St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1695- كيف تفيض بعض عبارات المزامير بنيران الحقد والكراهية والانتقام، حتى أن داود يستعدي الله على أعدائه طالبًا لهم النقمة: "خَاصِمْ يا رب مُخَاصِمِيَّ. قَاتِلْ مُقَاتِلِيَّ. أَمْسِكْ مِجَنًّا وَتُرْسًا وَانْهَضْ إِلَى مَعُونَتِي. وَأَشْرِعْ رُمْحًا وَصُدَّ تِلْقَاءَ مُطَارِدِيَّ.." (مز 35: 1-3).. "اِقْضِ لِي يَا اَللهُ وَخَاصِمْ مُخَاصَمَتِي.." (مز 43: 1).. "بِكَ نَنْطَحُ مُضَايِقِينَا. بِاسْمِكَ نَدُوسُ الْقَائِمِينَ عَلَيْنَا" (مز 44: 5).. (راجع مز 55: 15، 69: 22-25، 109: 6-15، 137: 7-19)؟، وأين داود من الوصية الإلهيَّة: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ. وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (مت 5: 44)؟ وكيف يصلي الإنسان المسيحي بهذه العبارات القاسية للآن؟

 

س 1695: كيف تفيض بعض عبارات المزامير بنيران الحقد والكراهية والانتقام، حتى أن داود يستعدي الله على أعدائه طالبًا لهم النقمة: "خَاصِمْ يا رب مُخَاصِمِيَّ. قَاتِلْ مُقَاتِلِيَّ. أَمْسِكْ مِجَنًّا وَتُرْسًا وَانْهَضْ إِلَى مَعُونَتِي. وَأَشْرِعْ رُمْحًا وَصُدَّ تِلْقَاءَ مُطَارِدِيَّ.." (مز 35: 1 – 3).. " اِقْضِ لِي يَا اَللهُ وَخَاصِمْ مُخَاصَمَتِي.." (مز 43: 1).. " بِكَ نَنْطَحُ مُضَايِقِينَا. بِاسْمِكَ نَدُوسُ الْقَائِمِينَ عَلَيْنَا" (مز 44: 5).. (راجع مز 55: 15، 69: 22 – 25، 109: 6 – 15، 137: 7 – 19)؟، وأين داود من الوصية الإلهيَّة: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ. وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (مت 5: 44)؟ وكيف يصلي الإنسان المسيحي بهذه العبارات القاسية للآن؟

يقول "د. محمد علي البَار": "ومع هذا نرى في بعض هذه المزامير غثاء وأكاذيب وافتراءات لا يمكن لداود عليه السلام أن يقولها. وهيَ من إضافات الأحبار مثال ذلك ما جاء.. في المزمور (35): {خَاصِمْ يا رب مُخَاصِمِيَّ. قَاتِلْ مُقَاتِلِيَّ. أَمْسِكْ مِجَنًّا وَتُرْسًا وَانْهَضْ إِلَى مَعُونَتِي.. وَأَشْرِعْ رُمْحًا وَصُدَّ تِلْقَاءَ مُطَارِدِيَّ}" (284).

 ويقول "عبد المجيد همُّو": "الإله في المزامير إله يهودي، فهو إله الجنود، إله النقمات، إله عرقي متعصب، ولهذا، فالمزامير هيَ من إنشاء جماعة اليهود بعد أن أُنشئت اليهودية" (285).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: في أوقات الشدة استغاث داود بالرب قائلًا:

" خَاصِمْ يا رب مُخَاصِمِيَّ. قَاتِلْ مُقَاتِلِيَّ. أَمْسِكْ مِجَنًّا وَتُرْسًا وَانْهَضْ إِلَى مَعُونَتِي. وَأَشْرِعْ رُمْحًا وَصُدَّ تِلْقَاءَ مُطَارِدِيَّ. قُلْ لِنَفْسِي خَلاَصُكِ أَنَا" (مز 35: 1 - 3).

" لِيَبْغَتْهُمُ الْمَوْتُ. لِيَنْحَدِرُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ أَحْيَاءً لأَنَّ فِي مَسَاكِنِهِمْ فِي وَسْطِهِمْ شُرُورًا" (مز 55: 15).

" اَللَّهُمَّ كَسِّرْ أَسْنَانَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمِ. اهْشِمْ أَضْرَاسَ الأَشْبَالِ يا رب. لِيَذُوبُوا كَالْمَاءِ لِيَذْهَبُوا.. يَفْرَحُ الصِّدِّيقُ إِذَا رَأَى النَّقْمَةَ. يَغْسِلُ خُطُواتِهِ بِدَمِ الشِّرِّيرِ" (مز 58: 6 - 10).

" لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ قُدَّامَهُمْ فَخًّا وَلِلآمِنِينَ شَرَكًا. لِتُظْلِمْ عُيُونُهُمْ عَنِ الْبَصَرِ وَقَلْقِلْ مُتُونَهُمْ دَائِمًا. صُبَّ عَلَيْهِمْ سَخَطَكَ وَلْيُدْرِكْهُمْ حُمُوُّ غَضَبِكَ. لِتَصِرْ دَارُهُمْ خَرَابًا وَفِي خِيَامِهِمْ لاَ يَكُنْ سَاكِنٌ" (مز 69: 22 - 25).

" فَأَقِمْ أَنْتَ عَلَيْهِ شِرِّيرًا وَلْيَقِفْ شَيْطَانٌ عَنْ يَمِينِهِ. إِذَا حُوكِمَ فَلْيَخْرُجْ مُذْنِبًا وَصَلاَتُهُ فَلْتَكُنْ خَطِيَّةً. لِتَكُنْ أَيَّامُهُ قَلِيلَةً وَوَظِيفَتُهُ لِيَأْخُذْهَا آخَرُ. لِيَكُنْ بَنُوهُ أَيْتَامًا وَامْرَأَتُهُ أَرْمَلَةً. لِيَتِهْ بَنُوهُ تَيَهَانًا وَيَسْتَعْطُوا. وَيَلْتَمِسُوا خُبْزًا مِنْ خِرَبِهِمْ. لِيَصْطَدِ الْمُرَابِي كُلَّ مَا لَهُ وَلْيَنْهَبِ الْغُرَبَاءُ تَعَبَهُ.. لِيُذْكَرْ إِثْمُ آبَائِهِ لَدَى الرَّبِّ وَلاَ تُمْحَ خَطِيَّةُ أُمِّهِ" (مز 109: 6 - 14).

 وأيضًا في أوقات الشدائد استغاث المُرنّم بالرب قائلًا:

" اِقْضِ لِي يَا اَللهُ وَخَاصِمْ مُخَاصَمَتِي مَعَ أُمَّةٍ غَيْرِ رَاحِمَةٍ وَمِنْ إِنْسَانِ غِشٍّ وَظُلْمٍ نَجِّنِي" (مز 43: 1). وفي " ترجمة كتاب الحياة": "يا الله أحكم ببراءتي. ودافع عن قضيتي ضد شعب لا يرحم. أنقذني من الغشاش والظالم".

" بِكَ نَنْطَحُ مُضَايِقِينَا. بِاسْمِكَ نَدُوسُ الْقَائِمِينَ عَلَيْنَا" (مز 44: 5).

" اُذْكُرْ يا رب لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ الْقَائِلِينَ هُدُّوا هُدُّوا حَتَّى إِلَى أَسَاسِهَا. يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا. طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ" (مز 137: 7 - 9).

 

 وعند دراستنا لهذا الموضوع يجب أن نأخذ في الاعتبار الملاحظات الآتية:

 1- تعرَّض داود لظروف قاسية واضطهادات شديدة ومؤامرات خبيثة كانت تهدّد حياته، ولأن داود واثق في قوة إلهه وعدله وإنصافه لذلك استغاث به ليجري سيف العدالة الإلهيَّة، ولأن داود رجلًا مقاتلًا لذلك استخدم التعبيرات القتالية في استغاثاته، وهذه التعبيرات تعبيرات مجازية، لأن الله ليس في حاجة إلى أسلحة مادية مثل المجن والترس والرمح والسيف ليقر عدله الإلهي، ولكن هذه التعبيرات تعبر عن طُرق معاملات الله مع الأشرار، فقد يسمح لمن هم أشر منهم بالانتقام منهم، وقد يثير عليهم الطبيعة بأعاصيرها وفيضاناتها وبراكينها وزوابعها فتؤدبهم، كقول سفر الحكمة عن الله: "يتَسَلَّحُ بِغَيْرَتِهِ، وَيُسَلِّحُ الْخَلْقَ لِلاِنْتِقَامِ مِنَ الأَعْدَاءِ. يَلْبَسُ الْبِرَّ دِرْعًا وَحُكْمَ الْحَقِّ خُوذَةً. وَيَتَّخِذُ الْقَدَاسَةَ تُرْسًا لاَ يُقْهَرُ.وَيُحَدِّدُ غَضَبَهُ سَيْفًا مَاضِيًا. وَالْعَالَمُ يُحَارِبُ مَعَهُ الْجُهَّالَ. فَتَنْطَلِقُ صَوَاعِقُ الْبُرُوقِ انْطِلاَقًا لاَ يُخْطِئُ. وَعَنْ قَوْسِ الْغُيُومِ الْمُحْكَمَةِ التَّوْتِيرِ تَطِيرُ إِلَى الْهَدَفِ. وَسُخْطُهُ يَرْجُمُهُمْ بِبَرَدٍ ضَخْمٍ. وَمِيَاهُ الْبِحَارِ تَسْتَشِيطُ عَلَيْهِمْ. وَالأَنْهَارُ تَلْتَقِي بِطُغْيَانٍ شَدِيدٍ. وَتَثُورُ عَلَيْهِمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ. زَوْبَعَةٌ تُذَرِّيهِمْ. وَالإِثْمُ يُدَمِّرُ جَمِيعَ الأَرْضِ وَالْفُجُورُ يَقْلِبُ عُرُوشَ الْمُقْتَدِرِينَ" (حك 5: 18 - 24).

