St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1228- هل يمكن إلقاء الضوء قليلًا على ملوك آشُّور خلال عصر الملوك؟

 

          تعتبر الحضارة الآشُّورية هي الحضارة الثالثة في الترتيب الزمني من حضارات ما بين النهرين، فالحضارة الأولى هي " الحضارة السومرية" (3500 - 1880 ق.م.) التي دُعيت في الكتاب المقدَّس بأرض شنعار، ثم " الحضارة البابلية الأولى" (1880 - 1595 ق.م.) ودُعي ملوكها باسم حمورابي، وإلى حمورابي الأول يرجع الفضل في تجميع القوانين التي كانت سائدة في مصر، ولذلك دُعيت بشريعة حمورابي، ثم جاءت " الحضارة الآشُّورية" (1595-612 ق.م.) و" آشُّور " هو اسم الإله القوي لسكان المنطقة الشمالية الشرقية من الهلال الخصيب، وأُطلق اسمه على عاصمة البلاد، ثم أُطلق على كل بلاد آشُّور، واتسعت أرجاء هذه الإمبراطورية من بابل حتى جبال كردستان، وصارت عاصمتها مدينة " نينوى " على الشط الغربي لنهر دجلة، حيث ازدهرت الزراعة، ولاسيما أشجار الفاكهة، كما انتشرت الغابات وكانت تعيش فيها بعض الأسود والثيران البرية والحُمر الوحشية والماعز والغزلان. وقد أتصف الجنود الآشُّوريون بالقسوة البالغة، فلا تسامح ولا رحمة في قاموس آشُّور، وراجت التجارة في الإمبراطورية الآشُّورية، واعتمدت الدولة على قانون حمورابي (أمرافل) في المعاملات، وبرع الآشُّوريون في نقل الكتل الحجرية الضخمة باستخدام الكتل الخشبية الأسطوانية، والأدوات الزاحفة.

          كان مركز الحضارة السومرية هو "المعبد" حيث كان يعمل فيه أكثر من ألف شخص في الزراعة والحصاد وتجهيز الخبز والطعام، وفي المعبد يقيمون الاحتفالات، وبالمعبد الخزائن التي تُحفظ فيها الأمانات... إلخ. وكان الكاهن هو الذي له السلطة حتى أن الملك يخضع له، فمثلت الحضارة السومرية الحكم الثيؤقراطي (الإلهي). أما في الحضارة الآشُّورية فصار الملك هو الذي يمثل السلطة العليا التي يخضع لها الكاهن، وصار "القصر الملكي" هو الذي يسيطر على مجريات الأمور، وضم الجيش الآشُّوري المشاة، والفرسان، ورماة السهام والرماح، والذين يرمون بالمقلاع، وقادة المركبات الحربية.

St-Takla.org Image: Assyrian coin - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892. صورة في موقع الأنبا تكلا: عملة أشورية - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

St-Takla.org Image: Assyrian coin - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892.

صورة في موقع الأنبا تكلا: عملة أشورية - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

          وكان العصر الذهبي للإمبراطورية الآشُّورية هو عصر " تغلث فلاسر الأول" (1114 - 1076 ق.م.) الذي فرض سطوته على الشعوب المحيطة جميعها ثم تعرضت هذه الإمبراطورية للضعف في الوقت الذي ازدهرت فيه مملكة إسرائيل تحت حكم داود وسليمان، ثم تجدد شباب الإمبراطورية الآشُّورية في عهد " آشُّور ناسيربال الثاني" (883 - 859 ق.م.) الذي زحف بجيوشه غربًا وأخضع الشعوب له. أما عن ملوك آشُّور الذين عاصروا مملكة إسرائيل بعد الانقسام وحتى انهيار الإمبراطورية الآشُّورية، فهم:

