يقول " زينون كوسيدوفسكي": "كان اثنان من المشنوقين ولدين لرصفة، عشيقة شاول، ولما أُلقي بجسديهما في البرية، قعدت والدتهما ليل نهار قربهما تطرد عنهما الطير والوحش، وظلت مقيمة هناك من نيسان شهر الحصاد وحتى تشرين الأول شهر المطر... وبقيت رصفة وحدها قرب جسدي ولديها المقتولين. ذاع صيتها في كل إسرائيل وخشى داود غضب الناس المتصاعد، فأمر بدفن المشنوقين، وتذكَّر بهذه المناسبة أن رفات شاول وأولاده مازالت في يابيش الجلعادية، فقام لكسب ود الشماليين بنقل الرفات إلى مدافن العائلة، وأقام مراسيم الدفن المهيبة"(1).
ج: 1- الذي صلب أبناء شاول السبعة ليس داود بل الجبعونيين، فكان يجب عليهم دفن جثثهم، وغالبًا لم يُبلغ أحد داود بأن أجساد المصلوبين مازالت مُعلَّقة، ولاسيما أن داود يعرف الشريعة جدًا ويحرص عليها، فالشريعة تأمر بدفن المصلوب في يوم دفنه " وإذا كان على إنسان خطية حقُّها الموت فقُتل وعلقته على خشبة. فلا تبت جثَّته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم. لأن المُعلَّق ملعون من الله. فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا" (تث 21: 22، 23).
2- صلب الجبعونيين السبعة رجال من نسل شاول وتركوا أجسادهم، ولم يجرؤ أحد على دفنهم، فأخذت رصفة سرية شاول مسحًا وفرشته على الصخر لعدة أشهر وهي تحرس هذه الجثث من طيور السماء وحيوانات الحقل " فأُخبر داود بما فعلت رصفة... فذهب داود وأخذ عظام شاول وعظام يوناثان ابنه من أهل يابيش جلعاد. وجمعوا عظام المصلوبين" (2صم 21: 11-13) ودفنوا جميع هذه العظام في صيلع في قبر قيس أبي شاول، وما فعله داود هذا كان نابعًا من ذاته وليس خوفًا ولا مجاملة لأسباط الشمال وكسب ودهم، لأنه كان قد أستقر في المُلك ولا يوجد من ينافسه على عرش إسرائيل، وقد نجح في كل حروبه، وقد اتسعت أرجاء المملكة على يديه، وأخضع كل أعدائه، ولاسيما، هذه الحادثة قد حدثت قبل خطيته مع زوجة أوريا الحثي وقبل حلول العقوبات به وببيته، فعندما ترك داود أورشليم من وجه أبنه أبشالوم وخرج شمعي من جيرا البنياميني يسبَّه ويقول له " أخرج يا رجل الدماء " غالبًا كان يشير لأولاد شاول الذين صُلبوا.
3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "سلَّم داود الملك سبعة رجال من بني شاول للجبعونيين لصلبهم لا كذبائح بل لتحقيق العدالة... جاءت رصفة سرية شاول إلى ذلك الموضع وجلست على المسوح على الصخر، غالبًا ما نصبت خيمة مع خدمها هناك، وكانت تحرس الأجساد المصلوبة حتى لا تدع طيور السماء تنزل عليها ولا حيوانات الحقل تقترب إليها. بقيت هكذا من بدء حصاد الشعير أي شهر أبريل / مايو لتقضي الصيف كله ويحل موعد المطر في الخريف... تأثر داود الملك جدًا بما فعلته هذه الأم العجوز، ولكي يظهر أنه لا يحمل حقدًا أو كراهية ضد بيت شاول أخذ عظام شاول ويوناثان التي دُفنت خفية تحت شجرة (1صم 31: 12، 13) في يابيش جلعاد حتى لا يُنكل بها الأعداء، وقام بدفنها في قبر قيس في أرض بنيامين في صيلع"(2).
_____
(1) الأسطورة والتراث في القصص التوراتية ص 261.
(2) تفسير صموئيل الثاني ص 142.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1215.html
تقصير الرابط:
tak.la/gab7hgs