وقد يسمح للأمراض والأوبئة أن تجتاحهم ليعرفوا مدى ضعفهم، كقول الله في سفر حزقيال: "يَا ابْنَ آدَمَ إِنْ أَخْطَأَتْ إِلَيَّ أَرْضٌ وَخَانَتْ خِيَانَةً فَمَدَدْتُ يَدِي عَلَيْهَا وَكَسَرْتُ لَهَا قِوَامَ الْخُبْزِ وَأَرْسَلْتُ عَلَيْهَا الْجُوعَ وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ" (حز 14: 13). كما أن قول داود " خَاصِمْ" مقتبسة من ساحة القضاء، حيث يلتمس المجني عليه من القاضي أن يختصم المتهم ويقتص منه، فقد كتب داود المزمور (35) أثناء مطاردات شاول له لاقتناص روحه، حتى أنه قال لشاول: "فَيَكُونُ الرَّبُّ الدَّيَّانَ وَيَقْضِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَـرَى وَيُحَاكِمُ مُحَاكَمَتِي وَيُنْقِذُنِي مِنْ يَدِكَ" (1صم 24: 15) ويصوّر داود هنا الرب على أنه رجل حرب لا يُقهر كقول موسى النبي: "الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ.. يَمِينُكَ يا رب مُعْتَزَّةٌ بِالْقُدْرَةِ. يَمِينُكَ يا رب تُحَطِّمُ الْعَدُوَّ" (خر 15: 3، 6)، ولا بد أنه لاح لداود ظهور رئيس جند الرب ليشوع: "وَحَدَثَ لَمَّا كَانَ يَشُوعُ عِنْدَ أَرِيحَا أَنَّهُ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا بِرَجُل وَاقِفٍ قُبَالَتَهُ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ بِيَدِهِ" (يش 5: 13)، ولسان حال داود يقول مع الجامعة: "إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا" (جا 5: 8).

وجاء في "التفسير التطبيقي" عن مزمور (35): "هذا أحد مزامير اللعنة (العدل) التي تدعو الله للتعامل مع الأعداء. وتبدو هذه المزامير قاسية، ولكن ثمة أشياء عديدة يجب أن نضعها في فكرنا عند قراءة هذه المزامير:

(1) كان داود هاربًا من أناس يسعون إلى قتله ظلما. ولأنه الملك الذي مسحه الله على أمة كان عليها أن تبيد شعب الأرض الشرير، كان ذلك عسيرًا على فهم داود.

(2) كان داود مخلصًا في التماسه للعدل، فلم يكن ذلك غطاء للانتقام، بل كان يريد حقيقة تحقيق المثال الإلهي الكامل للأمة.

(3) لم يقل داود أنه يريد الانتقام، بل وضع الأمر في يد الله. ولم تكن هذه الأقوال إلاَّ مجرد خواطر على باله.

(4) تتسم هذه المزامير بسمة المبالغة، وكان القصد منها تحريك آخرين لاتخاذ موقف حازم ضد الخطية والشر. فما أبعد القسوة عن اختبار الكثيرين، ولكنها واقع يومي لأخرين، والله يعد بأن يعين المضطهد، ويوقع الدينونة بالخطاة غير التائبين" (286).