شلمناصر الثالث - شمس هدد الخامس - هدد نيراري الثالث - شلمناصر الرابع - آشُّور دان الثالث - هدد آشُّور نيراري - تغلث فلاسر الثالث - شلمناصر الخامس - سرجون الثاني - سنحاريب - أسرحدون - آشور بانيبال - آشور أتيل أياني - سنشوم ليشير - سنشار أشكوم

 

 

1- شلمناصر الثالث (859 - 824 ق.م.): وفي عهده نشبت معركة " كركور " سنة 853 ق.م. على نهر أورينتز بينه وبين اثني عشر ملكًا بينهم بنهدد ملك آرام وأخآب ملك إسرائيل، وجاء في سجلات شلمناصر الثالث أنه قام بعشرين حملة عبر خلالها نهر الفرات، وأشار لمعركة " كركور " التي قدم فيها أخآب ألفي مركبة، وعشرة آلاف جندي، وقدم بنهدد 1200 مركبة، و1200 فارس، و200 ألف جندي، ويقول شلمناصر عن هذه المعركة: "لقد حاربتهم جميعًا بمعونة قوات آشُّور الجبابرة التي أعطانيها سيدي آشُّور، وبالأسلحة القوية التي قدمها قائد جيشي، وقد استطعت أن أنتصر عليهم بين مدينتي " قرقرة " و" جلزاد " وذبحت منهم 14 ألف جندي بحد السيف، ونزلت عليهم كسيول الإله " أدادْ " حينما يزأر في العاصفة المطيرة، وبعثرت جثثهم في كل مكان " وغمرت الوادي بفلول جيشهم، وفي خلال المعركة جعلت بحار دمائهم تسيل في المكان"(1). ورغم أن شلمناصر ادعى النصرة في هذه الحرب، لكن على ما يبدو أن المعركة انتهت بالتعادل، بدليل أن شلمناصر لم يعد للمنطقة إلاَّ بعد نحو خمس سنوات. وخلال الفترة من 848 - 845 ق.م. صد " بنهدد " ملك ارآم العديد من الغزوات الآشُّورية، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "شلمناصر الثالث (859 - 824 ق.م.) وهو ابن آشُّور ناصربال الثاني، وكان محاربًا عظيمًا، ويعتبر أحد مؤسسي الإمبراطورية الآشُّورية الجديدة، وأول ملك آشُّوري يتصل بإسرائيل، فقد وصلت حملاته العسكرية إلى بلاد أراراط شمالًا، وإلى ولاية بابل جنوبًا، كما تعمق غربًا في بلاد سورية وكيليكية. وفي خلال السنوات الثلاث الأولى من حكمه، حارب الأراميين... فاستولى شلمناصر على حلب وحماة، وواصل تقدمه حتى " قرقر " على نهر العاصي في قلب سورية، حيث حدثت موقعة حامية الوطيس بينه وبين القوات المتحالفة، وقد اعترض حلف مكوَّن من اثنتي عشرة أمة، من كيليكية في الشمال إلى العمونيين في الجنوب، الآشُّوريين بجيش يتكون من أكثر من ستين ألفًا من المشاة، ونحو أربعة آلاف مركبة حربية، وكان بين الحلفاء أخآب ملك إسرائيل الذي أمد جيش الحلفاء بعشرة آلاف مقاتل وألفي مركبة حربية، أي حوالي نصف مركبات جيش الحلفاء.

ويذكر شلمناصر -كعادة ملوك آشُّور بعد المعارك- أنه حاز نصرًا باهرًا، ولكن يبدو أن ثمة شك يشوب مصداقيته، لأنه رجع بجيشه إلى وطنه بعد المعركة مباشرة، ولم يقم بالزحف على سورية مرة أخرى إلاَّ بعد ذلك بخمس سنوات في 848 ق.م. وعندما حدث ذلك، استطاعت جيوش الحلف السوري أن توقف الزحف الآشُّوري هذه المرة في " أشتاموكا " بالقرب من حماة، وبعد ذلك بثلاث سنوات أخرى، زحف شلمناصر مرة أخرى إلى الغرب بجيش عرمرم يزيد عن مائة وعشرين ألف جندي، ولكنه لم يستطع أن يحرز النصر المنشود.

