يقول " الخوري بولس الفغالي": "نقلنا الكاتب المُلهَم إلى قدس الأقداس، كما إلى قصر يُقيم فيه سيده، وعلى باب هذا القصر "كروبان" واحد من كل جهة. الكروب هو رأس الإنسان بجسم حيوان مجنح على مثال الكريبو الآشُّوري: في سفر الخروج كان الكروب حارس تابوت العهد (خر 25: 18 - 20) ولكن لا ننسى أن الوصف الذي نقرأه منه، يعود إلى التقليد الكهنوتي، وهو متأثر بالتراث البابلي الذي تعرَّف إليه العبرانيون في زمن المنفى"(1).
ج: 1- قال الكتاب: "وَبَنَى حِيطَانَ الْبَيْتِ مِنْ دَاخِل بِأَضْلاَعِ أَرْزٍ مِنْ أَرْضِ الْبَيْتِ إِلَى حِيطَانِ السَّقْفِ، وَغَشَّاهُ مِنْ دَاخِل بِخَشَبٍ، وَفَرَشَ أَرْضَ الْبَيْتِ بِأَخْشَابِ سَرْوٍ" (1مل 6: 15) فقد غشى سليمان جدران الهيكل الحجرية بأضلاع أرز أي بألواح من خشب الأرز، وعندما قال " إِلَى حِيطَانِ السَّقْفِ " فأنه يقصد إلى جوائز (دعامات) السقف. أما الأرض فقد تغطت بخشب السرو.
ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "بنيت الحوائط بالحجر كما مرَّ بنا، وقوله (وَبَنَى حِيطَانَ الْبَيْتِ مِنْ دَاخِل بِأَضْلاَعِ أَرْزٍ) يعني أنه غطى الحوائط بألواح من خشب الأرز من الأرض إلى (حِيطَانِ السَّقْفِ) أي إلى أعلى الحائط كما غشى أرضية البيت أيضًا بالخشب. وقد أُستخدم خشب الأرز للسقف والجدران وخشب السرو في تغطية الأرض، وكلاهما من الخشب الثمين"(2).
ويقول " القمص تادرس يعقوب": "المعنى هنا (غطى حيطان البيت) فلا يُرىَ في داخل البيت أثر لحجارة الحوائط بل كل البيت مغلف في الداخل بالخشب، والخشب مغلَّف بطبقة من الذهب الخالص، حتى الأرضية مغلَّفة بالذهب، فيسير الإنسان على الذهب... كأن الداخل كله مُغطى بطبقة من الذهب فلا يُرى حجر أو خشب قط، لا تنظر العين سوى الذهب سواء الصفائح الذهبية أو تغطيه النقوش"(3).
 |
2- كانت خيمة الاجتماع الصورة المصغرة لهيكل سليمان... فمن هو المهندس الذي وضع تصميم هذه الخيمة بأقسامها ومحتوياتها؟
أنه الله المهندس الأعظم هو الذي أعطى تصميم الخيمة لموسى النبي قائلًا له: "فَيَصْنَعُونَ لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ. بِحَسَبِ جَمِيعِ مَا أَنَا أُرِيكَ مِنْ مِثَالِ الْمَسْكَنِ، وَمِثَالِ جَمِيعِ آنِيَتِهِ هكَذَا تَصْنَعُونَ" (خر 25: 8، 9) بل أن الله هو الذي اختار بصلئيل وأهولياب للعمل وقال لموسى: "اُنْظُرْ. قَدْ دَعَوْتُ بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي... وَمَلأْتُهُ مِنْ رُوحِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ صَنْعَةٍ... وَهَا أَنا قَدْ جَعَلْتُ مَعَهُ أُهُولِيآبَ... حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ يَصْنَعُونَ" (خر 31: 2 - 11) فقد أعطى الله جميع تفصيلات الخيمة وكل ما فيها لموسى، وشغلت هذه مساحة واسعة من سفر الخروج شملت الإصحاحات 25-31، 35-40، وقال الكتاب: "وَبَصَلْئِيلُ بْنُ أُورِي بْنِ حُورَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا صَنَعَ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى. وَمَعَهُ أُهُولِيآبُ بْنُ أَخِيسَامَاكَ مِنْ سِبْطِ دَانَ" (خر 38: 22، 23).. " فَكَمُلَ كُلُّ عَمَلِ مَسْكَنِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. وَصَنَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ كُلِّ مَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. هكَذَا صَنَعُوا. فَنَظَرَ مُوسَى جَمِيعَ الْعَمَلِ، وَإِذَا هُمْ قَدْ صَنَعُوهُ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ. هكَذَا صَنَعُوا. فَبَارَكَهُمْ مُوسَى" (خر 39: 32، 43).