 

2ـ لا ننسى أن داود عاش في عصر الناموس في ظل شريعة العهـد القديم: "وَإِذَا أَحْدَثَ إِنْسَانٌ فِي قَرِيبِهِ عَيْبًا فَكَمَا فَعَلَ كَذلِكَ يُفْعَلُ بِهِ. كَسْرٌ بِكَسْرٍ وَعَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. كَمَا أَحْدَثَ عَيْبًا فِي الإِنْسَانِ كَذلِكَ يُحْدَثُ فِيهِ" (لا 24: 19، 20)، وطلب النقمة من الأشرار كان أمرًا شائعًا في صلوات قديسي العهد القديم، فقال موسى لشعبه المحصورين بين البحر وفرعون: "الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ" (خر 14: 14)، وإيليا النبي العظيم طلب أن تنزل نار من السماء تأكل رئيس الخمسين الذي أرسله أخزيا الملك مع جنوده الخمسين، فنزلت نار من السماء وأكلتهم، وتكرر الموقف ثانية (2مل 1: 9 - 12)، وعندما رفضت السامرة قبول السيد المسيح قال يعقوب ويوحنا: "يا رب أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضًا. فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمـَا. لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ بَــلْ لِيُخَلِّصَ" (لو 9: 54 - 56).

 

3ــ هذه العبارات القاسية التي تطلب الانتقام من الأشرار هيَ في حقيقتها تُظهر مدى بشاعة الخطيَّة التي تستحق الإدانة مع كل من يتشبث بها، ومن خلال هذه العبارات يستغيث داود بالرب الذي له سلطة إحقاق العدل والحق ومجازاة الشر والأشرار: "لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ" (رو 12: 19)، وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "يمكن أن نخلص إلى أن المزامير التي تستنـزل اللعنة هيَ في حقيقتها أمثلة قوية لغيرة الإنسان دفاعًا عن عدالة الله. فكما يقول " و. ت. دافيسون w. T. Davison ": { قد يكون من المفيد أن ندرك أن رجال العهد القديم في غيرتهم وبساطة تقواهم كأن فيهم غيظ صائب ضد الشر، كان يحسن بالأجيال المتأخرة الضعيفة الواهنة أن تحـذو حذوهــم. إن القــول " يَا مُحِبِّي الرَّبِّ أَبْغِضُوا الشَّرَّ" (مز 97: 10) لهو دعوة قوية لا تقتصر على جيل واحد، ولكنها تصلح لكل زمان } (287).

 

4ــ يقول "القمص تادرس يعقوب" و "الشماس بيشوي بشرى" عن مزامير اللعنة The Impercatory Psalms: "يوجد أكثر من عشرين مزمورًا تستنزل اللعنة على الأشرار. لماذا؟

أ - هيَ نبوة عن أعدائه الأشرار المصممين على عدم التوبة. عدونا الوحيد هو إبليس.

ب - يطلب المُرَتِّل العدالة الإلهيَّة، ولا يقوم هو بهذا الدور.

ج - يكره الله الخطية ويحب الخاطئ، لكن لم يكن العبراني يفصل بين الخاطئ وخطيته (288).

ومزامير اللعنة هيَ في حقيقتها صلوات مرفوعة من قلـوب مُحترِقة حتى " لاَ تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيبِ الصِّدِّيقِينَ" (مز 125: 3).. هيَ صلوات مرفوعة من ضمير صالح بعيد عن الانفعال العاطفي والتهور، وكُتبت بوحي من الروح القدس من أجل تحجيم شر الأشرار، ونبرة مزامير اللعنة واضحة في بعض المزاميـر مثل مزمور (35، 52، 58، 69، 109، 137).

وجاء في هامش "الكتاب المقدَّس الدراسي" تعليقًا على (مز 5: 10): "أثار وجود ما يُدعى باللعنات في كتاب المزامير كمًا هائلًا من المناقشات والمخاوف لدى الكثير من المؤمنين في ضوء وصايا الرب يسوع بإعطاء الخد الآخر والصلاة من أجــل الأعـداء (أنظر مت 5: 39، 40)، والمثل الذي ضربه في الصليب (أنظر لو 23: 34). في واقع الأمر ليست هذه اللعنات في حقيقتها كما تبدو في ظاهرها، وإنما هيَ تضرعات إلى الله بأن يعالج الإساءات التي وُجَهت لكتَّاب المزامير بتطبيق عقوبات تتساوى مع حجـم الإسـاءة المرتكبة (أنظر مز 28: 4)، وهو ما يتفق مع المعيار الإلهي للقانون القضائي في المحاكم البشرية (أنظر مت 25: 1-3، أنظر أيضًا 2تس 1: 6، رؤ 6: 10، 19: 2). أدرك كتَّاب المزامير أنه ينبغي على الشخص الذي تعرَّض للإساءة ألاَّ ينتقم لنفسه بيده وإنما يترك الجزاء للرب الذي يقول: "لِيَ النَّقْمَةُ وَالْجَزَاءُ" (تث 32: 35، أنظر أم 20: 22، رو 2: 19). ومن ثمَّ فأنهم يرفعون دعواهم أمام القاضي السماوي (أنظر إر 15: 15)" (289).