ولكن يبدو أنه بعد موت بنهدد، تبدد الحلف السوري، فعندما زحف شلمناصر في 841 ق.م. قدم له عدد من الملوك السوريين الجزية والولاء، وكان من بينهم "ياهو" ملك إسرائيل (1مل 19: 16، 2 مل 9: 2 - 10: 31)"(2).

وفي سنة 841 ق.م. قدم " ياهو " الجزية لشمناصر الثالث، وترك "حزائيل" ملك آرام يواجه العدوان الآشُّوري بمفرده.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2-  شمس هدد الخامس (823 - 810 ق.م.): وقد ركز اهتمامه في إخماد الفتن والتمرد في أنحاء الإمبراطورية الآشُّورية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- هدد نيراري الثالث (809 - 783 ق.م.): وجاء في الآثار أنه هاجم دمشق، واحتل القصر الملكي، فخرَّ أمامه ملك دمشق، ويقول " د. جون ألدر": "جاء في آثار " أداد نيراري الثالث " ملك آشُّور: "زحفت على " سمير سوس " وحاصرت " ماري " ملك دمشق، مدينته عاصمة ملكه، وقد بهره سيدي " آشُّور " الرهيب، فسقط على وجهه، وأمسك بقدمي كعبد ذليل، فاحتللت قصره في دمشق، وتقبلت منه 2300 وزنة من الفضة تعادل 20 وزنة من الذهب، و5 آلاف وزنة من الحديد، وثياب من الكتان، بحواشي ذات ألوان متعددة، وسرير مطعَّم بالعاج، وأشياء كثيرة"(3).

ويقول " المطران يوسف الدبس " أن بنيرار غزا أرآم وأرض فلسطين ونقش على جدار بلاطه: "بلاط بنيرار الملك العظيم الملك القدير ملك الشعوب ملك أرض آشُّور، الملك الذي اتخذه آشُّور ملك الآلهة السبعة ابنًا له... ومن جهة الفرات الأخرى أُخضعت أرض الحثي (الحثيين) وأرض أهادي (أو أحاري أي شواطئ البحر المتوسط) على اتساعها صور وصيدا، وأرض عمري (أي مملكة إسرائيل) وبلاد الفلسطينيين حتى البحر الكبير في مغرب الشمس (البحر المتوسط) وافترضت عليهم جزية، وغشيتُ أيضًا أرض إيميروسر (سوريا دمشق) لمحاربة ريحا ملك أرض إيميروسو وحصرته في دمشق عاصمة مُلكه، ودوَّخَتهُ مهابة عظمة آشُّور سيدي فترامى على قدميَّ وجاهر بتذلله وخضوعه، فأخذت منه 2300 وزنة فضة.."(4).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4- شلمناصر الرابع (783 - 772 ق.م.): وهو ابن " هدد نيراري الثالث " وقد دافع عن آشُّور، وخاض حروب دفاعية ضد " أرجيستيس " ملك أراراط، وفقد بعض الأراضي الآشُّورية، ولم يقم بأي توسعات خارجية، ومع ذلك فأنه حافظ على آشُّور كحضارة، ويعتبر شلمناصر الرابع أول ثلاثة ملوك ضعفاء تولوا الحكم الآشُّوري قبل تغلث فلاسر الثالث.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

5-  آشُّور دان الثالث (771 - 754 ق.م.): وفعل ما فعله سلفه إذ أحتفظ بقوة الأمة ولم يقم بأي توسعات جديدة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

6-  هدد آشُّور نيراري (753 - 746 ق.م.): وسلك نفس مسلك سلفه.

