St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1476- كيف يلعن رجل الله مَن تزوجوا بنساء غريبات، ويضربهم ويعذبهم بنتف شعورهم (نح 13: 25)؟

 

ج: عندما عاد نحميا إلى أورشليم وجد الشعب قد تاه في خطايا عديدة أهمها:

1- الشر الذي صنعه ألياشيب رئيس الكهنة، إذ هيَّأ لطوبيا العموني مخدعًا في بيت الرب، فيقول نحميا: "وسَاءَني الأَمْرُ جدًّا، وطَرَحْتُ جَمِيعَ آنِيَةِ بَيْتِ طُوبِيَّا خَارِجَ المِخْدَعِ، وأمرْتُ فَطَهَّرُوا المَخَادعَ، ورَدَدْتُ إليها آنيَةَ بَيتِ الله معَ التَّقْدِمَةِ والبَخُورِ"(نح 13: 8، 9).

 

2- أهمل الشعب تقديم العشور للاويين، فترك اللاويون خدمة الهيكل، فيقول نحميا: "فَخَاصَمْتُ الوُلاَةَ وقُلْتُ: لماذا تُرِكَ بَيْتُ الله؟ فَجَمَعْتُهُمْ وأَوقَفْتُهُمْ في أماكِنِهِم. وأتى كُلُّ يَهُوذَا بعُشر القَمحِ والخَمْرِ والزَّيتِ إلى المَخَازِنِ"(نح 13: 11، 12).

 

3- كسر الشعب وصية السبت، فكانوا يعملون فيه، ويتاجرون مع الأمم، ويقول نحميا: "فَخَاصَمْتُ عُظَمَاءَ يَهُوذَا وقُلْتُ لهم: ما هذا الأمر القَبِيحُ الَّذي تَعْمَلُونَهُ وتُدَنِّسُونَ يَوْمَ السَّبْت؟ِ"(نح 13: 17)، وأغلق أبواب أورشليم في وجه التجار القادمين للتجارة يوم السبت "وقُلْتُ للاَّويِّينَ أن يَتَطَهَّرُوا ويَأتُوا ويَحرُسُوا الأبوَابَ لأجل تَقْدِيسِ يوم السَّبْت" (نح 13: 22).

 

4- العودة للزيجات الغريبة من الأشدوديات والعمونيات والموآبيات، حتى أن لغة الجيل الجديد بدأت تختل، فيقول نحميا: "فَخَاصَمْتُهُمْ ولَعنتُهُم وضَرَبْتُ منْهُمْ أُناسًا ونَتَفْتُ شُعُورَهُمْ، واسْتَحْلَفْتُهُمْ بالله قائلًا: لا تُعْطُوا بَناتِكُمْ لِبَنِيهِم، ولا تَأْخُذُوا من بَنَاتِهِم لِبَنِيكُمْ، ولا لأَنْفُسِكُمْ. أليْسَ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ أَخطَأ سُلَيْمَانُ.." (نح 13: 25، 26)، وفعل "خاصمتُ" الوارد هنا في أصله العبري يعني المناقشة، أي أن نحميا ناقشهم في تصرفهم الرديء هذا، حتى أقنعهم بخطيتهم، كما أن الضرب هنا كعقاب بدني يتفق مع ما أقرته الشريعة (تث 25: 2، 3)، وقد فعل نحميا هذا بحكم وظيفته كوالي عليهم يتحلى بغيرة عظيمة على شعبه وأيضًا نتف نحميا شعرهم بهدف أن يُشعِرهم بالخزي، فعندما أراد حانون ملك بني عمون أن يهين رسل داود "حَلَقَ أنصاف لِحَاهُم" (2صم 10: 4)، وجاءت النبوءة عن العبد المتألم "بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ، وخَدَّيَّ للنَّاتِفِينَ" (إش 50: 6).

