St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1268- هل أرسل سليمان سفنه إلى أوفير (1مل 9: 26-28) أم أنه أرسلها إلى ترشيش (2 أي 9: 21)؟ وهل ميناء "عصيون جابر" لا وجود له؟ وأن تقع بلاد أوفير؟

 

          ويسخر " ليوتاكسل " من وجود ميناء باسم عصيون جابر، فيقول: "فميناء عصيون جابر يحتل في الجغرافيا المكانة نفسها التي يحتلها في التاريخ الحكماء التوراتيون مثل: إيثان، وهيمان، وكلكول، ودردع"(1).

          ويقول " زينون كوسيدوفسكي": "لقد أثار فضول العلماء سؤالان: أين كانت تقع بلاد أوفير المجهولة..؟ يقول البعض أنها الهند، وآخرون الجزيرة العربية، وبعض ثالث قال أنها مدغشقر. أما أولبرايت المستشرق الأمريكي الشهير توصل إلى أن أوفير ليست سوى الصومال، ويعطي بعض العلماء أهمية للوحة محفورة على حجر في أحد معابد طيبة تمثل ملكة سمراء اللون من بلاد أسمها البونت، وتذكر الكتابة في أسفل اللوحة أن السفن المصرية كانت تجلب من بونت الذهب والفضة والخشب الأسود وجلود النمور وقرودًا وزنوجًا للخدمة. لذلك ظهرت الفرضية التي مُفادها أن بونت وأوفير التوراتية بلد واحد"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- جاء في سفر الملوك: "فَأَرْسَلَ حِيرَامُ فِي السُّفُنِ عَبِيدَهُ النَّوَاتِيَّ الْعَارِفِينَ بِالْبَحْرِ مَعَ عَبِيدِ سُلَيْمَانَ، فَأَتَوْا إِلَى أُوفِيرَ، وَأَخَذُوا مِنْ هُنَاكَ ذَهَبًا أَرْبَعَ مِئَةِ وَزْنَةٍ وَعِشْرِينَ وَزْنَةً، وَأَتَوْا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ" (1مل 9: 27، 28) وجاء في سفر الأخبار: "لأَنَّ سُفُنَ الْمَلِكِ كَانَتْ تَسِيرُ إِلَى تَرْشِيشَ مَعَ عَبِيدِ حُورَامَ، وَكَانَتْ سُفُنُ تَرْشِيشَ تَأْتِي مَرَّةً فِي كُلِّ ثَلاَثِ سِنِينَ حَامِلَةً ذَهَبًا وَفِضَّةً وَعَاجًا وَقُرُودًا وَطَوَاوِيسَ" (2 أي 9: 21).

          ولا يوجد أدنى تعارض بين النصين لأن سليمان كان يملك أكثر من أسطول، وكل أسطول يُطلق عليه " سفن الملك"، وفي سفر الملوك أشار للأسطول الذي جلب الذهب من أوفير ذات مرة، وحدَّد كمية الذهب التي جلبها وهي 420 وزنة، أما سفر الأخبار فأنه أشار للأسطول الذي كان يسافر إلى ترشيش في رحلات متواصلة، وكانت الرحلة الواحدة تستغرق نحو ثلاث سنوات تجلب ليس الذهب فقط، بل أيضًا الفضة والعاج والقرود والطواويس، والدليل على هذا، أن هذه الرحلات جاء ذكرها أيضًا في سفر الملوك في الإصحاح التالي مباشرة: "لأَنَّهُ كَانَ لِلْمَلِكِ فِي الْبَحْرِ سُفُنُ تَرْشِيشَ مَعَ سُفُنِ حِيرَامَ. فَكَانَتْ سُفُنُ تَرْشِيشَ تَأْتِي مَرَّةً فِي كُلِّ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ. أَتَتْ سُفُنُ تَرْشِيشَ حَامِلَةً ذَهَبًا وَفِضَّةً وَعَاجًا وَقُرُودًا وَطَوَاوِيسَ" (1مل 10: 22).

