يقول " الخوري بولس الفغالي":" (1مل 6: 11 - 14) هذه الآيات التي تعود إلى نبوءة ناثان (2صم 7: 13 - 16) زيدت فيما بعد، ولهذا لا نقرأها في النص اليوناني، زادها المؤرخ الاشتراعي ليستخلص من تاريخ شعبه تعليمًا أدبيًا وروحيًا"(1).
كما يقول " الخوري بولس الفغالي " أيضًا: "تساءل الشراح: هل ينسبون إلى ناثان كل نص النبوءة؟ الجواب هو كلاَّ. فهناك تعابير واهتمامات تتوافق مع عصور أخرى. أما النواة الأولى فتضمنت مواعيد الله لداود نفسه (أ 5، 11 ب، 16) حيث نجد وزنًا وإيقاعًا:
" أأنت تبني لي بيتًا؟
يعلن لك الرب أن الرب يقيم لك بيتًا
يكون بيتك وملكك ثابتين إلى الدهر
وعرشك يكون راسخًا إلى الأبد".
بعد هذا زيدت آ 12 - 15 التي تؤوّن كلمات يوناثان وتكيفها مع الوضع الجديد: فمع حكم سليمان، بدأت النبوءة تتحقق، وكان الهيكل قد بُني. وبعد كارثة سنة 587 التي أنهت حكم السلالة (رغم الوعد) زيدت آ 10 - 11 فعبَّرت عن أمل بإعادة بناء الوطن. وهكذا نرى أن نبوءة ناثان قرئت المرة بعد الأخرى وأوّنت على مرّ العصور. وكان تأثيرها بلا شك كبيرًا، لأنها ساعدت على الحفاظ على سلالة داود التي حكمت أورشليم لمدة 400 سنة"(2).
ج: 1- قال الكتاب: "وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى سُلَيْمَانَ قَائِلًا: هذَا الْبَيْتُ الَّذِي أَنْتَ بَانِيهِ، إِنْ سَلَكْتَ فِي فَرَائِضِي وَعَمِلْتَ أَحْكَامِي وَحَفِظْتَ كُلَّ وَصَايَايَ لِلسُّلُوكِ بِهَا، فَإِنِّي أُقِيمُ مَعَكَ كَلاَمِي الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَى دَاوُدَ أَبِيكَ، وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلاَ أَتْرُكُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. فَبَنَى سُلَيْمَانُ الْبَيْتَ وَأَكْمَلَهُ" (1مل 6: 11 - 14) فبعد أن وصف الكاتب بيت الرب وأبعاده وملحقاته (1مل 6: 1 - 10) ذكر وعد الله لسليمان (1مل 11: 14) ثم تكلم عن زينة البيت (1مل 6: 15 - 30) وأبواب البيت (1مل 6: 31 - 35) وبناء الدور الداخلية (1مل 6: 36) والمدة التي استغرقها البناء (1مل 6: 37، 38) فالتسلسل منطقي، وإن كان وعد الله لسليمان جاء كجملة اعتراضية أثناء التركيز على بيت الرب، لكنها في منتهى الأهمية والجمال، فالبيت مهم بمقدار أهمية الساكن فيه، فبينما كان سليمان منهمكًا بالأعمال الجارية في بناء الهيكل تكلم معه الله وأعطاه هذا الوعد الرائع أنه سيكون وسط شعبه ولن يتخلى عنهم بشرط أمانتهم تجاه وصاياه، فإن الله يهتم بإقامة هيكله داخل قلوب أحبائه أكثر من اهتمامه بالهيكل الحجري، وما قيمة هذا البناء الفخم إذا تركه الله، وهذا ما حدث عندما أصر اليهود على شرورهم فرفض الله شعبه، وقال لهم: "هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا " فلم يعد بيته الذي يحامي عنه.
2- هناك فارق زمني بين نبوءة ناثان (2صم 7: 13-16) التي أبلغ بها داود، وهي أن ابنه هو الذي سيبني بيتًا لله، فقال لداود عن سليمان: "هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ. أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ النَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ. وَلكِنَّ رَحْمَتِي لاَ تُنْزَعُ مِنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ الَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ" (2صم 7: 13 - 15) فهذه النبوءة جاءت في زمن مُلك داود، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما ما جاء في (1مل 6: 11 - 14) فهو يمثل كلام الله لسليمان نفسه سواء عن طريق ناثان أو نبي آخر أو عن رؤيا أو حلم، أو أن الله كلمه بصورة مباشرة... إذًا الرسالة التي حملها ناثان لداود عن سليمان (2صم 7: 13 - 15) غير الرسالة الإلهيَّة التي وصلت سليمان (1مل 6: 11 - 14) والرسالة الأولى تركز على وعد الله لسليمان، أما الرسالة الثانية فأنها تركز على وعد الله بالسكنى وسط شعبه.
3- إن كانت هذه الجزئية لم ترد في إحدى الترجمات اليونانية، فأنها وُجدت في الترجمات الأخرى المختلفة، مثل ترجمة الملك جيمس الإنكليزية، والترجمة اليسوعية والبيروتية وترجمة كتاب الحياة والترجمة العربية المشتركة... إلخ. ودائمًا نقول أن المُعَول الأساسي على الأصل العبري للتوراة، فإن كانت لم ترد في الترجمة السبعينية فإن الموضوع يحتاج إلى بحث لاستيضاح السبب الذي دعى لحذف هذه الجزئية، بالرغم من أنها تتوافق تمامًا مع روح الكتاب ككل.
_____
(1) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 415.
(2) تعرَّف إلى العهد القديم مع الآباء والأنبياء ص 135.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1255.html
تقصير الرابط:
tak.la/s6y6fch