St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1676- هل يمكن أن يخطئ الإنسان ولا يدري: "اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا. مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي" (مز 19: 12) مع أن وصايا الله واضحة ومعروفة؟

 

س 1676: هل يمكن أن يخطئ الإنسان ولا يدري: "اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا. مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي" (مز 19: 12) مع أن وصايا الله واضحة ومعروفة؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- بعد أن تكلم داود عن ناموس الله الكامل ووصاياه المستقيمة وأحكامه العادلة، وأنها أشهى من الذهب والإبريز، وأحلى من العسل وقطر الشهاد، وأنه يحفظها وفي حفظها ثواب عظيم، تذكر داود ضعفه البشـري فصَلَّى قائـلًا: "اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا. مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي"، وفـي "الترجمة القبطية": "من يقدر أن يتفهم الهفوات. طهرني يا رب من خفياتي"، فهناك خطايا عديدة يرتكبها الإنسان دون أن يقصد ودون أن يعلم أنها خطية، فيرتكبها عن جهل وعدم معرفة، ثم يكتشف بعد ذلك حقيقة هذه الخطايـا فيندم ويتوب عنها، وإلى مثل هذه الخطايا أشار الله: "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا. كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا. إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا" (لا 4: 1، 2)، وأمرت الشريعة إن كانت خطيَّة السهو صادرة من الكاهن يقدم عنها ثورًا ذبيحة خطية (لا 4: 3 - 12)، وإن صدرت من الشعب يقدم أيضًا ثور ذبيحة خطيَّة (لا 4: 13 - 21)، وإن صدرت من رئيس وأُعلم بها يقدم تيسًا من المعز ذبيحـة خطيَّة (لا 4: 22 - 26)، وإن صدرت من واحد من عامة الشعب يقدم عنزًا من المعــز ذبيحة خطيَّة (لا 4: 27 - 31)، وجاء في سفر العدد: "وَإِنْ أَخْطَأَتْ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ سَهْوًا تُقَرِّبْ عَنْزًا حَوْلِيَّةً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. فَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ عَنِ النَّفْسِ الَّتِي سَهَتْ عِنْدَمَا أَخْطَأَتْ بِسَهْوٍ أَمَامَ الرَّبِّ لِلتَّكْفِيرِ عَنْهَا فَيُصْفَحُ عَنْهَا" (عــد 15: 27، 28) (راجع أيضًا لا 5: 17 - 19)، وقديمًا كان أيوب يقدم ذبائح عن سهوات أولاده: "وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى عَدَدِهِمْ كُلِّهِمْ. لأَنَّ أَيُّوبَ قَالَ رُبَّمَا أَخْطَأَ بَنِيَّ وَجَدَّفُوا عَلَى اللهِ فِي قُلُوبِهِمْ" (أي 1: 5) ومن أجل خطايا السهو نحن نُصلِّي مرارًا وتكرارًا في صلاة: "قـدوس قـدوس قـدوس رب الصباؤووت "قائليـن: "حل واغفر واصفح لنا يا الله عن سيئاتنا التي صنعناها بمعرفة والتي صنعناها بغير معرفة، الخفية والظاهرة، يا رب أغفرها لنا" ونُصلِّي هذه القطعة باللحن "فول ايفول" في القداس الغريغوري قبل الترحيم.

 