 

2- جاء في " دائرة المعارف الكتابية " عن "أوفير".. " أوفير: وهي كلمة تدل على الوفرة أو الغنى، وتشير في الكتاب المقدَّس إلى... اسم أرض أو مدينة تقع في مكان ما في جنوبي أو جنوبي شرقي فلسطين، أقلعت إليها سفن سليمان مع سفن الفينيقيين من عصيون جابر على رأس خليج العقبة، لتعود بكميات كبيرة من الذهب والأحجار الكريمة وخشب الصندل (1مل 9: 28، 10: 11، 22: 48، 2 أي 8: 18، 9: 10) وهناك قائمة أشمل بالسلع وكذلك بالزمن الذي كانت تقطع فيه السفن هذه الرحلة، لو افترضنا أن هذه السفن هي نفسها المُشار إليها في سفر الملوك الأول (10: 22) "مَرَّةً فِي كُلِّ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ. أَتَتْ سُفُنُ تَرْشِيشَ حَامِلَةً ذَهَبًا وَفِضَّةً وَعَاجًا وَقُرُودًا وَطَوَاوِيسَ" ولعل السلع الأخرى لم تكن أصلًا من منتجات أرض أوفير، ولكن لا شك في أن الذهب كان من منتجاتها، وكان ذهبها مضرب المثل في القارة، كما تشهد بذلك آيات كثيرة في العهد القديم (مز 45: 9، أي 22: 24، 28: 16، أش 13: 12، 1أي 29: 4) وبالإضافة إلى ذلك، فإن البعض يرون أنها تذكر أيضًا مرتين تحت اسم " أوفاز" (أر 10: 9، دا 10: 5).

موقعها الجغرافي: ويدور جدل كثير حول تحديد موقع أوفير جغرافيًا، وهناك ثلاث افتراضات: أ - الهند والشرق الأقصى؛  ب- أفريقيا؛  جـ- بلاد العرب...

أ  - الهند والشرق الأقصى: كل السلع المذكورة تتفق مع حالات الهند وبخاصة خشب الصندل (1مل 10: 22) وهنا حجة أخرى مبنية على التشابه في شكل الاسم " سوفيرا " في الترجمة السبعينية، والاسم القبطي للهند "سوفير"..

ب- أفريقيا: وهي تعتبر أكثر المناطق الثلاث إنتاجًا للذهب، فسوفالا -الميناء البحري بالقرب من موزمبيق على الشاطئ لأفريقيا- يرى البعض أنها " أوفير " سواء من ناحية الأسس اللغوية أو من ناحية طبيعة منتجاتها، لأن كل السلع المذكورة في سفر الملوك الأول (1مل 10: 22) يمكن الحصول عليها منها.

جـ- بلاد الغرب: أن اعتبار الطرف الجنوبي الشرقي للجزيرة العربية، هو أرض أوفير، له ما يدعمه أكثر مما للهند أو لأفريقيا، "فأوفير " المذكورة في التكوين (تك 10: 29) تنتمي بلاشك إلى هذه المنطقة... ويقول بليني وسترابو أن منطقة جنوبي شرقي بلاد العرب على الخليج الفارسي، كانت مشهورة بذهبها، وليس من الضروري أن تكون باقي السلع المذكورة في سفر الملوك الأول، من منتجات أوفير ذاتها، فالأرجح أنها كانت مستوردة من بلاد بعيدة، ثم نقلتها سفن سليمان إلى عصيون جابر، وإذا اتخذنا المدة التي كانت تستغرقها الرحلة، وهي ثلاث سنوات، دليلًا لنا، لكان هذا الموقع أكثر قبولًا من افتراض وجودها على الشاطئ الشرقي لأفريقيا، ومن ثمَّ يبدو أن الرأي الأرجح هو أن " أوفير " كانت منطقة على خليج العرب في جنوبي شرقي بلاد العرب، وخاصة لارتباطها بمملكة سبأ (1مل 10: 10 - 12) وكانت ميناء تستخدم كسوق تجاري بين الشرق والغرب، وقد تحطمت السفن التي أرسلها يهوشافاط إلى أوفير لأجل الذهب، في عصيون جابر على خليج العقبة (1مل 22: 48)"(3).

          وجاء في " دائرة المعارف الكتابية " عن "ترشيش": "ترشيش: ومعناها في العبرية " الزبرجد".. ويرى البعض أنها كلمة فينيقية بمعنى "معمل تكرير" وكاسم علم تُطلق على... اسم بلاد أو مدينة تُذكر دائمًا بالارتباط بالسفن "لأَنَّهُ كَانَ لِلْمَلِكِ (سليمان) فِي الْبَحْرِ سُفُنُ تَرْشِيشَ مَعَ سُفُنِ حِيرَامَ" (1مل 10: 22)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. مما يدل على أن ترشيش كانت تقع على البحر، كما أن يونان نزل في سفينة ذاهبة إلى ترشيش (يون 1: 3، 4: 2) من ميناء يافا ليهرب إلى أرض بعيدة (أش 66: 19) وكانت تلك البلاد غنية بالمعادن مثل الفضة (أر 10: 9) والحديد والقصدير والرصاص التي كانت تُصدَّر إلى البلاد الأخرى مثل صور ويافا (حز 27: 12). والأرجح أنها كانت بلادًا في غربي البحر المتوسط. ويظن الكثيرون أنها " ترتيسوس " في أسبانيا بالقرب من جبل طارق، والتي ذكرها هيرودت في تاريخه، فلابد أن ثروة أسبانيا المعدنية قد جذبت إليها الفينيقيين الذين أقاموا لهم مستعمرات هناك... كما يظن البعض أنها " قرطجنة " في شمال أفريقيا... وقد اُكتشفت في سنة 1773م نقوشًا فينيقية أثرية في جزيرة سراينا ترجع إلى القرن التاسع قبل الميلاد تحمل اسم " ترشيش".. ويظن " أولبرايت " أن كلمة " ترشيش " نفسها تحمل معنى التعدين أو صهر المعادن... ولكن الأرجح أن المقصود بها هي أسبانيا"(4).