 

5ــ تعليقًا على (مز 43: 1) جاء في "الموسوعة الكنسية": "اِقْضِ لِي يَا اَللهُ وَخَاصِمْ مُخَاصَمَتِي مَعَ أُمَّةٍ غَيْرِ رَاحِمَةٍ وَمِنْ إِنْسَانِ غِشٍّ وَظُلْمٍ نَجِّنِي:

1ــ يستغيث داود بالله العادل، ليحكم في الظروف التي يمر بها، وهيَ هيجان شاول بكل مملكته محاولًا قتل داود، بل يطلب من الله أن يقف خصمًا بدلًا منه أمام شاول الذي يخاصمه، ليصد عنه كل شر يحاول شاول أن يوجهه. وطلب داود قضاء الله يبين:

أ - إيمان داود بالله المُحب والراعي له.

ب - استقامة داود، حتى أنه غير خائف من قضاء الله وعدله، فهو مظلوم، ويستغيث بالله.

ج - لم يذكر اسم عدوه الذي يظلمه، وهذا يبين لطف داود، فهو لا يريد إلاَّ دفاع الله عنه، وحمايته من الشر الآتي عليه، رغم أنه برئ" (290).

وتعليقًا على (مز 44: 5) جاء أيضًا في "الموسوعة الكنسية": "بِكَ نَنْطَحُ مُضَايِقِينَا. بِاسْمِكَ نَدُوسُ الْقَائِمِينَ عَلَيْنَا: إذ شعر كاتب المزمور بقوة الله، وخلاصه، تشجع ليقتحم الأعداء والمقاومين فينطحهم مثل الحيوان ذو القرون فيهلكهم، والقرون ترمز للقوة، وبعد أن يطرحهم على الأرض يدوسهم ويسحقهم. وهذا ما يؤمن به أولاد الله في العهد الجديد، أن لهم سلطان أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو. وهكذا يشعر المؤمن بقوة الله التي فيه، فلا يخشى الخطية، أو الشيطان، أو الأشرار، بل يهاجمهم بقوة الله، وينتصر عليهم" (291).

وما جاء في (مز 55: 15): "لِيَبْغَتْهُمُ الْمَوْتُ. لِيَنْحَدِرُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ أَحْيَاءً لأَنَّ فِي مَسَاكِنِهِمْ فِي وَسْطِهِمْ شُرُورًا" يشبه ما حدث لداثان وأبيرام في ثورتهم ضد موسى حيث انفتحت الأرض وأبتلعتهم (عد 16: 30 - 33).

ويعلق "د. مراد أمين موسى" على ما جاء في (مز 58: 6 - 10) قائلًا: "هذه صلاة في تضرع لله لكي يقضي على الأشرار، وهيَ إحدى الصلوات الانتقامية المسجلة في سفر المزامير، وأعداء الكتاب وأصحاب النقد الهادم يشيرون إلى هذه الصلوات باستهزاء وانتقاد: "أي إله هذا الذي يمكن أن توجه إليه هذه الصلاة "، متجاهلين الإعلان المجيد في الكتاب عن محبة الله، وهل من برهان بجانب إرسالية ابن محبته ليقوم بعمل الفداء العظيم لأجل الأعداء الفجار؟ وهكذا صار الكثيرون أحباء الله مدعوين قديسين بل أولاد الله.. لكن هذه المحبة الفائقة غير المحدودة لن تناقض صفة أخرى من صفاته وهيَ كراهيته للشر " عَيْنَاكَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ وَلاَ تَسْتَطِيعُ النَّظَـرَ إِلَى الْجَوْرِ" (حب 1: 13)، ولا يمكن أن يبطل إعلانه الحاسم " لِيَ الانْتِقَامُ أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبّ.. مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ" (عب 10: 30، 31).. " لأَنَّ إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ" (عب 12: 29) وكم هو غبي ذلك الفكر الذي يقول بما أن الله هو إله نعمة وطبيعته محبة، فأنه سوف يتوقف عن إعلان الغضب الآتي والدينونة القادمة (رو 1: 18، أع 17: 31)" (292).