St-Takla.org Image: The recognition of Esarhaddon as King in Nineveh, by A. C. Weatherstone - from the book: Hutchinson's Story of the Nations, 1930. صورة في موقع الأنبا تكلا: تتويج آسرحدون ملكا في نينوى، رسم أ. س. ويذيرستون - من كتاب قصة الأمم لهاتشينسون، 1930 م.

St-Takla.org Image: The recognition of Esarhaddon as King in Nineveh, by A. C. Weatherstone - from the book: Hutchinson's Story of the Nations, 1930.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تتويج آسرحدون ملكا في نينوى، رسم أ. س. ويذيرستون - من كتاب قصة الأمم لهاتشينسون، 1930 م.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

7- تغلث فلاسر الثالث (746 - 727): كان مقاتلًا مغوارًا، فتوجه نحو التوسعات الخارجية، وجاء في الآثار الآشُّورية قوله: "أنا هو الملك الذي هزمتُ أعدائي من مشرق الشمس إلى مغربها، ودوَّختُ البلاد، ودانت لي القبائل، وحكمتُ في رجال الجبال والسهول، وخلعتُ الملوك، وأقمتُ نوابي مكانهم"(5) ودُعي تغلث فلاسر الثالث ملكًا لآشُّور وأيضًا ملك لبابل، فجاء في آثاره: "بلاط تجلث فلاصر الملك العظيم، الملك القدير، ملك القبائل، ملك آشُّور ملك بابل ملك سومير"(6) وهو الذي سبى سبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى القائمين شرق الأردن " فَنَبَّهَ إِلهُ إِسْرَائِيلَ رُوحَ فُولَ مَلِكِ أَشُّورَ وَرُوحَ تَغْلَث فَلْنَاسَرَ مَلِكِ أَشُّورَ، فَسَبَاهُمُ، الرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَالْجَادِيِّينَ وَنِصْفَ سِبْطِ مَنَسَّى، وَأَتَى بِهِمْ إِلَى حَلَحَ وَخَابُورَ وَهَارَا وَنَهْرِ جُوزَانَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ." (1 أي 5: 26) وقدم منحيم ملك إسرائيل رشوة ألف وزنة من الفضة: "فَجَاءَ فُولُ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى الأَرْضِ، فَأَعْطَى مَنَحِيمُ لِفُولَ أَلْفَ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ لِتَكُونَ يَدَاهُ مَعَهُ لِيُثَبِّتَ الْمَمْلَكَةَ فِي يَدِهِ." (2مل 15: 19) وجاء في الآثار الآشُّورية عن فول: "وأخذتُ الجزية من كستاسب ملك كوماجان (سورية المجوفة حيث بعلبك وبقاع العزيز) ومن رصين ملك دمشق، ومنحيم ملك السامرة، وحيرام ملك صور، وسيبتي ملك جبيل... وأنبال ملك حماة"(7). وقد أوضحت آثار فول أنه غزا سورية عدة غزوات أولها سنة 743 ق.م. فخرج إليه ملوك سورية وحيرام ملك صور ورصين ملك دمشق، وكتساسب ملك سورية المجوفة ومنحيم ملك إسرائيل بعجلات وجمال تحمل تقدماتهم من ذهب وفضى ونحاس وحديد ورصاص... إلخ.

وجاء في " الكتاب المقدَّس الدراسي": "حملات تغلث فلاسر الثالث (738 - 732 ق.م.): برهن الملك تغلث فلاسر ملك آشور (745 - 727 ق.م.) على بأسه كقائد عسكري للحملات إذ فرض في البداية الجزية على مناحيم ثم أضاف إليها حماة وفلسطين والجليل وجلعاد ودمشق آرام (838 - 732 ق.م.) في أثناء حكم الملك فقح. كانت المنطقتان الوحيدتان اللتان لم تطلهما المذبحة الشرسة للأسباط الشمالية هي وسط مملكة إسرائيل وعاصمة السامرة. كانت مملكة إسرائيل آنذاك أمة صغيرة دمرتها الانقسامات بين مؤيدين ومعارضين للآشوريين، والاغتيالات المتعددة، والنفاق، والكبرياء، والخوف"(8).

