St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   trials-of-jesus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب محاكمات السيد المسيح وصلبه حسبما جاءت في العهد الجديد: دراسة تاريخية وتحليلية - القمص يوحنا فايز زخاري

57- خاتمة الباب الأخير

 

الْخاتمة

وهكذا ظهر أن صلب السيد المسيح كان تدبيرًا إلهيًا، كما كان تخطيطًا بشريًا من رؤساء الكهنة اليهود. إذ بدأ هيرودس يبحث عن المولود ملك الْيَهُود لِقَتْله. واستمرت الرغبة في عقل وقلب رُؤَسَاء اليهود.

وقدم البحث مُحَاكَمَة السيد المسيح على محورين: محاكمات دينية أمام رَؤساء الْكَهَنَةِ: حنَّان، وقَيَافَا، ثُم مجمع السِنْهِدْرِيم، الهيئة القضائية العليا ثُم: ثلاث محاكمات مدنية أمام القضاء الروماني: بيلاطس، وهيرودس، ثم بيلاطس مرة أخرى. وجاز الرب المحاكمات الستة في أقل من يوم: الدينية من منتصف الليل حتى الفجر. والمدنية من الصباح الباكر يوم الجمعة إلى التاسعة صباحًا. إذ مرت الأحداث بسرعة هائلة!! ، قبل أن تستيقظ أيُ ثورة من الشعب المُحب للسيد المسيح.

St-Takla.org Image: The Crucifix (Crucifixion of Jesus Christ, with [possibly] Saint Mary) (image 1), workshop of Fra Angelico, ca. 1442, fresco, 61 x 31.5 in. (155 x 80 cm). Cell 15 (Novice) - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلبوت (صلب السيد المسيح - وتظهر القديسة مريم [في الأغلب]) (صورة 1)، رسم من ورشة الفنان فرا أنجيليكو، 1442 م. تقريبًا، بمقاس 155×50 سم.، قلاية 15 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014 م.

St-Takla.org Image: The Crucifix (Crucifixion of Jesus Christ, with [possibly] Saint Mary) (image 1), workshop of Fra Angelico, ca. 1442, fresco, 61 x 31.5 in. (155 x 80 cm). Cell 15 (Novice) - Museum and Convent of St. Mark Church (Basilica di San Marco), Florence (Firenze), Italy. It dates back to the 12th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 3, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الصلبوت (صلب السيد المسيح - وتظهر القديسة مريم [في الأغلب]) (صورة 1)، رسم من ورشة الفنان فرا أنجيليكو، 1442 م. تقريبًا، بمقاس 155×50 سم.، قلاية 15 - صور دير ومتحف كنيسة مارمرقس (سان ماركو: القديس مرقس الإنجيلي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. ويرجع إلى القرن الثاني عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 3 أكتوبر 2014 م.

إشكاليات عدة إذ تنبأ قَيَافَا رَئِيس الْكَهَنَةِ نبوءتين رغم شَرِّهِ:

الأولى أن قال: «خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ.» (يو14:18). والثانية: نبوءة عملية إذ رأى المسيح "رئيسَ الكهنة الأعظم" مزمعًا أن يصعد إلى الصليب مذبح العهد الجديد، ليُقدم ذبيحة نفسه، أسرع ليُعلن بروح النبوة، نهاية كهنوت العهد القديم فشَقَّ ثوبه الكهنوتي.

وهكذا حكمتِ المحكمةُ اليهودية على يسوع بالموت. أما تنفيذ حُكمٍ كهذا فمن سُلطة الوالي الروماني؛ لذلك حوكم المسيحُ المحاكمات المدنية، وكانت التهمة أمام السِنْهِدْرِيم هي التجديف ولكنها استُبدِلَتْ أمام بيلاطس بتُهمة أخرى هي الخيانة العُظمى ضد قيصر. فوُجهت ضده ثلاثة اتهامات: «مُفْسِدُ للأُمَّةَ»، «مْانَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ»، يدعي «إنَّهُ مَسِيحٌ مَلِكٌ» (لو2:23).

وظهرت إشكالية أخرى: فبالرغم من أن بِيلاَطُس وهِيرُودسَ حَكما ببراءة السيد المسيح ثلاث مرات (لوقا23: 22). فشهد بِيلاَطُسُ: «هَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإنْسَانِ عِلَّةً .. وَلاَ هِيرُودُسُ أَيْضًا». (لوقا23: 15،14). ومع هذا فقد ألبسه هِيرُودُس ثوبًا أرجوانيًا ليَزدريَ بِه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وصمت الرب أثناء المحاكمات أربع مرات، ولم يدافع عن نفسه:

أمام قَيَافَا: (متى61:26-63). أمام بِيلاَطُسَ: (مت 14:27). ثُم أمام بِيلاَطُس (يو9:19) «فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا.» وأخيرًا: «سَأَلَهُ هِيرُودسَ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ» (لو9:23). إذ حسب نفسه حاملًا لكل خطايا البشرية، «وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» (إش6:53)

جاز الرب المحاكمات، واعترف القُضاة في الإمبراطورية الرومانية ببراءته، ومع هذا صُلب الرب ومات بين صوت الحاكم الذي يقول «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». (يو38:19) «إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ» (يوحنا24:27). وصرخات تقول: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!» «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا».

