ويقول "ليوتاكسل" عن شمشون "ومنذ صغره أظهر شمشوننا قوة بدنية خارقة، ففي أحد الأيام قتل أسدًا ليلهو فقط، وكان ذلك الضاري قد زرع الرعب في المنطقة كلها"(1).
ج: 1- وهب الله شمشون قوة خارقة، فكان روح الله يحل على شمشون فيهبه قوة جبارة، ولاسيما عندما تكون حياته في خطر، ولذلك لم يجد شمشون مشقة في مواجهة شبل الأسد، ويقول الكتاب " وإذا بشبل أسد يزمجر للقائه. فحلَّ عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء" (قض 14: 5، 6). إذًا شمشون كان أداة في يد الله مثل المنشار في يد النجار، فلماذا نستكثر هذا؟! ولم يكن شمشون هو الإنسان الوحيد الذي قتل أسدًا، بل كان "داود" فتى، وعندما هجم أسد ودب على الغنم تصدى لهما، فقتل الأسد، وعندما هجم عليه الدب أمسكه من ذقنه وضربه فقتله، ويقول داود لشاول " فجاء أسد مع دبٍ وأخذ شاه من القطيع. فخرجت وراءه وقتلته وأنقذتها من فيه ولما قام عليَّ أمسكته من ذقنه وضربته فقتلته. قتل عبدك الأسد والدب جميعًا" (1 صم 17: 34 - 36) وكان من أبطال داود "بناياهو بن يهودياع" أنه "ذي بأس كثير الأفعال من قبصئيل هو الذي ضرب أسدي موآب وهو الذي نزل وضرب أسدًا في وسط جبٍ في يوم الثلج" (2 صم 23: 20) وجاء في التاريخ قصص مشابهة لهذا، فذكر التاريخ أن "بوليداماس" قتل أسدًا على جبل أوليمبه ولم يكن في يده سلاح، وكان المصارعون في روما يصارعون الأسود بدون سلاح، ويقضون عليهم بالخنق.
2- نزل شمشون مع أبيه وأمه إلى تمنة، وفي كروم تمنة حدثت حادثة قتل شبل الأسد، واستكمل شمشون مشواره وخطب زوجته، وغالبًا كانت فترة الخطبة تستمر نحو عام، وهذا ما عبر عنه الكتاب بقوله " ولما رجع بعد أيام " وجد شمشون أن جثة الأسد قد تحللت باستثناء الهيكل العظمي الذي جفَّ، وهذا ليس بالأمر الغريب في صيف حار بالإضافة إلى تعرض الجثة لنهش النسور وبعض الحيوانات، وبذلك اختفت كل رائحة نتانته من المكان، وحلَّ النحل في هذا الهيكل العظمي وصنع شهدًا، ويقول الكتاب أن شمشون " مال لكي يرى رمَّة الأسد وإذا دبر من النحل في جوف الأسد مع عسل. فاشتار منه على كفيه وكان يمشي ويأكل.." (قض 14: 8، 9) بل أنه أعطى والديه فأكلا دون أن يخبرهما بالحقيقة لأنه ربما كان شمشون كنذير ما كان يحق له أن يقترب من عظام حيوان ميت. وقول الكتاب أن شمشون مال ليرى الرَّمة كان هذا من قبيل حب الاستطلاع، والمقصود بالرمَّة العظام الباقية البالية.
ويقول " المطران يوسف الدبس": "وقد أكثر المنددون بالكتاب من الطنطة بتعييب تاريخ شمشون بهذه الآية زاعمين أن النحل يأنف من الجثث، فكيف يتخذها خلية ويضع فيها عسله؟ لكنهم قد تعاموا عن أن النحل وإن نأى عن الجثث فلا ينأى عن العظام اليابسة، وعن أن قول الكتاب بعد أيام كثيرة ما أراد به مدد طوال. وروى هيرودت (ك 5 ف 114) أن النحل عسَّل في جمجمة أوناسيوس حاكم قبرص الذي قطع أعداؤه رأسه، واستبقوه معلقًا أمامهم. والجثث في البلاد الحارة كفلسطين تجف في الصيف وتيبس كالمومياء في وقت وجيز ولا تنتن فلا يفر النحل منها. كما حقق كثير من الجوَّالة في فلسطين، وأثبتوا أن النحل البري فيها كثير، وأنه يتخذ خلاياه في الكهوف، والمغاور وثقوب الأشجار بحيث يستظل من حر الشمس"(2).
_____
(1) أورده السيد سلامة غنمي - التوراة والأناجيل بين التناقض والأساطير ص 142.
(2) تاريخ الشعوب المشرقية في الدين والسياسة والاجتماع جـ 2 ص 218.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1026.html
تقصير الرابط:
tak.la/qcg9x4b