St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1121- هل "أجاج" الذي تنبأ عنه بلعام (عد 24: 7) كان مازال حيًّا حتى صموئيل النبي؟ وكيف يليق بنبي الله صموئيل أن يُقطّع الملك أجاج ويرتكب هذا العمل الوحشي البربري (1صم 15: 33)؟ ولماذا لم يكتفِ بقتله بالسيف؟

 

ويستكمل " فولتير " تصويره لمشاهد الإصحاح الخامس عشر من سفر صموئيل الأول وهو ما أسماه بمأساة شاول والذي اختصرنا منه جانب في السؤال قبل السابق حيث يقول " صموئيل (لشاول): سأريك كيف ينفذون إرادة يهوه (ثم متوجهًا إلى الكهنة) أيها الآباء المقدَّسون! يا أبناء لاوي! أروني غيرتكم، فليؤت بطاولة فوقها هذا الملك... عدو الإله يهوه (يأخذ الكهنة أجاج فيوثقونه ويلقون به على الطاولة).

أجاج: ماذا تريدون أيها الوحوش البشرية؟

شاول: يا صموئيل المقدَّس. باسم الرب...

صموئيل: لا تذكر اسمه، فأنت لستَ أهلًا لذلك! الرب يأمرك أن تبقى هنا لتكون شاهدًا على هذه الذبيحة التي قد تغفر إثمك.

أجاج (إلى صموئيل): إذًا أنت تذبحني؟ أيها الموت كم أنت مرّ!

صموئيل: نعم أذبحك، فأنت كثير الشحم، وهذا ما يحبه يهوه الرب.

أجاج: وا أسفاه يا شاول! كم يؤلمني أن تكون تابعًا لهذا المتوحش...

صموئيل: إليَّ بالفأس، باسم الرب: سأقطع يديه، وأنتم تقطعون رجليه، وهكذا قطعة قطعة (يساعد الكهنة صموئيل على تقطيع جسد أجاج باسم الإله يهوه)"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- بالطبع ليس " أجاج " الذي جاء ذكره في سفر العدد هو نفس الشخص الذي جاء ذكره في سفر صموئيل، وسبق الإجابة على هذا التساؤل فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 7 س821، وقد جاء في نبوءة بلعام عن ملك إسرائيل: "ويتسامى مَلِكهُ على أجاج وترتفع مملكته" (عد 24: 7) فأجاج هنا لقب مثل " فرعون " ملك مصر، و" النجاشي " ملك الحبشة، وليس الأمر تشابه أسماء بين ما جاء في سفر العدد، وسفر صموئيل عن أجاج، لأنه لو كان مجرد تشابه أسماء لحمل رقم مسلسل مثل رمسيس الأول، ورمسيس الثاني، ورمسيس الثالث، أو يربعام الأول ويربعام الثاني، أو البابا تواضروس الأول والبابا تواضروس الثاني.

 

2- حاول البعض التخفيف مما فعله صموئيل بأجاج، فقالوا أن صموئيل سلَّمه إلى أشخاص قاموا بتقطيعه، وهذا لا يخفف من حدة الحدث، بل نحن نقر أن هذا الحدث فعلًا هو حدث رهيب، ودعنا نتساءل... لماذا فعل صموئيل النبي هكذا؟!:

أ - لأن " أجاج " نفسه أرتكب مثل هذه المذابح الفظيعة، ومن يأخذ بالسيف بالسيف يُؤخذ " كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون" (مت 26: 52)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقال صموئيل النبي لأجاج: "كما أثكل سيفك النساء كذلك تُثكل أمك بين النساء. فقطَّع صموئيل أجاج أمام الرب في الجلجال" (1صم 15: 33) وهكذا فعل إيليا فيما بعد مع أنبياء البعل " فقال لهم إيليا أمسكوا أنبياء البعل ولا يفلت منهم رجل. فأمسكوهم فنزل بهم إيليا إلى نهر قيشون وذبحهم هناك" (1مل 18: 40) وياهو ملك إسرائيل الذي قضى على بيت عمري دعى " جميع أنبياء البعل وكل عابديه وكل كهنته فضربوهم بحد السيف" (2مل 10: 19، 25).. فما فعله صموئيل النبي من منظر مؤلم للغاية هو كشف وفضح لنتيجة الخطية التي ارتكبها أجاج بقسوة متناهية، وليس العيب في القاضي العادل الذي حكم حكمًا عادلًا على السفاح بالتقطيع، إنما العيب فيما ارتكبه هذا السفاح من فظائع أوقعته تحت هذا الحكم، وجاء في " كتاب السنن القويم": "وكان شاول والشعب قد عفوا عن أجاج وظنَّ أجاج أن صموئيل النبي والشيخ لن يكون أقل منهم شفقة، ولكن أمر الرب أوجب من الشفقة"(2).

ويقول " القمص تادرس يعقوب": "أجاج يمثل الخطية العنيفة التي قتلاها أقوياء، لذا كان قتله يشير إلى نزع كل خطية وفساد، كل تهاون معه يحمل رمزًا للتهاون مع الخطية نفسها"(3).

ب - رأى صموئيل النبي أنه من الشرف أن ينفذ حكم القضاء الإلهي بنفسه وأن يُحرّم أجاج، ذلك الحكم الذي تقاعس عنه شاول الملك صاحب الصولجان، الذي حاول تبرئة أجاج المُجرم الأثيم، وربما جاءت هذه الميتة القاسية ردًا على تساهل شاول، فشاول إذًا لم يحمي أجاج إنما عرَّضه لعذاب أشد وأقسى.

ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "وأمر صموئيل بقتله بحد السيف وقطَّعه إربًا إربًا (أمام الرب) أي أمام مذبحه وفي حضرته إرضاءً له وتنفيذًا لأمره لأن الرب هو الذي حكم بتحريمه، وقطَّعه (أمام شاول) الذي قصَّر في قتله مخالفًا بذلك أمر الله، و(أمام الناس) ليعرفوا عاقبة الإنسان الظالم، ويتأكدوا أن الرب حصن لشعبه، يقطع أعداءهم، ويبدد شمل مقاوميهم. ولعل صموئيل كان يعرف أن أجاج كان يُقطّع الكثيرين من ضحاياه، مثل أدوني بازق الذي قطع أباهم أرجل وأيدي سبعين ملكًا من أسراه، فعاقب الرب هذا وذاك بمثل عملهما"(4).

جـ- عند مرض " بطرس الأكبر " قيصر روسيا طلب منه البعض أن يعفو عن بعض المجرمين ليتراءف الله عليه وينعم له بالشفاء، فرفض بشدة، وصاح قائلًا: "نفذوا الحكم، فلا يمكن استعطاف السماء إلاَّ بالعدالة".

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 296، 297.

(2) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (أ) ص 75، 76.

(3) تفسير سفر صموئيل الأول ص 108.

(4) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الأول ص 152.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1121.html

تقصير الرابط:
tak.la/sjs3t4x