وأيضًا بالنسبة لهيكل سليمان فقد أعطى داود لسليمان تصميم البيت، وقد أعد له كثير من مواد البناء والذهب والفضة " وَأَعْطَى دَاوُدُ سُلَيْمَانَ ابْنَهُ مِثَالَ الرِّوَاقِ وَبُيُوتِهِ وَخَزَائِنِهِ وَعَلاَلِيِّهِ وَمَخَادِعِهِ الدَّاخِلِيَّةِ وَبَيْتِ الْغِطَاءِ، 12وَمِثَالَ كُلِّ مَا كَانَ عِنْدَهُ بِالرُّوحِ لِدِيَارِ بَيْتِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ الْمَخَادِعِ حَوَالَيْهِ، وَلِخَزَائِنِ بَيْتِ اللهِ وَخَزَائِنِ الأَقْدَاسِ... وَلِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ... وَبِالْوَزْنِ لِمَنَائِرِ الذَّهَبِ وَسُرُجِهَا... وَذَهَبًا بِالْوَزْنِ لِمَوَائِدِ خُبْزِ الْوُجُوهِ... وَلِمَذْبَحِ الْبَخُورِ ذَهَبًا مُصَفًّى بِالْوَزْنِ، وَذَهَبًا لِمِثَالِ مَرْكَبَةِ الْكَرُوبِيمِ الْبَاسِطَةِ أَجْنِحَتَهَا الْمُظَلِّلَةِ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ. قَدْ أَفْهَمَنِي الرَّبُّ كُلَّ ذلِكَ بِالْكِتَابَةِ بِيَدِهِ.." (1أي 28: 11 - 21).
فإن كان الكتاب قد أوضح كل هذا، فمن يجرؤ بعد هذا ويقول أن الهيكل أو بعض أجزاءه أو بعض محتوياته مستوحاة من الحضارات الفرعونية والآشورية والبابلية؟!!
3- يقول " هنري ل. روسييه": "ومن أول وهلة يبدو الهيكل مثيرًا للتعجب، إذ هو محدد جدًا (من جهة المساحة) هذه الحقيقة تصدم غير المؤمنين، فهناك فارق هائل بين أبعاد هيكل سليمان وأبعاد مقدسات هيكل المصريين، فليست العبرة بالحجم بل بالقداسة والترتيب الإلهي والبر والمجد. أنه التوافق والانسجام بين كل كمالات الله التي تصف البيت. أن أبعاد الهيكل هي بالضبط ضعف أبعاد الخيمة في الطول والعرض والارتفاع... أن المرء يلاحظ أن الهيكل الذي بُني لم يكن له نموذج إلاَّ واحد، ونحن نؤكد على هذه النقطة لأن الناس غالبًا لا يؤمنون بإعلان الله وهم يذهبون في اكتشافاتهم إلى أشياء بعيدة عن خيالهم ليتصوَّروا أن الهيكل الآشوري أو البابلي أو المصري أو الصوري هو النموذج الذي أُخذ عنه هيكل سليمان، ولكن هذا الهيكل له نموذج واحد خاص به. أفليس هذا هو المهندس المعماري الحقيقي للهيكل الذي يستحق كل التقدير الذي صمم وأعلن كل تفاصيله لداود كما سبق وأعلن تفاصيل الخيمة لموسى؟"(4).
_____
(1) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 415.
(2) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 76.
(3) تفسير سفر الملوك الأول ص 154.
(4) تأملات في سفر الملوك الأول ص 59، 60.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1256.html
تقصير الرابط:
tak.la/7z8c5jt
