س 1662 : كيف يُنسب مزمور (14) لداود النبي بينما يأتي فيه ذكر العودة من السبي: " عِنْدَ رَدِّ الرَّبِّ سَبْيَ شَعْبِهِ يَهْتِفُ يَعْقُوبُ وَيَفْرَحُ إِسْرَائِيلُ " (مز 14 : 7) وبين هذا وذاك نحو خمسة قرون؟، وهل قام داود من بين الأموات ليسجل هذا الحدث ثم عاد إلى قبره؟
يقول "د. حسن الباش": " فهذا النص (مز 14 : 7) يشير إلى أسر اليهود، وأسرهم حدث بعد داود بعشرات السنين، فمن حيث الوجهة التاريخية فإن هذا القول المنسوب إلى النبي داود يتناقض مع حادثة الأسر" (162).
كما يقول " د. حسن الباش " أيضًا: " وكذلك المزمور (53) فأنه يفصح عن زمن تأليفه وقد نسبوه إلى داود زورًا وبهتانًا. لاحظ قوله: من الذي يأتي من صهيون بالخلاص لإسرائيل. حين رد الله أسرى شعبه يبتهج يعقوب ويفرح إسرائيل. الواضح من هذا المزمور أُلّف بعد أن وقع بنو إسرائيل في أسر أعدائهم، فالمؤلف هنا يتمنى أن يرى من ينقذ إسرائيل من الأسر" (163).
ج : قال داود النبي: " لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ خَلاَصَ إِسْرَائِيلَ. عِنْدَ رَدِّ الرَّبِّ سَبْيَ شَعْبِهِ، يَهْتِفُ يَعْقُوبُ وَيَفْرَحُ إِسْرَائِيلُ" (مز 14 : 7) وهذا ما جـاء أيضًا في (مز 53 : 6)، وهنا نجد تفسيرين لهذه الآية:
التفسير الأول: ليس المقصود بالسبي سبي بابل الذي حدث سنة 586 ق.م بعد زمن داود بنحو خمسمائة عام (وليس بعد عشرات السنين كقول الناقد)، والدليل على هذا أنه لم يرد في المزمور أي ذكر لبابل، فالمقصود بالسبي هنا هو سبي الخطيَّة، فقد سبى عدو الخير الجنس البشري بأسره عندما أسقط أبونا آدم وأمنا حواء في المخالفة، ولهذا فإن هذه الآية تدخل في النطاق النبوي، وهيَ تشير للخلاص الذي سيصنعه الله على جبل صهيون عندما يتجسد في ملء الزمان ويُصلب على جبل الجلجثة، لكيما يحمل عن البشرية حُكم الموت، ومن أورشليم ستنبعث الكرازة بالخلاص ويفرح إسرائيل الجديد الذي هو شعب المسيح.
التفسير الثاني: إن هذه الآية أُضيفت للمزمور قبيل العودة من السبي بيد أحد رجال الله الأتقياء ونُسب المزمور لداود، لأن داود هو كاتبه باستثناء هذه الآية، وكان الشعب يعرف المدة التي سيقضيها في بابل لأن إرميا النبي حددها بسبعين سنة (إر 25 : 11)، وهذا ما أدركه دانيال النبي في مُلك الملك داريوس: " فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنْ مُلْكِهِ أَنَا دَانِيآلَ فَهِمْتُ مِنَ الْكُتُبِ عَدَدَ السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ عَنْهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا النَّبِيِّ لِكَمَالَةِ سَبْعِينَ سَنَةً عَلَـى خَرَابِ أُورُشَلِيمَ" (دا 9 : 2)، وهذا أمر وارد، فبالرغم من أن صموئيل النبي كتب أربعة وعشرين إصحاحًا من سفر صموئيل الأول وأكمل هذا السفر وسفر صموئيل الثاني ناثان النبي وجاد النبي إلاَّ أن السفرين يُنسبان إلى صموئيل النبي، وليس معنى هذا أن صموئيل النبي أو داود النبي قاما من الموت ليسجلا أحداث حدثت بعد موتهما ثم عادا إلى قبريهما، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 9 س 1064.
ويقول "الأب متى المسكين": " تُحسب هذه الآية أنها أُضيفت أخيرًا للاستخدام الليتورجي، وهيَ لا تلتحم مع بقية المزمور، وقد تكون أُضيفت لتكون آخر المزمور، لأن المزمور لا يمكن أن ينتهي فجأة" (164) (راجع أيضًا القس وليم مارش - السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 6 ص31).
_____
(162) الكتاب والتوراة - عندما باع الحاخامات موسى عليه السلام ص 99.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1662.html
تقصير الرابط:
tak.la/j7xx9cd