ويعلق "الأب متى المسكين" على ما جاء في (مز 109: 6 - 14) قائلًا أن صاحب المزمور: "يذكر قائد هذه الحملة ويخصّص له الدعاء عليه وعلى كل ما يخصه بما يستحقه شره اللاإنساني داعيًا عليه ليته يُحاكَم ويكون متهمًا، ويجرَّد من وظيفته ويأخذها آخر ويموت ناقص عمر. وليت أولاده يصيرون بلا معين ويُمحى اسمه سريعًا. وليت خطايا آبائه تُذكر ضده لأنه كان غير رحيم بإرادته إزاء المسكين والضعيف، وأضرَّ بقريبه، ليته لا يجد رحمة أو رأفة بين يدي الله (6 - 30)" (293).

وما جاء في (مز 137: 7 - 9) يتحدث عن شماتة بني آدوم في بني إسرائيل عندما هاجمهم البابليون وهدموا أورشليم والهيكل وأحرقوا قصورها، وقتلوا من قتلوا وسبوا من سبوا، ولذلك لا ينسى المُرنّم ما فعله هؤلاء وأولئك، فالتمس من الرب أن يجري العدل السريع معهم ويرد لهم حسب أفعالهم الشريرة، ولا ننسى أنه عندما قطع بنو إسرائيل أباهم يدي ورجلي أدوني بازق ملك أورشليم " فَقَالَ أَدُونِي بَازَقَ سَبْعُونَ مَلِكًا مَقْطُوعَةٌ أَبَاهِمُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ كَانُوا يَلْتَقِطُونَ تَحْتَ مَائِدَتِي. كَمَا فَعَلْتُ كَذلِكَ جَازَانِيَ اللهُ" (قض 1: 7).

ويقول "الأب متى المسكين": "يجب أن نأخذ في الاعتبار أن عداوة إسرائيل المُرة لأعداء صهيون في هذه الأيام كانت من نتائج محبة صهيون في قلوبهم، أما قانون المسيح بأن تحب أعداءك فلم يكن بعد قد أخذ مكانه.. ويُظن أن هذا المزمور قد كُتب بعد عودة الشعب من بابل مباشرة في سنة 537 ق.م، عندما كانت بابل بالرغم من أنها فقدت حريتها كانت لاتزال تنعم بخصب وازدهار كبير تحت حكم كورش المعتدل.."

اُذْكُـرْ يا رب لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ الْقَائِلِينَ هُدُّوا هُدُّوا حَتَّى إِلَى أَسَاسِهَا: أي أذكر حقدهم وجازهم على سلوكهم، بني أدوم في يوم أورشليم الذين فرحوا عندما سقطت في أيدي بابل.. وعداوة أدوم لإسرائيل لها تاريخ طويل وقد زادت غضبًا بالنسبة لعلاقتهم لأنهم من نسل عيسو وقد رُذلوا من الأنبياء كثيرًا وهُدّدوا بالنقمة. أنظر (عا 1: 11).. وأيضًا (عو 8 - 10)..

طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ: بربرية الحروب الشرقية التي لا ترحم امرأة أو طفلًا. (أنظر أش 13: 16): "وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ". وايضًا (هـو 10: 14): "يَقُومُ ضَجِيجٌ فِي شُعُوبِكَ وَتُخْرَبُ جَمِيعُ حُصُونِكَ.. اَلأُمُّ مَعَ الأَوْلاَدِ حُطِّمَتْ " هكذا تختم النقمة العاملة بالمثل" (294).

 

 6ــ كثير مما نطقت به المزامير، وتصوَّره بعض النُقَّاد أنه يفيض بنيران الحقد والكراهية والانتقام هو في حقيقته نبوات عـن تحقق قصاص الله العادل الناجز، فمثلًا ما جاء في (مز 69: 22 - 25، 109: 6 - 14) كان نبوءة عن يهوذا الإسخريوطي الذي أسلم سيده حسدًا، وهذا ما أوضحه معلمنا بطرس الرسول قائلًا عن يهوذا: "أَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ" (أع 1: 20)، وأشار بولس الرسول في (رو 11: 9، 10) إلى تحقق ما جاء في (مز 69: 22، 23).. وهلـم جرا..

ويقول "القس شنوده ماهر": "ليس من السهل دائمًا أن نميز في اللغة العبرانية بين أسلوب الدعاء " ليحدث كذا " وأسلوب المستقبل " ســوف يحدث كذا "، وبالمثل في اللغة القبطية قد يخدم (يحمل) أسلوب المستقبل التأكيدي معنى الدعاء وزمن المستقبل معًا في آن واحد بحيث يكون التمييز بينهما هو من سياق الحديث فقط" (295).

