال داود النبي: "بِتَأْدِيبَاتٍ إِنْ أَدَّبْتَ الإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِهِ أَفْنَيْتَ مِثْلَ الْعُثِّ مُشْتَهَاهُ" (مز 39: 11).

وفي "الترجمة القبطي": "أدبتَ الإنسان بالتوبيخات من أجل الإثم وأذبلتَ مثل العنكبوت نفسه".

وفي "الترجمة اليسوعية": "بالتوبيخِ على الإثم أدبتَ الإنسان. أتلفتَ كالعثّ مشتهاه".

وفي "ترجمة كتاب الحياة": "عندما تؤدب الإنسان بالتوبيخ على الإثم تُتلف بهاءه إتلاف الغثّ".

وفي "الترجمة العربية المشتركة": "تُعاتِبُ على الإثم فتُودّبُ الإنسانَ. وتُتِلفُ كالعثّ مشتهاه".

وعندما يقتني الإنسان ملابس جديدة إن لم يحفظها بطريقة صحيحة فإن العثَّ يتلفها، وقال الرب: "فَأَنَا لأَفْرَايِمَ كَالْعُثِّ وَلِبَيْتِ يَهُوذَا كَالسُّوسِ" (هو 5: 12) وذلك بسبب شرور الشعب يتعرض لتأديبات الله التـي تفسد كل ما يتفاخر به، وهكذا يفعل الله مع الأشرار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى: "هُوَذَا كُلُّهُمْ كَالثَّوْبِ يَبْلَوْنَ. يَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ" (إش 50: 9).. " لأَنَّهُ كَالثَّوْبِ يَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ وَكَالصُّوفِ يَأْكُلُهُمُ السُّوسُ" (إش 51: 8)، وظن أيوب أن ضربته من الله فقـال: "وَأَنَا كَمُتَسَوِّسٍ يَبْلَى كَثَوْبٍ أَكَلَهُ الْعُثُّ" (أي 13: 28)، ويقول "القمص تادرس يعقوب": "خلال تأديبات الله بسبب الإثم يدرك المؤمن أن حياته أشبه بنسيج العنكبوت، وأنه باطلًا يضطرب لأجل الزمنيات" (328).

وجاء في "الموسوعة الكنسية": "عندما يسمح الله بتأديبات لأولاده، حتى يتوبوا، يشعرهم أن العالم زائل، إذ كما يُفني العث الملابس والمقتنيات الصوفية، هكذا يُفني الله مشتهيات ومقتنيات الإنسان، حتى لا يتعلق بالعالم، ويشعر أن حياته قصيرة وصغيرة، مثل نفخــة، فيتغرب عن العالم، ويتعلق بالله" (329).

 وفعلًا عندما يبيد الله مشتهيات الإنسان التي يتفاخر بها، يشعر بضعفه وزواله: "إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَان نَفْخَةٌ" (مز 39: 5)، وقد أدرك داود هذه الحقيقة، فقال في مزمور آخر: "عَرِّفْنِي يا رب نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ. هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي أَشْبَارًا، وَعُمْرِي كَلاَ شَيْءَ قُدَّامَكَ. إِنَّمَا نَفْخَةً كُلُّ إِنْسَانٍ قَدْ جُعِلَ.سلاه. إِنَّمَا كَخَيَال يَتَمَشَّى الإِنْسَانُ" (مز 39: 4-6).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(327) تفسير المزامير جـ 4 ص 656.

(328) تفسير المزامير جـ 4 ص 666.

(329) الموسوعة الكنسية للعهد القديم جـ 10 ص 445.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1704.html

تقصير الرابط:
tak.la/z7y6prm