ج: 1- كان الفلسطينيون يهاجمون مدن بني إسرائيل التي تقع على الحدود الإسرائيلية، ولاسيما وقت الحصاد بقصد نهب محصول القمح والشعير، وعندما حدث هذا مع أهل قعيلة أسرعوا وأرسلوا لداود لأنه كان هو الأقرب إليهم من شاول، من جهة المكان ومن جهة المشاعر أيضًا، فإنهم يدركون أن مشاعر داود ستتحرك تجاههم بقوة أكبر وأسرع من مشاعر شاول، فقد كان جل اهتمام شاول هو القضاء على داود فحسب، ورأى في داود أنه يمثل خطرًا على عرشه أكثر من الفلسطينيين الذين يسحقون شعبه، ولذلك: "أخبروا داود قائلين هوذا الفلسطينيون يحاربون قعيلة وينهبون البيادر" (1صم 23: 1) وللوقت لم ينتظر داود بل أسرع بسؤال الرب الذي وافقه أن يذهب ليخلص قعيلة (1صم 23: 2).
2- اطمأن داود بعد مباركة السماء لخطواته (1صم 23: 2) وكان مزمعًا أن يمضي إلى قعيلة، ولكنه فوجئ بمشكلة جديدة تعترضه وهي تردد وخوف أتباعه: "فقال رجال داود له ها نحن هنا في يهوذا خائفون فكم بالحري إذا ذهبنا إلى قعيلة" (1صم 23: 3).. فكيف يحل داود هذه المشكلة إلاَّ بالالتجاء لله..؟! وفعلًا التجأ داود لله علانية أمام الجميع: "فعاد أيضًا داود وسأل من الرب فأجابه الرب وقال قم أنزل إلى قعيلة فأني أدفع الفلسطينيين ليدك" (1صم 23: 4) فهذه المرة الثانية التي استشار فيها داود الرب لم يكن لأجل نفسه ولا لضعف إيمانه، ولكن لكيما يطمئن رجاله ويستريحوا ويسرعوا معه إلى قعيلة برغبتهم، وفعلًا ذهبوا وضربوا الفلسطينيين: "فذهب داود ورجاله إلى قعيلة وحارب الفلسطينيين وساق مواشيهم وضربهم ضربة عظيمة وخلص داود سكان قعيلة" (1صم 23: 5) وللأسف الشديد أن أهل قعيلة لم يحفظوا لداود ورجاله هذا الجميل، فقد كانوا على استعداد لتسليم داود الذي خلصهم إلى يد شاول، فعندما سمع داود أن شاول مزمع أن يحاصر قعيلة سأل الرب: "فقال داود هل يسلمني أهل قعيلة مع رجالي ليد شاول. فقال الربُّ يسلّمون" (1صم 23: 12).
3- جاء ذكر " الأوريم والتميم " في عدة مواضع في الكتاب المقدَّس (خر 28: 29، 30، لا 8: 8، عد 27: 21، تث 33: 8، 1صم 28: 6، عز 2: 63، نح 7: 65). وكان " الأوريم والتميم " يعلقان في صدرة رئيس الكهنة logion: "وتجعل في صدرة القضاء الأوريم والتميم لتكون على قلب هرون عند دخوله أمام الرب" (خر 28: 30) وكان الكاهن يرتدي الصدرة فوق الأفود، والأوريم والتميم كلمتان عبريتان ويترجمان إلى " النور والكمال"، ولا نعرف بالضبط كيف كان يعرف رئيس الكهنة إرادة الله عن طريق الأوريم والتميم، وقال البعض عندما يسأل رئيس الكهنة سؤالًا فإن أضاء " الأوريم " تكون الإجابة بنعم، وإذا أضاء " التميم " تكون الإجابة بالسلب، ولكن أحيانًا كان يعطي الرب معلومة معينة، فمثلًا عندما: "سألوا أيضًا من الرب هل يأتي الرجل إلى هنا. فقال الرب هوذا قد اختبأ بين الأمتعة" (1صم 10: 22).
وجاء في " كتاب السنن القويم " عن الأفود: "لم يلبس الكاهن الأفود، أي الرداء دائمًا، بل عند دخوله إلى القدس أمام الرب (خر 28: 29) وعند السؤال من الرب وكان على الأفود الصدرة وعلى الصدرة الحجارة الكريمة الاثنا عشر والأوريم والتميم (خر 28: 30) غير أننا لا نعرف ما هي الأوريم والتميم سوى أنهما واسطة للسؤال من الرب. ومعنى أوريم " أنوار " وتميم " تمام".."(1).
وجاء في " دائرة المعارف الكتابية " عن الأفود: "رداء مقدَّس كان يرتديه رئيس الكهنة (خر 28: 4 - 14، 39: 2 - 7) وكان يُصنع من ذهب وأسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص مبروم. وكان له كتفان في طرفيه، كما كان يُشد على الوسط بزنار (منطقة) صنعه حائك حاذق. وكان يوضع على الكتفين حجرًا جزع منقوشة عليهما أسماء أسباط إسرائيل الإثنى عشر. ولا نعلم هل كانت الأفود تمتد إلى أسفل الردفين أم إلى الوسط فقط، وكانت ترتبط بالأفود -بواسطة سلاسل من الذهب النقي- صورة عليها اثنا عشر حجرًا ثمينًا، في أربعة صفوف، وكان تُلبس تحت الأفود جبة الرداء من الأسمانجوني، تمتد إلى أقدام الكاهن، فكانت جبة الرداء تشتمل على الأفود وصدرة القضاء بالإضافة إلى الرداء الطويل.
ونعلم من الأسفار التاريخية أن الأفود ارتداها أشخاص غير رئيس الكهنة، فكان الصبي صموئيل يتمنطق بأفود من كتان وهو يخدم أمام الرب كمساعد لرئيس الكهنة الشيخ (1صم 2: 18). كما أن الكهنة في نوب، كانوا " خمسة وثمانين رجلًا لابسي أفود كتان" (1صم 22: 18) وتمنطق داود بأفود من كتان وهو يرقص أمام تابوت الرب عند إحضاره إلى مدينة أورشليم (2صم 6: 24).. ولكن لا يحق لنا أن نستنتج من هذه الحادثة أن العابدين من غير الكهنة، كانوا يرتدون الأفود بانتظام، وليس لنا أيضًا أن نفترض أن الكهنة الآخرين -غير رئيس الكهنة- كانوا يرتدون أفودًا فخمة مثل تلك التي كان يرتديها رئيس الكهنة. وبعد أن أصبح أبياثار رئيسًا للكهنة بعد أن قتل دواغ الأدومي أباه، أحضر معه إلى معسكر داود الأفود التي كان يرتديها رئيس الكهنة في خدمته في نوب (1صم 23: 6) وقد طلب داود في بعض الأزمات أن يعرف إرادة الرب بواسطة هذه الأفود (1صم 23: 9، 30: 7)"(2).
_____
(1) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (أ) ص 109.
(2) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 359.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1144.html
تقصير الرابط:
tak.la/na38wsw