يقول "الخوري بولس الفغالي": "ونعرف أن فقح بن رمليا قتل في يوم واحد 120,000 رجل من يهوذا، وأخذ معه 200,000 أسير ولا حاجة إلى القول، كم أن هذه الأرقام مُضخَّمة"(1).
ج: 1- سلك آحاز ملك يهوذا في الشر: "ولَمْ يَفْعَلِ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، بَلْ... عَمِلَ أَيْضًا تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً لِلْبَعْلِيمِ. وَهُوَ أَوْقَدَ فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ وَأَحْرَقَ بَنِيهِ بِالنَّارِ... وَذَبَحَ وَأَوْقَدَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ وَعَلَى التِّلاَلِ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ" (2أي 28: 1 - 4) فتخلت عنه العناية الإلهيَّة، فهجم عليه الأراميون " فَضَرَبُوهُ وَسَبَوْا مِنْهُ سَبْيًا عَظِيمًا وَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى دِمَشْقَ" (2أي 28: 5) ولم يتعظ هذا الشعب ولا ملكه الشرير آحاز، فجاءت الضربة الثانية سريعًا من مملكة إسرائيل، وكانت أقوى وأشد " وَقَتَلَ فَقَحُ بْنُ رَمَلْيَا فِي يَهُوذَا مِئَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ... وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ إِخْوَتِهِمْ مِئَتَيْ أَلْفٍ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَنَهَبُوا أَيْضًا مِنْهُمْ غَنِيمَةً وَافِرَةً" (2أي 28: 6، 8) ولم تكن نصرة مملكة إسرائيل على مملكة يهوذا لبرها، ولم يكن هذا نتيجة رضاء الرب على مملكة إسرائيل، لأنها تفشت فيها عبادة الأوثان، ولكن الله سمح بنصرة مملكة إسرائيل تأديبًا لمملكة يهوذا على شرورها، فسقط منهم مائة وعشرين ألفًا في يوم واحد، الأمر الذي لم يحدث من قبل، وسبب كثرة القتلى من يهوذا أن جيش إسرائيل لم يجد جيشًا من يهوذا مستعدًا لمواجهته، فراح يقتل في أفراد الشعب في مدن وقرى عديدة، وكان انتقام أبناء مملكة إسرائيل من إخوتهم أبناء مملكة يهوذا انتقامًا وحشيًا، حتى وبخهم النبي عوديد على قسوتهم المتناهية، فقال لهم: "هُوَذَا مِنْ أَجْلِ غَضَبِ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِكُمْ عَلَى يَهُوذَا قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِكُمْ وَقَدْ قَتَلْتُمُوهُمْ بِغَضَبٍ بَلَغَ السَّمَاءَ" (2أي 28: 9)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. كما وبخهم "عوديد" النبي أيضًا على الأسرى الذين بلغ عددهم "مِئَتَيْ أَلْفٍ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ" (2أي 28: 8) وقال لهم: "أَمَا عِنْدَكُمْ أَنْتُمْ آثَامٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ" (2أي 28: 10) أي أن سيف العدل الإلهي كما جاز على مملكة يهوذا قد يجوز على مملكة إسرائيل، فخجل الجنود وانسلوا إلى المدينة، وتحرك بعض الرجال الشجعان وألبسوا العراة وحذوهم وأطعموهم وسقوهم وحملوا المَعيّين منهم على حمير، وأعادوهم إلى أريحا، وفي كل هذا لم يتحرك قلب آحاز بالتوبة، ولم يتراجع عن شروره، فأرسل الرب ضربته الثالثة من خلال الأدوميين والفلسطينيين "لأَنَّ الرَّبَّ ذَلَّلَ يَهُوذَا بِسَبَبِ آحاز مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ أَجْمَحَ يَهُوذَا وَخَانَ الرَّبَّ خِيَانَةً" (2أي 28: 19) فإذ بآحاز يزداد في عناده وشره، حتى أنه ذبح لآلهة دمشق، وقطَّع آنية بيت الرب، وأغلق أبواب الهيكل، وعمل مذابح للأوثان في كل زاوية في أورشليم، وقال الكتاب: "وفِي ضِيقِهِ زَادَ خِيَانَةً بالرَّبِّ الْمَلِكُ آحاز هذَا... وَأَسْخَطَ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِ" (2أي 28: 22، 25) والتجأ إلى ملك أشور مُقدِمًا له الذهب والفضة من بيت الرب ومن بيته، وإذ بملك أشور يأخذ هذه الرشوة ويضايقه: "فَجَاءَ عَلَيْهِ تِلْغَثُ فِلْنَاسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَضَايَقَهُ وَلَمْ يُشَدِّدْهُ" (2أي 28: 20).
2- يقول "القمص تادرس يعقوب": "في يوم واحد قتل فقح 120,000 من رجال يهوذا، رجال ذوي بأس، ليس لعدم أمانة الملك فحسب، وإنما لأنهم تركوا الرب إله آبائهم، كما قام إسرائيل بسبي 200,000 شخص، ونهبوا غنائم كثيرة. بدأ انهيار مملكة يهوذا تمامًا، وبالرغم من ذلك فإن الله لم يسمح لابن طبيئيل أن يَحِلَّ محل ذرية داود الحقيقية، إنما أراد أن يحقق وعده لداود... سلك آحاز في طريق إسرائيل، فإذا بإسرائيل يقتل من يهوذا مئة وعشرين ألفًا من رجال البأس في يوم واحدٍ، الأمر الذي لم يحدث مثله في كل تاريخ يهوذا، وكان من بينهم قادة وابن الملك، وقام إسرائيل بسبي مائتي ألف من النساء والبنين والبنات، مع أن مملكة إسرائيل في ذلك الوقت لم تكن قوية وهذا كله لأنهم " تركوا الرب إله آبائهم"...
وقد قتلوهم بغضب بلغ إلى السماء: إشارة إلى عظمة الغضب وعظمة خطيتهم، فالله لا يطيق سفك الدم وسبي النساء والأولاد والبنات... ما حدث ليس لأجل برّ إسرائيل وعدالة قلبه، وإنما لأجل إثم يهوذا... وبخ عوديد النبي من ظنُّوا أنهم منتصرون على الآتي:
1. وحشية قتل إخوتهم في ساحة الحرب، من منطلق الكراهية لإخوتهم، وبطريقة بربرية "غضب الإنسان لا يصنع برّ الله" (يع 1: 20).
2. معاملتهم للمسبيين بعجرفة... ربما كان في نيّتهم أن يقوموا ببيعهم عبيدًا للأمم الأخرى.
3. ذكَّرهم بخطاياهم التي جلبت غضب الرب عليهم... حثهم على التوبة على خطاياهم، عوض الشماتة في إخوتهم والكراهية. حذرهم... لأن ما حلَّ بيهوذا لسبب خطاياهم سيحل بهم هم أيضًا يومًا ما... فالسيف الذي وجهه الرب ضد يهوذا يُوجَّه إليهم هم أيضًا"(2).
_____
(1) التاريخ الكهنوتي - أسفار أخبار الأيام الأول والثاني وعزرا ونحميا والمكابيين الأول والثاني ص 30.
(2) تفسير سفر أخبار الأيام الثاني ص 362، 363.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1424.html
تقصير الرابط:
tak.la/q557vx2