          وهناك ملاحظة هامة وهي أن رحلات السفن دُعيت برحلات ترشيش أو أوفير، فجاء في سفر الملوك: "وَعَمِلَ يَهُوشَافَاطُ سُفُنَ تَرْشِيشَ لِتَذْهَبَ إِلَى أُوفِيرَ لأَجْلِ الذَّهَبِ" (1مل 22: 48).

 

3- عن "عصيون جابر" التي أنكر النُقَّاد وجودها، يقول "الخوري بولس الفغالي": "عصيون جابر وإيلات هما مرفآن في خليج العقبة... أوفير تقع على الشاطئ الغربي لشبه الجزيرة العربية (تك 10: 29) وقد اُشتهرت بذهبها.."(5).

     وجاء في "دائرة المعارف الكتابية": "عصيون جابر: مدينة تقع عند الطرف الشمالي لخليج العقبة، تكتنفها من الشرق مرتفعات أدوم، ومن الغرب مرتفعات فلسطين، وتبعد المدينة نحو ميلين ونصف إلى الغرب من مدينة العقبة، التي هي إيلات القديمة. ويذكر الكتاب المقدَّس عصيون جابر بين المحطات التي نزل بها بنو إسرائيل في أثناء ارتحالهم في البرية نحو سهول موآب (عد 33: 35، 36، تث 2: 8) وفي أيام حكم سليمان، كان لعصيون جابر أهمية تجارية كبيرة حتى أنه بنى هناك أسطولًا تجاريًا بمعاونة من حيرام ملك صور، الذي أرسل عبيده النواتي العارفين بالبحر ليشتركوا مع عبيد سليمان في إدارة السفن، التي أبحرت إلى أوفير وجلبت من هناك خشب الصندل وذهبًا وفضة وعاجًا وقرودًا وطواويس... وقد ساعدت أعمال التنقيب الأثرية على اكتشاف تاريخ المدينة، وقد قام بذلك " نلسون جلويك" (N. Glueck) بعد " فرانك فريتز" (Frank Fritz) فقد اكتشف فريتز الألماني سنة 1934 م تلًا أثريًا يُسمى " تل الخليفة " قال عنه أنه موقع عصيون جابر، وكان التل يبعد عن الخليج نحو سبعين قدمًا (ويحتمل أنه كان قديمًا على ساحل البحر) وفي سنة 1938م وما بعدها قام بالتنقيب في التل " جلويك " وأيد رأي " فريتز " بأن التل يحدد موقع عصيون جابر.

     وقد أسفر التنقيب عن اكتشاف أربع طبقات، وقد أرجع تاريخ الطبقة الأولى (السفلى) إلى أيام سليمان، وهي مبنية على التربة الأصلية، وتدل على أن المدينة قد بُنيت دفعة واحدة على أساس خطة موضوعة مسبقًا، وليس على مراحل. وقد أرجع تاريخها إلى عصر سليمان بناء على المقارنة بين البوابة الرئيسية في الطبقة الأولى في أطلال عصيون جابر، والبوابة التي اُكتشفت في " لخيش " وترجع أيضًا إلى القرن العاشر قبل الميلاد، أي إلى عصر سليمان. وكان سليمان الملك الوحيد في ذلك العصر الذي كان له من الثراء والقوة والظروف السلمية المواتية، ما يسمح له بالقيام بمثل هذا المشروع المعماري"(6).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 383.

(2) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 292.

(3) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 555، 556.

(4) دائرة المعارف الكتابية جـ 2 ص 362، 363.

(5) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 429.

(6) دائرة المعارف الكتابية جـ 5 ص 276، 277.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1268.html

تقصير الرابط:
tak.la/28ag2c2