 

7 - تدرج الله بالبشرية نحو الكمال، فقبل شريعة العهد القديم كان الإنسان يسلك كما يحلو له بلا ضابط ولا رابط. ثم جاءت شريعة العهد القديم فضبطت سلوك الإنسان وحجَّمت الشر، ومهدت للتسامح مع الأعداء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى: "إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِدًا تَرُدُّهُ إِلَيْهِ. إِذَا رَأَيْتَ حِمَارَ مُبْغِضِكَ وَاقِعًا تَحْتَ حِمْلِهِ وَعَدَلْتَ عَنْ حَلِّهِ، فَلاَ بُدَّ أَنْ تَحُلَّ مَعَهُ" (خر 23: 4، 5). وعندما جاءت شريعة العهد الجديد سمت بسلوكيات الإنسان حتى أنها نادت بمحبة الأعداء ومباركة اللاعنين والصلاة من أجل المسيئين، وصار لهـذه الوصية قوتها العظيمة، فذات مرة قدم أحد الأشرار توبة قوية فتضايق منه صديق السوء حتى أنه انفعل عليه وصفعه على وجهه وهو يقول له: هذه مني جـزاء معرفتك بالمسيح، فلم يثر هذا الإنسان ولم يغضب بل قال له بهدوء: قبلت لطمتك راضيًا إكرامًا للمسيح، وبعد يومين جاء الذي لطمه يلتمس منه الصفح والمغفرة قائلًا: جئت لألتمس الصفح عن تصرفي المشين، فلي خزي الوجه، وأعترف لك بأن كلماتك اللطيفة اخترقت قلبي كسهم وقتلت فيه العداوة، وبالحق أقول لك أنه عندما قبلتَ لطمتي برضى، خُيَّل لي أنني أرى يسوع يتقبل اللطمة مبتسمًا، فخجلت من فعلتي، ولم يسعني إلاَّ أن أقع على قدمي هذا الإله الذي جعل منك إنسانًا محبًا سالمًا.

 

8 - بالرغم مما جاء في شريعـة العهد الجديد من تسامح مع الأعداء ومحبتهم، لكن هذا لا يلغي الحكم على الأشرار وإدانتهم، فالهدف من محبة الأعداء هو قتل روح العداوة، وليس التخلي عن روح العدالة، فلو تغافل المجتمع احترام القانون ستسود الفوضى والجريمة مما يؤدي لانهيار مثل هذا المجتمع.

ويقول "راهب من دير المحرق": "عندما علَّم السيد المسيح بمحبة الأعداء لم يقصد إلغاء التشريعات السماوية والقوانين الوضعية التي تدين الشر والأشرار، فإذا طلب داود (وهو ملك) عقاب إله السماء لمخاصميه ومقاتليه فهذا لا يتعارض مع روح الديانة، فالتوراة والإنجيل معًا لم يُعلّما بالاستسلام الجماعي لأعداء رسالة المسيح والسماء أو مقاومي القوانين والتشريعات على الأرض، أو المعتدين على الأوطان أو الأعراض أو الحقوق الكبرى للإنسان. فمحبة الأعداء تندرج تحت المغفرة لمن أساء إلينا كأفراد بقصد إعطاء فرصة للغضب وتهذيب النفوس وزيادة انتشار عامل الخير والحب والسلام بين الناس. ولن تصل محبة السلام إلى السماح بانتشار الفوضى والشر والموبقات والقضاء على تعليم السماء وعودة الوثنية مرة أخرى على الأرض" (296).

 

 9ــ ظن البعض أن العهد القديم انفرد بصب الويلات واللعنات على الخطاة، وتغافلوا أن العهد الجديد لم يخلو قط من روح الحق والعدل والاقتصاص من الأشرار، ومن أمثلة ذلك:

أ - أعطى السيد المسيح الويلات للكتبة والفريسيين: "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ.. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ.. فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ" (مت 13: 13 - 33).

ب - ذكـر السيد المسيح مثلًا عن الذين يرفضون ملكهم: "وأَمَّا أَعْدَائِي أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي" (لو 19: 27).

جـ - قال بولس الرسول لعليم الساحر: "أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ يَا ابْنَ إِبْلِيسَ يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرّ أَلاَ تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ. فَالآنَ هُـوَذَا يَدُ الرَّبِّ عَلَيْكَ فَتَكُونُ أَعْمَى لاَ تُبْصِرُ الشَّمْسَ إِلَى حِينٍ" (أع 13: 10، 11).