وهل " فول " ملك آشُّور شخص آخر غير " تغلث فلاسر الثالث " ملك آشُّور..؟ كلاَّ فالاثنان اسمان لشخص واحد، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "فول:  اسم آشُّوري بمعنى " قوي " وهو اسم:

(1) - فول ملك آشُّور، وهو نفسه تغلث فلاسر الثالث، ولعل " فول " كان اسمه الأصلي قبل أن يملك (747-727 ق.م.) وقد جاء على أرض إسرائيل في أيام منحيم ملك إسرائيل، فأعطى منحيم لفول ألف وزنة من الفضة... (2مل 15: 19 أنظر أيضًا 1أي 5: 26) وذُكر أيضًا باسم تغلث فلاسر (2مل 15: 29)"(9).

وقسم تغلث فلاسر المنطقة إلى مقاطعات، واتبع سياسة إجلاء السكان الأصليين ووضع سكان آخرين في نفس المقاطعة، مما أوقع الرعب في قلوب الشعوب، وهذه السياسة ساعدته على كبح جماح الثورات، فقد ظن رصين ملك آرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل أن تغلث فلاسر مشغول بفتوحاته، فتحالفا معًا، وهاجما آحاز ملك يهوذا لأنه رفض الانضمام إليهما... فماذا حدث..؟ " جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادَشَ وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي، وَسَبَاهُمْ إِلَى أَشُّورَ." (2مل 15: 29)، وفي سنة 732 ق.م. حاصر دمشق آرام وسبى أهلها، أما ياهو ملك يهوذا فكان خاضعًا له.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

8- شلمناصر الخامس (727 - 722 ق.م.): أتبع سياسة أبيه تغلث فلاسر الثالث وفي عهده حاول فراعنة مصر في الأسرة الخامسة والعشرين تحريض هوشع ملك إسرائيل لكسر نير ملك آشُّور، فتوقف هوشع عن دفع الجزية، فأقبل شلمناصر الخامس نحو سنة 724 ق.م. على إسرائيل واحتل أراضيها وحاصر عاصمتها السامرة العاصمة الحصينة التي صمدت أمامه لمدة ثلاث سنوات، غير أنها عانت من الحصار المرير، وعجزت مصر عن حمايتها فسقطت نحو سنة 722 ق.م. وسبى 27290 نفسًا من سكان السامرة أي آشُّور " وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَصَعِدَ إِلَى السَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا ثَلاَثَ سِنِينَ. فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِهُوشَعَ أَخَذَ مَلِكُ أَشُّورَ السَّامِرَةَ، وَسَبَى إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ وَأَسْكَنَهُمْ فِي حَلَحَ وَخَابُورَ نَهْرِ جُوزَانَ وَفِي مُدُنِ مَادِي." (2مل 17: 5، 6).

وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "حملة شلمناصر (725-722 ق.م.): تآمر هوشع آخر ملوك إسرائيل مع مصر ومنع الجزية السنوية عن الأشوريين. وكان الحصار الطويل الذي استمر ثلاثة أعوام وبدأه شلمناصر وختمه سرجون الثاني إيذانًا بانتهاء مملكة إسرائيل بين عامي 722 - 721 ق.م. وفي ذلك الوقت ووفقًا لسجلات الآشوريين: "أنا (سرجون) حاصرت السامرة وهزمتها وسُقت 27290 أسيرًا من ساكنيها... وعينت عليهم (على المتبقين منهم) حاكمًا من رجالي وفرضت عليهم الجزية التي كانت على الملك السابق"(10).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

9- سرجون الثاني (722 - 705 ق.م.): هو ابن تغلث فلاسر الثالث وخليفة أخيه شلمناصر الخامس، وقد قضى على الثورات التي نشبت في أنحاء الإمبراطورية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وفي سنة 720 ق.م. هزم الجيش المصري، ولأن مملكة يهوذا لم تشارك في هذه الثورات لذلك ظلت في مأمن من تأديبات سرجون، وفي سنة 1710 م. كان سرجون قد حقق انتصاراته في كل مكان، فخضعت له سوريا وفلسطين ومعظم سلسلة جبال زاحروس، وقضى سنواته الأخيرة في سلام نسبي وانتهت حياته بالموت في ساحة القتال.