 2ــ هذه السهوات تشبه البقع الباهتة على الثياب، والتي لا ينتبه إليهـا الإنسان، ولا سيما عندما تكون الإضاءة خافتة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن عندما يقف الإنسان في مواجهة النور الإلهي يكشف له الروح القدس عن هـذه السهوات والخطايا المستترة، فعندما عاين إشعياء مجد الله صرخ قائلًا: "وَيْلٌ لِي إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ" (إش 6: 5)، وتزداد الخطايا المستترة خلال فترات الضعف الروحي وانطماس الذهن، والحقيقة أن معرفة الإنسان ذلاته وسهواته يحتاج إلى تدقيق وذهن مستنير بالروح القدس، وقد سقط أسقف كنيسة لادوكية في مثل هذه الخطايا، فكشف له السيد المسيح حقيقة حاله قائلًا له: "لأَنَّكَ تَقُولُ إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ" (رؤ 3: 17)، وكلما قلت حساسية الضمير كلما أُمسكت أعين الإنسان عن اكتشاف حقيقة حاله، فتمر عليه خطايا الفكر وخطايا اللسان ويبررها لنفسه، ويقع في خطايا الكبرياء تحت عنوان الاعتداد بالذات، وقساوة القلب والتجبر تحت عنوان الجدية والالتزام، والبخل تحت عنوان الحكمة في التصرف، ومن هذه السهوات والخفايا المستترة التقصير في تنفيذ بعض الوصايا مثل محبة الأعداء (مت 5: 44) وإيواء الغرباء وزيارة المساجين (مت 25: 35، 36)، وعــدم فعل الخير: "فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ" (يع 4: 17).

 

 3ــ هناك ثلاثة أنواع من الخطايا (السهوات - الخطايا المستترة - الخطايا الظاهرة):

 أــ السهوات: وهيَ الخطايا التي يسقط فيها الإنسان دون أن يقصد ودون أن يدرك أنها خطايا، وعندما يكتشفها يندم عليها ويتوب عنها ويعترف بها.

 ب - الخطايا المستترة: وهيَ الخطايا التي يرتكبها الإنسان، ويحاول أن يخفيها ويسترها عن أعين الآخرين، وهذه تحتاج إلى التنبه لها والخلاص منها.

 جـ - الخطايا الظاهرة: وهيَ الخطايا التي يرتكبها الإنسان مدركًا تمامًا أنها خطايا ويرتكبها أمام الآخرين، مثل الحلفان والشتيمة والغضب، وهذه تحتاج إلى تصحيح وندم وتوبة واعتراف.

 والروح القدس يكشف للنفس خطاياها رويدًا رويدًا، لأنه لو كشف لها جميع الخطايا فربما سقطت في اليأس، والروح القدس له خطة مع كل نفس ليزيّنها ويجمّلها لكيما تصلح أن تكون مِلكه.

 

 4ــ يقول "إسكندر جديد": "الشريعة الإلهيَّة هيَ مرآة النفس تُظهر لها عيوبها، وعلى الإنسان أن يُصلِّي لكي يحفظه الله من السهوات، ويطهره مما سلف منها، وهذه السهوات درج الناس على تسميتها بالصغائر، وقالوا أن الله يتجاوز عنها، ولكن كلمة الله تقول لنا أن الخطيِّة في نظر الله هيَ التعدي، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، سهوًا أم عمدًا، لذلك وجب علينا أن نكون دائمًا قريبين من الله، فقُربنا منه له المجد يحفظنا في القداسة، ويعطينا القلب اليقظ، لكي لا نقع في السهوات. تحصَّن يا أخي في مقادس الله، والتصق بشريعته دومًا، فتحفظ نفسك بلا دنس في العالم" (222).

 

 5ــ يقول "القديس أُغسطينوس": "من يقدر أن يتفهم أخطاءه؟! إن أمكن رؤية الظلمة لأمكن فهم الخطايا. الآن عندما نتوب عن خطايانا، عندئذ فقط يمكننا أن ننعم أخيرًا بالنور، لأنه إذ يلتحف الإنسان بخطاياه يُقال أن عينيه تظلمان وتصابان بعمى بالغ، ولا يقدر أن يرى خطاياه، كما هو الحال بالنسبة لعينيك الجسديتين عندما تكونان معصوبتين، فأنهما لا يقدران أن ينظرا شيئًا بسبب العصابة" (223).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (222) المرشد إلى الصلاة ص 49، 50.

(223) تفسير المزامير جـ 2 ص 329.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1676.html

تقصير الرابط:
tak.la/9np3rkc