ج: 1- عاد الفوج الأول من المسبيين إلى أورشليم سنة 538 ق. م.، وبعد سبعة أشهر قاموا ببناء مذبح إله إسرائيل وأصعدوا محرقات وعيَّدوا بعيد المظال، وفي السنة الثانية جمعوا فضة للنحاتين والنجارين لتأسيس بيت الرب: "وَلَمَّا أَسَّسَ الْبَانُونَ هَيْكَلَ الرَّبِّ، أَقَامُوا الْكَهَنَةَ بِمَلاَبِسِهِمْ... وَغَنَّوْا بِالتَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ لِلرَّبِّ لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَكُلُّ الشَّعْبِ هَتَفُوا هُتَافًا عَظِيمًا بِالتَّسْبِيحِ لِلرَّبِّ لأَجْلِ تَأْسِيسِ بَيْتِ الرَّبِّ" (عز 3: 10، 11). وكان هذا نحو عام 536 ق. م.، وسار العمل ببطء ولا سيما بسبب الصعوبات التي وقفت حائلًا في طريق استكمال العمل، وهى:
أ - صعوبات خارجية: تتمثل في مقاومة الأعداء لهم، فلم يكفُّوا عن الوشاية بهم للحكام وإرسال الشكاوي الكيدية ضد بيت الرب وسكان أورشليم للملك أحشويروش ثم للملك أرتحشستا (عز 4: 6 - 16)، ومما زاد من هذه الصعوبات أن معظم سكان أورشليم من الفقراء الذي عجزوا عن دفع الجزية.
ب - صعوبات داخلية: تتمثل في ضعف إيمان الشعب، وعدم استعدادهم لتحمُّل الصعوبات من أجل استكمال بناء الهيكل، وإحساسهم بقلة عددهم وعدّتهم وفقرهم، وانطفأت روح الغيرة والحماس عندهم، ففضلوا تأجيل العمل إلى وقت لاحق.
وبذلك لم يتحقق الغرض الأول من عودة المسبيين إلى أورشليم، وهو بناء الهيكل وعودة العبادة كما كانت في الأيام الأولى، فقد شعر المسبيون منذ عودتهم بضعفهم وعجزهم، وهذا يفسر تقاعسهم لمدة سبعة شهور حتى بنوا مذبح الرب وأصعدوا الذبائح، هوذا الآن يكفون عن بناء بيت الرب.
وانتهى الأمر بتوقف أعمال البناء حتى العام الثاني من مُلك داريوس الكبير ملك فارس (عز 4: 17 - 24). وعندما شجع حجي وزكريا الشعب لاستئناف الأعمال، جاء في سفر حجي: "في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِيُوسَ المَلِكِ، في الشَّهْرِ السَّادِسِ في أَوَّلِ يَوْمٍ منَ الشَّهْرِ، كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَنْ يَدِ حَجَّي النَّبِيِّ إلى زَرُبَّابِلَ بنِ شَأَلْتِيئِيلَ والي يَهُوذَا، وَإِلَى يَهُوشَعَ بن يَهُوصَادَاقَ الكَاهن العَظيم قَائِلًا... هل الْوَقْتُ لَكُمْ أَنْتُمْ أَنْ تَسْكُنُوا فِي بُيُوتِكُمُ الْمُغَشَّاةِ، وهذا البَيْتُ خَرَابٌ..؟ اصْعَدُوا إلى الجَبَلِ وأتُوا بِخَشَبٍ وابْنُوا البيتَ، فَأَرْضَى عَلَيْهِ وأَتَمَجَّد قال الرَّبُّ" (حج 1: 1 - 8). وكان هذا نحو 520 ق. م.، وفعلًا بدأ العمل من جديد: "حِينَئِذٍ قَامَ زَرُبَّابَلُ بْنُ شَأَلْتِئِيلَ وَيَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ، وَشَرَعَا بِبُنْيَانِ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ، وَمَعَهُمَا أَنْبِيَاءُ اللهِ يُسَاعِدُونَهُمَا" (عز 5: 2)، ومما ساعد على هذه الصحوة المقدَّسة:
أ - شعور الشعب بالخوف من إله السماء: "حِينَئِذٍ سَمِعَ زَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلْتِيئِيلَ وَيَهُوشَعُ بْنُ يَهُوصَادِقَ الْكَاهِنِ الْعَظِيم، وَكُلُّ بَقِيَّةِ الشَّعْبِ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِهِمْ وَكَلاَمَ حَجَّي النَّبِيِّ كَمَا أَرْسَلَهُ الرَّبُّ إِلهُهُمْ، وَخَافَ الشَّعْبُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ" (حج 1: 12).