ورغم أن مدينتي " آشُّور " و" نينوى " كانتا عاصمتان للإمبراطورية، إلاَّ أن سرجون الثاني بنى مدينة " خورزاياد " التي نالت شهرة كبيرة، وفي سنة 1843م شرع " بول إميل بوتاه " Poul - Emile Botta القنصل الفرنسي في الموصل في التنقيب، فاكتشف في " خورزاباد " على بُعد 12 ميل شمال شرقي الموصل على الضفة الغربية لنهر دجلة مقابل أطلال نينوى قصر سرجون الثاني الذي يقع على مساحة 25 فدان ويحتفظ إلى حد ما بكيانه، ويحتوي على أكثر من مائتي حجرة وثلاثين فناء، والجدران مزينة بالنقوش الجميلة، ثم تتابعت الاكتشافات الأثرية، التي فتحت طريقًا متسعة للكشف عن تاريخ سرجون الثاني(11).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

10- سنحاريب (705 - 681 ق.م.): تولى عرش الإمبراطورية الأشورية عقب مقتل أبيه سرجون الثاني، ولم يتمتع بمهارات عسكرية وإدارية مثلما كان أبوه، واتخذ " نينوى " عاصمة له، فشيَّد حولها سورًا قويًا، وأخضع صيدا ويافا وستة وأربعين مدينة من مدن يهوذا له، وفي سنة 689 ق.م. دمر مدينة " بابل " بالكامل، وفي سنة 681 ق.م. حاصر أورشليم مستهزءًا بإلهها، فوقع تحت العقاب الإلهي " وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ. 36فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ." (2مل 19: 35 - 37) وروى يوسيفوس في كتابه " تاريخ اليهود" (في ك 10 فصل 2) فقرة من كلام باروز الذي كتب تاريخ الكلدان قال فيها " أن سنحاريب وجد بعد عودته من مصر أن عسكره باد منه 185 ألفًا بوباء أنزله الله بهم في الليلة الأولى بعد أخذهم في حصار أورشليم بقيادة ربشاقا فتولاه الرعب من أن يباد باقي جيشه فعاد مسرعًا إلى نينوى عاصمة مُلكه، وبعد مدة قتله ابناه أدرمَّلك وسلمنار في هيكل آراك إلهه، فساء الشعب عملهما، وطردوهما فهربا إلى أرمنيا وخلفه ابنه الأصغر أسرحدون"(12)(13).

وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "حملة سنحاريب على مملكة يهوذا (701 ق.م.): في العام الرابع عشر من حكم حزقيا هاجم الآشوريون أخيرًا مملكة يهوذا. يصف منشور سنحاريب حزقيا بأنه " متغطرس ومتكبر " الأمر الذي يعد إشارة إلى أنه كان جزءًا من التمرد الذي اجتاح فلسطين ومصر ضد آشور. انتصرت آشور في المعركة التي دارت في سهل التقيه، وهربت المركبات المصرية والكوشية. وحوصرت لخيش وسقطت في أيدي الآشوريين. تقول سجلات الملك سنحاريب: "وأما عن حزقيا اليهودي، فأنه لم يرتض أن يخضع لي، لهذا حاصرت 46 مدينة قوية من مدنه بما فيها من قلاع محصنة وقرى لا تُعد ولا تُحصى من حولها فهزمتها جميعها مستخدمًا في ذلك المنحدرات الأرضية الجيدة التمهيد وكباش الحرب التي قربت من الأسوار بالإضافة إلى هجوم المشاة الذين يستخدمون كرات اللهب، والشقوق والخنادق. أخرجت 200150 بين شباب ومسنين وذكور وأناث وجياد وبغال وحمير وأبل وماشية صغيرة لا حصر لها واعتبرتها غنيمة لي. أما هو فقد جعلته سجينًا في أورشليم فصار في عاصمة ملكه مثل طائر حبيس في قفص " غير أن الملك المتفاخر لا يذكر في أي موضع آخر الكارثة المشار إليها في 2 مل 19: 35 - 36، 2 أي 32: 21، أش 37: 36 - 37)"(14).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Assyrian masses: ancient Assyrian weights for scales - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892. صورة في موقع الأنبا تكلا: أشكال كتل ثقيلة للموازين في أشور - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