 فمنذ نحو خمس وعشرين عامًا منع عزرا مثل هذه الزيجات، والتزم الشعب بهذا، وطردوا النساء الغريبات وأولادهنَّ، ولكن الشعب عاد إلى خطيته المحبوبة طمعًا في مال أو جمال... شهرة أو شهوة، وفي سبيل ذلك بدَّدوا ثرواتهم الروحية: "أفْرَايِمُ يَخْتَلِطُ بالشُّعُوب... أَكَلَ الغُرَبَاء ثَروَتَهُ وهو لا يَعرفُ" (هو 7: 8، 9)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لم يعرف الشعب أو لم يرد أن يعرف أن هذه الزيجات هي غدر وخيانة ورجس ونجاسة كقول ملاخي النبي: "غَدَرَ يَهُوذَا، وعُمِلَ الرِّجْسُ في إسرَائِيلَ وفي أُورُشَليم. لأَنَّ يَهُوذَا قد نَجَّسَ قُدسَ الرَّبِّ الذي أَحَبَّهُ، وتزوَّج بِنْتَ إلهٍ غَرِيبٍ" (ملا 2: 11). إن مثل هذه الأجيال الخليط لكفيلة بأن تهدر هوية الشعب المقدَّس للهاوية، كما أضاعت من قبل الأسباط العشرة عندما تشتتت المملكة الشمالية بالسبي الأشوري ولم تعد ثانية، وعندما قطع الشعب ميثاقًا مع الله على يد نحميا وعزرا كان من أهم بنود هذا الميثاق رفض الزواج المختلط: "لا نُعْطِي بَنَاتِنَا لشُعُوب الأَرض، ولا نَأخُذَ بَنَاتِهمْ لبَنِينا"(نح 10: 30) ولكنهم نقضوا هذا الميثاق، مما أغضب نحميا غضبًا شديدًا... فماذا فعل؟

أ - خاصمهم ولعنهم وضرب منهم المعاندين ونتف شعورهم ليشعرهم بالخزي والخجل نتيجة هذه الخطية العظيمة، وكانت عقوبة الضرب بواسطة المختصين تسمح به الشريعة: "فَإِنْ كَانَ المُذنب مُسْتَوْجب الضَّربِ، يَطْرَحُهُ القَاضِي ويَجلِدُونَهُ أمَامَهُ على قدر ذَنبِه بالعدد" (تث 25: 2) ولم يقصد نحميا بالعقاب مجرد العقوبة، ولكن كطريق للإصلاح لذلك وضعهم أمام الله واستحلفهم أن لا يعودوا إلى هذه الخطية في المستقبل.

ب - أعطاهم مثلًا حيًّا إذ بسبب هذه الزيجات الغريبة أخطأ أحكم إنسان على وجه البسيطة، الشخص الذي كان محبوبًا من الله فجعله ملكًا على شعبه عوض أبيه وبسبب خطيته هذه تمزقت مملكته.

ج - تسلل سنبلّط الحوروني عن طريق ابنته إلى أسرة رئيس الكهنة إذ تزوج أحد أحفاد رئيس الكهنة من ابنه سنبلّط، وهنا أظهر نحميا حزمه وشجاعته وطلب من هذا الكاهن أن يطرد زوجته وعندما رفض، طرده نحميا، ولم يعد له نصيب في الكهنوت ولا في شعب الله، بل لم يشأ أن يذكر اسمه فقال: "واحدًا من بني يوياداع" ويذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي (37 - 95م) إن هذا الكاهن المطرود كان يُدعى "منسى"، وعندما طرده نحميا أقام له سنبلّط هيكلًا على جبل جرزيم.

 ويقول "القمص تادرس يعقوب": "نتف الشعر أي اقتلاعه من جذوره، كعلامة على شدة الحزن، أو كنوع من القسوة في اضطهاد شخص ما، أو كنوع من العقوبة، كما جاء في هذا النص، يُقال أن الأثينيين كانوا يعاقبون الزناة بنتف الشعر من فروة الرأس وتغطية الرأس برماد ساخن"(1).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تفسير سفر نحميا ص 226.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1476.html

تقصير الرابط:
tak.la/59rh3qm