ب - عمل روح الرب: "ونَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ وَالِي يَهُوذَا، وَرُوحَ يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادِاقَ الْكَاهِنِ العَظِيمِ، وَرُوحَ كُلِّ بَقِيَّةِ الشَّعْبِ. فَجَاءُوا وَعَمِلُوا الشُّغْلَ فِي بَيْتِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِهِمْ" (حج 1: 14)... "فَالآنَ تَشَدَّدْ يَا زَرُبَّابِلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَتَشَدَّدْ يَا يَهُوشَعُ بْنُ يَهُوصَادِقَ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ، وَتَشَدَّدُوا يَا جَمِيعَ شَعْبِ الأرضِ، يَقُولُ الرَّبُّ وَاعْمَلُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ" (حج 2: 4).
وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "يرى البعض أن المفهوم من نبوة حجي (2: 18) أن أساسات الهيكل وُضعت في 520 ق. م. بينما يُفهم من عزرا (عز 3: 10) أنها وضعت في 536 ق. م. في السنة الثانية لعودة زرُبَّابل من السبي (عز 3: 8 - 10). والحقيقة هي أنه لم يتم عمل إلاَّ القليل في خلال هذه المدة (من 536 - 520 ق. م) مما استلزم الاحتفال بوضع أساس جديد، بعدما أحدثته أقوال حجي وزكريا من نهضة بين الشعب، ويثبت العديد من السجلات أنه كان للمباني الهامة أكثر من حجر أساس واحد"(1).
2- جاء في مقدمة سفر حجي بالكتاب المقدَّس الدراسي: "في عام 538 ق. م. تقريبًا أصدر كورش ملك فارس قاهر البابليين، مرسومًا يسمح لليهود بالرجوع إلى أورشليم وبإعادة بناء الهيكل (انظر عز 1: 2 - 4، 6: 3 - 5) وتحت قيادة زربابل... عاد خمسون ألف يهودي إلى أورشليم وبدأوا العمل في الهيكل. وبعد سنتين (عام 536 ق. م. تقريبًا) أتموا بناء الأساس وسط مظاهر فرح عظيم (عز 3: 8 - 11). وأثار نجاحهم السامريين وجيرانهم الآخرين الذين خشوا من العواقب السياسية والدينية لإعادة بناء الهيكل في الولاية اليهودية المزدهرة بقوة. لذلك قاوموا هذا المشروع بضراوة. وخططوا لوقف هذا العمل حتى عام 520 ق. م. تقريبًا بعد أن أصبح داريوس الأعظم ملكًا على فارس في عام 522 ق. م. تقريبًا (عز 4: 1 - 5، 24) كان داريوس شغوفًا بالديانات في إمبراطوريته. وبدأت خدمة كل من حجي وزكريا في السنة الثانية لحكمه، أي سنة 520 ق. م. تقريبًا (حج 1: 1، زك 1: 1). وأخذ على اليهود تكاسلهم أمام مقاوميهم، وحاول حجي أن ينقذهم من سباتهم. وعندما حاول حاكم منطقة عبر الفرات، ومعه رؤساء آخرون، التدخل لمنع محاولة إعادة البناء، وقف داريوس مساندًا لليهود (عز 5: 3 - 6، 6: 6 - 12). وفي سنة 516 ق. م. تقريبًا اكتمل بناء الهيكل ودُشن (عز 6: 15 - 18)"(2).
_____
(1) دائرة المعارف الكتابية جـ 5 ص 252.
(2) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 2187.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1450.html
تقصير الرابط:
tak.la/fggnjf2