St-Takla.org Image: Assyrian masses: ancient Assyrian weights for scales - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أشكال كتل ثقيلة للموازين في أشور - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

11- أسرحدون (681 - 669 ق.م.): وهو ابن سنحاريب وقد تولى عرش الإمبراطورية بعد مقتل أبيه، وكان يتمتع بمهارات عسكرية وإدارية، ولكنه كان عنيفًا للغاية، وفي سنة 671 ق.م. غزا مصر واحتل منف وسلب كل كنوزها، وأعاد بناء وترميم مدينة بابل إكرامًا لزوجته البابلية، وجعلها العاصمة الثانية لمملكته، ومات وهو يحاصر طيبة عاصمة مصر لإخماد العصيان الثاني الذي أثاره المصريون عليه، وجاء في النصوص الأشورية قوله: "أنا أسرحدون فاتح صيدون التي عند البحر. لقد سويت بالتراب أبنيتها المشيَّدة ورميت بأنقاض سورها وأساساتها في البحر، ومحوت المكان الذي قامت عليه. أما ملكها " عبدي ملكوتي " فقد أمسكتُ به كالسمكة عندما هرب إلى عرض البحر أمام هجومي وقطعت رأسه. ثم حملتُ معي الكثير من ممتلكاته المكدسة: ذهبًا وفضة وعاجًا وأبانوسًا وجلود فيلة... وسقتُ حشودًا من شعبه أمامي إلى نينوى، وسقتُ المواشي كبيرها وصغيرها والحمير. ثم دعوتُ كل ملوك " حاتي " وبلاد شاطئ البحر، وجعلتهم على أعمال السخرة من أجل بناء مقر جديد لي (مدينة) أسميتها " كاراسرحدون " أحللتُ بها سكانًا من المناطق الجبلية ومن شاطئ البحر"(15)(16).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

12- آشور بانيبال (669 - 627 ق.م.): وهو ابن أسرحدون، وقد شارك أبوه في الحكم، وتميز بمحبته العجيبة للعلم والعلماء مثل محبته للحروب ولقواده العسكريين، وعندما كان أبوه يحاصر طيبة عاصمة مصر أسرع لنجدته، وأكمل الحصار على طيبة، حتى هرب " ترهاكا " Tirhakah الذي قاد حركة التمرد إلى جنوب مصر، وكان من أصل أثيوبي، فأسر أشور بانيبال أمراء مصر وسباهم إلى نينوى، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "وتمت الإمبراطورية بسلام بعض الوقت. ثم تمردت مصر مرة أخرى بزعامة " تاندامان " خليفة ترهاقة. وفي هذه المرة كان عقاب الأشوريين لها مروعًا، فدمروا طيبة أو " نوأمون" (نا 3: 8) وحملت غنائمها إلى نينوى، كما نُقلت سلتان إلى نينوى تذكارًا لهذا النصر"(17).