د - قال بولس الرسول: "وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ" (رو 2: 5).

هـ - قال بولس الرسول: "إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا.. فِي نَارِ لَهِيبٍ مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (2تس 1: 6، 8).

و - قال بولس الرسول: "إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ" (2تي 4: 14).

ز - قال القديس يعقوب للأغنياء الظالمين: "ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ. قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُود. قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ" (يع 5: 3 - 5).

ح - نفوس الشهداء الذين قتلوا من أجل كلمة الله: "صَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ" (رؤ 6: 10).

ط - صرخ الملاك في سفر الرؤيا: "سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ الْعَظِيمَةُ وَصَارَتْ مَسْكَنًا لِشَيَاطِينَ وَمَحْرَسًا لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ وَمَحْرَسًا لِكُلِّ طَائِرٍ نَجِسٍ وَمَمْقُوتٍ.. ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا آخَرَ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلاَّ تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا وَلِئَلاَّ تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا" (رؤ 18: 2، 4).

ي - " هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ. يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ. وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ" (مت 13: 49، 50).

 

10- كي لا يتصوَّر أحد أن لغة المزامير جميعها تفيض باللعنة، يجب أن نعرف أن العبارات التي حملت اللعنة للأشرار أقل كثيرًا من عبارات البركة، فكلمة " بركة" تكررت أكثر من سبعين مرة في المزامير، ونفس المزمور (109) الذي حمل بعض عبارات اللعنـة (مز 109: 6-14) لم يخلو من كلمات البركة، فقال داود النبي: "أَعِنِّي يا رب إِلهِي. خَلِّصْنِي حَسَبَ رَحْمَتِكَ. وَلْيَعْلَمُوا أَنَّ هذِهِ هِيَ يَدُكَ. أَنْتَ يا رب فَعَلْتَ هذَا. أَمَّا هُمْ فَيَلْعَنُونَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَتُبَارِكُ" (مز 109: 26 - 28)، وتعليقًا على مزمور (35) جاء في "الموسوعة الكنسية":..

"4ــ تنتهي كل فقرة من هذا المزمور بالرجاء، فهو مزمور مشجع أمام قسوة الأعداء.

5ــ هذا المزمور تعضيد ومساندة لأولاد الله في ضيقاتهم، يصلح أن يردده الإنسان عندما تقابله ضيقة.

6- هذا المزمور يطلب فيه داود من الله العادل الدفاع عنه، ولكن في نفس الوقت لا يحمل كراهية لأعدائه" (297).

 

11ــ عندما نُصلِّي بالمزامير ونعبر على عبارات اللعنة نتفهمها بروح العهد الجديد، فليس لنا أعداء غير الشياطين، بل أن مثل هذه المزامير هيَ خير معين للنُساك من الرهبان والراهبات في حروبهم الروحية، ويقول "أنثيمس" أسقف أورشليم: "أن النبي الطوباوي لم يطلب أذية لأعدائه بل طلب من الله أن يقاتل ظلمهم بعدله، ليكفُّوا عن فعل الظلم وكذلك مقاتلة المقاتلين أيضًا بكف شرهم، ويريح المتأذيين. وهذا المزمور يجب أن يكون صلاة للذين تحاربهم القوات غير المنظور" (298).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (284) أباطيل التوراة والعهد القديم جـ 2 الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم ص 399، 400.

(285) مراجعة وتدقيق إسماعيل الكردي - اليهودية بعد عزرا وكيف أُقرت ص 40.

 (286) التفسير التطبيقي ص 1171، 1172.

(287) دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 246.

 (288) لقاءات مبسطة ومتهللة مع العهد القديم ص 366.

(289) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1275.

(290) الموسوعة الكنسية للعهد القديم جـ 10 ص 470، 471.

(291) الموسوعة الكنسية للعهد القديم جـ 10 ص 475.

(292) شرح سفر المزامير ص 417.

(293) المزامير - دراسة وشرح وتفسير ص 183.

(294) المزامير - دراسة وشرح وتفسير جـ 4 ص 404 - 409.

(295) المزامير قبطي عربي جـ 1 ص 92.

(296) تفسير سفر المزامير جـ 1 ص 44.

(297) الموسوعة الكنسية للعهد القديم جـ 10 ص 384.

(298) تفسير المزامير (1 - 72) ص 139.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1695.html

تقصير الرابط:
tak.la/9a2c78d