ج: 1- جاء في سفر صموئيل تسلسل الأحداث كالتالي:
أ - الحرب مع الفلسطينيين: "وضرب الفلسطينيين من جبع إلى مدخل جازر" (2صم 5: 25).
ب - إصعاد التابوت في المرة الأولى: "وأقام داود وذهب هو وجميع الشعب الذي معه من بعلة يهوذا ليُصعدوا من هناك تابوت الله. فاركبوا تابوت الله على عجلة جديدة وحملوه من بيت أبيناداب" (2صم 6: 2، 3).
جـ- إصعاد التابوت في المرة الثانية: "فذهب داود وأصعد تابوت الله من بيت عوبيد أدوم إلى مدينة داود بفرح" (1صم 6: 12).
وجاء تسلسل الأحداث في سفر أخبار الأيام كالتالي:
أ - إصعاد التابوت في المرة الأول: "وصعد داود وكل إسرائيل إلى بعلة إلى قرية يعاريم التي ليهوذا ليصعدوا من هناك تابوت الله... وأركبوا تابوت الله على عجلة جديدة من بيت أبيناداب" (1أي 13: 6، 7).
ب - الحرب مع الفلسطينيين خلال جولتين (1أي 14: 8 - 16).
ج - إصعاد التابوت في المرة الثانية: "وكان داود وشيوخ إسرائيل ورؤساء الألوف هم الذين ذهبوا لإصعاد تابوت عهد الرب... ولما دخل تابوت عهد الرب مدينة داود" (1أي 15: 25، 29).
لقد كانت خطة داود أن يصعد تابوت العهد مرة واحدة من قرية يعاريم التي أستقر فيها التابوت عشرون عامًا إلى أورشليم مباشرة، ولكن بسبب حادثة موت عُزَّة خاف داود ومال بالتابوت إلى بيت عوبيد أدوم الجتي، فمكث في بيته ثلاثة أشهر وباركه الرب، فأسرع داود وحمل التابوت إلى أورشليم، ووضعه في الخيمة الجديدة التي نصبها له داود، وظل الشعب يمارس عبادته سواء في أورشليم حيث تابوت العهد أو في جبعون حيث خيمة الاجتماع التي صنعها موسى ومذبح المحرقة، فقال الكتاب: "فذهب سليمان وكل الجماعة معه إلى المرتفعة التي في جبعون لأنه هناك كانت خيمة الاجتماع خيمة الله التي عملها موسى عبد الرب في البرية. وأما تابوت الله فأصعده داود من قرية يعاريم عندما هيَّأ له داود لأنه نصب له خيمة في أورشليم" (2أي 1: 2، 3).
2- لماذا ذكر سفر صموئيل أن الحرب مع الفلسطينيين حدثت قبل إصعاد التابوت للمرة الأولى بينما سفر أخبار الأيام ذكر أن الحرب حدثت خلال الفترة بين إصعاد التابوت في المرة الأولى وفي المرة الثانية ؟
يقول " نيافة المتنيح الأنبا أيسيذورس": "أن داود آتى بالتابوت مرتين الأولى من بعلة يهوذا إلى بيت عوبيد الجتي حيث بقى ثلاثة أشهر وكان ذلك قبل انكسار الفلسطينيين كما يظهر في (1أي 14: 13) أما المرة الثانية فكانت من بيت عوبيد إلى مدينته في أورشليم (1أي 15: 29) فأين غلط الكتاب وعدم عصمة كاتبيه إذا كان أحدهم كما في السفر الأول أورد انكسار أهل فلسطين أولًا ثم ذكر إتيان داود بالتابوت مرتين في رواية واحدة، وكان الثاني أورد كما في السفر الثاني الأخبار متناسقة بحسب وقائعها وحدوثها، فأورد أولًا نقل التابوت لأول مرة، ثم أورد حادثة الحرب، ثم عاد وأورد نقل التابوت للمرة الثانية"(2).
إذًا صموئيل النبي جعل الصعود الأول للتابوت مع الصعود الثاني وذكر الحرب مع الفلسطينيين أولًا قبل الصعودين... لماذا..؟ لأنه أراد تجميع تاريخ تابوت العهد خلال هذه الفترة مرة واحدة، ملتزمًا بالترتيب الموضوعي، ومتغاضيًا عن التسلسل الزمني الذي ألتزم به كاتب سفر الأخبار، وهذه ليست حالة فريدة، فعندما جاء الحديث عن نزول المن السماوي (خر 16: 27 - 36) قال موسى لهارون: "خذ قسطًا واحدًا وأجعل فيه ملء العمر منًّا وضعه أمام الرب للحفظ في أجيالكم. كما أمر الرب موسى وضعه هرون أمام الشهادة للحفظ" (خر 16: 23، 24) بالرغم من أن هذا حدث بعد عمل خيمة الاجتماع (خر 25) ولأن موسى أراد تجميع ما يخص المن في مكان واحد ذكر هذا العمل الذي حدث فيما بعد متغاضيًا عن التسلسل الزمني.
3- كثيرًا ما ورد أسماء الأنبياء في القرآن بغض النظر عن التسلسل الزمني، فمثلًا في سورة البقرة تحدث عن آدم (البقرة 30 - 34) ثم سقوطه (سورة البقرة 35، 36) ثم إنتقل إلى تذكير بني إسرائيل بمراحم الله عليهم (البقرة 40) ثم غرق فرعون (البقرة 50) ثم عبادة العجل (البقرة 51) ثم نزول المن والسلوى (البقرة 57) وتفجير الماء في صخرة صماء (البقرة 60) ثم يتكلم عن عيسى (البقرة 87) وقد أتبع التسلسل الزمني فيما سبق، إلاَّ أنه يعود ثانية للعجل وعبادته (البقرة 93) ثم تكلم عن سليمان والسحر والشياطين (البقرة 102) ثم خلافات اليهود مع المسيحيين (البقرة 111، 112) ثم تكلم عن إبراهيم وإسماعيل (البقرة 124، 125).. إلخ وليس في هذا تسلسل زمني.
4- كان " عوبيد الجتي " بحسب نسبه من سبط لاوي: "وأمر داود رؤساء اللاويين أن يوقفوا أخوتهم المغنيين... فأوقف اللاويون هيمان بن يوئيل... وعوبيد الجتي" (1أي 15: 16 - 18).. " وأما أقسام البواسين فمن القورحيين شلميا بن قوري... وكان لعوبيد أدوم بنون شمعيا البكر وفعلتاي الثامن. لأن الله باركه" (1أي 26: 1 - 5) ودُعي " أدوم الجتي " نسبة إلى موطنه، فقد وُلِد في " جت رمون " إحدى مدن اللاويين (يش 21: 24، 25) وعاش في " مورشة جت " ولذلك لُقَب بالجتي، فهو إذًا بحسب نسبه لاوي، وبحسب وطنه وإقامته جتي، وليس كاتب سفر صموئيل وحده الذي دعاه بالجتي، بل أيضًا كاتب سفر أخبار الأيام دعاه هكذا، فقيل عن داود وتابوت العهد: "مال به إلى بيت عوبيد أدوم الجتي" (1أي 13: 13).
_____
(1) البهريز جـ1 س263.
(2) مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 140.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1176.html
تقصير الرابط:
tak.la/796f23j