وأنشأ آشور بانيبال في نينوى مكتبة العصر، فاهتم بجمع الكتب من كل حدب وصوب، وبعث النُساخ إلى سوريا وبابل لكي ينسخوا الكتب الهامة، وجعل العلماء يضعون أصول النحو للغاتهم، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "فقد استخدم آشور بانيبال عملاء لنهب مكتبات بابل وإرسال محتوياتها إلى نينوى، حيث امتلأت مكتبته بالكتبة الذين اشتغلوا بنسخ النصوص القديمة وتنقيحها، وكثيرًا ما كانت تُضاف إليها تعليقات وحواشٍ، وتوضع القواعد اللغوية، ومعاني المفردات بين السطور لتمكين الطالب من فهم اللغة السومرية المندثرة... وكان الطَفْل (الصلصال) هو مادة الكتابة، فكانت ترسم عليها الحروف المسمارية Cuneiform بالمرقم (بالأزميل) وهي مازالت رطبة، ثم تجفف الألواح في الشمس، وفي الفرن (في آشور) وتنوعت محتويات مكتبة نينوى من دين وأساطير وقانون وتاريخ وجغرافيا وعلم الحيوان وفلسفة اللغات، والرياضيات، والفلك، والتنجيم، واستطلاع الفأل. كل هذه كانت في تلك المكتبة، بالإضافة إلى الشعر والقصص الأسطورية"(18). آشور بانيب.

وكان حاكم بابل "ساماس - سوم يوكين" أخو آشور بانيبال، ونشب بينهم خلاف تطوَّر إلى قتال، أسفر عن حرب أهلية سنة 652 ق.م.، وفي سنة 648 ق.م. استولى آشور بانيبال على بابل، فما كان من أخيه إلاَّ أنه أحرق نفسه في وسط خرائب قصره، وكانت الإمبراطورية الأشورية قد أنهكت من كثرة الحروب، وقُتل عدد كبير من شبابها وصارت خزائنها خاوية، وبموت آشور بانيبال بدأ اضمحلال الإمبراطورية الأشورية، وشيئًا فشيئًا بدأ بزوغ نجم الإمبراطورية البابلية الثانية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

13-  آشور أتيل أياني (626 -  0000  ق.م.).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

14-  سنشوم ليشير (0000 - 0000 ق.م.).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

15-  سنشار أشكوم (619 - 612 ق.م.).

وفي سنة 612 ق.م. سقطت مدينة نينوى بيد نبوفلاسر ملك بابل، وبعد معركتي حاران سنة 609 ق.م.، وكركميش سنة 605 ق.م. خمدت أنفاس الإمبراطورية الأشورية، وبدأ عصر الإمبراطورية البابلية الثانية(19).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1)  د. جون ألدر - ترجمة د. عزت زكي - الأحجار تتكلَّم ص 108، 109.

(2) دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 545، 546.

(3) المرجع السابق ص 110.

(4) تاريخ الشعوب المشرقية جـ 2 ص 386.

(5) المرجع السابق ص 396.

(6) المرجع السابق ص 396.

(7) تاريخ الشعوب المشرقية جـ 2 ص 391، 392.

(8) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 910.

(9) دائرة المعارف الكتابية جـ6 ص 120.

(10) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 900.

(11) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 369 - 372.

(12) راجع أيضًا المطران يوسف الدبس - تاريخ الشعوب المشرقية ص 424.

(13) الأسقف إيسيذورس - المطالب النظرية في المواضيع الإلهيَّة ص 519.

(14) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 900.

(15) Lea Oppenhein, Op. Cit. P 290.

(16) فراس السواح - الحدث التوراتي والشرق الأدنى القديم ص 117.

(17) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 339.

(18) المرجع السابق ص 336.

(19) راجع الخوري بولس الفغالي - التاريح الاشتراعي ص 374، 375، ودكتور صموئيل شولتز - العهد القديم يتكلم ص 224 - 228، والكتاب المقدَّس الدراسي ص 869.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1228.html

تقصير الرابط:
tak.la/wf599z5