ثم بدأ تنفيذ الحُكْم: فمن حيث انتهى آدم الأول عريانًا مطرودًا خارج جنة عدن، بدأ آدم الثاني مصلوبًا عُريانًا خارج أورشليم. وكما خُلِق الإنسان في اليوم السادس، عُلِّقتِ الإنسانية في آدم الثاني في اليوم السادس وقت الساعة السادسة، لتُعاد خِلقتها بموت الرب وقيامته.

والشوك الذي أَنْبَتَتْه الأرض كثَمرةٍ لخطية آدَم، لَبِسَه آدمُ الثاني إكليلًا مضْفورًا مغروسًا في جبينه.

وصار المسيح ثمرةً معلقةً على شجرة الصليب، بالأكْل منها تُمحَى آثامُنا، وتَبطُل خطايانا، فالصليب شَجَرَةُ الْحَيَاةِ من يَأْكُلُ منها يَحْيَا إلَى الأَبَدِ. (تكوين22:3).

كما شرح البحث آلامُ المسيح المتنوعة لفدائنا. آلامٌ جسدية: كالجَلْدِ واللَّطْمِ وإكْلِيل الشَوْكِ وحَمْل الصليب ودَقِّ المسامير في مِعصَمَيْه ورِجْلَيْهِ. وآلام نفسية: فاحتمل الخيانة المملوءة رِياءً: فرأى تلميذه يخونه (مت26: 15)، وآخَر يُنكره (مت 26: 56)، والباقين يتركونه ويهربون (متى26: 67). بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ، مُستهزئين: «تَنَبَّأْ لَنَا، مَنْ ضَرَبَكَ؟». ووَضعوا قَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!».

وكانت الآلام الروحية أكثر قسوة: إذ حمل خطايا العالم، ولعنة الناموس، وغَضَبَ الآب بديلًا عنا.

وعلى الصليب خرج الرب عن صمته وتكلم سبع كلمات: أوَّلُها وآخِرُها مُوَجَّهٌ إلى الآب. وبينهما كلمتان للآب أيضًا هما الرابعة: «إلهِي، إلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟». والسادسة: «قَدْ أُكْمِلَ» وكأنه يُقدم تقريرًا: «العمل الذي أعطيتني قد أتممته». وفي كلماته أعطى صالبيه المغفرة، وأرسل اللص إلى الفردوس. أعطى العذراء ابنًا يرعاها، وليوحنا الحبيب بركة العذراء في بيته، وقدم للآب ما يتطلبه العدل الإلهي، وصَرَخَ ممثّلًا للبشريّة: «إلهِي، إلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» (مز1:22). صرخةٌ نبوية يشهد بها حتى الساعة الأخيرة للعهد القديم، أطلقها بالعبرية لتكون واضحةً لليهود. مذَكِّرًا إياهم بالمزمور الثاني والعشرين. مُعلِنًا أن أحداث الصلب، هي بالتدبير الإلهي، الذي أعلنه الأنبياء.

وعلى الصليب ظهر ديماس اللص تتصارع داخله قُوة طبيعتِه الشريرة، وقُوة تَأَثُّرِه بيسوع، حتى صرخ: «اُذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ.» (لو23: 42). إذ آمن في وقتٍ، هرب فيه العظماء، وأعلن إيمانه بالمسيح، ومَلَكُوتِه ومجيئه الثاني. كما أعلن إيمانه بالقيامة العامة والحياة بعد الموت.

وعجيب أنه عندما قال:«اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» صحَّحَ له الرَبُّ المُعلَّق على الصليب، وهو في أقسى آلامه، تعبيرَه الخاطئ فقال: «الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» (لو42:23). فملكوت السموات ليس الآن، بل بعد الدينونة العامة.

صرخ المسيح على الصليب صرخةً أرعبَتِ الشيطان في الجحيم. فاهتز سلطانه وتحررت أرواح القديسين من قبضته. فعادت بعضُ الأرواح، وسمع التراب في القبور صوت ابن الإنسان فتجمع وعاد جسدًا صحيحًا، وعادت له الروح، فقام إنسانًا كاملًا. وهكذا تحققنا من إمكانية القيامة.

وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي". وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ. (لو46:23). وَجَاءَ يُوسُف الرَّامَي ونِيقُودِيمُوسُ، فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَاب، وَوَضَعَاهُ فِي قَبْر جَدِيدِ، ودَحْرَجَا حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ. ويقول ذهبي الفم: [لم يَترُك بيلاطس الحَرَس وحدهم يحفظون الختم، فقال لهم: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ»؛ لئلا يدَّعوا أنهم تركوا الجسد ليُسرَق لكنهم حرسوه بأنفسهم فلا يستطيعوا أن يدَّعوا هذا الادِّعاء.

كان أول شهود القيامة قَوْمًا مِنَ الْحُرَّاسِ جَاؤُوا إلَى الْمَدِينَةِ، وأولُ من استمع لشهادتهم هم رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ. إذن فرُؤَسَاء الْكَهَنَةِ يعلمون حقيقة قيامة الرب، ولكنهم بإرادة حُرة وعِلم أرادوا تزوير التاريخ، ومحاربة القيامة من أول لحظة. فبالرشوة وجدوا شهودَ زُورٍ ليصلبوا الرب، وبالرشوة وجدوا شهود زُورٍ يقولون إنَّ تَلاَمِيذَهُ سَرَقُوهُ.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/section-3-conclusion.html

تقصير الرابط:
tak.la/s5k73v8