يقول " ليوتاكسل": "ثم جاء دور أبياثار الكاهن، ولكن الملك لم يقتله لأنه كان يعرف المعتقدات الخرافية الشعبية ولم يشأ أن يسفك دم كاهن"(1).
ج: معنى اسم " أبياثار " أي " أبو الفضل " أو " أبو الوفرة " أو " الفاضل أبي"، وكان أبياثار من نسل فينحاس بن عالي الكاهن، وقد نجا من مذبحة الكهنة التي ارتكبها شاول عندما ذبح 85 كاهنًا واستباح مدينتهم نوب وضربها بحد السيف، وذلك ظنًا منه أن أخيمالك يعاون داود الهارب من وجهه، ولجأ أبياثار إلى داود الذي احتضنه قائلًا له: "أَقِمْ مَعِي. لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِي يَطْلُبُ نَفْسِي يَطْلُبُ نَفْسَكَ، وَلكِنّكَ عِنْدِي مَحْفُوظٌ" (1صم 22: 23) فكان معه إلى يوم موته، ولكن قبيل موت داود انضم أبياثار إلى أدونيا ويوآب في محاولة فاشلة للاستيلاء على العرش وتنصيب أدونيا ملكًا، وعندما كُشفت المؤامرة وباءت بالفشل الزريع، وتولى سليمان حكم البلاد، أحضر أبياثار وبكته وعزله عن خدمة الكهنوت وأبعده عن أورشليم وخدمة خيمة الاجتماع وأرسله إلى بلده " عناثوث " في أرض بنيامين شمال شرقي أورشليم بنحو أربعة أميال فقط، ويبدو أنه أبقى له درجته الكهنوتية ولكن لم يدعه يمارس الكهنوت " وَقَالَ الْمَلِكُ لأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ اذْهَبْ إِلَى عَنَاثُوثَ إِلَى حُقُولِكَ، لأَنَّكَ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ، وَلَسْتُ أَقْتُلُكَ فِي هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّكَ حَمَلْتَ تَابُوتَ سَيِّدِي الرَّبِّ أَمَامَ دَاوُدَ أَبِي، وَلأَنَّكَ تَذَلَّلْتَ بِكُلِّ مَا تَذَلَّلَ بِهِ أَبِي». وَطَرَدَ سُلَيْمَانُ أَبِيَاثَارَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَاهِنًا لِلرَّبِّ، لإِتْمَامِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى بَيْتِ عَالِي فِي شِيلُوهَ" (1مل 2: 26، 27).. لقد كان أبياثار مستحقًا الموت ولكن سليمان بحكمته عفى عنه إكرامًا لكهنوته، وإكرامًا لخدمته للرب، وإكرامًا لأمانته لداود، وإكرامًا لتذللـه مع داود سواء أثناء مطاردة شاول أو مطاردة أبشالوم، واكتفى بعزله من وظيفته ونفيه بعيدًا عن أورشليم.
2- وهب الله عبده سليمان الحكمة، فهو بعيد كل البعد عن الخرافات الشعبية، كما أن شعب الله كان بمنأى إلى حد بعيد عن هذه الخرافات التي انتشرت في بلاد الهند والإغريق وغيرهما. كما أن الناقد لم يذكر هذه الخرافات الشعبية التي تحرم سفك دم الكاهن.
3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "يبدو أن سليمان قد عرف بأن أبياثار الكاهن ويوآب وراء طلب أبيشج زوجة لأدونيا، وأنهما لا يزالان يخططان لحركة تمرد جديدة يقوم بها أدونيا... خاصة وأن الاثنين في مركزين خطيرين... إنهما يمارسان خيانة خطيرة متخفية... موقف سليمان الحكيم من أبياثار يكشف عن تحرره من كل رغبة للانتقام الشخصي ومن استخدام العنف. اشتراكه في مؤامرة أدونيا لاغتصاب العرش يستوجب الموت، لكنه اكتفى باستبعاده إلى عناثوث، حيث توجد حقوله، هكذا أعاده في خزي إلى قريته، ولم يحكم عليه بالموت من أجل كرامته كرئيس كهنة، ولأنه حمل تابوت العهد، واشترك مع والده في آلامه... ما فعله (سليمان) كان تحقيقًا لقول الرب عن بيت عالي الكاهن (1صم 2: 30 - 33) بهذا انتقلت رئاسة الكهنوت من بيت عالي إلى صادوق. كان صادوق من عائلة اليعازار، بهذا التغير عاد الكهنوت إلى قناته الأولى"(2).
4- يقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس " عن سليمان: "استنكر أن يقتله وقتئذ كما قتل أدونيا وكما كان مزمعًا أن يقتل يوآب، إكرامًا لكهنوته، وإكرامًا لتابوت عهد الرب الذي اشترك في حمله عندما كانوا يريدون أن ينقلوه إلى مدينة داود (2صم 6) بالإضافة إلى إخلاصه لأبيه واحتماله الضيق والمذلة معه عندما قام أبشالوم بفتنته لأن أبياثار قد تألم كثيرًا... أن كهنة العلي وخدامه يجب أن يكون لهم النصيب الأكبر من الإكرام، وحتى إن بدرت منهم بعض الأخطاء، على المؤمنين أن يتجاوزوا عنها إكرامًا للكهنوت المقدَّس والخدمة المباركة.."(3).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 371.
(2) تفسير سفر الملوك الأول ص 82.
(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 34.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1239.html
تقصير الرابط:
tak.la/c8knrg6